فشل المشروع (الإسلاموي) وتحديات تأسيس الدولة المدنية بالسودان (2)
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
الحلقة رقم (2)
الجبهة المدنية للسلم وحوافز إنهاء القتال:
كنا قد اشرنا في الحلقة رقم (1) إلى الانتهاكات الخطيرة في حق السودانيين التي ارتكبتها الجماعة المتأسلمة باسم القوات المسلحة وكل اجهزة الدولة الأخرى بما في ذلك الدعم السريع والذي هو كما اشرنا سابقاً هو صنيعة الجماعة وتتحمل كل جرائمة المتقدمة واللاحقة وهو لم يأت بالفظائع الأخيرة من خياله، بل نتيجة التدريب والممارسة اليومية وفق ما أتاحته له قوانين الدولة المُجَيَّرة مسبقاً لصالح تأسيسه واستمراريته، وبناءً على ذلك فقد بات ضرورياً التأكيد على ما يلي:
(أولاً) إن جماعة المتأسلمين الإرهابية هي التي صنعت مليشيات الدعم السريع والجنجويد الإرهابية وأن أوجه الشبه بينهما أكبر من أوجه الإختلاف وما كان ذلك إلا نتاج سفاح ملعون لوحش المتاسلمين الشيطاني الذي يتقلب في وحل الخبث وسوء الظن العريض وتعفن السريرة والحقد على المجتمع السوداني الذي نبذ حكمهم وتقدمهم لقيادة نفسه في ثورة شهد العالم بسلميتها طيلة الخمسة أشهر الأولى من عمرها منذ تفجرها في ديسمبر 2018 وحتى انتصارها المسروق في أبريل 2019 ثم وبعد ذلك حتى إنقلابهم على الوثيقة الدستورية في 25 أكتوبر 2021 وحتى يومنا هذا، ومتوقع في أي سانحة أن تلتقي مصالح المتأسلمين والدعم السريع مرات ومرات طالما تجمعهم كراهية هذا الشعب ورفضهم الأبدي لدولة العدالة والحرية والسلام متى ما أتاح هامش المناورة للإفلات من العقاب أو سنحت فرصة لتأمين خروج (الجمل بما حمل) إلى حيث الاستمتاع بالصيد الثمين.
(ثانياً) إن قيادة الجيش ومليشياته الحالية مستلبة الإرادة وقد حال بينهما وبين الشعب السوداني إسفين المتأسلمين بجانب تدخل المخابرات الإقليمية والدولية وكلا الأمرين قد جعلا من هذه القيادات :
أ) تجار أزمات لا حماة وطن، تمدد نشاطهم التجاري بعيداً ليشمل المتاجرة بقوت الشعب وموارده (80% من الإقتصاد السوداني تتحكم فيه القوات المسلحة)،
بل تعداه وللأسف ليشمل حتى المخدرات والسموم بغية تغييب شباب السودان مفجر ثورة ديسمبر العظيمة والرافض لمشروعهم الفاشل.
ب) عملاء للمخابرات الأجنبية لا وطنيين أحرار يتلقون تعليماتهم مباشرة من المخابرات الأجنبية بدلاً من الرجوع لممثلي الشعب ومؤسساته المؤتمنة على سلامة أراضيه وأمنه القومي كالبرلمان المنتخب والجامعات ومراكز البحث الوطنية الموثوقة ونحوها.
ت) مرتزقة حروب لا جند مهنيين حين اُستأجروا للقتال خارج أرض الوطن (اليمن، ليبيا، افريقيا الوسطى ....) وفي قضايا لاتمت لشعب السودان بأية صلة إنما طمعاً في الإرتزاق والتكسب ضاربين بسمعة الشعب السوداني الزاهية عرض الحائط.
ث) طلاب سلطة لا حماة دستور مثلهم مثل اي حزب سياسي لا يمثلون قومية الوطن وعهد التأسيس وعقيدة الجيش المدعاة وقسم ولائه المزعوم (انقلابات متكررة منذ الإستقلال وحتى آخرها في 25 أكتوبر 2021).
ج) خونة عهود لا يرعون إلاًّ ولا ذمة، فكلما وقَّعُوا عهداً مع ممثلي الشعب، نقضُوه طالما لم يُرضي ذلك جماعة المتأسلمين (....... الوثيقة الدستورية الإتفاق الإطاري، .........).
