بوابة الوفد:
2025-04-01@22:06:55 GMT

أدب الكوارث بين التأريخ والسلوى

تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT

لم يكن هوميروس بمخطئ حينما أشار فى أوديسته، لذلك الارتباط المربك بين الإبداع والآلام، فقد قال:

«تحيك الآلهةُ فجائعَ للبشر كى يكونَ للأجيال القادمة ما تُنْشِدُهُ”.

لتتضح تلك العلاقة الأزلية بين الكوارث–كمسبب طبيعى للآلام- والإبداع، فتسطع روائع يكتب لها الخلود، هكذا ولدت “الحب فى زمن الكوليرا” لماركيز، و “الطاعون” لكامو.

لكن.. ماذا عساه إبداع الكوارث والأزمات يكون، أيكون سلوى ومرثية للقلوب المكلومة، أم محاولة للنسيان وطى الآلام، أم أملا فى تعاضد البشر وترابطهم وقت المحن؟ وأيا كانت غايته، فلا يمكننا إنكار كونه توثيقا تاريخيا واجتماعيا ونفسيا لمجتمع رزح فى حقبة ما تحت نير كارثة طبيعية أو أزمة، زلزالا كان أو إعصارا أو بركانا، أو حربا، أو غيرها من نوازل الدهر وصروف الأقدار.

وإن كان العالم العربى قد فجع أمس الأول لكارثة زلزال المغرب الشقيق، فهل يمكن أن ينتج من تلك الكارثة أمل لحياة أفضل؟ نراه متجسدًا ذات يوم قريب فى إبداع بالقلم أو الريشة أو غيرها من فنون السلوى، بل وبدراسات جادة لاستنتاج التحولات التى تطرأ على  المجتمعات بعد كل كارثة، طبقا لقانون الانتخاب الطبيعي، فتمحى مرحلة، وتتولد أخرى؟

إذن فإن الأزمات والكوارث كانت وستظل ملهمًا للكثير من الإبداعات والفنون، وما وصل للبشرية من تراث شفهى ومكتوب عبر العصور ما هو إلا تناقل لأهوال وكوارث مرت بها، بدءًا من قصة الطوفان وما تلاها من قصص أخرى.

ولأن له من التكرار ما برز بقوة على مدار التاريخ، فإننا يمكننا التركيز فى مبحثنا هذا على «أدب الزلازل»، هكذا يبدو المصطلح قاتما مقبضا، لكنه يخفى تحت وطأته الكثير والكثير، وفيما يلى نسوق نماذج لتلك الإبداعات:

- فى كتابه «المنازل والديار» الذى ألفه أسامة بن منقذ  بعد حدوث زلزال قوى سنة 652، فدمر حصن شيْزَر بسوريا، بمن فيه من أبناء عمومته وأقاربه، ضم منقذ فى خمسمائة صفحة مرثيات وأشعارًا لمن فقدهم، ومن ذلك نذكر قوله:

ماتوا جميعا كرجع الطرف وانقرضوا … هل ما ترى تارك للعين إنسانا

لم يترك الدّهر لى من بعد فقدهم … قلبا أجشّمه صبرا وسلوانا

هكذا عد ذلك الكتاب وثيقة تاريخية مهمة تروى تاريخ الحصن.

- وفى عام 1755 أصاب زلزال قوى مدينة لشبونة البرتغالية، فمات جرّاء تلك الهزة ثلاثون ألف شخص، فكتب فولتير قصيدته الشهيرة «قصيدة حول كارثة لشبونة».

- فيما تأثر شاعر النيل حافظ إبراهيم تأثر كبيرا بالزلزال الذى ضرب مسينا الإيطالية عام 1908 فكتب قصيدة من تسعة وخمسين بيتا، ومنها قوله:

ما لمسين عوجلت فى صباها … ودعاها من الردى داعيان

خسفت، ثم أغرقت، ثم بادت … قضى الأمر كله فى ثواني

وأتى أمرها فأضحت كأن لم … تكُ بالأمس زينة البلدان.

- وتلك مسرحية (الزلزال) لمصطفى محمود، التى كتبها مستخدما الزلزال كواقع يتعرض له الأبطال كأداة رمزية لواقع التحولات المجتمعية والسياسية التى شهدتها مصر إبان عصر جمال عبد الناصر.

- بينما قدم الروائى الجزائرى الطاهر وطار أهم رواية عربية عن الزلزال تحت عنوان (الزلزال) التى ترصد عبر زلزال متخيل أثر الاستعمار الفرنسى على الروح الجزائرية وتفاصيل الحياة فيها، وكأن الزلزال الحقيقى الذى ضرب الجزائر هو الاحتلال الفرنسى الذى مسخ روحها.

