السعودية وإيران في 6 أشهر.. انفراج مستمر دون تقارب حقيقي
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
تُبقي المصالح الانفراج بين السعودية وإيران على المسار الصحيح منذ ستة أشهر، لكن من دون تحقيق تقارب حقيقي، فقرار إعادة العلاقات بينهما اتخذه الجانبان بحسابات باردة، بحسب تقرير لجورجيو كافييرو في موقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأمريكي (Responsible Statecraft) ترجمه "الخليج الجديد".
وعبر اتفاق بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي، استأنفتت الرياض وطهران علاقتهما الدبلوماسية، ما أنهى قطيعة استمرت 7 سنوات بين دولتين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج صراعات عديدة في الشرق الأوسط.
ومشيرا إلى تبادل السفراء بين البلدين في 5 سبتمبر/ أيلول الجاري، اعتبر كافييرو أنه "بعد ستة أشهر، لا يزال الانفراج الإيراني السعودي يسير على المسار الصحيح".
واستدرك: "لم توقع طهران والرياض على الاتفاق الدبلوماسي في بكين، بعد ما يقرب من عامين من الوساطة العراقية والعمانية، بدافع الحب المتبادل، لكن الاتفاق نتج عن مصالح كل منهما في تحقيق الانفراج في وقت معين".
((1))
دوافع للانفراج
و"من الأمور المركزية في السياسة الخارجية للرئيس الإيراني إدارة إبراهيم رئيسي مبدأ "الجيران أولا"، كما تابع كافييرو.
وأوضح أنه "مع استمرار تدهور العلاقات بين إيران والغرب، لا ترغب طهران في إقامة علاقات أوثق مع الصين وروسيا فحسب، بل تريد أيضا إقامة علاقات أفضل مع الدول الإسلامية في جوارها".
وأضاف أن هذه الدول تمثل "أعضاء مجلس التعاون الخليجي (السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين وسلطنة عمان) ودول آسيا الوسطى ودول أخرى وباكستان، إذ تأمل إيران أن تجني فوائد اقتصادية لتصبح في وضع أفضل للتحايل على العقوبات والضغوط الأمريكية (على خلفية برنامجي طهران النووي والصاروخي)".
وبالنسبة للسعودية، قال كافييرو إن "الرياض أدركت أن جذب ما يكفي من الاستثمار الأجنبي لإنجاح رؤية (ولي العهد الأمير) محمد بن سلمان 2030 يتطلب قدرا أكبر من الاستقرار في الداخل وفي جميع أنحاء المنطقة".
وتابع أن "هذا جعل تخفيف التوترات مع إيران أمرا ضروريا، لا سيما على ضوء نفوذ طهران على المتمردين الحوثيين في اليمن (جار المملكة)، الذين تسببت هجماتهم بالطائرات بدون طيار والصواريخ ضد البنية التحتية السعودية في أضرار جسيمة حتى تنفيذ هدنة أبريل/نيسان 2022".
وتضخ السعودية استثمارات ضخمة في قطاعات، بينها التكنولوجيا والسياحة والطاقة المتجددة والرياضة والفنون، ضمن رؤية 2030 الهادفة بالأساس إلى تنويع وتوسيع اقتصاد المملكة بعيدا عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، في ظل تقلبات أسعاره وتوجه العالم نحو الطاقة المتجددة غير الملوثة للبيئة.
اقرأ أيضاً
السعودية الـ16 بين اقتصادات دول مجموعة العشرين
حسابات باردة
ووفقا لباربرا سلافين، زميلة في مركز ستيمسون ومقره واشنطن، "اتخذ الجانبان قرار استعادة العلاقات بحسابات باردة، إذ تريد إيران أن تثبت أنها ليست معزولة إقليميا، بينما ترغب السعودية في بوليصة تأمين ضد الهجمات الخارجية فيما تحاول تحقيق أهدافها الاقتصادية الطموحة".