د) سقف طموحاتهم الرغائبية لا تحده حدود حتى لو لامس تخوم السلم الأهلي وتجاوزه إلى حيث مهددات الوحدة الوطنية أوتسارع فلكياً نحو الحرب الأهلية، لا يشكمهم حتى الاستقواء بالمحاور الإقليمية والصهيونية العالمية (اتفاقيات التطبيع بين قائد الجيش وإسرائيل) والاستقواء بقدامى المستعمرين والاستعداد حتى لخوض الحروب الإقليمية نيابة عنهم.
ه) لا تربطهم بشعب السودان روابط الولاء والإحترام ويشهد بذلك تاريخهم في التعاطي العنيف والمدمر مع انتفاضات الشعب السوداني المتلاحقة والمتكررة في كافة اصقاع الوطن ومركزه وذلك بولوغهم في سحق الشعب في الخرطوم وبورتسودان وكجبار وكافة هوامش السودان الدامية والمترامية الأطراف (مجازر هيبان وكادقلي ولقاوة وغيرها من جبال النوبة والعديد من مدن وقرى دارفور)
وعلى إستعداد للتمادي في تقبل انقسامات الجيش على أسس عرقية وجهوية وقبلية حتى إن أوصل ذلك كل الوطن إلى لُجَّة الحرب الأهلية طالما السلطة بيدهم.
(ثالثاً) ضرورة إيقاف الحرب الدائرة فوراً وتفكيك خطاب الاستنفار القبلي والأهلي والعنصري والجهوي المتطرف وتجريمه وهذا يستوجب:
:(I)
تأسيس وتعزيز وتوسيع جبهة السلم المدني العريضة الداعية للسلام والرافضة للحرب من عموم شعب السودان وذلك بافساح المجال لإجماع الفاعلين المدنيين السلميين بالتواصل مع الحركات السياسية في مناطق الحرب (المناطق الثلاث خارج سلام جوبا) والتأكيد على ضرورة انتظامها في المشاركة بإيجاد مخرج سياسي سلمي يحقق إجماع غير مسبوق للمضى نحو تأسيسٍ ثانٍ للدولة السودانية على هدي الإجماع الوطني وإحترام حقوق الإنسان.
:(II)
الدفع للأمام بمجهودات المبادرة السعودية- الأمريكية والإفريقية واستمالة جوار السودان الأقرب لدعمها بما يطمن مخاوف الجوار الأمنية والإقتصادية.
:(III)
استعجال معالجة الوضع الإنساني القاهر والمرير في مختلف ميادين القتال وإدانة كافة أشكال الإنتهاكات من طرفي القتال.
:(IV)
كشف وإيقاف وتجريم جميع محاولات التدخل الخارجي في شئون السودان وفي الحرب الدائرة فيه واستباق التدخل الأممي بقبول الحل السلمي والسياسي.
(رابعاً) استئناف العملية السياسية تحت رعاية المبادرة الجارية ( منبر جدة) بمبدأ جديد هو تأسيس دولة مدنية محترمة قابلة للاستمرار تستوجب إقامة العدالة والمحاسبة بإشراك كل اقاليم البلاد وجبهاتها المستعرة في شأن التأسيس هذا باستثناء المجموعات الإرهابية والإجرامية التي لم تثبت حتى اللحظة تبرئتهم بالقانون طالما عرقلت القيادة الانقلابية محاكماتهم طيلة سنوات الانتقال المتعثرة ولا زالت معظم القضايا الجنائية المرفوعة ضدهم طي أضابير المكاتب عند المدعي العام داخل السودان وخارجه .
إن شعار نعم للسلام ولا للحرب هو موقف مبدئي نابع من إختيار طريق الحوار لحل كافة القضايا الخلافية في السودان بغية الحفاظ على الإنتقال الديمقراطي ووصولاً لإنتخابات حرة نزيهة ومعترف بها داخلياً ودولياً ومن ثم قيام جمعية تأسيسية مكتملة ولأول مرة من كافة ممثلي الشعب السوداني، تستطيع أن تتناول كافة قضايا وهموم الشعب السوداني وتؤسس لتداول سلمي للسلطة ودستور دائم لحكم السودان.
وقد كان سهلاً على مجموعة الإنقلابيين أن يدمغوا دعاة نعم للسلام ولا للحرب بالانحياز لطرف دون الآخر، لأنهم يرون في استمرار الحرب خلاصهم من المشانق لا خلاص الوطن من آثامهم وإجرامهم وقيودهم. فكأن من يحاصرون الانقلابيين بالسلمية ومبدأ الحوار يعرقلون الخطة الأخيرة للجماعة المتأسلمة في الفرار من المحاكمات الحتمية جراء ما اغترفوا من جرائم لا توفيها الكتابة كامل حقيقتها، وستكشف للعالم بؤس الجماعة وإرهابهم وخيانتهم وعمالتهم وخيباتهم المتأصلة.