- ومن أشهر الروايات التى تتعرض للزلزال، نجد رواية (10 ريختر) 1997، لرائد أدب الخيال العلمى الروائى الإنجليزى آرثر سى كلارك، الذى شاركه كتابة الرواية الروائى الأمريكى مايك ماكواى، التى تدور فى المستقبل بعد تعرض بطل الرواية لويس كرين لتأثيرات زلزال نورثريدج الذى ضرب ولاية لوس أنجلوس الأمريكية عام 1994، فدمر منزله وقتل والديه.

- ويرصد الروائى اليابانى هاروكى موراكامى فى كتابه (بعد الزلزال) 2000، الزلزال الذى ضرب كوبى فى اليابان عام 1995، بالتوازى مع هجمات الغاز السام فى مترو أنفاق طوكيو، ليرصد فى ست قصص تاريخ اليابان المعاصر ويفكك المجتمع اليابانى ويغوص فى أعماقه.

- اعتمد الروائى الأمريكى جيمس داليساندرو على التاريخ والواقع فى كتابة روايته (1906) الصادرة عام 2005، التى ترصد تبعات الزلزال المدمر الذى ضرب مدينة سان فرانسيسكو فى ذات العام الذى يحمل عنوان الرواية، وترك المدينة خلفه شبه مدمرة وفى حالة فوضى شاملة، وهو يرصد النفس الإنسانية فى مشاهد مختلفة وشخصيات متباينة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: زلزال المغرب حافظ إبراهيم مصطفى محمود هاروكي موراكامي اليابان

إقرأ أيضاً:

ارتفاع عدد قتلى زلزال ميانمار

ارتفع عدد قتلى زلزال مدمر في ميانمار، اليوم الأحد، ووصلت فرق إنقاذ وإمدادات أجنبية حيث اكتظت المستشفيات وهرع السكان في بعض المناطق للمساعدة في جهود الإغاثة.
وقال المجلس العسكري الحاكم في ميانمار إن عدد القتلى ارتفع إلى 1700 في حين بلغ عدد المصابين 3400 ولا يزال أكثر من 300 شخص في عداد المفقودين جراء الزلزال الذي ضرب البلاد يوم الجمعة بقوة 7.7 درجة، وهو أحد أقوى الزلازل التي شهدتها الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا منذ 100 عام.
كانت حصيلة سابقة أشارت إلى مقتل 1600 شخص جراء الزلزال.
ونقلت وسائل إعلام رسمية عن رئيس المجلس العسكري الجنرال مين أونج هلاينج قوله إن عدد القتلى مرشح للزيادة وإن إدارته تواجه وضعا صعبا، وذلك بعد ثلاثة أيام من توجيهه نداء نادرا للحصول على مساعدات دولية.
والهند والصين وتايلاند من بين الدول المجاورة التي أرسلت مواد إغاثة وفرق إنقاذ، إلى جانب المساعدات والأفراد من ماليزيا وسنغافورة وروسيا.
وقال الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في بيان "الدمار واسع النطاق، والاحتياجات الإنسانية تزداد كل ساعة".
وأضاف البيان "مع ارتفاع درجات الحرارة واقتراب موسم الرياح بعد أسابيع قليلة، ثمة حاجة ملحة إلى تحقيق الاستقرار للمناطق المتضررة قبل ظهور أزمات ثانوية".
تعهدت الولايات المتحدة بتقديم مساعدات بمليوني دولار أميركي "من خلال منظمات المساعدة الإنسانية التي تتخذ من ميانمار مقرا لها". وقالت واشنكن، في بيان، إنه تقرر نشر إحدى فرق التعامل مع الكوارث، والتابعة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، في ميانمار.
وألحق الزلزال أضرارا بالبنية التحتية الحيوية، ومنها جسور وطرق سريعة ومطارات وسكك حديدية، في أنحاء الدولة التي يبلغ عدد سكانها 55 مليون نسمة.

أخبار ذات صلة زلزال قوي يهز جزر تونغا وتحذير من تسونامي انتشال ناجية من تحت أنقاض زلزال ميانمار المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال ميانمار
  • زلزال يضرب بلوشستان بقوة 3.9 درجات
  • اليابان تحذر من زلزال هائل يقتل 300 ألف شخص
  • ارتفاع عدد قتلى زلزال ميانمار المدمر إلى أكثر من 1700 شخص
  • فصول من كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى».. (4) عملية السويس وتفاصيل العبور الذى كاد يودى بحياة بنتنياهو
  • وعدت يا "عيد"
  • زلزال بقوة 7,1 درجات قبالة جزر تونغا وتحذيرات من تسونامي
  • ارتفاع عدد قتلى زلزال ميانمار
  • زلزال قوي يهز جزر تونغا وتحذير من تسونامي
  • زلزال قوي يضرب جزر تونغا تونغا وتحذيرات من تسونامي