لماذا وافق الغرب على إزالة إدانة العدوان الروسي على أوكرانيا من بيان مجموعة العشرين؟
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، أن المسؤولين الذين شاركوا في قمة مجموعة العشرين بالهند، "احتاجوا وقتا حتى منتصف ليل الجمة، قبل التوصل إلى حل وسط" بشأن الحديث عن الأزمة الأوكرانية في البيان الختامي.
وقالت الصحيفة، إنه "بعد 5 أيام من المناقشات الشاقة، وافق المندوبون الغربيون على تلك الصفقة، التي جرى وصفها من بعض المراقبين بأنها كانت بمثابة تنازل صارخ".
واتفقت الولايات المتحدة مع الاتحاد الأوروبي وحلفاء غربيون آخرون، على إزالة "إدانة الحرب" التي شنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا، من بيان الاجتماع، مقابل تعهدات من جميع دول مجموعة العشرين، بما في ذلك روسيا والصين، بـ"احترام سلامة أراضي أوكرانيا، والعمل من أجل حل عادل".
وفي هذا المنحنى، قال مدير برنامج الجنوب العالمي التابع لمعهد "كوينسي"، سارانغ شيدور: "إن هذا الحل يعتبر بمثابة تراجع كبير".
ويبدو، بحسب خبراء، أن "درجة استعداد الحلفاء الغربيين للتوصل إلى تسوية، على الرغم من غياب الرئيس الصيني، شي جين بينغ، والروسي، فلاديمير بوتين، عن القمة، سلطت الضوء على مدى حرصهم على إنقاذ مصداقية التجمع، الذي تعرض لضغوط شديدة" منذ أن غزت قوات الكرملين أوكرانيا قبل أكثر من 18 شهرا.
وقال مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي: "لو كنا سنكتب النص بأنفسنا لكان الأمر مختلفًا تمامًا.. إنها عملية بناء إجماع عالمي، وبالتالي فإذا كان ذلك يعني صياغة تسوية فسنقوم بها".
وعلى نفس المنوال، أوضح نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، جون فاينر، أن "الاقتصادات الكبرى في العالم، بما في ذلك البرازيل والهند وجنوب أفريقيا، متحدة بشأن الحاجة إلى دعم القانون الدولي، وضرورة احترام روسيا للقانون الدولي".
وأشاد كبير المفاوضين الروس بالبيان - الذي يدعو أيضًا إلى العودة إلى صفقة حبوب البحر الأسود انسحبت منها موسكو - ووصفه بأنه "متوازن".
"ليس شيئا يدعو للفخر".. أوكرانيا تنتقد إعلان قمة العشرين قالت وزارة الخارجية الأوكرانية، السبت إن الإعلان المشترك لقمة مجموعة العشرين "ليس شيئا يدعو للفخر"، منتقدة النص لعدم ذكر روسيا.ومع ذلك، دانت أوكرانيا، السبت، التحول في الخطاب، ووصفته بأنه "ليس أمرا يدعو للفخر".
ونشر المتحدث باسم وزارة الخارجية، أوليغ نيكولينكو، صورة للجزء المتعلق بأوكرانيا من الإعلان المشترك، مع شطب عدة أجزاء من النص باللون الأحمر وتصحيحها بكلمات تعكس موقف كييف، بأنها "ضحية لعدوان روسي غير مبرر".
وكتب نيكولينكو على فيسبوك: "من الواضح أن مشاركة الجانب الأوكراني في اجتماع مجموعة العشرين كانت ستسمح للمشاركين بفهم الوضع بشكل أفضل".
وعلى الرغم من خيبة أمله إزاء إعلان مجموعة العشرين بوجه عام، شكر نيكولينكو حلفاء أوكرانيا على "دورهم في الدفع بموقف كييف في الإعلان".
وأضاف: "أوكرانيا ممتنة للشركاء الذين حاولوا إدراج صيغ قوية في النص".
"مفاجأة لمودي"ووفقا لخبراء ومراقبين، فإنه بعد أن اعترفوا بأنهم "لا يستطيعون إجبار بوتين على التراجع عن الغزو بمفردهم"، فإن "إعلان نيودلهي" يمثل "الجهد الأبعد مدى من جانب واشنطن والاتحاد الأوروبي والعواصم الغربية الأخرى، لصياغة موقف مشترك مع أقوى الاقتصادات النامية في العالم".
ويعد هذا البيان أيضاً "فوزا غير متوقع إلى حد كبير لرئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي"، الذي يستعد للانتخابات البرلمانية في العام المقبل.
وأوضح محللون أن "قرار مودي بتحويل رئاسته الدورية لمجموعة العشرين إلى منصة لمدة عام، للترويج لثقافة الهند وتحقيق أهداف سياسية خارجية، وتكريس بلاده كقائدة لما يسمى بدول الجنوب النامية، قد أتى بثماره"، وفق الصحيفة.
