بوابة الوفد:
2024-10-05@04:51:31 GMT

أدب الكوارث بين التأريخ والسلوى

تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT

لم يكن هوميروس بمخطئ حينما أشار فى أوديسته، لذلك الارتباط المربك بين الإبداع والآلام، فقد قال:

«تحيك الآلهةُ فجائعَ للبشر كى يكونَ للأجيال القادمة ما تُنْشِدُهُ”.

لتتضح تلك العلاقة الأزلية بين الكوارث–كمسبب طبيعى للآلام- والإبداع، فتسطع روائع يكتب لها الخلود، هكذا ولدت “الحب فى زمن الكوليرا” لماركيز، و “الطاعون” لكامو.

لكن.. ماذا عساه إبداع الكوارث والأزمات يكون، أيكون سلوى ومرثية للقلوب المكلومة، أم محاولة للنسيان وطى الآلام، أم أملا فى تعاضد البشر وترابطهم وقت المحن؟ وأيا كانت غايته، فلا يمكننا إنكار كونه توثيقا تاريخيا واجتماعيا ونفسيا لمجتمع رزح فى حقبة ما تحت نير كارثة طبيعية أو أزمة، زلزالا كان أو إعصارا أو بركانا، أو حربا، أو غيرها من نوازل الدهر وصروف الأقدار.

وإن كان العالم العربى قد فجع أمس الأول لكارثة زلزال المغرب الشقيق، فهل يمكن أن ينتج من تلك الكارثة أمل لحياة أفضل؟ نراه متجسدًا ذات يوم قريب فى إبداع بالقلم أو الريشة أو غيرها من فنون السلوى، بل وبدراسات جادة لاستنتاج التحولات التى تطرأ على  المجتمعات بعد كل كارثة، طبقا لقانون الانتخاب الطبيعي، فتمحى مرحلة، وتتولد أخرى؟

إذن فإن الأزمات والكوارث كانت وستظل ملهمًا للكثير من الإبداعات والفنون، وما وصل للبشرية من تراث شفهى ومكتوب عبر العصور ما هو إلا تناقل لأهوال وكوارث مرت بها، بدءًا من قصة الطوفان وما تلاها من قصص أخرى.

ولأن له من التكرار ما برز بقوة على مدار التاريخ، فإننا يمكننا التركيز فى مبحثنا هذا على «أدب الزلازل»، هكذا يبدو المصطلح قاتما مقبضا، لكنه يخفى تحت وطأته الكثير والكثير، وفيما يلى نسوق نماذج لتلك الإبداعات:

- فى كتابه «المنازل والديار» الذى ألفه أسامة بن منقذ  بعد حدوث زلزال قوى سنة 652، فدمر حصن شيْزَر بسوريا، بمن فيه من أبناء عمومته وأقاربه، ضم منقذ فى خمسمائة صفحة مرثيات وأشعارًا لمن فقدهم، ومن ذلك نذكر قوله:

ماتوا جميعا كرجع الطرف وانقرضوا … هل ما ترى تارك للعين إنسانا

لم يترك الدّهر لى من بعد فقدهم … قلبا أجشّمه صبرا وسلوانا

هكذا عد ذلك الكتاب وثيقة تاريخية مهمة تروى تاريخ الحصن.

- وفى عام 1755 أصاب زلزال قوى مدينة لشبونة البرتغالية، فمات جرّاء تلك الهزة ثلاثون ألف شخص، فكتب فولتير قصيدته الشهيرة «قصيدة حول كارثة لشبونة».

- فيما تأثر شاعر النيل حافظ إبراهيم تأثر كبيرا بالزلزال الذى ضرب مسينا الإيطالية عام 1908 فكتب قصيدة من تسعة وخمسين بيتا، ومنها قوله:

ما لمسين عوجلت فى صباها … ودعاها من الردى داعيان

خسفت، ثم أغرقت، ثم بادت … قضى الأمر كله فى ثواني

وأتى أمرها فأضحت كأن لم … تكُ بالأمس زينة البلدان.

- وتلك مسرحية (الزلزال) لمصطفى محمود، التى كتبها مستخدما الزلزال كواقع يتعرض له الأبطال كأداة رمزية لواقع التحولات المجتمعية والسياسية التى شهدتها مصر إبان عصر جمال عبد الناصر.

- بينما قدم الروائى الجزائرى الطاهر وطار أهم رواية عربية عن الزلزال تحت عنوان (الزلزال) التى ترصد عبر زلزال متخيل أثر الاستعمار الفرنسى على الروح الجزائرية وتفاصيل الحياة فيها، وكأن الزلزال الحقيقى الذى ضرب الجزائر هو الاحتلال الفرنسى الذى مسخ روحها.

- ومن أشهر الروايات التى تتعرض للزلزال، نجد رواية (10 ريختر) 1997، لرائد أدب الخيال العلمى الروائى الإنجليزى آرثر سى كلارك، الذى شاركه كتابة الرواية الروائى الأمريكى مايك ماكواى، التى تدور فى المستقبل بعد تعرض بطل الرواية لويس كرين لتأثيرات زلزال نورثريدج الذى ضرب ولاية لوس أنجلوس الأمريكية عام 1994، فدمر منزله وقتل والديه.

