بسم الله الرحمن الرحيم
الأوطان لا يبنيها رجل واحد ولا حفنة رجال، مهما بلغ منهم الإلهام والعبقرية، ولكن يبنيها مئات الآلاف من الرجال والنساء، أُناس أحرار في وطن حر، كُل يعطي على طريقته وقدر استطاعته".
( الطيب صالح)
عبرت السيدة ام تميم عن اسباب توقفي عن الكتابة, وتمنيت لو ان سؤالها كان لماذا اكتب؟ كنت حينها سوف اتشمر وارفع قلمي واشرح لها عن عودتي للكتابة كما ترون وذلك رغم المعوقات التي تعرفونها ولكني اريد ان أقول لهذه الفضلى اعلمي ياسيدتي العزيزة ان القارئ عليه دينٌ يجب ان نرده له والقارئ شريك الكاتب بل هو في قول اخر هو المؤلف الثاني لمنتوج الكاتب اذا كان لزاماً علينا ان نفعل ذلك حتى وإن كلفنا هذا الامر من الجهد فواجبنا ان نرضيه قدر ما نستطيع لذلك سبيلًا سواء في كتابة فكرة جادة ومفيدة قد اكتشف منها الجديد المفيد او رأي سديد ينشرح به قلب قارئ ويخرجه من البؤس واليأس كما هو حاصل لنا جميعاً الآن، وهمنا إن نعيد بناء انسان جديد لوطن جديد ان إستطعنا الي ذلك سبيلا واولى الخطوات هي بناء الثقة وهذه ليست بالشي الساهل ولكنها ليست مستحيلة ولنبدأ خطوة خطوة
صحيح اننا نحتاج لعبارات قوية ومؤثرة تصف تأثير الحروب الدموية على الناس والمجتمعات.
تذكرون ياساده أننا اشرنا في هذه السلسلة الي عملية الصدمة النفسية التي تحدث نتيجة الحروب والكوارث ولكن دعونا نتعرف اكثر على بعض هذه التاثيرات ومن هذه التاثيرات اعراض الإجهاد النفسي الذي يشعر به الانسان خاصة بعد الصدمة ومن اشهر الحالات التي يشعر بها الانسان المصاب بتلك الصدمة : اولاً الكوابيس التي يرى فيها المصاب الحدث الذي مر به والشعور بالكرب الشديد عند تذكر الحدث المُسَبّب، ومنها الاعراض الجسدية نتيجةً القلق مثل التعصب والخوف لاي سبب كان، والارق وعدم القدرة على التركيز وكذلك المعاناة من المشاعر السلبية المستمرة بسبب الحرب مثل الشعور بالخوف والندم والغضب..
على الكل وكيف ان وقعها يختلف من إنسان لآخر ولكن في ظني ان وجعها امرَّ على الكاتب اما انتِ يا عزيزتي وقارأتي فأني اعاهدك بانني سوف أكتب وهذا وعد ووعد الحرِ دين عليه، ومن يدري فقد يكون في ذلك بلسمٌ لإنسان مهموم فقد أعزاء له او هجر داره مجبورا ومازالت قرعات الباب ترن في أذننيه وطلة الاهل والاحباب اليومية وشوارع حارته وصوت الصبية وهم ذاهبون في الصباح الباكر الي مدارسهم او عائدون منها منتصف النهار واصوات الباعة المتجولين وهم يتصايحون بمكبرات الصوت ( يلا الطماطم الطماطم العجور يااا)..وتذكُره لقدرة الفول التي تظل قابعة على موقد كبير ليلًا ونهاراً وجلبة نساء الحي مع الجزار وصاحب الدكان ورائحة بيوت الطين وخرير المياه الآسنه التي اضحت مستعمرات يستوطنها البعوض والضفادع والجرذان.. ومنظر الركشه، هذه الدابه التي صارت تجوب الازقه باصواتها المشروخة والحافلات القديمة المنهكة وهي تروح وتغدو غصبًا عنها ولو انها نطقت لشكت صاحبها لطوب الأرض من سائقها الذي لا يرحمها ولا يرحم البيئة المسكينة من التلوث..
