سودانايل:
2025-02-07@12:42:43 GMT

كيف تحيا بالوحدانية سعيداً، وتموت بالانفصال شقياً!!

تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT

ولدت في قرية صغيرة وادعة، ترعرعت وانا مقيد بتقاليد وعادات تجري فينا جريان الدم في الشرايين، فأصبت بداء الانفصال في مرحلة مبكرة من عمري، فكنت ضحية لقدر محتوم يحدد لي ما يجوز قبوله وما لا يجوز، قد ينطبق على الكثير، وعندما بلغت من العمر عتياً وجدت نفسي محملاً بالكثير من القيود التي تسجن المشاريع الوطنية في سجن العيب كأي مجتمع قبلي يحرض على رفض الآخر، تصفه تارة بالجلابي، حدادي، انباوى، غرباوي، دنيكاوي أو حلبي وخاصة اذا كان من اهل الديانات السماوية الاخرى، يشاركنا استاذ التربية الاسلامية في ذلك، بدافع انهم اصحاب النار, منصباً نفسه قاضياً له حق التوزيع هذا في الجنة وذاك في النار.



الانفصال لا يعرف الحدود، فأصبح طاغياً ومهيمناً على مفاصل الحياة كلها، فارتد على الجميع، هذا اخواني، ختمي، انصاري، قادري أو سماني، قسمنا المسلمين الي ثلاثة وسبعون فرقة كلهم في النار إلا واحدة، فأصبح الرفض ينمو حتى تلاشى قيمة العقد الاجتماعي كقانون مبني على التراضي والتنازل من أجل العيش المشترك، وضاع قيمة الإنسان، وهذا ما لا يتناغم مع الرسالة الالهية، الا وهي الحب والاخاء ووحدة الاصل. كسر قوانين القرية مدعاة للعيب، ويبقى ما نقشه الاباء والاجداد حجر الاساس للمعرفة.

القدرة على التغيير تأتي من الوعي الصادق بالوطنية، ندعيها، ولكن قليلٌ منا يطبقها، فهي العاطفة التي تتطلب دوماً من العقل اللا واعي أن يحول المعني لفعل واقعي، ولا يتحقق ذلك إلا بالولاء للوطن واحترام الدستور والقوانين والحريات وممارسة أدب الحوار الواعي، وتعزيز احساس الفرد والمجتمع بمسؤولياته، لا بالكذب واقنعة الزيف وما يقبع خلف الستار، الانانية تتجلى بوضوح خاصة في البعثات الخارجية لنيل الدرجات العليا، متى ما يلوح في الافق فرصة للعمل براتب مغري، تغيب قيمة الوفاء بالالتزام وصيانة العهد، محدثاً نفسه فقط سنة أو سنتين ونعود، وعود جميلة ولكن اقرب الي خداع الذات بالامال الزائفة فكم منهم قضى نحبه في بلاد الغربة، وايضا في المنح إلى الدول الاوروبية من اجل التدريب والتأهيل، في أول سانحة يفكر في اللجوء دون تأنيب للضمير.

قررت العودة، وتحدثت مع صديقي لي لاشاركه الرأى، فكان الرد الصادم، لا ترجع انا نفسي باحث عن مخرج، خلي البلد يتصّلح أولاً، السؤال البديهي من الذي يقوم بالاصلاح؟؟؟ وكيف ينصلح حال البلد اذا المتعلمين الذين صرفت عليهم الدولة من اموال الشعب يهربون وقت الشدة. عند الازمات اشد ما تكون حوجة الوطن لأبنائه المفكرين والغيورين للإصلاح، اذا انعدل الحال بدونهم، يبقى حوجة البلد ليهم في شنو؟؟ ما في قوة يستطيع ان يمنع الوطني من الرجوع للمساهمة في البناء والتعمير، فالوطنية تختلف اختلاف جذري من ادعاءها، لكن يبدو المعيار مقلوب، فمتى تتفتح ازهار المعرفة التي نلناها وتقودنا لآفاق جديدة لفهم أبعادها العميقة، وحمايتها من تسلل الأفكار التي تؤذيها، وكيف ننقل وعينا من فهم الظاهر إلى الغوص في عمق الباطن وننظر إلى الاصل لا إلى القشور، لنرى جمال الحياة في التعايش مع الاخر، كلنا من نفس واحدة، الانسانية ضد الانفصال الذي يقود الى الظلام، فيطفىء شعلة الحب فينا، وقتها لا نعرف نحتفي بغروب النور أم بقدوم الظلام.

