الحركة الاسلامية تدفع بالسودان الي حروب ابادة انتحارية وانتقامية
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
لقد حكمت الحركة الاسلامية السودان علي مدي ثلاثين عام بالحديد والنار والغصب والاكراه والافقار والاذلال والقمع والتعذيب وحروب الابادة باسم الله وشريعة الاسلام .
في الوقت الذي خلق فيه الله الارض والسماوات والناس باعمار واجال محسوبة لغايات محددة ارادها الله لعباده فما الذي يتبقي من عمر الانسان الافتراضي اذا اقتطع منه ثلاثين عام يمضيها في الشتات والعذاب ووقف الحال كما حدث لشعب السودان منذ الثلاثين من يونيو 1989 وحتي يومنا هذا.
وليت الامر توقف علي العناوين الرئيسية السالف ذكرها عن ماحدث للناس في السودان فقد تمخض الامر في الختام عن الحرب الراهنة التي خطط لها واشعل فتيلها واطلق الرصاصة الاولي فيها فلول النظام الاخواني السابق حقدا وانتقاما من الشعب السوداني الذي اذلهم واسقط نظامهم ووجدوا في طريقهم صنيعتهم التي استخدموها لسنين طويلة كذراع عسكري باطش لحماية النظام ممثلا في قوات الدعم السريع واعتقدوا بقدرتهم علي ازاحة الميليشيا الصديقة من علي طريقهم نحو السلطة وابعادها من مسرح الاحداث السياسية بصورة كلية بعد ان اصبحت تنافسهم وتنازعهم علي الثروة والسلطة وموارد البلاد واعتقدوا بسهولة ذلك الامر علي اعتقاد منهم انهم يملكون مفاتيح العملية ويعلمون بظروف وملابسات تاسيس تلك القوات وكل المعلومات الفنية والاستخبارية ذات الصلة بذلك وفي لحظة قدرية اعمي الله فيها بصرهم وبصيرتهم ادخلوا انفسهم في عش تلك الدبابير الصحرواية التي اذاقت هولاء المتاسلمين الوان من الذل والهوان وادبتهم " ادب المدائح " كما يقولون ففقدوا صوابهم واصبحوا يتخبطون بعد ان تسربت من ايديهم القيادات والوحدات العسكرية في العاصمة القومية للبلاد واحدة بعد الاخري ولاتزال الساقية تدور والمؤسف في الامر هو سقوط اعداد كبيرة من جنود الجيش السوداني الابرياء المنهكين الذين انخرطوا في سلك الجندية من اجل توفير الحد الادني من لقمة العيش لهم ولذويهم من الذين تم الزج بهم في تلك الحرب وفي مرمي النيران دون ارادتهم او علمهم بطبيعة واهداف ومرامي الحرب التي يقاتلون ويقتلون فيها.
مايجري في السودان اليوم من حرب ودمار عمل من صنع وادارة الحركة الاسلامية السودانية ولاعلاقة للبرهان ومن معه من بعض العسكر والجنرالات بادارة هذه الحرب وتحديد اهدافها والوسائل المستخدمة فيها غير تكبد المشاق بالظهور والتحرك والتحدث في مسرح اعد لهم والقيام بالدور المطلوب منهم في هذا الصدد ومنذ متي كان الجيش السوداني يقوم باستخدام الطيران في قصف اهداف داخل الخرطوم اثناء الازمات والتحولات السياسية والانقلابات والصراعات علي السلطة.
والامر ليس افتراء او رجم بالغيب واذا ما تم اخضاع كل ماحدث ويحدث في السودان اليوم الي اي تحقيق قانوني مهني مستقل فسيتضح وبالادلة المادية القاطعة صحة مانقول من ان الجنرال البرهان ومن معه كانوا مجرد ادوات استخدمت بواسطة غرفة عمليات الحرب المركزية في الحركة الاسلامية .
