آليات مقترحة لوقف الحرب في السودان
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
ازدادت في الآونة الأخيرة وتيرة إنعقاد ورش العمل وجلسات العصف الذهني في أوساط القوى المدنية والسياسية السودانية بحثا عن كيفية وقف الحرب المدمرة في البلاد والتي ستكمل شهرها الخامس بعد يومين. وهو نشاط أراه مفيدا إذا ما أتى بنتائج ملموسة تساعد في خلق القواسم المشتركة للتنسيق بين القوى المدنية الرافضة للحرب، وفي بلورة رؤية موحدة لأسس وآليات وقفها، في ظل غياب هذه الرؤية من المنابر التي تسعى لإنهاء الاقتتال.
وبهذا الفهم، شاركت في ورشة تداولية انتظمت خلال يومي 5 و 6 سبتمبر/أيلول الجاري في نيروبي بدعوة من مؤسسة مارتي أهتيساري للسلام، وهي منظمة فنلندية مستقلة تعمل في مجال فض النزاعات من خلال الحوار والوساطة، أسسها الحائز على جائزة نوبل للسلام الرئيس الفنلندي السابق مارتي أهتيساري في عام 2000م. شارك في الورشة ممثلون عن بعض المنظمات المدنية غير الحزبية بالإضافة إلى بعض الشخصيات المستقلة. ولقد رأيت من المفيد أن أخصص مقالي اليوم لإستعراض ما دار في الورشة، عل ذلك يثري النقاش الدائر حاليا بين مجموعات السودانيين حول سبل وقف عمليات القتل والانتهاكات والتدمير التي تطال البلاد وشعبها.
في البدء، انتظم المشاركون في الورشة في عصف ذهني توافقوا من خلاله على مجموعة من الحقائق، منها أن هذه الحرب خلقت واقعا جديدا يجب أن يغيّر في طريقة تفكير القوى المدنية في التعاطي مع تداعيات الأحداث الراهنة، وأن هذا الواقع لابد أن تكون له مستحقاته العملية. ومن هذا المنطلق فإنه يجب النظر إلى كارثة الحرب في سياقها التاريخي حتى يتمكن السودانيون من فتح صفحة جديدة في كتاب تاريخهم، وذلك بالتمعن في الأسباب الجذرية للحرب.
وأكد المشاركون على أن الدولة السودانية فشلت منذ استقلالها في التعبير عن كافة مكوناتها الوطنية الأمر الذي أدى إلى إشتعال الحروب ودخول الدولة في دوامة الدفاع عن مشروعيتها المنقوصة خلال العقود الماضية. كما أن هذه الوضعية أدت إلى إضعاف الدولة السودانية وعدم قدرتها عل توظيف كل مكوناتها الاجتماعية والثقافية للتوافق على مشروع وطني ورؤية تنموية توفر الكرامة والحرية ومتطلبات العيش الكريم لمواطنيها. ومن خضم هذا المشهد، عبّرت ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018 بشعاراتها المعلنة في الحرية والسلام والعدالة، وبجيلها الناهض، عبّرت عن تطلعات الشعب السوداني لمشروع جديد ومختلف لدولته ومستقبلها، مشروع ما انفك السودانيون يتمسكون به حتى في إتون هذه الحرب المجرمة.
