الفلول والكيزان.. شماعة الضعفاء والفاشلون!!
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
منذ ما يزيد على أربع اشهر، لم تتوقف قذائف ومدافع ميليشيا الجنجويد وسلاحها من استهداف للمنشآت الحكومية من مستشفيات ومدارس وطرق وكباري، ولمنازل المواطنين الأبرياء، مع ممارسة الاغتصاب للنساء والأطفال والرجال معاً. ومع كل هذا لم نسمع من الأحزاب السياسية الكرتونية الخبيثة وحلفائها، ومن الكُتّاب الانتهازيين السفلة، ادانة واضحة وصريحة لهذه الجرائم التي ترقى جميعها -لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي، بل سمعنا ووجدناهم، يخوضون حروبا وصراعات ومعارك وهمية ضد (الفلول والكيزان)- نعم نفس الكيزان والفلول، الذين هزمتهم الثورة الشعبية في إبريل 2019م ورمت بهم في مزبلة التأريخ.
الحرب التي اندلعت يوم 15 إبريل 2023م، لم تكن حربا بين الفلول والشارع الثوري الذي سُلب ثورته المجيدة، بل بين الجيش السوداني بقيادة (عبدالفتاح البرهان)، وميليشيا الجنجويد بقيادة (محمد حمدان دقلو)، وكلاهما من نفس مدرسة (العفن والخيانة) -اي بين كوز وابن كوز.. فلماذا لا تدن الأحزاب وحلفائها، جرائم الطرفين والمعروف أن الجرائم لا تتجزأ!!
لماذا تخجل هذه الأحزاب البائسة الكئيبة، ادانة جرائم ميليشيا الدعم السريع (الجنجويد)، وهي جرائم ادانتها كل المنظمات الحقوقية والانسانية، الداخلية والاقليمية والدولية والعالمية، كونها جرائم لم يشهدها التأريخ البشري والإنساني من قبل من حيث النوع والكم؟
لماذا تنسب تلك الجرائم الفظيعة والرهيبة للفلول والكيزان، وهؤلاء منذ الاطاحة بهم، لا حول ولا قوة لهم وقد تشتتوا كشتات الفلسطينيين؟
هل لانهم الطرف الضعيف والحيطة القصيرة؟
إنحاء اللائمة في كل شيء على الفلول والكيزان ورفض التعاطي مع جرائم ميليشيا الدعم السريع (الجنجويد) والاطراف الاقليمية والدولية المساندة لها، من شأنه اطالة عمر هذه الحرب وتأزيم أزمات السودان.
الأحزاب السياسة في السودان ومعظم المحللين والكُتاب، ينحون بالائمة على ما يجري في السودان من حرب تكاد ان تتحول إلى أهلية شاملة، على الجيش السوداني باعتباره -حسب زعمهم- كيزان وفلول، متجاهلين جرائم ميليشيا الجنجويد وحلفائها.
إن السودان سيبقى في فوضى عارمة اليوم وغداً وبعد غد، ليس فقط لأن الفلول والكيزان هم السبب في مآسيه وأزماته التأريخية، نعم الكيزان والفلول والاسلاميين جزء من هذه الأزمات لثلاثين عاما عجافا، ولكن التركيز عليهم، دون ان يتحمل الآخرين المسؤولية، انما خطأ جسيم وقاتل.
قالوا إذا عُرف السبب بطَل العجب، فالأحزاب السودانية منذ سقوط البشير، دونما استثناء من اليسار إلى اليمين، تتغازل مع (الجنجويد) في الليل والنهار، وإن خجلت تبادلت رسائل العشاق، وأن خافت تبادلت الإيماء، وحينما زال الخوف وسقطت نقطة الحياء، دافعت عن هذه الميليشيا الإجرامية التي تحتل منازل المواطنين وتغتصب النساء والحرائر دون خوف.
اكثر من اربع سنوت وما انقطعت أو توقفت علاقات الأحزاب السودانية البائسة، مع ميليشيا الجنجويد وزعيمها، سرا أو علانية.. ولماذا تنقطع العلاقة، وقد منحها (الزعيم القادم من الخلا) أكثر مما تمنحها الدول، من المال والسلاح والاتساع!!
ملايين الأموال ضختها "آل دقلو" لشراء ذمم كتاب ومثقفين وصحافيين ومؤسسات إعلامية وصحف والمواقع الإلكترونية وأحزاب سياسية وشخصيات معروفة، لكسبها في صفها، وعقدت الصفقات المشبوهة للضغط على الآخرين واستمالتهم لتحقيق أهدافها الدنيئة.
فكم من الأقلام المأجورة سخرتها آل دقلو لتشويه الحقائق الخاصة بحرب 15 إبريل 2023، وادعاء ان الجيش السوداني جيش الكيزان والفلول هم من يخوضون الحرب ضد الجنجويد وأن عبدالفتاح البرهان نفسه كوز كبير!! وكم من الأفواه كممتها آل دقلو للسكوت عن سجلاتها السوداء وجرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية والتطهير العرقي ضد اثنية المسياليت والأرنقا وغيرهما من القبائل في دارفور؟
تفننت ميليشيا آل دقلو، في شراء الذمم، واختراق مؤسسات إعلامية وفكرية بالمال الفاسد واستئجار العقول، وأمثلة على ذلك كثيرة جدا لا تعد ولا تحصى.