اربعة اشهر بالتمام والكمال مضت علي حرب الابادة الصامتة التي يشنها الاسلاميين علي قوات الدعم السريع وهم يستخدمون الطيران دون رحمة في الحرق والقتل ولاحديث عن اعداد القتلي الذين سقطوا بالنيران والهجمات الجوية الطائشة ولا البعض الذين لفظوا انفاسهم بالجوع او علي اسرة المرض ولا الملايين الهائمة بين حدود الدول وفي داخل مدن وعواصم الجوار من الذين اصبحوا يتسولون في اشارات المرور وفي الشوارع باختصار هذا هو الذي صنعة الاسلاميين بالسودان وشعبة اليوم بطريقة جعلت كل العهود السابقة لكل من حكموا السودان ذكري عطرة وطيبة بمافيها الحكومات التي اسقطها الشعب السوداني في انتفاضات وثورات شعبية وليس كذلك فقط فحتي الغزاة والمحتلين الانجليز الذين خاضوا في دماء المقاومين السودانيين لم يصلوا الي هذه الدرجة من الاحقاد والضغاين الانتقامية في تعاملهم مع السودانيين .
والامر اصبح اوضح من الشمس ووقف الحرب الراهنة في السودان امر اصبح من رابع المستحيلات بدون توفر ارادة وضغوط تستخدم فيها نصوص القوانين الدولية والانسانية التي طالما تعطلت في اجزاء اخري من العالم تحولت تدريجيا الي مدن اشباح ومقابر جماعية.
يجب ان يتوحد السودانيين في كل مكان من اجل انقاذ بلادهم ما استطاعوا الي ذلك سبيلا من اجل مطلب واحد هو وقف الحرب اولا وقيام تحقيق قانوني وطني باشراف ودعم وتفويض دولي لمعرفة حقيقة ما حدث وكيف ولماذا ..
علي ان يتبع ذلك تدخل دولي لحماية المدنيين في العاصمة السودانية وبعض اجزاء اقليم دارفور وتاجيل الصراع واي مفاوضات سياسية حول مستقبل الحكم الي اجل مسمي بعد ان يستتب الامن ويتم انقاذ الضحايا ورفع الانقاض عن المرافق الحيوية من المطارات والطرق والكباري والمستشفيات .
وحدوث كل ذلك يحتاج الي قرارات دولية ملزمة ومحمية بقوة القانون الدولي والي تفويض من الضحايا انفسهم ممثلين في جموع الشعب السوداني داخل وخارج البلاد من الذين يجب ان يصل صوتهم الي من يهمهم الامر في منظمة الامم المتحدة والدوائر الاقليمية والدولية وليس في الامر متسع من الوقت لان ماتعرف باسم الحركة الاسلامية السودانية بعد ان انتقلت الي ادارة البلاد من خارج العاصمة السودانية لاعادة ترتيب اوراقها والتحرك بحرية اكثر في محاولات يائسة وفاشلة للتواصل مع العالم الخارجي قد اتجهت في هذه اللحظات وبكل وضوح الي الدفع بالبلاد الي حروب ابادة انتحارية بلاتوقف ستقضي علي الاخضر واليابس وماتبقي من الانفس والثمرات فيما كان يعرف بالسودان مالم يتم اعتراض الامر بمبادرات من ملايين السودانيين افرادا وجماعات داخل وخارج البلاد من اجل صدور قرارات دولية لانقاذ مايمكن انقاذه في السودان من بشر ومرافق .
" وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (١٥٦) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ"
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرکة الاسلامیة فی السودان بعد ان من اجل
إقرأ أيضاً:
الموت بالوكالة: كيف صار الشعب السوداني رهينةً لسلطتين قاتلتين؟
في البدء، كان الحلم هشًّا، يتنازعه الواقع والممكن، بين دولة لا يحكمها العقل وجيوش يحكمها الرعب. لم يكن السودان يومًا استثناءً في سياق التراجيديا التاريخية التي صنعتها الجيوشُ العربية منذ أن تحولت من مؤسساتٍ وظيفية إلى كياناتٍ فوق الدولة، تمارس السلطة دون مساءلة، وتحكم دون أن تُحاكم.
