فضلت السائحة الألمانية كيرين فيشر البقاء في مراكش رغم الزلزال الذي دمر محيطها وأيضا مباني في المدينة العتيقة، لكن العاصمة السياحية للمملكة فقدت الكثيرين من زوارها وسط مخاوف من أزمة تضرب هذا النشاط الرئيسي لاقتصادها.

وتقول الشابة الألمانية (35 عاما) لوكالة فرانس برس “لن نجعل الزلزال يفسد كل شيء. لم نتلق إنذارات باحتمال خطر كبير ففضلنا بالتالي الاستمرار في برنامجنا”.

كانت كيرين بصدد القيام بجولة سياحية برفقة مجموعة من أربعة مسافرين. وقد تم إجلاؤهم جميعا من الفندق الذي كانوا فيه عندما اهتزت الأرض تحت أقدامهم ليل الجمعة في أعنف زلزال يضرب المغرب.

ولا يزال ركام أجزاء مبان تهدمت متناثرا في أزقة المدينة العتيقة، التي تعد محطة رئيسية في الجولات السياحية بمراكش، كما تضم العديد من النزل.

من جهته يقول السائح دومينيك اوبير (26 عاما) “لا نزال مترددين هل نغادر أم لا، لكن الأمور تبدو نسبيا آمنة. إذا بقينا فسنساهم بكل تواضع في دعم المغاربة”.

قبالة الموقع الذي كانوا يتجولون به تنتصب الأبواب الخشبية العالية لقصر الباهية لكنها مغلقة في وجه الزوار، فيما تظهر قطع قرميد ملقاة على الأرض بعدما تحطمت من وقع الزلزال. وقد بني هذا المعلم السياحي في القرن التاسع عشر.

على طول العديد من الأزقة الضيقة تتخلل الشقوق الكثير من جدران البيوت المصبوغة باللون الأحمر المميز للمدينة، فيما هدم بعضها تماما.

وتحتض مراكش تراثا عريقا منذ تشييدها بحدود العام 1070 حيث كانت لقرون طويلة عاصمة الدولة المغربية بدءا من عهد المرابطين، ومركزا ثقافيا واقتصاديا. وهي مصنفة تراثا إنسانيا من منظمة اليونسكو.

ويشير المرشد السياحي الذي يرافق كيرين ومجموعتها إلى أن القيام بجولة كاملة حول المدينة العتيقة يبدو غير مؤكد، “لكن المرور عبر جل محطاتها ممكن”.

غير بعيد من المكان يطلب ثلاثة سياح إيطاليين معلومات من رجال الأمن حول المواقع التي لا تزال مفتوحة امام الزوار.

وفضل هؤلاء الزوار عدم تقصير مدة رحلتهم، تماما كما هو الشأن بالنسبة لزوجين يحتسيان الشاي في شرفة مقهى تزين جدرانه قطع رخام، أو أيضا بالنسبة الى سائحة تفاوض بائعا في أحد المتاجر السياحية القليلة حول سعر حقيبة جلدية، مغطية رأسها بقبعة نسجت من خصلات القش.

في ساحة جامع الفنا الشهيرة وسط المدينة اتخذ باعة العطور والمرطبات أماكنهم المعتادة بعدما احتلها سكان من الأحياء المجاورة اضطروا لقضاء الليل تحت العراء، بسبب تهدم بيوتهم أو أصابتها بأضرار.

وقد أكدت نقابة تضم نحو 70 من وكالات السفر الفرنسية السبت أن أيا من زبائنها الذين كانوا موجودين في مراكش لحظة الزلزال “لم يصب بضرر بحسب معلوماتنا”.

لكن الأجواء اكثر من هادئة عموما في أزقة المدينة العتيقة، بعيدا عن الصخب المعتاد.

إذا كانت الغالبية العظمى للضحايا (2012 حتى حدود ليل السبت) قد سقطوا في القرى والبلدات المجاورة لمراكش، إلا أن الكارثة ولدت مخاوف من تداعياتها على اقتصاد المدينة القائم أساسا على السياحة.

وكان القطاع استعاد عافيته هذا العام في المغرب عموما ومراكش خصوصا، بحيث زار المملكة نحو 6,5 ملايين سائح معظمهم أوروبيون خلال النصف الأول من 2023، ما يمثل ارتفاعا بمعدل 92 بالمئة مقارنة مع الفترة نفسها العام الماضي.