منذ بداية نجاح الثورة السودانية المجيدة، أضاعت هذه الثقافة البائسة فرصة ذهبية لحل مشكلة السودان حلا جذريا وشاملا، منذ اربع سنوات، سرقت الأحزاب السياسية الثورة من أصحابها، وتاجرت بحقوق ومستقبل شعب مكلوم محموم، كان يمكن له أن ينشئ دولته الجديدة منذ ذلك الحين، وتصوروا معي كيف كان من الممكن لشعب حيوي مثل شعب السوان أن يكون الآن؟
تصوروا معي كيف كان من الممكن لهذا الشعب العظيم أن يكون اليوم، لو لم تسرق ثورته، وهو الذي أنجز خلال ستين عاما ثلاث ثورات ابهرت العالم كله؟
عزيزي القاررئ..
ان إنحاء اللائمة والفشل في كل شيء على الفلول والكيزان، انما دليل عدم أهلية القوى السياسية والأحزاب السودانية لتولي السلطة، ودليل افلاسها السياسي عن مواجهة التحديات، أو الأخطار المصيرية أو تحقيق الأهداف الكبرى.
المؤتمر الوطني منذ حله، أصبح حزبا هزيلا ضعيفا مشلولا، منذ اسقاطه بثورة شعبية عظيمة، وأي كلام على انهم هم السبب في الحرب الدائرة، انما استخفاف بتلك الثورة المجيدة وثوارها الأكارم.
من جهة أخرى.. ماذا قدمت الأحزاب السياسية التي أتقنت على امتداد أكثر من 60 عاما، كيف تكذب على الدولة.. ماذا قدمت لهذا الشعب؟
هذه الأحزاب الطائفية والعائلية العبيطة، نقلت انحرافاتها وعهرها السياسي إلى مؤسسات الدولة، وساهمت في حرمان البلد من الدور الدستوري الذي كان من المفروض أن تلعبه في تأطير المواطنين، وفي نقاشات ديمقراطية من شأنها أن تجعل هذه المؤسسات في خدمة قضايا الشعب، لا في خدمة مصالح فئة من المنتفعين من السودان ما بعد الاستقلال.. فأحزاب بهذا التأريخ من الخزي والعار والإنتهازية، غير مؤهلة سياسيا واخلاقيا ومبادئيا، لإنحاء اللائمة على الآخرين.
الماهرون في شراء الضمائر والذمم، هم حتما صائرون الى مزبلة التاريخ ماداموا عشقوا عبادة المادة وشتى تجلياتها في تشكيل تفكير "جيبي" وتبني الجشع والطمع، كموقف سياسي، يختزل كل مشاكل البلد وأرزاق السودانيين في طموح شخصي.
ما لم يتجرد السودانيين قليلا عما ورثوه من أسلوب في التفكير ونمط في السلوك ويتطهروا ولو برهة من أنجاس النفاق والتدليس والازدواجية والإلغاء والإقصاء والاستبداد وثقافة المؤامرة وكيل التهم، فإن السودان كدولة، إلى الفناء والاختفاء.
bresh2@msn.com
////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: آل دقلو
إقرأ أيضاً:
عزلتهم أم عزلهم !!
عزلتهم أم عزلهم !!
صباح محمد الحسن
طيف أول:
وطن ينتظر
الأوان الذي لم يحن
ولو تأخر
فمازال صوت أمنياته يزداد حرارة بنبرة تصغي للأمل
فأحلام شعبه
تفوق هذا المتسع الوجع!!
وقبل أكثر من اسبوع كنا تناولنا تداعيات إقامة مؤتمر لندن من أجل إيجاد حلول لأزمة السودان الذي تعد بريطانيا لإقامته بعيدا عن الحكومة السودانية، وذكرنا أن تسمية المنظمين للمؤتمر المزمع عقده في 15 ابريل، تزامنا مع ذكرى الحرب اللعينة، تسميته “منصة محايدة ” هو عدم إعتراف واضح بوجود طرفي الصراع وعدم إعتراف بحكومة بورتسودان، وأن دعوة أكثر من 20 دولة للمؤتمر عدا السودان يجدد التذكير لحكومة البرهان بأن العزلة الدولية مستمرة!!