دعونا نفكر فيها بعمق من غير تعقيد، نؤسسها بعيداً عن خصوم الاباء، وننظر لها كسيمفونية متناغمة، كل منا يعزف آلته باحتراف، فتتشكل عالم من الجمال تقودنا إلى الوحدانية (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ)، يختلف شكلاً ونوعاً مما وجدنا عليه الاباء، الوطنية هي الأصالة التي نهدف إلى وضع اعمدتها سوياً، ونحتفل بالمولود الجديد، ونغذيه بأفكار التحرر من قيود الخوف إلى سعة الحب ومن التقليد إلى الإبداع، فادخال الافكار النتنة سيخرج لنا عشرات الأطنان من منتوجات الصرف الصحي، ويقود إلى الانفصال عن الذات، بدل أن نكون متساوين تحت مظلة الوطن الواحد، تجدنا منقسمين على حسب الأقاليم، والولايات ثم إلي قبائل وبطون وهكذا دواليك، دوماً في الانفصال يكمن الظلام، فكيف ننقاد له، وفينا القوة الابتكارية التي ترسم صور للجمال من الالوان المختلفة، بياض رمز السلام والسواد لون الحداد والاخضرار لون الطبيعة وبهجتة والاحمرار رمز الدماء ومرات بيرمز للخجل والوان كثيرة مهجنة، دعونا نرسم لوحة فنية بألواننا واشكالنا وقبائلنا وادياننا، ونرجع للنفس الواحدة التي تختبىء فيها خفايا الحكمة الانسانية بالوانها واشكالها المتعددة، حيث تلتقي كلها في متسع الرحمة الالهية، الرجل والمراة الكبير والصغير الابيض والاسود كلها ابداعات الهية، لا للتمييز بل تعبير صادق للكود الكوني لا يمكن تشفيره، وذلك لا يتأتى إلا بقدر وعينا بالوحدانية أو نمضي قدماً في الطريق المعاكس الذي لا ندري إلى اين يتجه، مهما كان قدرة الفنان اذا لم يستخدم الالوان المختلفة فالصورة قد لا تعجب الكثير، تقبل الاخر ليس بالامر الساهل، إلا اذا توفرت الرغبة الاكيدة للتخلي عن الزيف والاعيبه.

تعزيز قيمة الوطنية تحتاج أن نعطيها حجمها الطبيعي، لو فكرت بأنك قادر على عزف آلة البيانو من المحاولة الاولي أو الثانية، وبالجهد البسيط، وبذلك تكون عازف محترف، ليس إلا خداع للذات، لانك لم تقدر الوقت و الجهد الكافي للعزف تقدير صحيح، كذلك الوطنية لا تولد معنا وإنما نكتسبها بالتدريب والتأهيل وافراد الوقت الكافي لها، فالخلل في عدم اعطاءها الحجم الطبيعي لها، وعدم ضبط التوقعات المتناسقة مع حدودها، فهي تحتاج إلى الجهد التي تناسب زرع بذرتها في دواخلنا، لكل قيمه عليا جهد موازي ومتناغم لها، فاذا تعليم العزف على آلة البيانو محتاج زمن وجهد. فما بالك بالوطنية كقيمة عليا، تحتاج لجهد وتدريب، ومنهج متكامل، وحماية من الهجمات والاحباطات وان تكون واعي بحجمها، الي ان تصبح صرح لا يهتز من حجم المؤامرات.

تماسكها يعتمد على الوعى العمري بها، فالاعمار ثلاثة، عمر الجسد ويبدأ لحظة الميلاد وعمر العقل، قد تجد شخصاً عمره الجسدي ستون عام ولكن عمره العقلي لم يتجاوز مرحلة الطفولة والعكس صحيح، ولكن الاكثر اهمية عمر الوعي، وتتجسد بصفة خاصة في العمل العام، والمسؤوليات العظام قد تكون مسؤول ولكن عمر وعيك صفر كبير فيما انت مسؤول عنه، قد تكون مهندس ولكن عمر وعيك بالطب ضئيل، لذلك لا يمكن ان تجري عمليه جراحية، أو تكون عازف وعمر وعيك الموسيقى قليل، فاقل ما توصف رموز النوتة الموسوقية بالشخبطة، حجم الوعي بالوطنية تعزز فينا قيمة الوحدانيه كلنا اخوان، وتلك القيمة لا تكتسب إلا بالتربية الوطنية التي تبعدنا عن عقلية الانفصال والتي اصبحت الصوت العالي في ربوع الوطن الغالي. الوطنية ليست مجرد اسم نطلقه على مولود جديد، إنما تستدعي تغييراً جذرياً في الأفكار.
abudafair@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