وقد استأثرت مراكش بحصة كبيرة من هذا النشاط بحيث استقبلت أكثر من 4,3 ملايين سائح، بحسب معطيات مرصد السياحة، وهو هيئة غير رسمية متخصصة في رصد القطاع بالمغرب.

لكن الكارثة بدأت تتسبب بإلغاء حجوزات بعضها مبرمج حتى أكتوبر، وفق ما ذكر مهنيون وتجار لوكالة فرانس برس الأحد.

ويقول دحمان زياني (56 عاما)، وهو مدير حمام تقليدي يقصده السياح، “ألغت مجموعات كاملة من السياح حجوزاتها خوفا من ارتدادات الزلزال. لكن يجب أن يقال للناس إن الأمر هنا ليس مثل تركيا”، في إشارة إلى الزلزال الذي ضرب البلاد في شباط/فبراير مخلفا أكثر من 50 ألف قتيل ومشردا الملايين جنوب شرق البلاد.

ويضيف “المدينة العتيقة هي روح مراكش، إنها مفخرتنا. والسياحة تمثل 99 بالمئة من مداخيلنا. إذا توقفت سيتوقف كل شيء تماما”، مثلما حصل خلال أزمة كوفيد-19 التي فرضت إغلاقا صارما لأشهر .

ويختم زياني “الآن لا نملك سوى الأمل في ألا تتكرر مثل تلك الأزمة”.

 

عن (أ.ف.ب)

كلمات دلالية المغرب سياحة كارثة

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: المغرب سياحة كارثة المدینة العتیقة

إقرأ أيضاً:

غياب المرافق الحيوية بمسرح الهواء الطلق بالمحاميد محل عدة تساؤلات

 

بقلم: زكرياء عبد الله

يُعتبر مسرح الهواء الطلق بالمحاميد واحدًا من أبرز الأماكن الثقافية التي تقدم للزوار تجربة ترفيهية وفنية مميزة. ومع ذلك، أصبح هذا المسرح يشكل مصدر إزعاج للكثيرين بسبب إغلاق أو غياب المرافق الحيوية والضرورية التي تضمن راحة الزوار. ورغم كونه وجهة مفضلة للعديد من الأشخاص الراغبين في الاستمتاع بالعروض المسرحية في الهواء الطلق، فإن هذه التجربة تتحول إلى معاناة للمجتمع المحلي والزوار على حد سواء.

وفي تقرير لمراسل جريدة مملكة بريس الذي قام بمعاينة المكان لمواكبة التظاهرة المقامة مساء اليوم، فوجئ بإغلاق المرافق الأساسية مثل دورات المياه والمرافق الصحية، وهي من الضروريات لأي مكان يستقطب الزوار بشكل منتظم. ونتيجة لذلك، تحولت المنطقة المحيطة بالمسرح، خاصة الحديقة المجاورة، إلى مكان مخصص لقضاء الحاجة، مما ينعكس بصورة سيئة على سمعة المكان.

هذه الأوضاع الكارثية تثير الاستياء وتطرح تساؤلات حول مدى التزام المجلس الجماعي للمنارة، باعتباره الجهة المسؤولة عن إدارة هذا المعلم الثقافي، بتوفير ظروف مناسبة للزوار. ويُعتبر غياب هذه المرافق تراجعًا في توفير أبسط الحقوق التي ينبغي أن يتمتع بها الزوار. فهل سيتحرك مسؤولو مجلس مقاطعة المنارة لتوفير الحلول اللازمة للتعامل مع هذه المشاكل المتزايدة في هذا الفضاء الثقافي؟

مقالات مشابهة

  • التمويل يعيق إنجاز الطريق السيار مراكش بني ملال
  • الثلوج تغطيها.. محمية حرج إهدن ترتدي الأبيض!
  • «هاها هاوس».. متحف لغسل الهموم
  • غياب المرافق الحيوية بمسرح الهواء الطلق بالمحاميد محل عدة تساؤلات
  • أقساط حتى 13 سنة.. هل تُنقذ سوق العقار المصري من الركود؟
  • «أضواء الشارقة 2025».. لوحة فنية تستحضر تاريخ الإمارة العريق
  • تحديد أسماء الدول والوقت الذي سيصطدم فيه كويكب “قاتل المدينة” بالأرض
  • بن إبراهيم يعطي الانطلاقة الفعلية لبرنامج مراكش بدون صفيح
  • ملقا.. جوهرة التراث الماليزي ومهد الحضارات
  • مراكش: تنفيذ عملية هدم 36 منزلاً عشوائياً ضمن برنامج القضاء على دور الصفيح