"مع ذلك، تواصل طهران والرياض الشكوك حول بعضهما البعض، فمن وجهة نظر إيران، تظل شراكة الرياض مع الولايات المتحدة تشكل تهديدا كبيرا لأمن الخليج، في حين لا تزال السعودية ترى أن سلوك إيران الإقليمي مزعزع للاستقرار"، كما تابع كافييرو.
وقال علي فايز من مجموعة الأزمات الدولية إن "الأمر لم يتطور إلى تقارب حقيقي، وهذا بعيد المنال طالما أن إيران على خلاف مع الحليف الاستراتيجي الرئيسي للرياض، وهي الولايات المتحدة".
ورجح أن "الظل الطويل للمواجهة النووية بين إيران والولايات المتحدة سيمنع إعادة العلاقات الاقتصادية بين طهران والرياض ويمكن أن يؤدي في النهاية إلى إشعال التوترات الإقليمية التي يمكن أن تمتد مرة أخرى إلى العلاقات الثنائية".
اقرأ أيضاً
واشنطن أم الرياض أم تل أبيب.. أين العقبة الأكبر أمام التطبيع؟
التطيع مع إسرائيل
واعتمادا على درجة التقارب بين السعودية وإسرائيل، بحسب كافييرو، "قد تكون هناك عواقب سلبية على العلاقات الإيرانية السعودية".
ولا توجد علاقات رسمية معلنة بين السعودية وإسرائيل، لكن تتواتر منذ أشهر تصريحات رسمية أمريكية وإسرائيلية في مقابل صمت رسمي سعودي عن أن واشنطن تناقش صفقة ضخمة لاحتمال تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب.
وقال كافييرو إن "طهران لا ترى أن العلاقات الدبلوماسية بين دول مجلس التعاون الخليجي وإسرائيل تشكل تهديدا في حد ذاتها، فهي مهتمة أكثر بكثير بالكيفية التي يمكن أن تؤدي بها اتفاقيات إبراهيم (للتطبيع) إلى تواجد عسكري إسرائيلي متزايد بالقرب من الأراضي الإيرانية".
وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها، وتمتلك تل أبيب ترسانة نووية لم تعلن عنها رسميا وغير خاضعة لرقابة دولية.
وقالت باربرا إن "إيران ستعشر أنها ملزمة بإدانة الرياض إذا قامت بالتطبيع مع إسرائيل، وستكون في حالة تأهب لأي عنصر عسكري أو استخباراتي لمثل هذه الصفقة".
ومتفقا مع باربرا، قال جواد هيران نيا، مدير مجموعة دراسات الخليج في مركز البحث العلمي والشرق الأوسط، إن "إيران تخشى حدوث تقارب عسكري وأمني أكبر بين عرب الخليج وإسرائيل في أشكال مثل نظام دفاع جوي مشترك".
وبحسب فايز، "من غير المرجح أن يصمد الوضع الراهن بين السعودية وإيران أمام اختبار الزمن ما لم يتم إضفاء الطابع المؤسسي عليه في شكل مشاركة سياسية متكررة رفيعة المستوى".
والمؤشر الرئيسي لكيفية تطور العلاقات الإيرانية السعودية لن يكون غياب الصراع أو الخلاف، بل "رد فعل كل منهما على قضايا حساسة (مثل النزاع حول حقل غاز الدرّة/آراش وحرب اليمن)"، وفقا لعزيز الغشيان، زميل معهد دول الخليج العربية في واشنطن.
اقرأ أيضاً
واشنطن أم الرياض أم تل أبيب.. أين العقبة الأكبر أمام التطبيع؟
المصدر | جورجيو كافييرو/ ريسبونسبل ستيتكرافت- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية إيران انفراج تقارب علاقات إسرائيل الصين بین السعودیة
إقرأ أيضاً:
WP: هناك فرصة لضرب قدرات إيران النووية بعد إضعافها وسقوط الأسد
نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن وزير الجيش الإسرائيلي السابق يواف غالانت قوله إن هناك فرصة للتحرك ضد إيران وضرب برنامجها النووي، وأن عقارب الساعة تدق.
