بعد زلزال المغرب.. الذكاء الاصطناعي ينجح مُسبقاً في توقع مكان وحجم الكارثة
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
شكل الزلزال العنيف الذي هز المغرب فجر الجمعة، دليلاً جديداً على عجز البشرية عن مواجهة كارثة الزلازل، أخطر الظواهر الطبيعية مع البراكين وأخطرها على الإطلاق، والتي يفشل العلماء في توقعها، أو التنبؤ بها لتفادي تداعياتها الكارثية، ولكن يبدو أن الذكاء الاصطناعي يمثل اليوم الأمل الوحيد لمواجهتها.
وبعد الزلزال المدمر، عاد دور العلماء والباحثين إلى الواجهة مع اتهامات بالتقصير ، وتشكيك في جدوى دراساتهم المسبقة أو اللاحقة للكارثة وأسبابها، ما يمنع الدول المتضررة من الإعداد والتحوط، واتخاذ التدابير التي تسمح بالحد من الخسائر البشرية والمادية الهائلة التي تخلفها الزلازل، والبراكين، والمد البحري العالي، تسونامي، وغيرها.
وفي هذا السياق نقلت مجلة لوبوان الفرنسية اليوم الإثنين، عن خبير فرنسي، أن العلماء والباحثين في مركز متخصص، يعملون على إدماج الذكاء الاصطناعي في دراساتهم لوضع نموذج علمي جديد للتنبيه من الزلازل بالاعتماد على الإشارات، والتحذيرات الجيولوجية والجيوفيزيائية التي تسبقها، والتي لم يكن ممكناً الاعتماد عليها في السابق قبل ظهور الجيل الجديد من برامج الذكاء الاصطناعي.
ونقلت لوبوان عن الباحث كانتان بليتري، المكلف بالدراسات في مختبر جيو آزور، بمعهد البحوث من أجل التنمية في فرنسا، أن الخبراء يعملون على وضع خوارزمية جديدة تقوم على الذكاء الاصطناعي، لالتقاط موجات الجاذبية، لتقدير خطر وحجم وتوقيت الزلزال التقريبي.
وحسب العالم الفرنسي، فإن مراكز الأبحاث الجيولوجية لدراسة الزلازل في العالم، تعمل أساساً بالاعتماد على نوع آخر من الموجات الصادرة من أعماق الأرض، المعروفة بموجات الذبذبات "بي" P، وهي موجات تقيس حجم الضغط داخل الأرض، وهي في العادة الموجات التي يمكن قياسها بشكل شائع بين مراكز الرصد والمتابعة، ولكن الموجات الأكثر تدميراً والأكثر خطراً، هي الموجات التي تُسبب تصدعات في عُمق الأرض، المعروفة بالموجات "إس"، S، ولكن مشكلة هذا الصنف من الموجات، أنها أبطأ من الموجات الأخرى، إذ لا تتجاوز سرعتها 3.5 كيلومترات في الثانية، ما يعني أنها تصل إلى مجسات مراكز الرصد متأخرة في العادة.
ومن جهة أخرى يُضيف الخبير، أن رصد الموجات بنوعيها، لا يعني توقع حجم الزلزال، أو مداه، أو وقته، أو مركزه.
وعليه عمل العلماء حسب هذا الباحث، على وضع طرق أخرى للتعامل مع الظاهرة، بالاعتماد على دراسات وضعت في الأساس للتحذير من موجات المد العالي، تسونامي، بقياس موجات أبطأ كثيراً، ولكنها أكثر دقة من الموجات إس، أو بي، هي الموجات دبل يو، W، التي اعتمدها علماء التسونامي منذ 2017.
ووفق العالم الفرنسي، تتميز هذه الموجات بدقتها في متابعة الزلازل البحرية التي تتسبب عادة في موجات المد العالي، إذ تخلف انهيارات لكتل صخرية هائلة فجأة، تتسبب في اضطراب نظام الجاذبية الأرضية، ولكنه اضطراب لا يكاد يُلمس أو يُقاس، وينتشر بسرعة الضوء عبر كامل الكرة الأرضية فوراً، وهي موجة يمكن أيضاً قياسها بأنظمة رصد الزلازل التقليدية، ولكنها لم تكن تدخل ضمن بروتوكولات متابعة الزلازل أو الإنذار منها، مثل الموجات الأخرى.
ولتجاوز هذا العائق، أوضح الباحث، أن الحل الأفضل هو الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، لرصد كل الإشارات الضعيفة التي يمكن أن تكون مفتاحاً للإنذار والتحذير، وأضاف قائلاً: "تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، فعالة جداً في الرصد السريع لكل الإشارات الضعيفة، وكشفها من بين عدد هائل من الإشارات والموجات الأخرى، ولذلك يتركز العمل اليوم على وضع خوارزمية قادرة على اكتشاف، وتوقع حجم أي هزة أرضية، في كل ثانية، اعتماداً على الموجات P، وللتأكد من جدوى هذه التقنية، اعتمدنا على محاكاة عشرات آلاف الهزات العنيفة التي يمكن أن تضرب سواحل اليابان، فوق الصدع الياباني، وفي كل مرة احتسبنا وبنجاح طول الموجة P، التي يمكن أن تصل إلى كل أجهزة الرصد في المنطقة، ودربنا الذكاء الاصطناعي، على توقع حجم الهزة وموقعها بالضبط، بالاعتماد على المعطيات المسجلة أثناء زلزال فوكوشيما المدمر في اليابان في 2011".
