بغداد اليوم - بغداد  

 أيًا ما كان الأمر، لا يمكن الجزم حتى هذه اللحظة بعودة التيار الصدري للمشهد السياسي من عدمه، كون القرار مرتبط بالحنانة (مقر زعيم التيار الصدري) ومقتدى الصدر نفسه.  

لكن مراقبين باتوا يصنفون زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بالشخصية الـ "لا سياسية" نظرا إلى معظم بياناته التي أصبحت توجيهية- دينية، في حين يؤكد آخرون أن الصدر لم يعد مؤمنا بالعملية السياسية الحالية ويرجحون عودته حال تغيرت بعض وجوه السياسة ومعطياتها.

 

مدير مركز الدراسات الإستراتيجية، مناف الموسوي، قال لـ"بغداد اليوم"، إن "البيانات الدينية التي أصبحت تصدر عن السيد مقتدى الصدر، تشير إلى إنه إعتزل العمل السياسي فعلاً وتوجه إلى العمل الديني".

وأوضح الموسوي، أن "ما يصدر عن الصدر حتى وإن كان فيه لمحة سياسية، لكنه يؤكد أنه يتحدث كرجل دين ومن منطلق ديني وليس سياسيا في هذا الوقت"، مؤكداً أنه "لا يمكن لأحد توضيح الهدف من إتّباع السيد الصدر لهذا الإسلوب وهو وحده يجيب عن ذلك".  

المراقب للشأن السياسي، أحمد الياسري من ناحيته قال، إن "السيد الصدر رجل دين وينحدر من عائلة دينية، وهو يعتمد على القرآن الكريم كـ مرتكز أول في حديثه وتعاملاته بمختلف المجالات"، مبيناً، أن "إستخدام آيات من القرآن لا تقتصر على رجل الدين كون ذلك الكتاب عام لكل المجتمع ولا يخص شريحة محددة، ولعل الصدر يستخدمها بهدف معين كما لغيره أهداف أخرى وبحسب إعتقاده.  

وأضاف الياسري في حديث خص به "بغداد اليوم"، أن "السياسية لا تنفك عن الدين وفقاً لولاية الفقيه التي كان يؤمن بها الشهيد الصدر الثاني، وهذا ما يعمل عليه السيد مقتدى الصدر"، واصفاً معطيات الواقع العراقي بأنها "ليست واضحة، ولا يمكن التكهن بتحليل شخصية الصدر، ومن يفعل ذلك لن يصل لشيء من الواقع". 

أسرة دينية

وولد مقتدى محمد الصدر في الكوفة بالنجف جنوب بغداد عام 1974، لواحدة من أبرز العائلات الدينية الشيعية في العراق، ومقتدى هو الابن الرابع لمحمد الصدر، وكان جده محمد حسن الصدر رئيساً لوزراء العراق في 1984، وأشقاءه الـ3 هم مصطفى ومؤمل ومرتضى، وهو متزوج من ابنة عمه محمد باقر الصدر.

وإستطرد الياسري، أن "مَن يقول إن السيد مقتدى بات شخصية دينية وليست سياسية فهذا إعتماد على معطيات المرحلة، والأولى عدم حصره ـ الصدر ـ بالهوية الدينية".

وأكد، أن "الصدر لم يعد يؤمن بشكل كامل بالعملية السياسية الحالية وباتت لديه مؤشرات على المتصدرين لها"، مرجحًا "عودة الصدر إلى العمل السياسي في حال حصلت بعض المتغيرات على الساحة العراقية أو الإقليمية أو الدولية، مذكّرًا: "هو أكد في وقت سابق أنه سيعود للسياسة في حال تغيرت بعض وجوهها أو بعض القوانين والتشريعات.

التوظيف القرآني

وغدت بيانات الصدر في الآونة الاخيرة تنصب في التوظيف القرآني بهدف إيصال رسائل بين الاسطر، تارة سياسية وتارة أخرى اجتماعية في احداث محلية او اقليمية ودولية على حد سواء.