وقال ديفيد إغناطيوس في مقال له إن "إيران تبدو في أخطر أوضاعها التي تمر بها في الأزمنة الحديثة، فقد تم ضرب جماعاتها بالوكالة في غزة ولبنان وسوريا، ويبدو أنها شبه عارية بعد سلسلة من الضربات الجوية الإسرائيلية على أنظمتها الدفاعية في تشرين الأول/ أكتوبر".
ويزعم غالانت قائلا: "لقد كشفنا أن إيران باتت عرضة للخطر". وأوضح غالانت في حديث مع الكاتب بواشنطن هذا الأسبوع أن حملة القصف الإسرائيلية المدمرة، ولكن التي لم تتم مناقشتها كثيرا في 26 تشرين الأول/أكتوبر خلقت "نافذة للتحرك ضد إيران" ومنعها من إنتاج السلاح النووي.
ويعلق إغناطيوس أن القرارات الأمريكية بشأن استغلال الضعف الإيراني، إما عبر التفاوض او العمل العسكري، ستقع على عاتق الرئيس المنتخب، دونالد ترامب. وسئل الشهر الماضي في لقاء أجرته معه مجلة "تايم" الذي اختارته رجل عام 2024 على غلافها، عن إمكانية إعلان حرب ضد إيران بعد دخوله البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/يناير، أجاب "كل شيء ممكن".
وأضاف إغناطيوس أن الاهتمام العالمي تحول إلى ترامب، لكن كبار المسؤولين في إدارة بايدن أخبروه أنهم يدركون أيضا الفرصة القادمة هي لـ "الدبلوماسية القسرية" بشأن القضايا النووية مع إيران الضعيفة.
على الرغم من أن إسرائيل لعبت دورا حاسما في إذلال إيران كما يقول، إلا أن الرئيس جو بايدن قدم دعما مهما من خلال نشر حاملات الطائرات والطائرات والغواصات والقوات الأمريكية الأخرى في المنطقة.
وأضاف إغناطيوس أن الهجوم الإسرائيلي في 26 تشرين الأول/أكتوبر كان محسوبا ويهدف لترك إيران دون حماية ضد أي هجوم مستقبلي. وقال مصدر عسكري إسرائيلي إن موجة ضاربة من 120 طائرة شاركت في الغارة.
واستهدفت المقاتلات الإسرائيلية رادارات الدفاع الجوي والبطاريات المضادة للطائرات التي تحمي طهران بالإضافة إلى المصانع الرئيسية التي تنتج الوقود للصواريخ الباليستية الإيرانية.
وكان الهجوم ردا على قصف إيران لإسرائيل في 1 تشرين الأول/أكتوبر، بحوالي 200 صاروخ باليستي، لكن التخطيط الإسرائيلي للضربة بدأ قبل أشهر عديدة.
ويقول غالانت إن العملية كانت تهدف وبعبارات بسيطة ضمان أن "تضعف إيران وتصبح إسرائيل أقوى"، حتى لا تتمكن طهران من الرد بقوة على الهجمات المستقبلية.
ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون أنه خلال العامين المقبلين، لن تتمكن إيران من إضافة الكثير إلى ترسانتها المحدودة من الصواريخ الباليستية. وفي الوقت نفسه، تم تمزيق دفاعاتها الجوية، وخاصة حول العاصمة.
ويقول إغناطيوس إن إسرائيل على ما يبدو أنشأت ممرا إلى إيران يمنح مقاتلاتها طريقا واضحا لتوجيه الضربات ضد طهران. وهذا مستوى من الحرية في العمليات يعطي إسرائيل القدرة على ضرب إيران بنفس السهولة التي ضربت فيها غزة ولبنان.
وعزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، غالانت في 5 تشرين الثاني/نوفمبر بسبب ما أسماها نتنياهو "أزمة ثقة". وقد اختلفا ولأكثر من عام حول استراتيجية حرب غزة، حيث زعم غالانت أن مكاسب إسرائيل في ساحة المعركة يجب تأمينها من خلال خطة متماسكة للانتقال إلى "اليوم التالي"، وهو الأمر الذي قاومه نتنياهو.