وحسب الباحث، أمكن بفضل هذه الطريقة "معرفة حجم وقوة الزلزال بعد دقيقتين من الانهيار الأرضي، والحصول سريعاً على معطيات أكثر دقة عن حجم موجة المد البحري".
وأضاف الباحث، أن النتائج المشجعة في هذه التجارب، دفعت العلماء في المركز إلى توسيعها لتشمل الزلازل معتدلة القوة "وفي نسخته الحالية يعمل البرنامج على رصد الزلازل التي تفوق 8.3 درجات" ما يعزز الآمال في وضع نظام عالمي جديد لرصد الزلازل الكبرى، والتحذير منها، خاصةً في المناطق أو الدول التي تفتقر إلى المعدات والتجهيزات المتطورة لرصدها بدقة، أو لرصد المؤشرات الأولى التي تسبقها".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني زلزال المغرب الذکاء الاصطناعی بالاعتماد على من الموجات التی یمکن
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي والرقمنة في العمل
أحمد بن خلفان الزعابي
يُعدّ الذكاء الاصطناعي أحد أهم ما قام بتطويره الإنسان لخدمة مصالحه واستجابة للتطور والنمو الهائل الذي يشهدهُ العالم في مجال ذكاء الآلة حتى الآن، ويأتي احتفال دول العالم هذا العام بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية 28-4-2025 ليوظف هذه التقنيات في مجال العمل بهدف توفير بيئة أكثر أمانًا.
ومع التطور الهائل الذي يشهده العالم في مجال تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي والرقمنة في قطاع الأعمال تحتفل منظمة العمل الدولية ILO هذا العام تحت شعار "إحداث ثورة في الصحة والسلامة دورة الذكاء الاصطناعي والرقمنة في العمل" بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية، ولا شك أن الجميع على اطلاع لما وصل إليه الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته من تقدم هائل في شتى المجالات لذلك فإنه من الأولى تطويع كل هذه التقنيات والتطبيقات والنماذج لخدمة سلامة الإنسان والحفاظ على بقائه آمنًا مطمئنًا.
لا شك أن الإنسان قام بتطوير أنظمة سلامة تحدّ من المخاطر في بيئات العمل الأكثر خطرًا إلا أن دخول الآلات التي يعتمد تشغيلها على تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي المتقدم ستساهم بشكلٍ فعّال في الحد من مخاطر بيئات العمل والتي تحلُّ محلَ الإنسان في مجالات العمل الأكثر خطرًا كالعمل في المناجم العميقة أو بالقربِ من المصاهر أو التعامل مع المواد الكيماوية أو المواد التي تتسم بدرجة سُميّته عالية أو رفع الأحمال الثقيلة حيث تتولى هذه الروبوتات مهام عمل متكررة وروتينية والتي يمكن برمجتها للعمل في مختلف الظروف أو حتى بشكل متواصل.
ولا يمكننا هنا أن نغفل دور الإنسان الذي قام هو بذاتهِ بإبتكار هذه التطبيقات وأدوات الذكاء الاصطناعي حيث لولا الإنسان لما عملت هذه الآلات لأنه يبقى تهديد الاختراقات والهجمات السيبرانية قائما وبالتالي يمكن لهذه الآلات أن تتعطل وتتوقف عن العمل وبالتالي يبقى دور التدخل البشري قائمًا لمعالجة هذه المشكلة وبالتالي فإن الآلة مهما تطورت لا يمكنها أن تحلّ محل الإنسان أو تلغي دورهُ تمامًا، إنما هي تساعدهُ في تسريع العمل بكفاءةٍ وإتقان وتضمن أفضل درجات السلامة للعاملين.
من جهة أخرى، يقوم مهندسو وفنيو السلامة في أماكن العمل بإجراء تقييمٍ شامل لمخاطر بيئة العمل بشكل دوري مستمر وذلك بهدف المحافظة على بيئة العمل أكثر أمانا وضمان خلوها من التهديدات التي يمكن أن تتسبب في وقوع حوادث وشيكة، أما الآن ومع دخول الأجهزة الرقمية وأجهزة الاستشعار الذكية فيمكنها أن تساعد المعنيين في الكشف المبكر عن مخاطر بيئة العمل بكفاءة عالية حيث أصبحت هذه الأجهزة تساعد على اكتشاف المخاطر مبكرًا وبالتالي تسمح للمختصين بالتدخل مبكرًا أيضًا والعمل على معالجة أسباب الخطر مما يُساهم ذلك في بقاء بيئة العمل أكثر أمانا.
وبما أن قطاع تقنية المعلومات والاتصالات يشهد تطورًا هائلًا مدعومًا ببحوث تطوير التقنيات المتقدمة وأدوات الذكاء الاصطناعي وكذلك سباق شركات قطاع تقنية المعلومات المحموم لتقديم أفضل الابتكارات في مجال الذكاء الاصطناعي والرقمنة فهذا يدعونا لتطوير سياسات سلامة وصحة مهنية تـُركزُّ على اعتماد استخدام مثل هذه التقنيات في بيئات العمل للمساهمة في الحفاظ على سلامة وصحة الإنسان في مكان العمل.
ويأتي الاحتفال بهذه المناسبة سنويًا للتذكير بضرورة مناقشة أسباب الخطر في أماكن العمل واعتماد أفضل الوسائل التي تحافظ على سلامة وصحة الإنسان واستدامة موارد المنشآت وارتفاع العائدات بمختلف أنواعها.
رابط مختصر