الحرب خلقت واقعا جديدا يجب أن يغيّر في طريقة تفكير القوى المدنية في التعاطي مع تداعيات الأحداث الراهنة
توافق المشاركون على مجموعة من المبادئ يرونها ضرورية وأساسية لنجاح أي جهود لوقف الحرب ولبدء ترتيبات سياسية لتحقيق الاستقرار والحكم المدني الديمقراطي، منها: أن هذه الحرب لا يمكن حسمها عسكريا، ولا يمكن تعريف النصر فيها، بل وليس هناك أي قيمة سياسية لأي انتصار أو تقدم على الأرض، سوى مزيد من الجراح والآلام لشعبنا ومزيد من التدمير لبنية الوطن، لذا من الأجدى الإسراع بالقبول بمبدأ وقف العدائيات وإعلان وقف إطلاق نار دائم والشروع في الترتيبات الأمنية المفضية لقوات مسلحة مهنية ذات عقيدة واحدة، وفي إطار وحدة القيادة والسيطرة. كذلك، فإن استمرار الحرب سيعني امتدادها لجميع أنحاء البلاد وتحولها إلى حرب الكل ضد الكل، وهذا أمر لا يقبله العقل ولا المنطق. ولذا، يجب أن يعلو صوت السودانين الداعي لوقف الحرب، وأن يسود صوت العقل وسط المتحاربين، وأن يقوم المجتمع الدولي بكل ما من شأنه وقف الحرب والاقتتال.
إن جهود وقف الحرب والتصورات للحلول السياسية يجب أن تنطلق من مبدأ أن السودان دولة مدنية ديمقراطية، وأن هذه الجهود والتصورات يتم التوافق حولها من خلال عمليات حوار شامل لا تقصي أي طرف مادام رافضا للحرب، مع التمسك الصارم بمبدأ محاسبة الجناة والمسؤولين عن إشعال وتزكية نيران الحرب. وأن الضمان لبقاء السودان موحدا، هو تأسيس دولة المواطنة وفق رؤية ديمقراطية تنموية تشاركية تتيح لجميع السودانيين الإسهام في صياغة مشروع وطني يرى أي مكون من مكونات المجتمع نفسه فيه.
ووفق هذه المبادئ، رأى المشاركون أن يتركز العمل في مسارات أساسية تتمثل في حشد الدعم الدولي والمحلي للفت النظر إلى معاناة السودانيين في مناطق القتال ومعسكرات النزوح واللجوء ومراكز الإيواء، وأن يخاطب المسار السياسي دور المجتمع المدني أثناء الحرب ودوره في وقفها وفي ترتيبات ما بعد ذلك، إعادة الإعمار وجبر الضرر، المحاسبة والعدالة الانتقالية مع التشديد على أن لا يكون السلام ثمنا للتهرب منهما، قضية صناعة الدستور الدائم على أساس المشروع الوطني المتوافق عليه، ومشروع العقد الاجتماعي للدولة السودانية المنشودة.
أما الآليات المطلوبة لإنجاح هذا العمل، فتتضمن تطوير القوى المدنية لخطاب إعلامي أساسه هزيمة منطق الحرب ونزع مشروعيتها ومحاربة التضليل المنظم الذي يهلل له دعاة الحرب من سدنة النظام البائد تحت شعار أن الحرب هي حرب الكرامة والوطنية، ويلوحون بتهديدات التخوين للقوى الرافضة للحرب، بينما هم يسعون لوأد ثورة ديسمبر/كانون الأول، مناشدة المجتمع الدولي لتقديم العون الإنساني العاجل وفتح ممرات إنسانية آمنة، التواصل مع أصحاب المبادرات الدولية بهدف توحيدها وعدم تعدد منابرها، تكثيف النشاط الدبلوماسي لإيقاف أي دعم خارجي للطرفين المتحاربين، بحث الآليات الممكنة لضمان تمثيل كافة القوى المدنية الحديثة والتقليدية والأهلية في الحوارات والمؤتمرات التي تسعى لخلق رؤية موحدة حول وقف الحرب وترتيبات ما بعدها، مع ضرورة التحضير الجماعي التشاركي الجيد لهذه الحوارات والمؤتمرات، عقد مؤتمر حوار وطني شامل وموسع للحصول عل توافق أكبر وبمشاركة كل القوى الإجتماعية والسياسية والحركات الموقعة وغير الموقعة على اتفاقيات السلام، مع ضمان التمثيل العادل للنساء والشباب، على أن يعقد هذا المؤتمر داخل السودان وبالتزامن مع وقف الحرب وانطلاق الفترة الانتقالية أو الفترة ما قبل الانتقالية.
