رحيل كريم العراقى يفتح ملف: شاعرية الأوطان
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
ودع الشارع العربى وجمهور القصيدة الشعرية، الشاعر كريم العراقى، وداعا أعاد إلى الأذهان تردد صدى الكلمات لقصيدته «أنا وليلى»، حيث تربى عليها جيل كامل قبل شيوع زمن الانترنت والعالم الصغير، ومثلت ليلى المحبوبة تجليات عدة رآها كل من هم فى جيلى بحسب رياح روحه، فمنهم من شاهدها ليلى المحبوبة، ومنهم من شاهدها ليلى الوطن، ومنهم من تذوقها أحلام مؤجلة باعدت بين تحقيقها صخور عدة متواجدة فى الواقع.
فكان رحيل كريم العراقى فاتحا لتساؤلات عدة، مباشرة أو غير مباشرة، تساؤلات حول شاعرية الأوطان والكتابة عن الحنين للوطن والتتيم به، فيصبح كلا الوطن والمحبوبة وجهين لعملة واحدة، ولا أدرى هل قدر للعراق أن تكون مكتبة شعرية لكل من كتبوا عن الوطن ورحلوا متعذبين بألمه...لعل رحيل كريم العراقى يطرح ذلك التساؤل، مسترجعًا معنا الذاكرة العشرية لما دونه الشاعر سعدى يوسف الذى كتب عن الوطن ثم مات مغتربًا عنه.
سعدي يوسفيقول الشاعر العباسى حيث كانت بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية – أبو تمام -: «نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ** ما الحب إلا للحبيب الأول.. كم منزل فى الأرض يألفه الفتى ** وحنينه أبدا لأول منزل». ومن ثم كانت شاعرية الأوطان هى المحرك الأكبر للعديد من الشعراء الذين خضبوا الأوراق بالكتابة عن الوطن والحنين له.
ولا يعنى الحنين للوطن أن يكون الشاعر الذى يكتب بدافع الحنين للوطن منفيا أو مغتربا عنه أو بعيدا عنه مثلما نبأنا الشاعر العراقى سعدى يوسف أو مثلما غرد أمير الشعراء فى المنفى «وطنى لو شغلت بالخلد عنه لنازعتنى إليه فى الخلد نفسى «،بل أن شاعرا قد يكون بين أفراد وطنه وداخل حدود قطره لكنه يستشعر الغياب والاغتراب والنفى، ولا أجد أفضل استشهاد أتيكم به أفضل من كلمات شاعرنا العراقى أيضا أحمد مطر :
«كل ما فى بلدتي
يملأ قلبى بالكمد.
بلدتى غربة روح وجسد
غربة من غير حد
غربة فيها الملايين
وما فيها أحد
غربة موصولة
تبدأ فى المهد
ولا عودة منها.. للأبد»
هذا الاغتراب المكانى، وذلك المصطلح الأكاديمى الأكثر وعورة، نوضحه من خلال ما ذكره إيريك فروم حيث إنه «ظاهرة إنسانية حظيت باهتمام كبير من الفلاسفة وعلماء علم النفس والتربية والاجتماع وقد استخدموا مصطلح الاغتراب للتعبير عما يشعر به الانسان الحديث من غربة وما يحسه من زيف الحياة وعمقها وما يلاحظه من سطحية فى علاقات الأفراد بعضهم البعض فى صورة تكاد تهدد وجود الإنسان وصحته النفسية. هذه الظاهرة سمة من سمات العصر وأعرافه وتقاليده، انها من اعقد قضايا الانسان المعاصر بسبب ازدياد نموها واتساعها وخطورتها وقد اصطلح الباحثون على تسمية هذه الظاهرة بالاغتراب».
نزار قبانيومازلنا فى أجواء ديار الشام نقتطف من بستان نزار قبانى مفهوما جديدا لشاعرية الوطن، لكنه هذه المرة يتخطى الحيز الجغرافى للوطن الصغير الذى يحمل هوية واحدة لبنى بلدته، ليتسع فيشمل الوطن الأكبر والحلم القومى والعروبى، حيث وطن يجمع الرجال من المحيط للخليج، لكنه يصدمنا بكلماته وآماله التى بددها الواقع:
«حاولُ منذ الطُفولةِ رسْم بلاد»
تُسمّى – مجازا – بلادَ العَرَب
تُسامحُنى إن كسرتُ زُجاجَ القمر
وتشكرُنى إن كتبتُ قصيدةَ حب
وتسمحُ لى أن أمارسَ فعْلَ الهوى
ككلّ العصافير فوق الشجر
أحاول رسم بلاد
تُعلّمنى أن أكونَ على مستوى العشْقِ دوما
فأفرشَ تحتكِ، صيفا، عباءةَ حبى
وأعصرَ ثوبكِ عند هُطول المطر»
التاريخ النقدى يحفل بالعديد من الشعراء الذين تكبدوا مشقة فى حب الوطن، يحفل أيضا بأنماط من الاغتراب المكانى والزمانى والنفسى لهؤلاء القوم من أصاحب ربة الشعر، ولعل تجربة أدباء المهجر كانت المحرك الأكثر وجعا فى ذاكرتنا الشاعرية، تغزلا فى حب الوطن والحنينن إليه والتوق إلى ترابه وجنته نستحضر هنا أبيات من أحد شعرائهم خليل مطران: «بلادى لا يزال هواك منى ** كما كان الهوى قبل الفطام
أقبل منك حيث رمى الأعادى ** رغامًا طاهرًا دون الرغام».