عهدي معكم سادتي أنني سوف اكتب واكتب امكن كلماتي يكون فيها إحياء لامل ظل يراود تلك القلوب المفجوعة التى كادت ان تنفجر مما اصابها من تلف تشعر به الام و اوجاع فالكتابة وكما نعرف هي استدعاء للماضي واستقراء للحاضر واستشراف للغد وكم من مفكر او مصلح اجتماعي غيّر بكلماته بسيطة مسيرة امة كاملة ذلكم هو المفكر الذي يرى يدرك ماساة امته وكل الامم ويحاول ان يجد لها الحلول ويوقد شمعة في دياجير الظلام لانه يحس بوطأة الألم وتشتعل في دواخله لهيبها فيأخذ قلمه ويشحذ فكره ويُخرج محاولاً ان ينتشل من ركام احزانه الثمين من افكاره عله يقدر ان يطفئ به لهيب تلك الكوارث، هذا هو المطلوب من كتابنا وهو ان يحولوا ما يكتبونه مواساة لبلدهم واهلهم جراء هذه الحرب الضروس..وعلينا ان نعلم ان دولاب الحياة لن يتوقف لذا يتوجب علينا ان نتقبلها هكذا بحلاوتها ومرارتها وبحر هذه الحياة محيط لا ساحل له فما عليك ان اردت الغوص فيه ان تتعلم العوم ولا تركن للخوف والياس وتناول قلمك واكتب اي خاطرة ان لم تكن كاتباً محترفاً وسوف تجد انك تخرج كل ما هو مكنون لديك وقد تكتشف ان الكتابة هي علاج ناجع للتخلص من كل الأوجاع ويحضرني قول الإمام علي رضي الله عنه بليغ العرب (من لانت كلمته، وجبت محبته) وتذكروا ان الكلمة الطيبة صدقه..
مع كامل محبتي التي تعرفون
عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة
osmanyousif1@icloud.com
////////////////////
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الإعلام السوداني والتحديات التي تواجهه في ظل النزاع .. خسائر المؤسسات الاعلامية البشرية والمادية
خاص سودانايل: دخلت الحرب السودانية اللعينة والبشعة عامها الثالث ولا زالت مستمرة ولا توجد أي إشارة لقرب انتهاءها فكل طرف يصر على أن يحسم الصراع لصالحه عبر فوهة البندقية ، مات أكثر من مائة ألف من المدنيين ومثلهم من العسكريين وأصيب مئات الالاف بجروح بعضها خطير وفقد معظم المصابين أطرافهم ولم يسلم منها سوداني فمن لم يفقد روحه فقد أعزً الاقرباء والأصدقاء وكل ممتلكاته ومقتنياته وفر الملايين بين لاجئ في دول الجوار ونازح داخل السودان، والاسوأ من ذلك دفع الالاف من النساء والاطفال أجسادهم ثمنا لهذه الحرب اللعينة حيث امتهنت كرامتهم واصبح الاغتصاب احدى وسائل الحرب القذرة.
خسائر المؤسسات الاعلامية البشرية والمادية:
بالطبع كان الصحفيون السودانيون هم أكثر من دفع الثمن قتلا وتشريدا وفقدا لأعمالهم حيث رصدت 514 حالة انتهاك بحق الصحفيين وقتل 21 صحفي وصحفية في مختلف أنحاء السودان اغلبهن داخل الخرطوم وقتل (5) منهم في ولايات دارفور بعضهم اثاء ممارسة المهنة ولقى 4 منهم حتفهم في معتقلات قوات الدعم السريع، معظم الانتهاكات كانت تتم في مناطق سيطرتهم، كما فقد أكثر من (90%) من منتسبي الصحافة عملهم نتيجة للتدمير شبه الكامل الذي الذي طال تلك المؤسسات الإعلاميّة من صحف ومطابع، وإذاعات، وقنوات فضائية وضياع أرشيف قيم لا يمكن تعويضه إلى جانب أن سلطات الأمر الواقع من طرفي النزاع قامت بالسيطرة على هذه المؤسسات الاعلامية واضطرتها للعمل في ظروفٍ أمنية، وسياسية، بالغة التعقيد ، وشهد العام الماضي وحده (28) حالة تهديد، (11) منها لصحفيات ، وتعرض العديد من الصحفيين للضرب والتعذيب والاعتقالات جريرتهم الوحيدة هي أنهم صحفيون ويمارسون مهنتهم وقد تم رصد (40) حالة اخفاء قسري واعتقال واحتجاز لصحفيين من بينهم (6) صحفيات ليبلغ العدد الكلي لحالات الاخفاء والاعتقال والاحتجاز منذ اندلاع الحرب إلى (69) من بينهم (13) صحفية، وذلك حسب ما ذكرته نقابة الصحفيين في بيانها الصادر بتاريخ 15 أبريل 2025م بمناسبة مرور عامين على اندلاع الحرب.
هجرة الاعلاميين إلى الخارج:
وتحت هذه الظروف اضطر معظم الصحفيين إلى النزوح إلى بعض مناطق السودان الآمنة داخل السودان منهم من ترك مهنة الصحافة ولجأ إلى ممارسة مهن أخرى، والبعض الاخر غادر إلى خارج السودان إلى دول السودان حيث اختار معظمهم اللجوء الى القاهرة ويوغندا وكينيا أو اللجوء حيث يمكنهم من ممارسة أعمالهم الصحفية هناك ولكن أيضا بشروط تلك الدول، بعض الصحفيين الذين لجأوا إلى الخارج يعيشون أوضاع معيشية وانسانية صعبة.