وباعتباره وزيرا للدفاع، عمل غالانت بشكل وثيق مع القوات الجوية الإسرائيلية وأجهزة الاستخبارات للتخطيط للهجمات على لبنان وإيران.
وأثبتت إسرائيل قدرة على شل الدفاعات الجوية الإيرانية بهجوم في 19 نيسان/أبريل ضد النظام الدفاعي الجوي المتقدم الروسي الصنع أس-300 قرب أصفهان. وكان الهجوم ردا على الغارات الجوية الإيرانية و300 صاروخا ومسيرة في 15 نيسان/أبريل.
وقال غالانت "لقد ضربناهم بدقة ولكن لم تكن كافية لردعهم". وفي الهجمات اللاحقة ضربت إسرائيل بطاريات أس-300 حول طهران، والتي كانت قادرة نظريا على اكتشاف الهجمات من على بعد 300 كيلومترا.
ويقول غالانت إنه لم يعد هناك "دفاع استراتيجي حول طهران". كما وضربت إسرائيل مكونات رئيسية لقدرات الصواريخ الباليستية الإيرانية. وضربت الطائرات الإسرائيلية النفاثة جميع مرافق الخلط التي تنتج الوقود الصلب لقوة الصواريخ التي تتباهى بها طهران.
وأشار تقرير صادر عن معهد دراسة الحرب في الثاني عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر إلى أن "الحصول على خلاطات جديدة [من الصين] قد يستغرق عاما على الأقل، مما يسلط الضوء على الكيفية التي أعاقت بها ضربات إسرائيل، مؤقتا على الأقل، تقدم برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني".
وقدر مصدر عسكري إسرائيلي أنه قبل هجوم تشرين الأول/ أكتوبر، كانت إيران قادرة على إنتاج ما يكفي من الوقود الصلب لصاروخين باليستيين جديدين يوميا. وقال المصدر إن إنتاجها الآن يقتصر على صاروخ واحد في الأسبوع، وسيستمر هذا العجز لمدة عام.
ويضيف الكاتب أن من المفارقات هو أن يدفع الضعف الإيراني الجديد نحو اكتساب ترسانة نووية في محاولة لردع الخصوم الذين لا يمكن إيقافهم بخلاف ذلك. وتمتلك إيران وقودا لقنبلة، لكن المحللين الأمريكيين يعتقدون أنها لا تزال على بعد أشهر عديدة من القدرة على بناء رأس حربي يمكن حمله فوق صاروخ باليستي بعيد المدى.
وكيف نوقف تقدم إيران؟ كانت إدارة بايدن تأمل قبل بدء حرب غزة في التوصل إلى اتفاق جديد بشأن الأسلحة النووية مع إيران ليحل محل خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015. كما ناقش ترامب، حتى عندما تخلى عن خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2018، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وآخرين يتفاوضون على اتفاق أكبر وأكثر صرامة. ويقول الكاتب إنه إذا فشلت الدبلوماسية القسرية في تفكيك القدرات النووية الإيرانية، فقد تفكر إسرائيل والولايات المتحدة في عمل عسكري. لكن العديد من المنشآت النووية الإيرانية مدفونة في أعماق الأرض، وزعم المحللون أن الولايات المتحدة وحدها لديها أسلحة تقليدية كبيرة بما يكفي لتدمير تلك المخابئ.
ويأمل غالانت أن تعمل الولايات المتحدة وإسرائيل معا لمنع إيران النووية. لكنه أكد: "لدى إسرائيل الوسائل لضرب الأصول الإيرانية بطريقة دقيقة وقوية ومتطورة. إذا لزم الأمر، فلن نتردد في التصرف". إن الوقت يمضي بسرعة في إيران وأمريكا وإسرائيل والقدس. بالنسبة لجميع الصراعات التي سيرثها ترامب، قد تكون المواجهة الوشيكة بين إسرائيل وإيران الأكثر إلحاحا وخطورة.