حرك رحيل الشاعر كريم العراقى مفهوم شاعرية الوطن، بما يشمله من شاعرية للمكان وحنين إليه، ومن ثم نتساءل :هل المكان عند هؤلاء الشعراء يحمل مفهوما مغايرا للتعريف الخاص بالمكان الذى نعرفه نحن العوام؟ تعرف آن شكمان المكان بقولها :» مساحة ذات أبعاد هندسية أو طبوغرافية تحكمها المقاييس والحجوم» وهى الأمكنة بطبيعتها الطبوغرافية وحيزها بلغة الأرقام، غير أن المكان وفق الرؤية الأدبية بمفهوم سيزا قسام :»الإطار الذى تقع فيه الأحداث « هذا المكان الذى يصطبغ بالروح الشاعرية للشاعر فيكتب بمداده واقعا فى أسره وعشقه.
فى دراسة نقدية بعنوان «فاعلية المكان فى الصورة « يرى الباحث على جاسم والباحثة منى شفيق أن: «إن أهم ما يميز شعرية المكان أو توظيف المكان شعريًا. أنه يقع بين زاويتين هما زاوية التشكيل الشعرى وزاوية التأويل. فى ضمن الزاوية الأولى تتشكل وفقًا لرؤية شعرية غالبًا ما يتحكم فيها الخيال ليمنحها بعدًا تأثيريًا جماليًا، وضمن الزاوية الثانية يكون لأحاسيس المتلقى ورؤيته الذوقية وأسسه النقدية أثر فى صياغة تجربة الشاعر، وبهذا يكون المكان المدمج فى بنية القصيدة منفتحًا على عالم التخيل عند المتلقى « ومن هنا يكتسى المكان صفة أخرى عند الشعراء صفة ولونًا ورائحة غير التى نتعرف نحن بها على الأمكنة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الشاعر كريم العراقي الخلافة الإسلامية أمير الشعراء
إقرأ أيضاً:
جامعة الفيوم: ختام مهرجان أمير الشعراء الحادي عشر
شهد الدكتور عاصم العيسوي، نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على قطاع التعليم والطلاب، ختام "مهرجان أمير الشعراء الحادي عشر" والذي نظمته الإدارة العامة لرعاية الشباب إدارة النشاط الثقافي والفني خلال الفترة من الأحد الموافق ٢٠٢٤/١١/١٠ وحتى الثلاثاء ٢٠٢٤/١١/١٢، بحضور الدكتور وائل طوبار، منسق عام الأنشطة الطلابية، وأعضاء لجنة التحكيم: الدكتور كمال عبدالعزيز إبراهيم، الأستاذ المتفرغ بكلية دار العلوم ورئيس اللجنة، والدكتور وليد الشيمي، الأستاذ بكلية دار العلوم، الدكتور محمد دياب غزاوي، الأستاذ بكلية الآداب، الدكتور إيهاب المقراني، بكلية الآداب أعضاء اللجنة، لمياء كساب مدير عام الإدارة العامة لرعاية الشباب وعدد من طلاب الكليات، وذلك اليوم الثلاثاء الموافق الموافق ٢٠٢٤/١١/١٢ بالمكتبة المركزية.
صرح الدكتور عاصم العيسوي، أنه شارك في فعاليات مهرجان أمير الشعراء ٧٠ طالبًا وطالبة في شعر الفصحى و٤٥ طالبًا وطالبة في شعر العامية على مستوى كليات الجامعة بهدف اختيار خمسة مشاركين من كل مسابقة لتصعيد الثلاثة الأوائل لتمثيل الجامعة في مسابقة إبداع على مستوى الجامعات المصرية.
وقام الدكتور عاصم العيسوي، والدكتور كمال عبدالعزيز إبراهيم، بتكريم المراكز الخمس الأولى فى مسابقتى أمير شعراء الفصحى والعامية وهم:
في شعر الفصحى حصل على لقب أمير الشعراء والمركز الأول الطالب محمد مجدي عماد كلية الطب البشري، والمركز الثاني الطالب محمود أحمد عبدالله كلية الطب البشري، والمركز الثالث حازم مصطفى حسين كلية التربية، والمركز الرابع نسرين ثروت محمد كلية الطب البشري وحصد المركز الخامس الطالب يوسف حسام محمود كلية التربية.
وفي شعر العامية حصل على لقب أمير الشعراء والمركز الأول الطالب أحمد سامي أحمد كلية الطب البشري، والمركز الثاني حمادة عيد اسماعيل كلية التمريض، والمركز الثالث عبدالرحمن حمدي عبدالعزيز كلية الآداب والمركز الرابع أحمد عبد الناصر فيصل كلية الآداب، وحصدت المركز الخامس الطالبة علياء حسين عبد الستار كلية الآداب.
رئيس جامعة الفيوم يفتتح مسابقة الطالب والطالبة المثاليين على مستوى كليات الجامعة IMG-20241112-WA0175 IMG-20241112-WA0174 IMG-20241112-WA0173 IMG-20241112-WA0172 IMG-20241112-WA0170 IMG-20241112-WA0169