وباتت تقتصر بيانات الزعيم العراقي البارز على قضايا دينية من دون التطرق إلى أزمات ما ، تندلع في العراق. ولعل من ابرز البيانات التي نشرها الصدر في حسابه الرسمي على تويتر، حينما انبرى لتفسير آية "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا"، حيث أشار إلى الخلاف بين السنة والشيعة في تفسيرها، وتفسيره هو لها.

وأسهب الصدر في التفسير الفقهي للآية ولم يتطرق أو حتى يلمح إلى الأزمة السياسية في العراق.

وكان مؤيدو رجل الدين البارز، اقتحموا المنطقة الخضراء التي تضم سفارات ووزارات بعدما أعلن انسحابه النهائي من السياسة، وعلى إثر ذلك، شهدت المنطقة المحصنة في العاصمة بغداد ظهر الاثنين 29 آب 2022، مواجهات مسلحة عنيفة بين مريدي الصدر من جهة وقوى الجيش وعناصر من الحشد الشعبي من جهة ثانية، خلفت أكثر من 30 قتيلا من أنصار التيار الصدري.

وظهر الثلاثاء 30 آب 2022، انسحب مؤيدو الصدر بأوامر منه بعد مواجهات مسلحة استمرت 24 ساعة، وأنصار الإطار التنسيقي الذي يضم فصائل موالية لإيران، خلفّت أكثر من 30 قتيلا من أنصار التيار الصدري.

وشكلت المواجهات ذروة الخلافات بشأن الأزمة السياسية التي يمر بها العراق منذ الانتخابات التشريعية في تشرين الاول 2021

9 اعتزالات في 9 سنوات 

انسحاب مقتدى الصدر من الحياة السياسية في العراق ليس حدثا فريدا، فقد تكرر 9 مرات على الأقل، وهذا ما يثير عديدا من التكهنات والتساؤلات حول موقف زعيم التيار الصدري الذي أعلن اعتزاله سياسيا، من المشاركة في الانتخابات، إذ يحظى بجماهيرية كبيرة في الشارع العراقي.

حددت الحكومة العراقية، الـ18 كانون الأول المقبل موعدا لإجراء انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023.

ويشير محللون في الشأن السياسي العراقي في حديث لـ"بغداد اليوم"، إلى أن مشاركة التيار الصدري في الانتخابات المحلية مهمة كون هذه المجالس مهمتها خدمية وعلى تماس مع الشارع.

وأضافوا، أن جهات قريبة من توجهات التيار الصدري قد تدعمه، في إشارة إلى أن هناك تسريبات غير مؤكدة بأن التيار سيكون حاضرا بصفة "غير رسمية".

وبينما يعتقد متتبعون بأن التيار الصدري سيشارك في الانتخابات في كل الأحوال إذا تأكد إجراء الانتخابات في موعدها، لكن المؤشرات تقول غير ذلك، كون هناك أزمة بين القوى السياسية، إلى جانب بعض المشكلات القانونية والتشريعية التي تشوب قانون الانتخابات، ربما تتسبب في تأجيلها. 

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: التیار الصدری مقتدى الصدر بغداد الیوم فی العراق الصدر فی

إقرأ أيضاً:

سقوط نظام الأسد: بداية جديدة أم فوضى مرتقبة؟

بغداد اليوم - بغداد

بعد مضي أكثر من نصف قرن على حكم نظام الاسد، سقط الاخير خلال ساعات أمام تنظيمات مسلحة عدة تتقدمها هيئة تحرير الشام التي يقودها ابو محمد الجولاني المصنف على لائحة الارهاب الدولي ومنها الامريكي، في سيناريو اثار جدلا واسعا بسبب سرعة انهيار الجيش السوري رغم ما يملكه من قدرات كبيرة من الاسلحة والمعدات مع وجود حلفاء، أبرزهم روسيا.