ولكن يبدو أن القصد لا يتوقف عند إستمرار عزلة حكومة بورتسودان، ويكشف التجاوز أن الامر يتعلق بعزلها وليس عزلتها، وأن الطريق نحو إستعادة الحكم المدني الديمقراطي بدأ العمل على تعبيده بصورة جادة، وبالأمس قالت المعلومات الواردة من هناك إن المنظمين للمؤتمر بدأوا في مشاورات مكثفة مع الدكتور عبد الله حمدوك رئيس مجلس الوزراء السابق المستقيل
فبالرغم من أن وزير الشؤون الافريقية البريطاني اللورد كولينز الذي تحدث في مجلس اللوردات عن أنهم يعدون لمؤتمر رفيع المستوى حول السودان في منتصف ابريل، وقال اننا نجري مشاورات حوله مع المجتمع المدني السوداني لا سيما قيادة صمود
إلا أن المشاورات مع قيادة “صمود” تكشف انها ليست مجرد تشاور يتعلق بدعوتها للمشاركة في المؤتمر ولكنه اعتراف بحكومة الثورة التي نزع البرهان منها الحكم بالسلاح، ويرى المنظمون للمؤتمر أن “صمود” تمثل واجهة سياسية مهمة بصفتها من أكثر التحالفات السياسية التي تبنت موقفا محايدا وواضحا من الحرب وعملت من أجل تحقيق السلام والمطالبة بإستعادة الحكم الديمقراطي، للانتصار لثورة ديسمبر المجيدة، وبالرغم من أن “صمود” تُعد لاعبا أساسيا في ملعب الحل السياسي للأزمة السودانية، كواجهة سياسية يلتقي طرحها مع رؤية المؤتمر الذي يسعى لبذل المزيد من الجهود المبذولة سيما أنها تقف على نقطة الحياد من طرفي الصراع وأن المؤتمر أكد منظموه انه “منصة محايدة” إلا أن ضرورة توسيع دائرة التشاور وتقديم دعوات لتشمل المجموعات السياسية السودانية المحايدة، والتي كشفت عن موقفها الرافض للحرب والداعي لوقفها، تبقى ضرورة ملحة، وذلك لما يكون له من أثر إيجابي في تحقيق اهداف المؤتمر الرامية لوقف الحرب والتي بلا شك يفيدها جمع أكبر عدد من القوى السياسية والمدنية الفاعلة لتشكيل جبهة سياسية عريضة تحت مظلة المؤتمر لتحقيق الغاية المنشودة، بغية أن التحالفات الأخرى تسعي أيضا لاستعادة المسار الديمقراطي .
كما أن المزيد مما يدعم فكرة وقف الحرب وتحقيق السلام هو أن ثمة وقفات، يومي ١٥ و١٩ أبريل في لندن وجنيف لتوجيه رسائل للمجتمع الدولي لإنقاذ المدنيين وإنهاء الحرب
ومن جهة موازية لدعم الحراك الدولي نحو حل الأزمة، فإن نائبة المتحدثة بإسم الخارجية الأمريكية منيون هيوستن تقول إن امريكا تريد من كافة الأطراف أن تتنحى عن اسلحتها وتلبي رغبة الشعب السوداني، في وقف الحرب، ولأن المجتمع الدولي لا ينظر الي ما يحدث على الارض سوى انه فوضى تستهدف ارواح المدنيين وتزيد في توسيع مأساتهم الإنسانية، قالت منيون للحدث في إجابة على سؤال كيف تنظر امريكا لتقدم الجيش على الأرض وسيطرته على العاصمة الخرطوم، قالت: هذا لا يغير في موقف امريكا المطالب بالتخلي عن السلاح وضرورة الجلوس للتفاوض، وهذا يؤكد أن السيطرة الناتجة عن الإنسحاب المتفق عليه غير “محسوبة ‘ في ميزان الحل الدولي،
وربما لوكان الجيش وسع مساحات سيطرته بمعارك عسكرية وانتصر فيها، لكان هذا له وزنه ومقداره في إعادة تشكيل وملامح الحل الدولي، ولكن!!
عليه فإن مؤتمر لندن الذي إختار صمود بقيادة حمدوك للتشاور معها دون حكومة السودان وربما تكون حضورا بتمثيلها المعلن او غير المعلن مع إصرار أمريكا على الحل السياسي بالرغم من فرض السيطرة لصالح الجيش بالعاصمة الخرطوم،
بالإضافة الي جهود المملكة العربية السعودية ولقاء الأمس الذي جمع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، برئيس المجلس الإنقلابي الفريق عبد الفتاح البرهان في قصر الصفا بمكة المكرمة
وما سبقه من تغيير في الخطاب العسكري للبرهان الذي بدأ يتحدث عن ضرورة السلام والنأي بالجيش من العملية السياسية، وذلك بقوله أن لا رغبه لهم في المشاركة السياسية مستقبلا، كلها خطوات تؤكد أن نافذة للحل فُتحت من جديد، وأن الإطلالة عبرها، ربما تأتي بتأثير حلفاء القيادة العسكرية عليها دون الحاجة الي عصا، وإن فشل الحلفاء فإن استخدام العصا لكسر العناد وارد، المهم أن القادمات من أيام لا تبشر دعاة الحرب وفلول النظام البائد، هذا إن لم تكن تُنذرهم
طيف أخير:
#لا_للحرب
الرافضون للسلام قد يتخلوا عن معاركهم السياسة لعرقلته، ولكن قد يكون الإحتجاج عسكري ميداني ليس لرفض السلام ومبدأ التفاوض، ولكن لأن خيار الحل السلمي هذه المرة غير قابل للإنهيار بالخطة والمؤامرة السياسية.
الوسومصباح محمد الحسن صمود عزلتهم عزلهم