سياح لا يزالون في مراكش رغم الزلزال لكن شبح الركود يخيم على المدينة
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
فضلت السائحة الألمانية كيرين فيشر البقاء في مراكش رغم الزلزال الذي دمر محيطها وأيضا مباني في المدينة العتيقة، لكن العاصمة السياحية للمملكة فقدت الكثيرين من زوارها وسط مخاوف من أزمة تضرب هذا النشاط الرئيسي لاقتصادها.
وتقول الشابة الألمانية (35 عاما) لوكالة فرانس برس “لن نجعل الزلزال يفسد كل شيء. لم نتلق إنذارات باحتمال خطر كبير ففضلنا بالتالي الاستمرار في برنامجنا”.
كانت كيرين بصدد القيام بجولة سياحية برفقة مجموعة من أربعة مسافرين. وقد تم إجلاؤهم جميعا من الفندق الذي كانوا فيه عندما اهتزت الأرض تحت أقدامهم ليل الجمعة في أعنف زلزال يضرب المغرب.
ولا يزال ركام أجزاء مبان تهدمت متناثرا في أزقة المدينة العتيقة، التي تعد محطة رئيسية في الجولات السياحية بمراكش، كما تضم العديد من النزل.
من جهته يقول السائح دومينيك اوبير (26 عاما) “لا نزال مترددين هل نغادر أم لا، لكن الأمور تبدو نسبيا آمنة. إذا بقينا فسنساهم بكل تواضع في دعم المغاربة”.
قبالة الموقع الذي كانوا يتجولون به تنتصب الأبواب الخشبية العالية لقصر الباهية لكنها مغلقة في وجه الزوار، فيما تظهر قطع قرميد ملقاة على الأرض بعدما تحطمت من وقع الزلزال. وقد بني هذا المعلم السياحي في القرن التاسع عشر.
على طول العديد من الأزقة الضيقة تتخلل الشقوق الكثير من جدران البيوت المصبوغة باللون الأحمر المميز للمدينة، فيما هدم بعضها تماما.
وتحتض مراكش تراثا عريقا منذ تشييدها بحدود العام 1070 حيث كانت لقرون طويلة عاصمة الدولة المغربية بدءا من عهد المرابطين، ومركزا ثقافيا واقتصاديا. وهي مصنفة تراثا إنسانيا من منظمة اليونسكو.
ويشير المرشد السياحي الذي يرافق كيرين ومجموعتها إلى أن القيام بجولة كاملة حول المدينة العتيقة يبدو غير مؤكد، “لكن المرور عبر جل محطاتها ممكن”.
غير بعيد من المكان يطلب ثلاثة سياح إيطاليين معلومات من رجال الأمن حول المواقع التي لا تزال مفتوحة امام الزوار.
وفضل هؤلاء الزوار عدم تقصير مدة رحلتهم، تماما كما هو الشأن بالنسبة لزوجين يحتسيان الشاي في شرفة مقهى تزين جدرانه قطع رخام، أو أيضا بالنسبة الى سائحة تفاوض بائعا في أحد المتاجر السياحية القليلة حول سعر حقيبة جلدية، مغطية رأسها بقبعة نسجت من خصلات القش.
في ساحة جامع الفنا الشهيرة وسط المدينة اتخذ باعة العطور والمرطبات أماكنهم المعتادة بعدما احتلها سكان من الأحياء المجاورة اضطروا لقضاء الليل تحت العراء، بسبب تهدم بيوتهم أو أصابتها بأضرار.
وقد أكدت نقابة تضم نحو 70 من وكالات السفر الفرنسية السبت أن أيا من زبائنها الذين كانوا موجودين في مراكش لحظة الزلزال “لم يصب بضرر بحسب معلوماتنا”.
لكن الأجواء اكثر من هادئة عموما في أزقة المدينة العتيقة، بعيدا عن الصخب المعتاد.
إذا كانت الغالبية العظمى للضحايا (2012 حتى حدود ليل السبت) قد سقطوا في القرى والبلدات المجاورة لمراكش، إلا أن الكارثة ولدت مخاوف من تداعياتها على اقتصاد المدينة القائم أساسا على السياحة.
وكان القطاع استعاد عافيته هذا العام في المغرب عموما ومراكش خصوصا، بحيث زار المملكة نحو 6,5 ملايين سائح معظمهم أوروبيون خلال النصف الأول من 2023، ما يمثل ارتفاعا بمعدل 92 بالمئة مقارنة مع الفترة نفسها العام الماضي.
