في ذكرى 11 سبتمبر.. من الفاعل غير الدولتي إلى الفاعل الدولتي
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
تمرُّ علينا اليوم الذكرى الثانية والعشرون لأحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر المعروفة، والتي غيّرت العالم كله، وبغض النظر عن الحديث السطحي والمتكرر على هذه الأحداث إلاّ أنني أودّ الحديث عنها من زاوية ربما تكون مختلفة، لا سيما وقد عايشت وغطيت الحدثين الأهمين في العقود الماضية وهما الحدث الأفغاني والحدث السوري.
لقد كانت الخطيئة الأمريكية الكبرى بعد الانسحاب السوفييتي من أفغانستان في فبراير/ شباط 1989 التخلي عن الأفغان، وتركهم لوحدهم يقلعون أشواكهم وأشواك غيرهم التي زرعوها في أفغانستان طوال عقد من الاحتلال وتدخلات دولية وإقليمية ضخمة؛ كانت أفغانستان خلالها مسرحاً لكل التدخلات ولكل المغامرات الاقليمية والدولية. ومع هذ التخلي العالمي، وترك الروس والقوى الإقليمية يعززون حضورهم على حساب الشعب الأفغاني، استفاق العالم كله بعد سنوات على تمدد الجرح الأفغاني إلى ما بعد أفغانستان ليشمل دول المنطقة ثم دول العالم، وهي الطبيعة الطبية لكل الجروح، في حال أصاب عضو من الجسد، فأُهمل، فيتمدد حينها الجرح ليصيب الجسد كله، وهو ما يحصل تماماً في الجروح الاجتماعية، والجرح الأفغاني ليس بدعا وليس جديداً عن هذه المعادلة.
هناك الجرح السوري الممتد لاثنتي عشرة سنة، ولا تزال تصر القوى الدولية على تكرار عبارات متكلسة وممجوجة ثبت فشلها طوال سنوات ماضية، وهي أن الحوار السوري- السوري هو الأساس، وأن السوريين هم من يقررون مصيرهم بأنفسهم، وغيرها من العبارات التي في ظاهرها العسل وفي باطنها وجوهرها السم الزعاف
اليوم هناك الجرح السوري الممتد لاثنتي عشرة سنة، ولا تزال تصر القوى الدولية على تكرار عبارات متكلسة وممجوجة ثبت فشلها طوال سنوات ماضية، وهي أن الحوار السوري- السوري هو الأساس، وأن السوريين هم من يقررون مصيرهم بأنفسهم، وغيرها من العبارات التي في ظاهرها العسل وفي باطنها وجوهرها السم الزعاف. فكيف يمكن للحوار أن يأخذ مجراه بين قوى سورية بعضها مرتهن للخارج ومسلح حتى أسنانه، ومدعوم بشرعية دولية زائفة، ومعها باحتلالات خارجية ومليشيات طائفية عابرة للحدود، بينما الطرف الآخر محارَب حتى في فتات المساعدات الإغاثية إليه، فيقرر دخولها إلى مناطقه عدوه وخصمه، كما حصل أخيراً في الفيتو الروسي والصيني في مجلس الأمن الدولي؟
الجرح السوري لم يعد سورياً، مع فشل المبادرة العربية، وانقلاب الأردن على عصابات الأسد، ومع تمدد جمهورية الكبتاغون والحشيش ليس إلى دول الجوار فحسب، وإنما تمددها اليوم إلى أوروبا عبر الكشف عن مصانع تصنيع المخدرات في ألمانيا وغيرها، وما خفي كان أعظم، فغدا الخطر أوسع وأعمق، وما التصريحات الأردنية الأخيرة إلّا تعبيراً عن اليأس من التطبيع مع نظام الأسد، خصوصاً مع بدء النظام السوري بمشروع إغراق الأردن وغيره بالمتفجرات والأسلحة والذخائر، وهو أمر خطير ليس على مستوى المنطقة وإنما على مستوى العالم.
الفارق بين أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001 وأحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2023 أن الأولى كانت من صنع فاعلين غير دولتيين، أما اليوم فالفاعل دولة لها شرعيتها الدولية وتحظى بدعم وغطاء دولي ومؤسسات عالمية، وتمارس كل الموبقات وسط صمت العالم كله، ومباركته في التطبيع معها والتعاون معها، وترتكب كل يوم 11 سبتمبر وذلك على مدى أكثر من عقد
الفارق بين أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001 وأحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2023 أن الأولى كانت من صنع فاعلين غير دولتيين، أما اليوم فالفاعل دولة لها شرعيتها الدولية وتحظى بدعم وغطاء دولي ومؤسسات عالمية، وتمارس كل الموبقات وسط صمت العالم كله، ومباركته في التطبيع معها والتعاون معها، وترتكب كل يوم 11 سبتمبر وذلك على مدى أكثر من عقد.
لم يعد هناك موبقة من الموبقات إلّا وقد ارتكبتها عصابة تحكم السوريين؛ إن كان بقتلهم بكل صنوف الأسلحة من أسلحة كيماوية، وقصف طائرات للمناطق المأهولة بالسكان، ودك الأسواق والمدارس والمخابز، إلى استخدام الأسلحة المحرمة دولياً من النابالم، وفوق هذا دعمها باحتلالات إقليمية ودولية، ومعها مليشيات طائفية عابرة للحدود، ومع كل هذا يستمسك العالم بالصمت والتآمر ضد السوريين مسانداً لمرتكبي 11 سبتمبر بشكل يومي، بينما العالم الذي رفض احتلال أفغانستان من دولة مثل الاتحاد السوفييتي، قبل في سوريا احتلالات متعددة ومليشيات عابرة للحدود لتدعم الاستبداد والاحتلال الداخلي وتقتل السوريين على مدار الساعة.