انتشار خطاب الكراهية والأخبار الكاذبة والمضّللة
ونتيجة لغياب دور الصحافة المسئولة والمهنية المحايدة عمل كل طرف من أطراف النزاع على نشر الأخبار والمعلومات الكاذبة والمضللة وتغييب الحقيقة حيث برزت وجوه جديدة لا علاقة لها بالمهنية والمهنة تتبع لطرفي الصراع فرضت نفسها وعملت على تغذية خطاب الكراهية والعنصرية والقبلية خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وجدت الدعم والحماية من قبل طرفي الصراع وهي في مأمن من المساءلة القانونية مما جعلها تمعن في رسالتها الاعلامية النتنة وبكل أسف تجد هذه العناصر المتابعة من الالاف مما ساعد في انتشار خطابات الكراهيّة ورجوع العديد من أفراد المجتمع إلى القبيلة والعشيرة، الشئ الذي ينذر بتفكك المجتمع وضياعه.
منتدى الإعلام السوداني ونقابة الصحفيين والدور المنتظر منهم:
ولكل تلك الاسباب التي ذكرناها سابقا ولكي يلعب الاعلام الدور المناط به في التنوير وتطوير قطاع الصحافة والاعلام والدفاع عن حرية الصحافة والتعبير ونشر وتعزيز قيم السلام والمصالحة وحقوق الانسان والديمقراطية والعمل على وقف الحرب تم تأسيس (منتدى الاعلام السوداني) في فبراير 2024م وهو تحالف يضم نخبة من المؤسسات والمنظمات الصحفية والاعلامية المستقلة في السودان، وبدأ المنتدى نشاطه الرسمي في ابريل 2004م وقد لعب المنتدى دورا هاما ومؤثرا من خلال غرفة التحرير المشتركة وذلك بالنشر المتزامن على كافة المنصات حول قضايا الحرب والسلام وما يترتب عليهما من انتهاكات إلى جانب التقاير والأخبار التي تصدر من جميع أعضائه.
طالب المنتدى طرفي النزاع بوقف القتال فورا ودون شروط، وتحكيم صوت الحكمة والعقل، وتوفير الحماية للمدنيين دون استثناء في كافة أنحاء السودان، كما طالب طرفي الصراع بصون كرامة المواطن وحقوقه الأساسية، وضمان الحريات الديمقراطية، وفي مقدمتها حرية الصحافة والتعبير، وأدان المنتدى التدخل الخارجي السلبي في الشأن السوداني، مما أدى إلى تغذية الصراع وإطالة أمد الحرب وناشد المنتدى الاطراف الخارجية بترك السودانيين يقرروا مصيرهم بأنفسهم.
وفي ذلك خاطب المنتدى المجتمع الدولي والاقليمي بضرورة تقديم الدعم اللازم والمستدام لمؤسسات المجتمع المدني السوداني، خاصة المؤسسات الاعلامية المستقلة لكي تقوم بدورها المناط بها في التنوير ورصد الانتهاكات، والدفاع عن الحريات العامة، والتنديد بجرائم الحرب المرتكبة ضد المدنيين، والمساهمة في جهود تحقيق العدالة والمصالحة الوطنية.
وكذلك لعبت نقابة الصحفيين السودانيين دورا هاما أيضا في رصد الانتهاكات التي طالت الصحفيين والمواطنين حيث أصدرت النقابة 14 تقريرًا يوثق انتهاكات الصحفيين في البلاد.
وقد وثّقت سكرتارية الحريات بنقابة الصحفيين خلال العام الماضي 110 حالة انتهاك ضد الصحفيين، فيما بلغ إجمالي الانتهاكات المسجلة منذ اندلاع النزاع في السودان نحو 520 حالة، من بينها 77 حالة تهديد موثقة، استهدفت 32 صحفية.
وأوضحت النقابة أنها تواجه صعوبات كبيرة في التواصل مع الصحفيين العاملين في المناطق المختلفة بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة وانقطاع الاتصالات وشبكة الانترنت.
وطالبت نقابة الصحفيين جميع المنظمات المدافعة عن حرية الصحافة والتعبير، والمنظمات الحقوقية، وعلى رأسها لجنة حماية الصحفيين، باتخاذ إجراءات عاجلة لضمان أمن وسلامة الصحفيين السودانيين، ووقف حملات التحريض الممنهجة التي تشكل انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية التي تكفل حماية الصحفيين في أوقات الحروب والنزاعات المسلحة.
خطورة ممارسة مهنة الصحافة في زمن الحروب والصراعات
أصبح من الخطورة بمكان أن تمارس مهنة الصحافة في زمن الحروب والصراعات فقد تعرض كثير من الصحفيين والصحفيات لمتاعب جمة وصلت لحد القتل والتعذيب والاعتقالات بتهم التجسس والتخابر فالهوية الصحفية أصبحت مثار شك ولها تبعاتها بل أصبح معظم الصحفيين تحت رقابة الاجهرة الامنية وينظر إليهم بعين الريبة والشك من قبل الاطراف المتنازعة تهمتهم الوحيدة هي البحث عن الحقيقة ونقلها إلى العالم، ولم تسلم أمتعتهم ومنازلهم من التفتيش ونهب ومصادرة ممتلكاتهم خاصة في المناطق التي تقع تحت سيطرة الدعم السريع.