وقد استأثرت مراكش بحصة كبيرة من هذا النشاط بحيث استقبلت أكثر من 4,3 ملايين سائح، بحسب معطيات مرصد السياحة، وهو هيئة غير رسمية متخصصة في رصد القطاع بالمغرب.
لكن الكارثة بدأت تتسبب بإلغاء حجوزات بعضها مبرمج حتى أكتوبر، وفق ما ذكر مهنيون وتجار لوكالة فرانس برس الأحد.
ويقول دحمان زياني (56 عاما)، وهو مدير حمام تقليدي يقصده السياح، “ألغت مجموعات كاملة من السياح حجوزاتها خوفا من ارتدادات الزلزال. لكن يجب أن يقال للناس إن الأمر هنا ليس مثل تركيا”، في إشارة إلى الزلزال الذي ضرب البلاد في شباط/فبراير مخلفا أكثر من 50 ألف قتيل ومشردا الملايين جنوب شرق البلاد.
ويضيف “المدينة العتيقة هي روح مراكش، إنها مفخرتنا. والسياحة تمثل 99 بالمئة من مداخيلنا. إذا توقفت سيتوقف كل شيء تماما”، مثلما حصل خلال أزمة كوفيد-19 التي فرضت إغلاقا صارما لأشهر .
ويختم زياني “الآن لا نملك سوى الأمل في ألا تتكرر مثل تلك الأزمة”.
عن (أ.ف.ب)
كلمات دلالية المغرب سياحة كارثةالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: المغرب سياحة كارثة المدینة العتیقة
إقرأ أيضاً:
محمد كركوتي يكتب: الطلب السياحي على أبوظبي
تحقق السياحة في إمارة أبوظبي قفزات نوعية، تمضي بالقطاع نحو آفاق جديدة، بما يتماشى مع مخرجات استراتيجية أبوظبي السياحية لعام 2030.
الواضح، أن التوسع القائم في هذا القطاع، يساهم مباشرة في نمو الطلب السياحي العالمي على الإمارة، إلى جانب مجموعة من العوامل، على رأسها، اتساع دائرة الرحلات الجوية، إلى جانب الحملات الترويجية المتنوعة التي تقوم بها الجهات المختصة وتلك ذات الصلة، لاستقطاب أسواق سياحية جديدة، بما فيها الأسواق الصينية والروسية ورابطة الدول المستقلة، مع زيادة زخم الأسواق التقليدية، مثل أوروبا والهند وغيرها.
النمو المتوقع للطلب السياحي المشار إليه، يصل إلى 20% في العام الجاري، وهي نسبة كبيرة يمكن البناء عليها بقوة، ولاسيما مع ارتفاع أعداد الزوار.
ففي العام الماضي، بلغ عدد نزلاء المنشآت السياحية المختلفة في الإمارة 6.2 مليون نزيل، بنمو بلغ 10٪، مقارنة بالعام 2023 وذلك وفق دائرة الثقافة والسياحة.
وتدفق الزوار، لا يقتصر على السياح فحسب، بل يشمل أيضاً الوافدين للمشاركة في الفعاليات المختلفة والمؤتمرات والمعارض، ولاسيما في ظل تمتع المرافق الحاضنة لها، بأعلى معايير الجودة على المستوى العالمي.
وفي السنوات الماضية، استقطبت أبوظبي المزيد من السياح والزائرين، ضمن نطاق ما يعرف بالسياحة العائلية، وذلك بفضل المزايا التي تقدم لهذه الشريحة.
تحولت أبوظبي بوتيرة سريعة، إلى مقصد، للباحثين عن الفعاليات الفنية والموسيقية والثقافية والتراثية وما يرتبط بها.
ناهيك عن المناسبات الرياضية والتنافسية العالمية عموماً. كل ذلك يعزز التوقعات، في وصول الطلب على السياحة وروابطها في الإمارة، إلى مستويات تندرج في سياق الاستراتيجية المحلية والوطنية العامة.
ففي الفترة المقبلة سترتفع وتيرة إطلاق شركات الطيران الوطنية والأجنبية لوجهات جديدة، كما أن هناك زيادة في زخم الفعاليات التي تستضيفها الإمارة، فضلاً عن المواسم السياحية المعروفة التي تزداد فيها أعداد الزوار من كل مكان تقريباً حول العالم. الوصول إلى مخرجات استراتيجية أبوظبي السياحية، يبدو واضحاً، ربما حتى قبل الموعد المحدد لها.