مرت الان ما يقارب الخمسة اشهر على هذه الحرب العبثية التي تناول كثير من المهتمين اسبابها وملابساتها والتي تتمظهر في عدة اوجه علما بان جميع اصابع الاتهام تتجه الى الطرف الثالث الذي اجج الموقف واطلق الرصاصة الاولى التي احرقت البلاد وشردت العباد واضاعت على السودان فرصة جوهرية نادرة من فرص اعادة البناء ووضع السودان في منصة الانطلاق من جديد .



هذه الحرب في هذه الاشهر الخمس منذ الخامس عشر من ابريل وحتى اليوم دمرت البنية الاقتصادية والانتاجية التي تساهم بها العاصمة التي حولتها الحرب الى محرقة والتي يقدرها اهل الاقتصاد بنسبة 40 بالمئة من الناتج القومي اي مايقارب 70 مليار دولار شملت كل الموسسات الاقتصادية والانتاجية والخدمية .
هذه الحرب افقرت اكثر من 80 بالمئة من العاملين والمنتجين خارج نطاق الخدمة المدنية والذين يعتمدون في جلب ارزاقهم على النشاط اليومي واليدوي والانتاجي والمهارات الفردية والتجارة اليومية والخدمات بالاضافة الى العاملين في الدولة في القطاعات المهنية من تعليم وصحة وخدمات وغيرها من الموظفين الذين توقفت مصادر دخلهم الوظيفية تماما دون بدائل مجزية .

هذه الحرب انتجت حالة من الغبن الاجتماعي الذي سيلعب دورا فاعلا في تمزيق النسيج الاجتماعي القومي من خلال تفعيل البعض لحالة الاحقاد والكراهية بين مكونات المجتمع وتحويلها الى عمليات نهب وسرقات وقتل وتخريب واغتصابات وانتهاكات باعثها الحقيقي التشفي غير المبرر من بعض المكونات الاجتماعية ضد بعضها نتيجة لتراكمات الدعاية السالبة الناتجة عن حالة الحروب الصغيرة والحركات الجهوية المسلحة التي استثمرت في تلك الدعاية لتعبئة المناصرين ضد المراكز الحضرية او الاوهام التي خلقتها النخب الجهوية تحت شعار جدلية الهامش والمركز وتعريف المركز بمكونات اجتماعية وسكانية معينة في الوسط والشمال وليس بسياسات او مظالم محددة الملامح . وهو مافسره كثيرون بحالة التشفي التي عان منها اهل العاصمة دون مبرر وبلا جريرة الا من الحقد الاعمى.
ولعل من اسوا تداعيات هذه الحرب انها تمثلت في بعض الظواهر والسلوكيات الفردية التي بدات تتخذ شكل الظاهرة بسبب افرازات التشريد والنزوح وبسبب الحاجة المادية الملحة للعيش في مناطق اللجوء او النزوح وهي مظاهر غير اخلاقية وتطعن في صميم القيم السودانية بسبب مظاهر الانحلال والفسوق من قبل شريحة اجتماعية تتسع يوما بعد يوم بسبب الحاجة الى المال اقلها التسول واعظمها بيع الهوى والانحلال الاخلاقي في مدن اللجوء .
هذه الحرب اضاعت على البلاد فرص جوهرية لاعادة هيبته التي اهدرت لثلاثين عام وعرضت قدراته البشرية والمهنية للتشريد والهجرة والتفكير الجاد في الاندماج في مجتمعات جديدة في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد الى خبرات ومهارات ابناءها وبناتها في شتى المجالات .
هذه الحرب جعلت السودان رهينة لقائدين عسكريين جاهلين ومتجردين من الوطنية اصبحت اهم انجازاتهما تدمير العاصمة التي حافظ عليها المستعمر وحافظ على مؤسساتها ومبانيها وقيمتها التاريخية والوطنية والمعنوية. هذه الحرب حولت قدرات البلاد العسكرية الى خردة في الطرق العامة وحولت الطرقات نفسها الى مقابر جماعية لجثث المحظيين من المدنيين الابرياء هم الذين وجدوا من يستر اجسادهم فيها .
هذه الحرب جعلت الشان السوداني بفعل مثلث الشر التي اوقد نارها من دعم سريع وجيش وكتائب متطرفين مستباحا ومبذولا على موائد العالم اقليميا ودوليا بسبب سلوكيات جهلاء مجردين من النخوة والوطنية هم وانصارهم من الفاقد الطفيلي التربوى الوطني الذي تربى على الانصياع للشمولية والانتهازية والعدوانية من دعاة الحرب والتدمير الذين لا يابهون للدمار البنيوي او الاقتصادي او الاخلاقي وليس لديهم مايقدمونه لبلادهم سوى اللايفات و البوستات والهتاف الفارغ خلف البدل العسكرية من ملاذاتهم الامنة ثم ينامون في هدوء وغيرهم من الضحايا من النساء والاطفال والشيوخ والمرضى يفترش الارض ويلتحف السماء في حدود تشاد واثيوبيا وعلى المعابر بعد ان شردوا من منازلهم ولم يجدوا من يحميهم لا امن ولا شرطة ولا جيش عجز حتى عن حماية مقراته.
هذه مقدمة بسيطة عن تداعيات هذه الحرب العبثية التي توجب ايجاد مخرج تفاوضي لا يعفي من العقوبة على كل الانتهاكات والجرائم لكننا بحاجة ملحة الى وقف هذه الحرب اللعينة لوقف الانهيار وزوال الدولة فقط لتلتقط البلاد انفاسها وياخذ هذا الشعب المشرد دوره في محاسبة ومعاقبة المسؤولين عن هذا الدمار والخراب من عسكريين ومدنيين ومليشيات وحركات مسلحة وكل الانتهازيين الجهويين الذي حولوا اهاليهم الى سلعة يقتاتون منها ويثرون على حسابها محاسبة ومعاقبة وفق القانون وبدعم الارادة الشعبية الجامعة وبدعم العالم والضمير الانساني الحي لتخرج بلادنا من دوامة البنادق والعسكر الذين لم يورثوا بلادنا الا القتل والدمار والماسي وتعطيل التقدم والتطور والنماء .
///////////////////
//////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