لكن في هذا البلد، كان للعسكر وجوهٌ كثيرة، كلٌّ منها أكثر فتكًا من الآخر، حتى أصبح المواطن السوداني، ذاك الكائن المعذَّب، رهينَ طاحونةٍ تدور برؤوسٍ متشابكة، إحداها الجيش الذي خنق الدولة منذ 1956، والأخرى مليشيا خرجت من رحم التوحش وصارت قوة تنازع الطاغية ذاته على سلطانه، في مشهد عبثي تتداخل فيه الأدوار بين الجلاد والضحية، حتى بات الوطن كله رهينةً بين المطرقة والسندان.
بدأت السردية القاتلة منذ أن استيقظ السودان المستقل على حقيقة أنه لم يُخلق ليحكم نفسه، بل ليكون حقلَ تجاربٍ لأوهام الضباطِ الذين قرأوا نصفَ كتبِ القوميةِ العربية، وظنوا أن الشعب صفحةٌ بيضاءُ قابلةٌ لإعادة التشكيل وفق أوامرِ القيادةِ العامة.
الفريق عبود، أول الطغاة، جاء كظلالٍ ممتدة لجيوشِ ما بعد الاستعمار، حيث لم يكن الاستقلالُ سوى قناعٍ رثٍ لاستعمارٍ داخلي أكثر فجاجة. ثم تلاهُ نُميري، العائد من شطحاتِ البعثِ الماركسي إلى خرافاتِ الهوسِ الديني، في مسيرةٍ عكست هشاشةَ السرديات التي حاول العسكرُ تسويقها، والتي انتهت إلى أن الشعب ليس سوى متغيرٍ ثانوي في معادلة الحكم.
لكن اللعبةَ الأكثر فجاجةً كانت في 1989، حين اختُزلت الدولةُ في معادلةٍ وحيدة: الإسلاميون والجيشُ كيانٌ واحد، والحربُ على المواطنِ أصبحت معركةَ استئصالٍ مفتوحة.
هنا، بدأ الجيش في التحول إلى عصبةٍ متآمرة، حيث لم يعد مجردَ قوةٍ تحكم باسم الدولة، بل صار جهازًا أيديولوجيًا يعمل لتصفية أي مشروعٍ خارج ثنائية “الطاغية المخلص” و”العدو الوجودي”. كانت الإنقاذُ لحظةَ التحامِ القمعِ المقدسِ مع السلاحِ الدنيوي، حيث أصبح الوطنُ مجردَ ساحةٍ تُعادُ هندستها وفق أوهامِ البقاءِ الأبدي.
في تلك اللحظة، وُلدت المليشيات.
وجيف الخطى الأولى ظهرت في دارفور، حيث اختُزلت الدولةُ في معسكراتِ الموت، وتحولت الجيوشُ النظاميةُ إلى أشباحٍ تراقبُ المذابح من بعيد. ومن رماد الجنجويد، خرجت قوات الدعم السريع، كظلٍّ كثيفٍ لنظامٍ أفرط في صناعة الوحوش، حتى كادَ يُبتلع بها.
حميدتي، بائع الإبل الذي صعد من ثقافة الغزو البدائي، أصبح رجل الدولة بامتياز، في استعارةٍ فظةٍ لصعود العوامِ المسلحين في الإمبراطورياتِ الآفلة. هنا، لم يكن الصراعُ مجردَ لعبةِ سلطة، بل كان إعادةَ توزيعٍ للقوةِ خارج أطرها التقليدية، حيث أصبح الموتُ رأسمالًا قابلًا للمساومة، وصارت الحربُ استثمارًا مفتوحًا، بمدخلاتِ الذهبِ ومخرجاتِ الخراب.
حين انفجرت الحرب في 15 أبريل 2023، لم تكن سوى لحظةٍ حتمية في سياقٍ بدأ منذ أن تخلّى الجيشُ عن كونهِ مؤسسةً وطنية، وأصبح مجردَ أداةٍ لصناعةِ الطغاة. لكنها كانت أيضًا إعلانًا لانهيارِ النموذجِ نفسه، حيث لم يعد بالإمكان إخفاءُ هشاشةِ الدولةِ خلفَ أستارِ البيروقراطيةِ العسكرية. الجيشُ الذي كان يُراد له أن يكون درعَ الدولة، أصبح شبحًا يتآكل من داخله، والدعمُ السريع، الذي أُنشئ كأداةِ قمع، أصبح دولةً صغيرة داخل الدولة، حتى خرجت الأمور عن نطاق السيطرة.