إن تردد بعض القوى السياسية المدنية في تشكيل الجبهة المدنية العريضة للسلم والتحول الديمقراطي قد أضر كثيراً بالشعب السوداني وسمح للدعاية الإخوانية بإختراق بعض المجموعات السكانية في المدن والأرياف وتجييشهم للحرب إلى جانب فصيل مليشيات المتأسلمين وفي المقابل سمح للدعم السريع بالتحرك داخل التشكيلات القبلية على إمتداد تواجد الحواضن العرقية لقادتهم داخل وخارج السودان بإذكاء نار الاصطفاف وتسعير الحرب الأمر الذي فاقم من معاناة سكان الخرطوم والجنينة والأبيض وبعض مدن وبلدات السودان التي كانت مسرحاً للقتال كما وفاقم الوضع المعيشي لمعظم الشعب السوداني في المدن والقرى التي استجارت النازحين من ويلات الحرب.
وقد بات من الضروري تجريم كل من ساهم في استمرار الحرب واستمرار معاناة المدنيين في كافة جبهات القتال.
وعلى القوى المدنية والسياسية ذات المصلحة في توقف الحرب أن تجعل كل قواعدها منصات لانطلاق حملات متنوعة وواسعة داخل وخارج السودان بالدعوة لايقاف الحرب وتفعيل شعار نعم للسلام ولا للحرب وذلك بتبني الفعاليات التالية:
1) تسيير المواكب الرافضة للحرب في المدن والقرى البعيدة من جبهات القتال وفي أماكن تواجد السودانيين بالخارج وكشف معاناة المدنيين في هذه الحرب وحث العالم على القيام بدوره في المساعدة والضغط على الاطراف المتحاربة لإيقاف الحرب والجلوس للتفاوض بغية إيجاد مخرج لانقاذ المدنيين من ويلات الحرب الكارثية.
2) الإسراع بتكوين جماعات ضغط سياسية ونقابية وأهلية داخل وخارج السودان تتبنى شعار إقامة السلام وإيقاف الحرب.
3) على القوى المدنية أن تدعم المبادرة السعودية الأميركية ومنبر جدة لوقف اطلاق النار وإعداد مشروع متكامل للتدخل الانساني يعقبه مشروع متقدم وجامع يمهد للعملية السياسية يُقَدَّم لرعاة المنبر.
4) وعليهم أيضاً ارسال وفود لجوار السودان والمنظمات الإقليمية كالإيقاد والإتحاد الإفريقي والمنظمات الأممية كمجلس الأمن والمحكمة الجنائية لشرح وجهة نظر الشعب السوداني الرافض لحل القضايا الخلافية عبر البندقية ورغبته في الحرية والعدالة والسلم.
5) محاصرة المجموعات المتأسلمة الإرهابية والمليشيات العابرة للحدود باستصدار قوانين دولية تجرم الإرهاب وإرتكاب الجرائم ذات الطابع الجنائي وجرائم الإبادة بحق المدنيين وتجنيد الاطفال واحتلال المساكن ودور العلاج والجامعات ودور العلم والعبادة ومحاصرة المدن.
6) كشف دور المجموعات التي ساندت الانقلاب على الانتقال من قوى مسلحة أو مدنية بجانب المتأسلمين ومليشياتهم وفضح دورها في استمرار الحرب وعلاقاتها بالمحاور الإقليمية والمخابرات الأجنبية والعمل على عزلها داخلياً ومحاكمتها بالقوانين وتجفيف مصادر تمويلها وذلك بسن قوانين مكافحة الإرهاب والتخابر مع الأجانب والتجسس والتورط في جرائم الحرب والفساد المالي والإداري والكسب غير المشروع.
