د. سعيد السيابي يكتب: بصمتان خالدتان في الموسيقى العربية
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
أثير – د. سعيد محمد السيابي
العاشر من سبتمبر هو التاريخ الذي رحل فيه اثنان من أشهر الملحنين في مصر والعالم العربي، وبرحيلهما توقفت صفحة بصمات كانت تسجّل باسم الإبداع العربي عموما والمصري خصوصا، فالموسيقيان اللذين لحن الأول منهما نشيد “بلادي بلادي بلادي” والآخر الذي لحن “الأطلال” رحلا بجسيدهما لكن أعمالهما وبصماتهما وعلاماتهما المميزة تعيش بعدهما عمرا آخر.
كلما أتى شهر سبتمبر تستذكر الأوراق الثقافية والفنية خبر الرحيل وكأنه حادث جديد فما تزال الإذاعات العربية ومواقعها تبث هذه الألحان المميزة، وأجيال من المستمعين يتناقلون محبتهم لهذه النتاجات الفنية التي تم إتقانها وتسجيلها مع أصوات كبار المطربين وفي مختلف المناسبات الوطنية والاجتماعية والدينية.
فسيد درويش الملقب “بفنان الشعب” صاحب الاسم الحقيقي السيد درويش البحر، هو ابن الإسكندرية عروس المتوسط، ومنها صدح بأول الأناشيد الغنائية عندما كان يقضي الأوقات مع أصدقائه وأثناء العمل الذي التحق به مبكرًا في أعمال البناء والمقاهي، ثم ذاع صيته لينتقل للتلحين للفرق المسرحية المصرية التي كان تقديم الأغاني والموسيقى جزءا أصيلا من برامجها وإنتاجها، وعشق الجمهور ذلك التمازج بين التمثيل والغناء داخل المسرحيات المقدمة على المسارح وكان يحرص على حضورها، فقدّم درويش ألحانًا لفرقة مسرح نجيب الريحاني، وجورج أبيض، وعلي الكسار، ولحّن الأوبرياتات والأغاني الوطنية والأهازيج والأناشيد الحماسية.
حدث هناك التماس بين منجز سيد درويش الملحن ومحبة الشعب المصري كبيرة، فكان درويش يغني باسمهم وطموحاتهم وأحلامهم وحتى معاناتهم، وشاركهم ما يشعرون به من تقلبات وأحوال تاريخية، فقد عاصر الوجود الإنجليزي في مصر والملكية وناصر الجيش المصري ولحن من أقوال الزعيم المصري الكبير مصطفى كامل النشيد الوطني” بلادي بلادي بلادي.. لكِ حبي وفؤادي” الذي كتب كلماته الشاعر محمد القاضي واعُتمد كنشيد وطني عام 1979م بعد أن أعاد توزيعه الموسيقار محمد عبدالوهاب.
لقد عاش سيد درويش حياة عمرية قصيرة فقد توفي في العاشر من سبتمبر عام ١٩٢٣م عن عمر واحد وثلاثين عاما، فهي حياة قصيرة نسبيا ويعد في أوج الشباب إلا أن ما قدّمه من أعمال وبصمات فنية وضعته في صف الكبار الخالدين فنيا الذين نستذكر إنتاجهم وإخلاصهم ومحبتهم لأوطانهم وشعبهم حتى تظل أسماؤهم تتداول كثيرا متى ما لاحت ذكرى رحيلهم، فالعمر لا يقاس بطول العيش بل بالبصمات التي نتركها على الأرض، فدرويش واحد من أولئك الذين زينوا أسماعنا بلحن الأرض وعذوبته واجتهدوا في العيش ليستمر ذكرهم بين الأجيال المتعاقبة التي حملت لواء الإضافة والتجديد للأصالة الفنية العربية.
كما تأتي وفاة رياض السنباطي في العاشر من سبتمبر عام ١٩٨١م وهو ابن القرية من دمياط ليحمل روحه التواقة التي تشبعت من اجتهاد أبيه الذي كان مقرئًا في الموالد والأعياد الدينية ليكون سندا له وأحد أبرز أعضاء فرقته التي جمعته محبة الإنشاد مع والد المطربة أم كلثوم لتكون هذه المعرفة خيط وصل أقامها الآباء ليجني ثمرها الأبناء، فبمجرد اللقاء والتواصل في القاهرة بين رياض السنباطي وأم كلثوم وانطلاق التعاون الفني واللحني بأغنية “على بلد المحبوب وديني” حتى استمر الاثنان في تقديم الألحان والأغاني لتصل إلى خمسة وتسعين لحنًا.
شارك السنباطي في الكثير من المناسبات المصرية الوطنية والاجتماعية وغنى له كبار المطربين والمطربات كمنيرة المهدية وفايزة أحمد وأسمهان ووردة وميادة الحناوي ونجاة الصغيرة ومحمد عبدالمطلب وطلال مداح وسميرة سعيد وأخيرا عزيزة جلال، فكانت ألحانه تتنقل بين الأغاني العاطفة وأحلى الأغاني العربية. وبفقده خسر اللحن العربي أحد أعمدته المجدد والمميز والمبدع فيما قدمه من مدرسة لحنية استطاعت أن تتجاوز شهرتها حدود مصر لتصل لكل القلوب العربية.
تغييرات كثيرة حدثت في مصر وعالمنا العربي، لكن بقيت ألحان سيد درويش ورياض السنباطي في مكانتها وقيمتها الفنية ولا يختلف عليها اثنان في محبتها والاستذكار لها والإشادة بموهبة حقيقية كانت لها بصماتها ومنجزها الإبداعي، لهذا ترحل الأجساد الفانية وتبقى الأعمال الخالدة ومحبتها التي منحتها الشعوب وتوارثتها الأجيال المتعاقبة، ونقول ونردد ألحان “القلب يعش كل جميل”.
المصدر: صحيفة أثير
إقرأ أيضاً:
صنعاء تدين الانتهاكات التي يتعرض لها الصيادون في البحر العربي
وأكدت الوزارة في بيان موقفها الثابت في رفض كل الإجراءات التي تهدف إلى تقييد حرية الصيادين في ممارسة مهنتهم داخل المياه الإقليمية اليمنية.
واعتبر البيان مثل هذه الأعمال والتصرفات خرقاً واضحاً للمبادئ الدولية المتعلقة بحرية الملاحة وحقوق الصيادين في استخدام الثروات البحرية بطريقة قانونية وآمنة، وبما يتماشى مع القوانين والمواثيق الدولية التي تحمي حقوق الشعوب في استغلال ثرواتها الطبيعية.
وطالب المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان وحرية الملاحة البحرية، بتحمل مسؤولياتها في الضغط لوقف هذه الانتهاكات، وضمان حرية الصيادين في ممارسة عملهم دون خوف من التهديدات أو الاعتداءات.
كما أكدت الوزارة متابعتها الدائمة لهذه الأحداث.. مطالبة باتخاذ إجراءات فورية لرفع القيود غير القانونية المفروضة على المياه الإقليمية في البحر العربي وتوفير الحماية الكافية للصيادين اليمنيين في البحرين الأحمر والعربي.