الحبس 6 أشهر بحق كاتب “مقرب من السوداني”

30 سبتمبر، 2024

بغداد/المسلة: أعلن النائب مصطفى جبار سند، اليوم الاثنين، صدور حكم قضائي بالحبس 6 اشهر بحق الكاتب اياد السماوي والمقرب من حكومة السوداني.

وقال سند في تغريدة ان جلسة الحكم على السماوي انتهت وتم صدور حكم بالحبس 6 اشهر على خلفية الدعوى المقامة من قبل رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي والنائب مصطفى سند ورئيس إدارة مفوضية الانتخابات الأسبق مقداد الشريفي.

وفي مطلع أيلول الجاري قامت محكمة جنح الكرخ بتكفيل اياد السماوي بمبلغ 5 ملايين دينار، فيما لم تكشف تفاصيل الدعوى القضائية واسبابها، لكن منصات في التواصل الاجتماعي تناقلت رسائل للسماوي في احدى مجاميع الواتساب فيها تهجم على بعض الشخصيات المعارضة للسوداني.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • اقتصاد لبنان المنهار في قبضة الحرب
  • ما هي خسائر فلسطين وإسرائيل الاقتصادية بعد عام على حرب غزة؟
  • عام على حرب غزة.. تداعيات اقتصادية ثقيلة على إسرائيل والعرب
  • وزير البيئة اللبناني: مصر من أولى الدول التي سارعت لدعم البلاد
  • رئيس الوزراء: تصاعد التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة يفرض ظرفًا استثنائيًا يلقي بظلال تأثيراته على الأوضاع الاقتصادية لبلدان المنطقة
  • أبرز الفنانين الذين تناولوا نصر 6 أكتوبر (تقرير)
  • تداعيات الحرب الإسرائيلية
  • من هي الإعلامية صفاء أحمد التي قتلتها غارة إسرائيلية؟
  • هل تنهي الوساطة الخارجية أزمة البنك المركزي في ليبيا التي أدت إلى خفض إنتاج البلاد من النفط؟
  • الحبس 6 أشهر بحق كاتب “مقرب من السوداني”