●في إحدي زياراتي لمنطقة "الحديب" بولاية النيل الأبيض قبل أكثر من عقدين من الزمان، تعرفت على شاب ينحدر من ولاية أعالي النيل بجنوب السودان يدعي "جيمس أشويل" ، ثم تعمقت العلاقة بيننا وأصبحنا صديقين حميمين نتبادل الزيارات كلما سنحت الفرصة وتعرّف كل منا على أسرة الآخر.
●عمنا أشويل رجل طويل القامة، قليل الحديث، صاحب وجه بشوش، لم أجده عابثاً قط، رغم ما حلت به وأسرته من محن وإحن.
●حكي لي يوماً عن مسقط راسه وعشيرته وعاداتهم وتقاليدهم في الأفراح والأتراح، وكيف إنهم هاجروا إلى مدينة ملكال ومنها إلى شمال السودان بسبب الحرب التي كانت تدور في جنوب السودان ، وكم فقدوا من الأنفس ومن فلذات كبده.
●كنت أستمع إلى حكايته بعيون قد إغرورقت بالدمع من فرط التأثر، حيث قال لي يوماً:
في صبيحة أحد أيام الأسبوع من تسعينيات القرن الماضي، دارت معركة بين "القوات الحكومية وقوات الحركة الشعبية" بالقرب من قريتهم التي أضحت في مرمي نيران الطرفين، التي قتلت وجرحت نفرٌ من المواطنين من بينهم إبنته الكبري "أشول" وجُرح إبنه "بول" ، فهرب مع من تبقي من أسرته إلى مدينة ملكال مشياً على الأقدام لأيام وليالي وسط الوحل والغابات والحيوانات المفترسة، ثم واصلوا رحلتهم إلى شمال السودان، واستقر بهم المقام في منطقة "الحديب" التي تقع في الضفة الشرقية للنيل الأبيض في الطريق الرابط بين مدينتي الجبيلين وم
ربك حاضرة ولاية النيل الأبيض.
●شاءت الأقدار أن أفترق مع صديقي جيمس وأسرته الرائعة، وقد باعدت بيننا سبل الحياة وتصاريف الأقدار ، إلا أن الذكريات الجميلة والإلفة وعشرة الملح والملاح ستظل باقية ما بقينا على ظهر البسيطة.
●انقطعت أخبارهم عني ، وظللت طوال هذه السنوات أسأل عنهم كل من كان على علاقة أو معرفة بهم ولكن دون جدوي، ولكني كنت على يقين تام، سوف ألتقي بهم مرة أخري في يوم من الأيام بمشيئة الله تعالي، ومازلت أنام وأصحو على هذا الحلم المفقود...!!.
●قبل أيام قلائل وصلتني معلومة من أحد المعارف مفادها أن أسرة عم "أشويل" قد غادرت منطقة "الحديب" إلى مسقط راسه بُعيد استقلال جنوب السودان 2011، ولكن بعد إندلاع الصراع في جنوب السودان عام 2013 بين "الحكومة والمتمردين" قد تعرضت منطقتهم للهجوم وقُتل نفر من الناس من بينهم إبنه "البينو" فعاد مع أسرته إلى السودان مرة أخري واستقروا في منطقة سوبا بولاية الخرطوم.
●بعد إندلاع حرب 15 أبريل 2023م التي تدور الآن بالسودان، قد فقدوا فيها إبنه الأصغر الذي قتل برصاص طائش في أحد مناطق العاصمة، فغادروا إلى جنوب السودان، ولم يتسني له معرفة المنطقة التي استقروا فيها...!!.
●لا أدري أي قلب يحمله عمنا "أشويل" حتي يتحمل كل هذه الإبتلاءات والمصائب وهو يفقد أبنائه الواحد تلو الآخر في حروب عبثية ظل يدفع ثمنها من فلذات كبده ؛ وكأن الأقدار قد كتبت له أن يدفع فاتورة كل حرب دماً ودموعاً وحسرة لثلاث عقود...!!.
● لا أزال أبحث عن عنوان أو طريق يوصلني إلى أسرة عمي " أشويل" وصديقي "جيمس" حتي "أبل شوق السنين" وأواسيهم في المصائب والمحن التي ألمت بهم.
ما أقسي هذه الحياة ، وما أقسي فواجعها...!!.
● أما آن لشعبي في ضفتي الوطن أن يستريح وعثاء الحروب المدمرة التي لم تبق ولا تذر ، التي ما أنفكت تحصد أرواح الملايين من الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوي إنهم وقعوا ضحايا لأطماع طغمة صفوية تبحث عن كراسي السلطة عبر أنهار الدماء والدموع والأشلاء...!!
قلبي على وطني
المجد للشهداء
المجد للسودان
11 سبتمبر 2023م
elnairson@gmail.com
///////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: جنوب السودان
إقرأ أيضاً:
أسرة السادات عن فيديو تقليد محمد رمضان: غير مقبول وضد تقاليد المجتمع
قال النائب كريم عاطف السادات، عضو مجلس النواب، إنه تم تقديم طلب إحاطة إلى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام عن الفيديو الذي ظهر فيه الفنان محمد رمضان مجسدًا شخصية الرئيس الراحل أنور السادات.
وأضاف النائب كريم عاطف السادات، عضو مجلس النواب، في مداخلة هاتفية مع الإعلامية فاتن عبد المعبود ببرنامج «صالة التحرير» المذاع على قناة صدى البلد، «ما قدمه الفنان محمد رمضان؛ أمر غير طبيعي ومش معقول هنفضل طول الوقت نسيء لرموزنا بالشكل كده».
وتابع النائب كريم عاطف السادات، عضو مجلس النواب، ان : الفيديو غير مقبول وغير ظريف بالمرة، في ظل جهود الدولة لعودة الحقائب التاريخية كما كان الحال من قبل، مضيفًا: «الناس بقت تدور إزاي تستهزئ بأي حاجة في حياتنا، وكلها ماشية في إطار غير ظريف وغير مقبول».
وأردف النائب كريم عاطف السادات، عضو مجلس النواب،أن «الفنان محمد رمضان حاول التواصل مع أسرة الرئيس الراحل أنور السادات للاعتذار، ولكن ما قدمه عبارة عن استهزاء ضد تقاليد المجتمع".