على جدول قمة مجموعة العشرين.. 10 دول نامية في قبضة مشكلات الديون سيكون استمرار مشكلات الديون التي تواجه عددا من دول العالم النامي وتداعياتها موضوعا أساسيا خلال قمة مجموعة العشرين التي تعقد في دلهي هذا الشهر.وقال شيدور: "من الواضح أن واشنطن بذلت جهداً إضافياً لضمان عدم إحراج الهند، شريكتها المزدهرة والمقربة.. فلو أن أميركا أصرت على إدانة بوتين، لكانت هذه أول قمة لمجموعة العشرين لا يخرج عنها إعلان مشترك".
ومنذ أن بدأت الهند رئاسة مجموعة العشرين في ديسمبر، سعت مجموعات العمل المكونة من محافظي البنوك المركزية ووزراء التعليم والصحة والسياحة والإدارات الأخرى التي سبقت قمة الزعماء في نهاية هذا الأسبوع، إلى كسر الجمود بشأن التوصل إلى إعلان مشترك، خاصة أن قمة مجموعة العشرين التي انعقدت في إندونيسيا في نوفمبر الماضي، أدانت "العدوان" الروسي على أوكرانيا.
وقال دبلوماسيون غربيون إن "استعدادهم للتوصل إلى حل وسط بشأن إسقاط الإشارة إلى (العدوان) الروسي، ضمن موافقة الصين وآخرين على صياغة وقف الهجمات على البنية التحتية، والعودة إلى مبادرة (الحبوب في البحر الأسود)، والحفاظ على السلامة الإقليمية".
وقال كبير مفاوضي الهند في مجموعة العشرين، أميتاب كانت، في مؤتمر صحفي، الأحد، إن "التسوية تُظهر القدرة الكبيرة لكل من رئيس الوزراء والهند، على لم شمل جميع البلدان النامية، وجميع الأسواق الناشئة، وجميع البلدان المتقدمة والصين وروسيا وتحقيق الإجماع".
ونبه كانت إلى أن "جميع فقرات الإعلان المشترك، البالغ عددها 83 فقرة، حظيت بقبول بنسبة 100 في المائة، بما في ذلك 8 فقرات تتعلق بالقضايا الجيوسياسية".
وتمكنت الهند أيضًا من "تأمين قبول الاتحاد الأفريقي في مجموعة العشرين، والالتزام بإصلاح البنوك المتعددة الأطراف، جنبًا إلى جنب مع التقدم في تنظيم العملات المشفرة وإعادة هيكلة ديون البلدان المثقلة بالديون".
من جانبه، سعى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى التقليل من شأن التسوية في البيان، قائلاً إن مجموعة العشرين "ليست منتدى للمناقشات السياسية".
وأضاف ماكرون للصحفيين بعد القمة: "نحن هنا للحديث بشكل أساسي عن المواضيع الاقتصادية وتغير المناخ".
وأضاف: "بالطبع نحن نختلف بشأن أزمة أوكرانيا، نظرا لأن روسيا عضو في مجموعة العشرين، ومع ذلك، هذا ليس المكان الرئيسي الذي سيتم فيه حل هذه المشكلة".
وفي المقابل، أكد مندوبون غربيون آخرون، أن "التسوية التي تم التوصل إليها، ستدعم جهود بلدانهم لإقناع الدول النامية بالضغط على موسكو لإنهاء الحرب".
وأوضح مسؤ ل كبير في الاتحاد الأوروبي: "إنها ليست نهاية المناقشة.. لكنها نقطة انطلاق أخرى في الاتجاه الصحيح"، وفق الصحيفة البريطانية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: قمة مجموعة العشرین الاتحاد الأوروبی
إقرأ أيضاً:
مع قرب انتهاء حرب أوكرانيا وسقوط الأسد.. هل يؤثر ذلك على التواجد الروسي في ليبيا؟
طرحت الأنباء الواردة بخصوص قرب توقيع هدنة بين روسيا وأوكرانيا لوقف الحرب وكذلك سقوط نظام بشار الأسد في سوريا تساؤلات حول تأثير ذلك على الدور الروسي في المنطقة العربية خاصة ليبيا وما إذا كانت موسكو ستجد في ليبيا الملاذ الآمن ما يحول الأخيرة إلى بؤرة صراع دولي جديدة.
وذكرت شبكة "بلومبرج" الأمريكية نقلا عن مسئولين أوكرانيين أن "كييف تتجه نحو تسوية مريرة قد تتنازل فيها عن مساحات شاسعة لموسكو مقابل ضمانات أمنية ووقف الحرب هناك، وأن هذه التسوية ستكون برعاية وموافقة أميركية وكذلك حلف شمال الأطلسي "الناتو".
سقوط بشار الأسد
كما مثل السقوط المفاجئ لنظام بشار الأسد في سوريا ضغطا جديدا على روسيا وقواعدها العسكرية هناك، وسط توقعات بقيام موسكو بنقل قواعدها وترسانتها التسليحية إلى شواطئ ليبيا لعلاقتها الاستراتيجية مع قوات "حفتر" في شرق البلاد.
