ثوانٍ غيرت حياتنا إلى الأبد.. صحف فرنسية تصف المأساة التي حلت بالمغرب
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
في مناطق الزلزال العنيف الذي ضرب منطقة الأطلس الكبير وراح ضحيته أكثر من ألفي شخص، تعتاد الآذان سماع هدير المروحيات العسكرية، وتعتاد العيون رؤية الغبار الأصفر المتصاعد من الأرض، ولكن لا شيء يعوّدك على رائحة الجثث المتصاعد من أعماق الهاوية، ولا شيء يذهلك مثل نظرات المصدومين الذين غيرت الهزة حياتهم إلى الأبد في ثوان قليلة.
تبارت صحف فرنسية عديدة في وصف الناس والقرى والمشاهد بعد الزلزال الذي ضرب منطقة الأطلس الكبير الجبلية التي يصعب الوصول إليها، والتي تضررت بشدة، وتابعت عمل فرق الإغاثة والسكان الذين يحفرون تحت الأنقاض بحثا عن ناجين أو جثث تحت شظايا وقطع الأطلس الحجرية التي تناثرت في كل مكان وعلى طول الطرق وفوق البنايات والساحات.
تأخذك صحيفة لاكروا إلى قرية مولاي إبراهيم بمنطقة الحوز الجبلية، حيث لقي نحو ثلاثين شخصا حتفهم جراء الزلزال، وقد نصبت خيام مؤقتة لإيواء من فقدوا بيوتهم، في ظل مسجد متصدع من كل جانب، حيث تتجمع نسوة حول قدر كبير وحولهن أطفال يلعبون بالحجارة المتناثرة في كل مكان. وفي حين أن الاحتياجات هائلة، فإن التضامن منظم.
حالة صدمة
هنا يشير خالد إلى المنازل الواقعة على التلة المقابلة، قائلا "من هنا يبدو أن كل شيء سليم، لكن في الحقيقة لم يبق سوى جدارين قائمين، أما في الداخل فذهب كل شيء".
كان هناك عشرة أشخاص نائمين في هذا المنزل عند الساعة 11:11 مساء الجمعة، مثل غيرهم في هذه القرية الزراعية، ومن بين هذه العائلة المكونة من عشرة أفراد، خرج شاب واحد حيا من تحت الأنقاض صباح السبت ونقل جوا إلى الرباط.
وتوفيت الأم زارا صباح الأحد أثناء نقلها إلى غرفة الطوارئ، وتم إخراج جثتين أخريين من الغرفة، ونحن نبحث عن الآخرين، وتحديدا الأب محمد وطفلين يبلغان من العمر 10 و14 عاما، ولكن رائحة الموت لا تترك مجالا كبيرا للشك في النتيجة المأساوية للبحث.
وتنقل لاكروا عن أحد الناجين تلخيصه لهول ما حصل بالقول إنها "ثوان غيرت حياتنا إلى الأبد".
أما صحيفة لوفيغارو فتصحبك في رحلة بقرية طلعت يعقوب المنكوبة، حيث يجلس الصبي محمد (12 سنة) في الجزء الخلفي من سيارة إسعاف، بعد أن توفيت والدته وعمه وفرد ثالث من العائلة تحت أنقاض منزلهم، يقول العجوز حسن آيت ناصر وهو يحدق في الطفل "انهار السقف فجأة. كان لدي الوقت للخروج. لكن ابني وجد نفسه محاصرا. لقد عثرنا عليه بعد أكثر من ثلاث ساعات، وبعد مرور يومين على الكارثة، لا يزال في حالة صدمة. ذراعه ملفوفة بضمادة. بقع دماء كبيرة تلطخ صدغه الأيسر".
وهنا أيضا تقدم لك صحيفة ليبيراسيون نفس هذه القرية الصغيرة الواقعة في أعلى منبع طلعت يعقوب حيث أعلن أنها مركز الزلزال، وحيث تعمل 30 عائلة على ارتجال طريقة ما للبقاء، بين الأشياء المتناثرة في مشهد من الفوضى العارمة، حيث تغطي أجهزة تلفزيون وأفران وخزائن وصخور وأشياء لا تصدق وجه الأرض.
يقول الراعي أموه الذي نجا مع أولاده الثلاثة "انظر حولك! كل الدوار الذي تراه ينعي أحبابه. لم ينتظر أحد الإسعافات الأولية التي لم تصل بعد على أي حال".
ويقول الطيب (30 سنة) "لقد تمكنا من إخراج 12 جثة بلا روح حتى الآن. لا أعرف من أين حصلت على كل هذه القوة لمدة يومين. لقد أكلت قليلا، ونمت قليلا منذ يوم الجمعة، لكن يبدو الأمر كما لو أن عقلي يأمرني بمواصلة الحفر مرارا وتكرارا. الهدف المنشود منذ فترة طويلة هو أن نتمكن من العثور على ناجين تحت الأنقاض".
وتزور بك مجلة لوبس (L’Obs) ساحة فيربلانتييه الشهيرة في مراكش التي تحولت إلى مهجع في الهواء الطلق، فهذه فتيحة تتحدث عن شقيقتها صباح (25 عاما) الجالسة قربها، وهي تحدق منذ يومين تقريبا في نقطة غير مرئية أمامها "إنها لا تأكل ولا تتكلم وتدخن، هذا كل ما في الأمر"، ومن حول الفتاتين هناك حوالي 50 شكلا ملفوفا في بطانيات على سجادات مؤقتة وسط الساحة.