وزير سابق: أكثر من 80 بالمئة من الجنوبيين مع الوحدة والبقية يستخدمون الانفصال كقميص عثمان

قال وزير النقل اليمني السابق صالح الجبواني، إن أكثر من 80 بالمئة من الجنوبيين لم يعودوا يؤيدوا الانفصال، ومن يؤيده حوالي أقل من 20 بالمئة فقط.

 

وأضاف الجبواني في تدوينة على منصة (إكس) إن المؤيدين للانفصال يدافعون عن مشروعهم المناطقي ويستخدمون الجنوب كقميص عثمان للوصول إلى أهدافهم لا أكثر.

 

وتابع "لقد دفعت الإمارات بهؤلاء لصدارة المشهد السياسي اليمني وتم اهمال الـ 80 بالمئة من الجنوبيين ودفعهم للهامش مما دفع هذه النسبة الكبيرة للعودة للذات المحلية وانشأوا المجالس والمكونات المختلفة في المهرة وحضرموت وشبوة وعدن وأبين وتبن والصبيحة في إستفتاء شعبي وسياسي على رفض الإنتقالي المناطقي".

 

وأردف الوزير السابق الذي قدم استقالته على إثر تجاوزات الإمارات في جنوب البلاد بالقول "لكن لم يجدوا من الاهتمام ما وجده الانتقالي لأن هؤلاء بدون مليشيات".

 

 

 وأكد أن القسم الآخر الشماليين الذين يقفون في صف التيار المناطقي الجنوبي ويدعمونه والبعض منهم قد يكون غير راضيآ عنه ولكنهم يتغاضون عن أفعاله وهذه مساهمة تساوي في أهميتها التأييد له، حد قوله.

 

وقال "للأسف صار هذان الطرفان في صدارة المشهد السياسي اليمني بسبب دعم دولتي التحالف والتعامل الإقليمي والدولي مع هذا الوضع كأمر واقع لشرعية تم إعادة إنتاجها وتصميمها بصورة أرضت التحالف وخصوصا الإمارات التي تتبنى تفتيت اليمن وتقسيمها وبشكل رسمي".

 

وزاد الجبواني "اليوم نحن بحاجة إلى إعادة التوازن للساحة الجنوبية، فعودة التوازن للساحة الجنوبية هو حجر الزاوية في حل مشكلة الشرعية أولا واليمن بشكل عام، غير ذلك حرث في البحر وسيستمر الوضع القائم سنوات عديدة قادمة"، وفق تعبيره.

 


مقالات مشابهة

  • علي العمراني: وحدة اليمن هي الحل ودعم مشروع الانفصال سبب الفوضى والمعاناة
  • شائعات الانفصال تطارد جاستين بير وزوجته مجددا.. صورة تكشف السر
  • محافظ الوادي الجديد يتفقد سوق «تحيا مصر» و معرض المنتجات البيئية
  • «رئيس الوزراء»: مبادرة «الرواد الرقميون» ستبدأ نهاية الربع الثاني من العام الجاري بتمويل من صندوق تحيا مصر
  • مدبولي: الرواد الرقميين تنطلق في الربع الثاني من 2025.. وصندوق تحيا مصر يتحمل التكلفة
  • حارس أنجولا: مباراتنا ضد مصر صعبة ولكن لدينا حظوظ في التأهل
  • جيسوس: لست سعيدا بصافرات الاستهجان ضد البليهي
  • وزير سابق: أكثر من 80 بالمئة من الجنوبيين مع الوحدة والبقية يستخدمون الانفصال كقميص عثمان
  • ستيفانو بيولي: سأكون سعيدا إذا حقق النصر السعودي هذا الإنجاز
  • العلاقة التوكسيك.. متى يكون الانفصال هو السبيل الوحيد لإنقاذ صحتك النفسية؟