وبالفعل رصدت تقارير استخباراتية وغربية عن بدء نقل بعض هذا العتاد الروسي المخزن في سوريا إلى شرق ليبيا، وكشفت التقارير، نقلا عن مصادر عسكرية غربية وليبية، عن مغادرة طائرة شحن روسية من قاعدة حميميم الجوية السورية إلى شرق ليبيا، ليس هذا وفقط بل تم بالفعل بناء جسر جوي لتسيير طائرات شحن عسكرية بقصد نقل أصول دفاعية إلى هناك.
في حين كشف موقع “إيتاميل رادار” الإيطالي المتخصص بالملاحة الجوية، الذي التقطت أجهزته الرصدية صورا فضائية لميناء طرطوس تظهر أرصفة فارغة وسفنا روسية متمركزة في عرض البحر على بُعد 10 كيلومترات من الساحل، مشيرا إلى أنه لم يتضح حتى الآن هل يعدّ هذا الانسحاب مؤقتًا أو دائمًا، وأوصى الموقع الإيطالي بضرورة مراقبة الموانئ الروسية "الصديقة"، لتحديد وجهة الأسطول الروسي، خصوصًا ميناء طبرق في ليبيا الذي عدّه في مقدمة الموانئ التي من الممكن أن ينسحب إليها الأسطول الروسي.
فما تأثير وقف روسيا للحرب في أوكرانيا وقبله سقوط الأسد على التواجد والدور الروسي في ليبيا وفي إفريقيا عامة؟
صفقات مركبة
من جهته، قال عضو اللجنة السياسية بالمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، محمد الهادي إن "هناك صفقة مركبة تمت في سوريا وحتى الآن لم تتضح حدودها وأطرافها الأساسيين، ولعل جزء من هذه الصفقة هو سيطرة روسيا على بعض الأقاليم من أوكرانيا مقابل الخروج من سوريا".
وأشار في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن "ليبيا هي نقطة تحول وقد يكون خروج روسيا منها هو جزء آخر من الصفقة التي ذكرناها، لذا أستبعد وجود صراع بين الأطراف الدولية داخل ليبيا ولعل إبقاء الوضع كما كان هو السيناريو القادم"، وفق قوله.
نقل المعارك إلى ليبيا
في حين رأى مدير المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية "شريف عبدالله أنه "بخصوص مستقبل الصراع الروسي الأوكراني وكذلك التواجد الروسي في ليبيا أو أفريقيا عامة كلها ملفات تنتظر تحركات وخطى الإدارة الأميركية الجديدة والتسويات والصفقات التي سيقوم بها "ترامب"، المتوقع أن يرفع يده عن دعم أوكرانيا ومن ثم ستقدم الأخيرة تنازلات لموسكو".
وقال في تصريحه لـ"عربي21": "سيكون لذلك ارتدادات على ليبيا، فمن المحتمل أن تنتقل المعركة والصراع الدولي إلى الأراضي الليبية، كون التواجد الروسي في ليبيا هو تواجد خدمي أكثر منه وجودي، فروسيا تتعامل مع ليبيا كممر ومنفذ للمياه الدافئة، وأنها تشكل ضغط على الجناح الجنوبي لحلف الناتو وجنوب أوروبا، وكذلك منفذ وخط إمداد رئيسي على الصراع الموجود في أفريقيا".
وأوضح أن "الصراع سيكون على المستوى الاقتصادي والسياسي، ولدينا رؤية بالمركز الليبي للدراسات الأمنية أن جزء من التفاهمات وتقاطع المصالح بين روسيا وأميركا في تواجد روسيا في ليبيا هو جزء من السماح لوجودهم للضغط على أوروبا وجنوب أوروبا خاصة في قضايا الهجرة غير الشرعية والتهريب، وذلك لإبقاء أوروبا بحاجة إلى الحماية الأمريكية"، كما رأى.
تنازلات وانسحاب من ليبيا
الباحث الليبي وخبير العلاقات الدولية، أسامة كعبار قال من جانبه إن "القاسم المشترك بين المثلث السوري والليبي والأوكراني هي روسيا، وعليه فإن الترتيبات على أية ساحة منهم متعلقة بالتفاهمات في الساحات الأخرى، وروسيا منهكة جدا في أوكرانيا وتريد أن تنهي هذه الحرب بانتصار، على الأقل معنويا أمام دول العالم".
وبين أنه "من الواضح أن روسيا قدمت تنازلات في سوريا أملا في الحصول على تنازلات أميركية في أوكرانيا وإنهاء الحرب وفق الرغبات والمطالب الروسية، أما الساحة الليبية فلازالت غير واضحة المعالم، ليبيا مهمة جدا لروسيا من حيث كونها بوابة لأفريقيا، وحققت روسيا الكثير من المكاسب في منطقة الساحل والصحراء منذ دخولها لليبيا"، وفق تقديره.
وتابع في تصريحات لـ"عربي21": "أمريكا ترى أن هذه فرصة ذهبية لإخراج روسيا من ليبيا مقابل تفاهمات لصالح روسيا في أوكرانيا ووقف الحرب، وانتهاء الحرب في أوكرانيا مرتبط بالتواجد الروسي في ليبيا، والفرصة مواتية لأمريكا لحل هذه المعضلة بالشكل المناسب، وإجبار روسيا على الانسحاب من ليبيا"، كما يعتقد.