لكن يبدو أن هيئة تحرير الشام باتت تمسك بقوة في زمام الامور في دمشق وهي من تقود سوريا الى المرحلة القادمة وسط حالة ترقب لكيفية ادارة شؤون البلاد ومنها تسهيل عودة ملايين النازحين من شتى بلدان العالم الى مناطقهم بعد فترة عصيبة مرت بها سوريا على مدار أكثر من 13 سنة من الاضطرابات والاشتباكات.

"بغداد اليوم" سعت الى لقاء بعض من النازحين السوريين ممن يعملون في مهن مختلفة في بعقوبة وباقي مدن ديالى من أجل الوقوف على طبيعة آرائهم حيال العودة الى ديارهم وإنهاء رحلة نزوح دامت سنوات.

محمد عبدة، خريج جامعي من ريف دمشق، قال في حديث لـ"بغداد اليوم"، إنه "وصل إلى بغداد قبل ست سنوات وانتقل إلى محافظة ديالى حيث يعمل في شركة للتسويق الزراعي. محمد استقر في بعقوبة ويؤجل قرار عودته إلى بلاده بانتظار ما ستسفر عنه الأوضاع هناك. ويقول محمد: "لا يمكنني المقامرة بالعودة الآن، فقد نجحت في تكوين جزء من مستقبلي هنا وأعتني بأسرتي ولدي طفلان".

أما أحمد عمر، موظف من إدلب، تجاوز عمره 45 عامًا ويعمل في فرن كهربائي. وصل إلى العراق قبل نحو سبع سنوات وهو رب أسرة تتألف من سبعة أفراد. الحرب المأساوية في سوريا أفقدته شقيقه وأربعة من أبناء عمومته، إضافة إلى تدمير منزله. أحمد كان من المعارضين للنظام السابق لكنه لا يغامر بالعودة الآن بانتظار ما ستسفر عنه الأمور.

نبيل حمدي زعتر، ثلاثيني يعمل في مول تجاري، جاء إلى العراق قبل 10 سنوات تقريبًا وعمل في أربع محافظات عراقية. نبيل متزوج ولديه ثلاثة أطفال، ويؤكد أنه سيعود إلى بلده إذا ما فتحت الحدود وعادت الأوضاع إلى طبيعتها، لكنه يحتاج للانتظار بعض الوقت لإنهاء التزاماته.

عدنان التميمي المحلل السياسي العراقي فقد أشار في حديث لـ"بغداد اليوم"، الى أن "استقرار دمشق مهم للعراق لأسباب كثيرة"، لافتا الى أن "الاحداث لاتزال في البداية ولا يمكن التكهن بالقادم في ظل ملفات معقدة ستواجه حكام سوريا الجدد".

وأضاف أن "عودة عشرات الالاف من السوريين في العراق وباقي الدول مرهون بالمقام الاول بطبيعة الاوضاع الامنية والاقتصادية وماهي توجهات الادارات الجديدة"، مشيرا الى أن "اغلب النازحين بنوا حياتهم بشكل معين في البلدان التي نزحوا اليها والاغلب سيؤجل بطبيعة الحال قرار العودة بانتظار الفرصة المناسبة".

مقالات مشابهة

  • محافظ قنا يتفقد مصابي حريق مستشفى الصدر.. ويأمر بفتح تحقيق عاجل
  • أمانة بغداد تؤكد قرب الانتهاء من أعمال التطوير في 21 محلة بمدينة الصدر
  • وزير الكهرباء يتحدث لـبغداد اليوم عن أسباب انقطاع التيار والحلول المطروحة
  • ما مصير كميات الحنطة والشلب التي تزرع خارج الخطة الزراعية؟
  • الحزبان الكرديان يبحثان تشكيل حكومة الإقليم
  • المؤسسات السياسية تتداعَى في فرنسا
  • سقوط نظام الأسد: بداية جديدة أم فوضى مرتقبة؟
  • سقوط نظام الأسد: بداية جديدة أم فوضى مرتقبة؟ - عاجل
  • نائب:الكتل السياسية تناقش تعديل قانون الانتخابات لكنها غير معلنة
  • طرد جديد من صفوف سرايا السلام: خالف ثوابت الخط الصدري