الجرح السوري ملوث، وتلوثه أصاب الجسد العربي، وليس أمام العالم كله إلّا عملية جراحية استئصالية رأفة بدول الجوار السوري والعالم؛ وليس رأفة بالسوريين الذين جرّبوا كل أصناف القتل والتعذيب والإجرام الأسدي، واليوم ما يجري من حراك في السويداء، ومن اشتباكات في مناطق العشائر العربية، لدليل واضح على أن الجرح السوري سيمتد إلى ما بعد سوريا، ولات حين مندم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الأسد 11 سبتمبر سوريا سوريا الأسد امريكا 11 سبتمبر جرائم مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العالم کله
إقرأ أيضاً:
أول زيارة خارجية.. الرئيس السوري أحمد الشرع في السعودية اليوم
يتوجه الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، إلى السعودية اليوم الأحد، في أول زيارة خارجية بعد توليه منصبه.
الرئيس السيسي يهنيء أحمد الشرع على توليه مسؤولية الرئاسة في سوريا الرئيس السيسي يهنئ أحمد الشرع لتوليه منصب رئاسة الجمهورية السوريةيشار إلى أنه بعد أقل من شهرين على الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد، أعلنت إدارة العمليات العسكرية في سوريا مساء الأربعاء، إسناد منصب رئيس البلاد في المرحلة الانتقالية إلى أحمد الشرع.
جاء ذلك خلال "مؤتمر إعلان انتصار الثورة السورية" الذي أقيم في دمشق، وحضره قادة الفصائل المسلحة الأعضاء بإدارة العمليات العسكرية.
يذكر أن وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، كان زار سوريا الأسبوع المنصرم والتقى بالشرع، مؤكدا استعداد المملكة دعم نهوض سوريا.
وأضاف: "إننا منخرطون في حوار مع الدول ذات الصلة لرفع العقوبات عن سوريا"، منوها بأهمية تسريع الخطوات التي من شأنها تنفيذ الأمر بسرعة.
ولفت إلى أن الرياض تلقت إشارات إيجابية بشأن رفع العقوبات عن سوريا.
الشرع رئيسا
وأعلن الناطق باسم إدارة العمليات العسكرية في سوريا، العقيد حسن عبد الغني، تولي القائد أحمد الشرع رئاسة البلاد في المرحلة الانتقالية، ليتولى مهام رئاسة الجمهورية العربية السورية ويمثلها في المحافل الدولية.
وأكد العقيد عبد الغني، خلال البيان، إلغاء العمل بدستور عام 2012 وإيقاف جميع القوانين الاستثنائية، بالإضافة إلى حل مجلس الشعب المُشكل في عهد النظام السابق واللجان المنبثقة عنه.
كما أعلن حل جيش النظام السابق وإعادة بناء الجيش السوري على أسس وطنية، إلى جانب تفكيك كافة الأجهزة الأمنية والميليشيات التابعة له، واستبدالها بمؤسسة أمنية جديدة تحافظ على أمن المواطنين.
وشمل البيان أيضًا إعلان حل حزب البعث العربي الاشتراكي وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية وجميع المنظمات واللجان التابعة لها، مع حظر إعادة تشكيلها تحت أي اسم آخر، وتحويل جميع أصولها إلى الدولة السورية، كما تقرر حل جميع الفصائل العسكرية والأجسام السياسية والمدنية الثورية ودمجها ضمن مؤسسات الدولة.
تهنئة سعودية
وفي أعقاب تلك الخطوة هنأ العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، أحمد الشرع، بتوليه رئاسة الجمهورية العربية السورية في المرحلة الانتقالية.
وقالت وكالة الأنباء السعودية واس إن الملك سلمان بعث برقية تهنئة للشرع جاء فيها: «يسرنا أن نعرب لفخامتكم عن تهنئتنا بمناسبة توليكم رئاسة الجمهورية العربية السورية في المرحلة الانتقالية، ونتمنى لفخامتكم التوفيق والنجاح في قيادة بلدكم الشقيق نحو مستقبل مزدهر يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق ، متمنين لفخامتكم دوام الصحة والسعادة، وللجمهورية العربية السورية الشقيقة المزيد من التقدم والازدهار.
كما هنأ ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان أحمد الشرع، بمناسبة توليه رئاسة الجمهورية العربية السورية في المرحلة الانتقالية.
وجاء في برقية لولي العهد: بمناسبة توليكم رئاسة الجمهورية العربية السورية في المرحلة الانتقالية، يسرنا أن نبعث لفخامتكم أصدق التهاني وأطيب التمنيات بالتوفيق والسداد في هذه المرحلة التي يتطلع فيها الشعب السوري الشقيق إلى تحقيق آماله وطموحاته، مع تمنياتنا لفخامتكم موفور الصحة والسعادة، وللشعب السوري الشقيق مزيداً من التقدم والرقي.
وحدة واستقرار سوريا
وكان الشرع قد استقبل وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، في 24 يناير/كانون الثاني.
ونقل وزير الخارجية تحيات خادم الحرمين الشريفين وولي العهد لقائد الإدارة السورية الجديدة – قبل توليه الرئاسة.
وجرى خلال الاستقبال، بحث السبل الرامية لدعم أمن واستقرار ووحدة سوريا، ومناقشة المساعي الهادفة إلى دعم الجانب السياسي والإنساني والاقتصادي في سوريا وعلى رأسها الجهود المبذولة لرفع العقوبات المفروضة عليها، وتقديم جميع أشكال العون والمساندة لسوريا في هذه المرحلة المهمة لاستعادة الاستقرار على كامل أراضيها، وعودة الحياة في مؤسساتها الوطنية بالشكل الذي يتوافق مع تطلعات وطموحات الشعب السوري الشقيق.