لا شيء يعبر عن هذه اللحظة أكثر من أصواتِ الخرطومِ المنكوبة، حيث تحوّلت المدينة إلى أطلالٍ تتردد فيها أصداءُ الأسئلة التي لم تجد إجابة: من يحكمُ السودان؟ هل هو الجيشُ الذي صار ظلًّا لنفسه؟ أم المليشياتُ التي خرجت من رحمِ الفوضى وأصبحت القوةَ الوحيدةَ القادرةَ على فرضِ معادلاتها؟ أم أن البلادَ محكومةٌ بمنطقِ الحربِ الدائمة، حيث الدولةُ مجردُ مرحلةٍ عابرة بين معركتين؟
إذا كان ماركس قد تحدث عن “الدولة كأداةٍ للقمع الطبقي”، فإن السودان يقدم نموذجًا أكثر تعقيدًا، حيث الدولةُ لم تعد موجودةً أصلًا، والقمعُ أصبح مُوزّعًا بين عدةِ أقطابٍ، كلٌّ منها يحاولُ أن يؤسسَ روايتهُ الخاصة.
الأمر ليس صراعًا بين سلطةٍ وشعب، بل بين عدةِ سلطاتٍ، كلٌّ منها ترى في الشعب مادةً خامًا لإعادةِ التشكيل.
هذا ما يُفسرُ لماذا تحولت المليشياتُ إلى كياناتٍ اقتصاديةٍ ضخمة، ولماذا أصبح الجيشُ نفسه طرفًا في تجارةِ الحرب، حيث لا أحد يرغبُ في إنهاءِ النزاع، لأن النزاع ذاتهُ أصبح مصدرَ الشرعيةِ الوحيد.
لكن المأساةَ الحقيقية ليست في القتلةِ فحسب، بل في الذين ما زالوا يبحثون عن تبريرٍ أخلاقي لهذه الفوضى. هنا، تأتي السردياتُ التي تحاولُ اختزالَ الأمرِ في “حربٍ بين معسكرين”، وكأن هناك حقًا معسكرًا يمثلُ الشعب. الحقيقةُ أن الشعبَ السوداني، الذي ظلَّ لعقودٍ محاصرًا بين الطغاةِ والجلادين، لم يعد طرفًا في المعادلة. لقد صار مادةً للفرجةِ في مسرحيةٍ دمويةٍ تُعيد إنتاج نفسها بوجوهٍ مختلفة، لكنها تحتفظُ بالحبكةِ ذاتها: الوهمُ، القمع، ثم السقوط.
عبد الخالق محجوب، الذي قُتل لأنه رفض أن يرى في الجيشِ حليفًا، كان يُدركُ أن العسكرَ لا يصنعون الثورات، بل يُجهضونها. غرامشي، الذي تحدث عن “الهيمنة” كأداةٍ لصياغةِ الوعي، كان ليجدَ في السودانِ نموذجًا فريدًا لهيمنةٍ لم تُصنع عبر الأفكار، بل عبر الرصاص. وبين هذا وذاك، يظل المواطنُ السوداني، الذي اعتاد أن يكون مشروعَ شهيد، في انتظارِ أن يسألهُ أحدهم: متى تُريدُ أن تكونَ مواطنًا كاملَ الحقوق؟
لكن لا أحد يسألُ هذا السؤال، لأن في السودان، كما في كل الدول التي سقطت في قبضةِ العسكر، السؤالُ الوحيدُ الذي يُسمعُ دائمًا هو: لمن السلطة؟ وما دامت الإجابةُ تأتي بالسلاح، فإن المواطنَ لن يكونَ سوى صدىً للأقدامِ التي تجوبُ الخرطوم، بحثًا عن غنيمةٍ جديدة.
zoolsaay@yahoo.com