- ويرصد الروائى اليابانى هاروكى موراكامى فى كتابه (بعد الزلزال) 2000، الزلزال الذى ضرب كوبى فى اليابان عام 1995، بالتوازى مع هجمات الغاز السام فى مترو أنفاق طوكيو، ليرصد فى ست قصص تاريخ اليابان المعاصر ويفكك المجتمع اليابانى ويغوص فى أعماقه.

- اعتمد الروائى الأمريكى جيمس داليساندرو على التاريخ والواقع فى كتابة روايته (1906) الصادرة عام 2005، التى ترصد تبعات الزلزال المدمر الذى ضرب مدينة سان فرانسيسكو فى ذات العام الذى يحمل عنوان الرواية، وترك المدينة خلفه شبه مدمرة وفى حالة فوضى شاملة، وهو يرصد النفس الإنسانية فى مشاهد مختلفة وشخصيات متباينة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: زلزال المغرب حافظ إبراهيم مصطفى محمود هاروكي موراكامي اليابان

إقرأ أيضاً:

غزة عام الحرب والمقاومة

اليوم متمم لعام كامل على حرب الابادة الجماعية التى يمارسها الكيان الغاصب ضد أهلنا فى غزة. حرب يشاهدها ٨ مليارات شخص سكان الكرة الأرضية و٤ مليارات مسلم ومسيحى ولم تحرك تلك المشاهد التى تمثل أكبر جريمة للابادة الجماعية والتطهير العرقى فى تاريخ البشرية  ساكنا لـ٤٦٠ مليون عربى فى صمت غريب ومريب وجامعة عربية مترهلة فقدت وجودها وحضورها الدولى، وهى ترى نزيف الدم العربى لا ينتهى بآلة حرب لا هوادة فيها بأحدث أنواع الاسلحة الفتاكة والمدمرة وباستخدام الاسلحة الممنوعة دولياً وبدعم امريكى شامل سياسيا وعسكريا وماديا واصبحت امريكا طرفا أصيلا فى هذا الصراع الذى يخالف كل مبادئ الانسانية ودمرت البنية التحتية فى غزة بالكامل، كما دمرت ٧٠%من مبانى غزة ودمرت المدارس والمستشفيات والشهداء من الاطفال والنساء وتسرب اليأس والقنوط إلى نفوس الناس من مرور عام على تلك الحرب المسعورة دونما موقف دولى قوى يدعو لوقف تلك المجازر التى يأبى الضمير الانسانى ان يقف متفرجا على القتل اللحظى والدمار الكلى وعجز الامم المتحدة ومجلس الامن عن اتخاذ موقف يدين ويمنع هذا العدوان السافر وفى ظل هذه المآسى يبقى صمود المقاومة وقتلها وإصابتها لعشرات الآلاف من جنود الكيان الغاصب وأسرها لأكثر من ٢٥٠ وبقاء ١٠٠ أسير فى حوزتها بالرغم من كل تلك الاسلحة الحديثة وبمساعدة أمريكا ظلت المقاومة صامدة وتتحدى صلف وغرور الكيان الغاصب وبمساعدة المجتمع الدولى المتخاذل الذى اكتفى ببعض بيانات التنديد والشجب والحديث عن بطولات رجال المقاومة لا ينتهى، فهم شعب الله الجبارون وصمودهم دليل عزة وفخر لأحرار العالم ضد هذا التيار الجارف للطغيان والظلم، وهم بارقة الأمل فى انتهاء هذا الاحتلال البغيض واستعادة الارض والكرامة واليوم ذكرى عزيزة لم ولن تنسى فى وجدان المصريين والعرب قاطبة وهو يوم النصر المبين فى السادس من أكتوبر ٧٣. يوم من ايام العرب المجيدة ملحمة صنعها الأبطال جنود القوات المسلحة المصرية يوم عودة الروح الى الأمة العربية وبإرادة صلبة لا تلين انكسرت شوكة وأكذوبة الجيش الذى لا يهزم وتخطى الابطال خط بارليف المنيع وقامت كافة المؤسسات العسكرية بدراسة كيف استطاعت القوات المسلحة عبور هذا الخط المنيع الذى لم يتخيل الاسرائيليون يوماً ما قدرة أى قوات على عبور خط بارليف وقد أذهلت الخطط العسكرية المصرية العالم بأسره وأدت إلى نصر خالف كل التوقعات وعاد كامل تراب الارض المصرية بقيادة رجل الحرب والسلام محمد أنور السادات والكلمات تعجز عن وصف هذه الملحمة التاريخية وستكون درسا لكل الاجيال ويوم فخر للعرب والمصريين والمجد للشهداء الذين بدمائهم حررت إرادة وعادت سيناء الحبيبة إلى ربوع وطننا الغالى مصر.. فتحية إعزاز وتقدير إلى رجال القوات المسلحة المصرية الأبطال.

مقالات مشابهة

  • عصابة فوق القانون!
  • غزة عام الحرب والمقاومة
  • زلزال يضرب الفلبين بقوة 4.8 درجة
  • زلزال بقوة 4.8 درجات يضرب الفلبين
  • زلزال المعادي.. القصة الكاملة وأدعية الحماية وأهم الإرشادات للتعامل مع الهزات الأرضية
  • بقوة 4.5 درجة.. زلزال يضرب جزر فيجي جنوب المحيط الهادئ
  • زلزال مدمر بقوة 6.1 درجة يضرب شرق الفلبين
  • زلزال قوي يضرب الفلبين
  • زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب شرقي الفلبين
  • زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب شرق الفلبين