7) الإسراع بإعداد خطة برنامج إسعافي إنساني متكامل بالتعاون مع المنظمات الدولية وتحديد ساعة صفر صادقة تتزامن مع نجاح المبادرة السعودية الأميركية بجدة من أجل التدخل والوصول للمتضررين بأقصى سرعة لتدارك الموقف الكارثي على الأرض،
8) في حال تشكيل الجبهة المدنية العريضة للسلم من غالب أهل السودان وقواه الرافضة للمشروع الإسلاموي المقبور ، فإن عليها الجلوس للبحث في مستقبل الوطن السياسي وتقديم الحوافز المناسبة لكل من تثبت رغبته في الحوار والسلم، من أجل المصالحة الوطنية الشاملة لكافة أبناء السودان سواء في المدن والأرياف التي انتفضت على نظام الكيزان في ديسمبر المجيد أو في مناطق الكفاح المسلح في جبال النوبة والنيل الأزرق وجبل مرة على أن يكون للأخيرة دور رئيس في صياغة اهداف الجبهة المدنية للسلم والمشاركة في اعداد المشروع السياسي القادم والذي سيعقب نجاح منبر جدة لوقف اطلاق النار الدائم.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الجبهة المدنیة الشعب السودانی فی المدن
إقرأ أيضاً:
الفن التشكيلي السوداني- النشأة، الرواد، ومدرسة التشكيل السودانية لمحة
الفن التشكيلي السودانين- قراءة معاصرة لإحياء الحوار
ليس هذا المقال توثيقًا تقليديًا لمسيرة الفن التشكيلي في السودان، بل هو محاولة لإعادة قراءته بعيون أكثر معاصرة، تفتح أفقًا جديدًا للحوار حول تطوره ودلالاته في سياقنا الراهن. فالفن التشكيلي السوداني، بتنوع مدارسه وأساليبه، لم يكن يومًا مجرد انعكاس بصري للواقع، بل ظل فضاءً للتعبير عن الهوية والتاريخ والتجربة الإنسانية. وفي ظل التحولات التي شهدها السودان، يصبح من الضروري استكشاف كيف تفاعل هذا الفن مع التغيرات الثقافية والسياسية والاجتماعية، وكيف يمكن أن يكون بوابة لإعادة التفكير في مفاهيم الجمال والانتماء والإبداع.
يُعتبر الفن التشكيلي السوداني واحدًا من أكثر التجارب الفنية إثارة في أفريقيا والعالم العربي، حيث يجمع بين الأصالة الأفريقية والتراث الإسلامي والعربي، مع تأثيرات حديثة ومعاصرة. بدأ الفن التشكيلي السوداني في التبلور في منتصف القرن العشرين، وتطور ليصبح مدرسة فنية مميزة تعكس الهوية الثقافية السودانية بكل تنوعها وتعقيداتها.
بدايات الفن التشكيلي السوداني
بدأ الفن التشكيلي السوداني بشكل رسمي في الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين، مع تأسيس كلية الفنون الجميلة والتطبيقية في الخرطوم عام 1946. كانت هذه الكلية أول مؤسسة أكاديمية تُعنى بتدريس الفنون في السودان، وقد لعبت دورًا محوريًا في تشكيل الحركة الفنية السودانية.
قبل ذلك، كانت الفنون في السودان تعتمد بشكل رئيسي على الفنون الشعبية والحرف التقليدية، مثل النقش على الخشب، والرسم على الجدران، وصناعة الفخار، والتي كانت تعكس الثقافة المحلية والتراث الأفريقي. كما تأثر الفن السوداني بالفنون الإسلامية والزخرفة العربية، وهو ما ظهر في التصاميم الهندسية والخطوط التي تزين العمارة التقليدية. ومع دخول الاستعمار البريطاني، بدأت التأثيرات الأوروبية في الظهور، مما أدى إلى ظهور فن تشكيلي حديث يدمج بين المحلي والعالمي.
رواد الفن التشكيلي السوداني
حسين جمعان (1915-1986)
يُعتبر حسين جمعان أبو الفن التشكيلي السوداني، حيث كان أول فنان سوداني يدرس الفن في الخارج (في كلية سليد للفنون في لندن). أعماله تتميز بالجمع بين الأسلوب الأكاديمي الأوروبي والموضوعات السودانية المحلية، مثل الحياة الريفية والطبيعة.
إبراهيم الصلحي (مواليد 1930)
يُعتبر إبراهيم الصلحي أحد أشهر الفنانين السودانيين على مستوى العالم. بدأ مسيرته الفنية في الخمسينيات، وتأثر بالفن الإسلامي والخط العربي، بالإضافة إلى الفن الأفريقي التقليدي. أعماله تتميز باستخدام الخطوط الهندسية والألوان الأرضية، ويعتبر من مؤسسي "مدرسة الخرطوم".
أحمد شبرين (1931-2017)
كان أحمد شبرين من أوائل الفنانين الذين درسوا الفن في السودان وخارجه. تتميز أعماله بالتركيز على الإنسان السوداني وثقافته، مع استخدام الألوان الزاهية والخطوط الواضحة.