قدر الله
تمكنت الشقيقتان من الخروج من المنزل قبيل انهيار السقف مع أبيهما، لكن الأم والابن سلا لم يكن لديهما الوقت للقيام بذلك، وعندما تمكنت مجموعة من الشباب من إزالة الأنقاض، أخرجوا الجثتين من تحت الجدار وتم ضغطهما معا.
تقول فتيحة "إن الغبار هو الذي خنقهم"، ومنذ ذلك الحين توقفت صباح عن الكلام، وراح زوجها إلى الطرف الآخر من الساحة، لأنه لا يراه أحد وهو يبكي من شدة ما يعانيه من ألم.
وفي شوارع مراكش -كما تضيف فتيحة- "لا أحد يساعدنا. هناك بعض عمليات توزيع المواد الغذائية، ولكن تنظيمها كان سيئا للغاية، تشاجر بعض الناس على زجاجة ماء.
"الجميع خائفون. نحن جالسون في خوف"، وقد انهار جزء من منزل مساء السبت مما أدى إلى مقتل شخصين، الشوارع ليست آمنة، ، لقد تم إغلاق العديد من الشوارع بسبب الانهيارات، خاصة في حي الملاح الذي يعيش العديد من سكانه الفقراء في مبانٍ قديمة متهالكة لم تصمد أمام هزات زلزال يوم الجمعة.
وعلى الرغم من المأساة –كما تقول لاكروا- وبينما تعمل خدمات الطوارئ على انتشال الناجين من تحت الأنقاض، فإن العديد من المغاربة يُظهرون كثيرا من الإيمان بالقدر والرضى بالقضاء.
يقول زور "كل يوم يرينا الله آية. هذه واحدة أخرى"، وغير بعيد منه يقول عامل ركن السيارات عبد الهادي "لقد انهار منزلي في مراكش جزئيا. أنا أعيش في الشارع. جزء كامل من عائلتي في المستشفى"، أما بائع الحقائب محمد فيقول "لماذا لا أفتح؟ هذا النوع من الأحداث قدر الله. يمكن أن يحدث اليوم وغدا وفي أي يوم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: تحت الأنقاض
إقرأ أيضاً:
ملكة بريطانيا تدعم سيدة فرنسية اغتصبها 51 رجلًا بمساعدة زوجها
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بعثت الملكة كاميلا، زوجة الملك تشارلز الثالث ملك بريطانيا، برسالة دعم إلى جيزيل بيليكوت، ضحية الاغتصاب الجماعي الفرنسية، وفقًا لصحيفة "الإندبندنت".
وكان من بين آلاف رسائل الدعم التي تلقتها بيليكوت ظرف يحمل ختم العائلة المالكة البريطانية.
وفي هذا السياق، صرح محاميها، أنطوان كامو، لصحيفة "لوموند" قائلًا: "لقد شعرت بصدمة وتأثر عميق، كما أنني فخورة للغاية بأن هذه القضية لفتت انتباه العائلة المالكة البريطانية".
أصبحت جيزيل بيليكوت رمزًا للشجاعة في مواجهة ثقافة الاغتصاب، بعدما أدين زوجها بتخديرها وتجنيد عشرات الغرباء للاعتداء عليها وتصوير الجريمة.
وخلال المحاكمة التي استمرت ثلاثة أشهر في فرنسا العام الماضي، أُدين 51 رجلاً بالسجن لمدة إجمالية بلغت 428 عامًا، بينما صدر بحق زوجها، وهو كهربائي متقاعد، حكم بالسجن لمدة أقصاها 20 عامًا.
وفي خطوة جريئة، اختارت بيليكوت، البالغة من العمر 72 عامًا، الكشف عن هويتها وعدم البقاء مجهولة خلال المحاكمة التي عُقدت في قرية مازان جنوب شرق فرنسا.
رفض قصر باكنغهام التعليق على محتوى الرسالة الخاصة، لكن يُقال إن الملكة كاميلا تأثرت بشدة بمعركة بيليكوت وأرادت الإشادة بـ"كرامتها وشجاعتها".
وجاءت هذه الرسالة بعد أن وجّهت بيليكوت رسالة مؤثرة للناجيات من العنف الجنسي، نُشرت في صحيفة الإندبندنت بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، أكدت فيها أنهن "لن يكنّ وحيدات أبدًا". كما اختارتها الصحيفة كأكثر امرأة تأثيرًا لعام 2025، حيث سلطت بيليكوت الضوء على استمرار نضال الضحايا من أجل العدالة، لا سيما أولئك الذين يخوضون معركتهم بمفردهم و"في الظلام".
ورغم مرور أشهر على انتهاء المحاكمة، كشف محامي بيليكوت لصحيفة لوموند أنها لا تزال تتلقى أسبوعيًا صندوقًا مليئًا بالرسائل. وأضاف: "لم يمر يوم منذ انتهاء المحاكمة دون أن أفكر في الأمر، أو أستلم رسالة بشأنه، أو أتحدث عنه مع شخص قريب مني".