نقلا عن القدس العربي
///////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوى المدنیة وقف الحرب یجب أن أن هذه
إقرأ أيضاً:
الحكومة الفلسطينية تعقد اجتماعاً مهماً استعداداً لوقف الحرب على قطاع غزة
عقد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، اليوم الخميس 16 يناير 2025، اجتماعا وزاريا خاصا لمتابعة جاهزية مختلف الوزارات والهيئات الحكومية ذات الاختصاص، لتنفيذ خططها للاستجابة الطارئة في القطاع فور وقف العدوان.
وأطلع مصطفى، المجتمعين عبر تقنية زوم على التحركات والمداولات السياسية التي أجراها مع عدد المسؤولين الدوليين في كل من النرويج وبروكسل، وتأكيده على توجيهات رئيس دولة فلسطين محمود عباس ، لتوحيد المؤسسات الحكومية بين شطري الوطني، ورفع مستوى التنسيق والمتابعة مع الطواقم الحكومية العاملة في القطاع، والتي لم تتوقف يومًا عند تقديم الخدمات لأبناء شعبنا فيه، وعلى رأسها آلاف الطواقم الطبية والمعلمين وطواقم الإغاثة والطواقم الفنية لسلطتي المياه والكهرباء، ومختلف الوزارات والهيئات الحكومية الأخرى.
وشدد رئيس الوزراء، على أن حجم الكارثة الإنسانية في القطاع يتطلب تظافر جهود الجميع للعمل تحت مظلة منظمة التحرير، لإغاثة أبناء شعبنا في القطاع والذين عانوا ويلات حرب الإبادة طيلة 15 شهرا، مؤكدا ضرورة رفع مستوى التنسيق بين مختلف المؤسسات الإغاثية الدولية، والمؤسسات الحكومية، لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها، وضبط عمليات التوزيع وتجنب الاستغلال
وبحث المجتمعون تجهيز شحنات طارئة من المولدات وخلايا الطاقة الشمسية، ومستلزمات إصلاح شبكات المياه للمرافق الحيوية، ومعالجة أضرار محطة الكهرباء المركزية في القطاع، وإصلاح مضخات تحلية المياه العادمة، وإبعاد المياه العادمة عن المناطق السكنية، إلى جانب إعادة تأهيل المرافق الطبية وتوفير ما أمكن من المستلزمات والأدوية، وما يلزم للتدخلات الطارئة، حال وقف العدوان والجاهزية لإدخالها للقطاع وتمكين الطواقم الحكومية من توسعة تدخلاتها الطارئة في مختلف مناطق القطاع.
إلى ذلك، ناقش المجتمعون أيضا خطط وزارة التربية والتعليم، لتطوير منظومة التعليم الالكتروني في القطاع، وخطط الوزارة للدمج بين التعليم الإلكتروني والوجاهي، واستعدادات وزارات الاختصاص كالحكم المحلي والمواصلات والأشغال العامة والترتيبات المستمرة مع البلديات في القطاع، للعمل على تسوية الطرق وتسهيل حركة أبناء شعبنا، كمقدمة لتنفيذ خطط إزالة الركام وإيصال الخدمات الأساسية لأهلنا في القطاع.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين قلقيلية: السجن المؤبد 15 عامًا لمدان بتهمة زرع نباتات تنتج مواد مخدرة تفاصيل لقاء الرئيس عباس مع رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر حصيلة شهداء غزة منذ لحظة إعلان اتفاق وقف إطلاق النار الأكثر قراءة رجب: مقتل سيدة برصاص "خارجين عن القانون" في جنين إصابة مواطنيْن جرّاء اعتداء الاحتلال عليهما في الخليل الرئيس عباس يبعث برقية تهنئة للرئيس اللبناني الجديد أبو هولي يُحذّر من التداعيات الخطيرة لقانونيْن يستهدفان "الأونروا" عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025