كمالا إبراهيم إسحق (مواليد 1939)
تُعتبر كمالا إبراهيم إسحق من أبرز الفنانات السودانيات، وقد ساهمت في تطوير الفن النسوي في السودان. أعمالها تتميز بالتركيز على قضايا المرأة والهوية الثقافية.
رواد آخرون
بالإضافة إلى هؤلاء، برز فنانون مثل شفيق دهب، راشد دياب، ومحمد عمر خليل ومحمد المهدي الغبشاوي وهو خزاف وهؤلاء الذين لعبوا دورًا في تطوير الفن التشكيلي السوداني ونقله إلى الساحة العالمية، حيث مزجوا بين التأثيرات المحلية والتوجهات الفنية العالمية.
مدرسة الخرطوم للفن التشكيلي
تُعتبر "مدرسة الخرطوم" واحدة من أهم المدارس الفنية في أفريقيا والعالم العربي، وقد ظهرت في الخمسينيات والستينيات كحركة فنية تجمع بين التراث السوداني والفن الحديث. تتميز هذه المدرسة بالخصائص التالية:
الجمع بين التراث والحداثة
حاول فنانو مدرسة الخرطوم التوفيق بين التراث السوداني (مثل الرموز الأفريقية، والخط العربي، والفن الإسلامي) والتقنيات الحديثة في الرسم والنحت.
التركيز على الهوية السودانية
اهتمت المدرسة بتجسيد الهوية السودانية بكل تنوعها، من خلال تصوير الحياة اليومية، والطقوس الدينية، والمناظر الطبيعية.
استخدام الرموز والخطوط
استخدم فنانو المدرسة الرموز الأفريقية والخط العربي كعناصر أساسية في أعمالهم، مما أعطى لفنهم طابعًا مميزًا.
الألوان الأرضية
تتميز أعمال مدرسة الخرطوم باستخدام الألوان الأرضية، مثل البني والأصفر والأخضر، والتي تعكس طبيعة السودان وتراثه.
القضايا التي تناولها الفن التشكيلي السوداني
الهوية الثقافية
تناول الفنانون السودانيون قضية الهوية الثقافية بكل تعقيداتها، حيث حاولوا التوفيق بين المكونات الأفريقية والعربية والإسلامية في أعمالهم.
الاستعمار والتحرر
في فترة الخمسينيات والستينيات، ركز العديد من الفنانين على قضايا الاستعمار والتحرر، حيث صوروا معاناة الشعب السوداني ونضاله من أجل الاستقلال.
المرأة والمجتمع
تناول بعض الفنانين، مثل كمالا إبراهيم إسحق، قضايا المرأة ودورها في المجتمع السوداني، مع التركيز على التحديات التي تواجهها.
الطبيعة والبيئة
تميزت العديد من الأعمال الفنية السودانية بالتركيز على الطبيعة والبيئة، حيث صور الفنانون المناظر الطبيعية السودانية، مثل النيل والصحراء.
تطور الفن التشكيلي السوداني في العصر الحديث
مع نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، شهد الفن التشكيلي السوداني تطورًا كبيرًا، حيث ظهرت أجيال جديدة من الفنانين الذين استخدموا تقنيات حديثة مثل الفيديو آرت والتركيبات الفنية. كما أصبح الفن السوداني أكثر انفتاحًا على العالم، حيث شارك العديد من الفنانين السودانيين في معارض دولية وحصلوا على جوائز عالمية.
الفن التشكيلي الحديث في السودان لا يقتصر على الرسم والنحت فقط، بل أصبح يشمل فنونًا متعددة مثل الجرافيتي والتصميم الرقمي، ما يعكس تطور أدوات التعبير الفني مع الزمن. كما ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز انتشار الفن التشكيلي السوداني وجعله أكثر تفاعلًا مع القضايا السياسية والاجتماعية الراهنة.
الفن التشكيلي السوداني هو تعبير عن الهوية الثقافية المعقدة للسودان، حيث يجمع بين التراث الأفريقي والعربي والإسلامي، مع التأثر بالحداثة العالمية. من خلال أعمال رواد مثل إبراهيم الصلحي وحسين جمعان، ومدرسة الخرطوم، استطاع الفن السوداني أن يترك بصمة واضحة على خريطة الفن العالمي، وأن يصبح مرآة تعكس تاريخ وثقافة شعب غني بتنوعه وتقاليده. وفي ظل التغيرات الراهنة، يظل الفن التشكيلي السوداني في حالة تطور مستمر، مستلهمًا من ماضيه العريق ومستشرفًا آفاق المستقبل.
zuhair.osman@aol.com