فقدوا كل شيء.. عربي21 ترصد تفاصيل مروعة من بؤرة زلزال مراكش (شاهد)
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
غير بعيد عن عدّة منازل هُدمت بالكامل، كانا يمشيان على حافة الطريق من أجل الوصول إلى "سقاية" لملئ بعض القناني بالماء شبه النقي، في ظل انقطاع تام للماء الصالح للشرب على كافة قرية "ويرغان" المتواجدة في قلب إقليم "الحوز" بؤرة الزلزال، الذي كان الأعنف في المغرب من قرون.
آدم الذي يدرس في الصف الرابع ابتدائي، وأخته ضحى التي كانت تهم بدخول الصف الأول الإعدادي، مدارسهم دمرت بالكامل، ومنزلهم بات ركاما.
أطفال صغار، من قلب إقليم "الحوز" يشهدون على تفاصيل فاجعة إنسانية، بذاكرة قوية تتذكر أدق التفاصيل، قالا في حديثهم لـ"عربي21": "الحمد لله أبي وأمي بخير، خرجنا بسلامة، ولا يهمنا الآن إلا الحصول على ما نأكل وملابس ساخنة كي نتدفى من برد الساعات المتأخرة من الليل".
"وبرغان".. قرية صفعها الدمار
بين ليلة وضحاها، حالت الحياة إلى جحيم هنا؛ رصدت "عربي21" مخلفات الفاجعة، في اليوم الثاني من "الهزات الأرضية".
المنازل والمدارس باتت ركاما، والسكان يتضورون جوعا، ولا شيء هنا يصل؛ تقول الساكنة: "إلى حدود الساعة الراهنة لم يصلنا أي شيء، لا مساعدات ولا إرشادات لما الذي يتوجب علينا فعله الآن".
"نحن السكان اتحدنا فيما بيننا، وقررنا المبيت في العراء، في أقرب ساحة فارغة، حيث تركنا منازلنا وكل ما نملك بات تحت الدمار؛ حتى دواء أمي المريضة بالقلب، لم نعثر عليه" تقول أمينة، سيدة ثلاثينية في حديثها لـ"عربي21": "عاد أخي إلى منزلنا الذي بات آيلا للسقوط، وحاول البحث عن الدواء، لكن دون جدوى".
ورصدت "عربي21" أشخاصا غامروا بحياتهم، وعادو الدخول إلى قلب منازلهم المدمرة، من أجل البحث عن أي شيئ ذو قيمة قد يستطيعون العثور عليه من داخل الركام، من قبيل مجوهرات، أدوية، ملابس، أغطية، أو حتى أوان منزلية وألعاب.
وفي جوابها على سؤال "عربي21" حول عدم خوفها من العودة إلى منزلها، قالت سيدة : "لكنه منزلي، تعبت عليه كثيرا من أجل تجهيزه، ليس من السهل علي أبدا أن أراه بات دمارا"، فيما قال شخص آخر: "ليس لدي أي حل آخر، حيث يجب العثور على أي شيئ له معنى، وإن أتت الموت مرحبا بها، فلن أخسر أكثر مما خسرت الآن".
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
"أمسكين".. الفاجعة بعُنوان صارخ
"أنتم أول أشخاص تصلون إلى المنطقة لكي تسألوا عن أحوالنا" بهذه العبارة انهال علينا أبناء دوار "أمسكين" المتواجد في قلب إقليم "الحوز".
قالوا لـ"عربي21" بملامح الحزن والأسى والبؤس والفقر؛ وهم خائفين ومذعورين، إنهم لا يرغبون في شيء سوى إيصال صوتهم من أجل تلقي المساعدات، أو الإرشادات، لما يجب عليهم فعله الآن.
يقول المتضررون لـ"عربي21": "لم يسأل علينا أي شخص، حتى المسؤول الجماعي عن المنطقة قال بالحرف الواحد "إن مات أي شخص منكم ادفنوه بأنفسكم" وهذا ما قام به السكان؛ حيث قال علي: "فقدت ابنتي، واحدة ذات 12 سنة والأخرى ذات 14 سنة تحت الركام، حتى تم الحصول عليهم جثث، لا أجد أي كلمات أخرى لقولها.
رصدت "عربي21" مخلفات الزلزال، من داخل المنازل، التي باتت خرابا، جُلنا داخلها، وسمعنا شكاوى ضحاياها، من بينهم طفلة تقول بعين باكية "لم أعد أقوى على البقاء هنا، حتى لو أعادو لنا المنازل، من يزيح عن قلوبنا الخوف"، وسيدة أخرى اسمها عائشة، أزالت غطاء رأسها لتكشف لنا أنها مريضة سرطان، وتبحث عن محسنين من أجل توفير العلاج لها، حيث لا مال لها..
وقال آخر "جيراني من الخوف نسوا طفلهم ذو ست سنوات في المنزل وخرجوا هاربين، قبل أن ننقذه جماعة، الحمد لله على لطف الله، لكننا نسأل: ما الذي سوف يحصل لنا الآن، هل فعلا أصبحنا مشردين، ومنسيين، حيث لم يسأل علينا أي شخص، والمساعدات تمر من أمام أعيننا ولا تقف، حيث يذهبون بها إلى دوارير أخرى، لأن هذه هي الطريق الوحيدة التي تؤدي نحو ثلاث نيعقوب، بؤرة الفاجعة".
اقرأ أيضا: "عربي21" داخل بؤرة زلزال المغرب.. مشاهد حصرية للكارثة (فيديو+صور)
"ثلاث نيعقوب".. البؤرة
بعد طريق صعبة وأحجار لا تزال تتساقط من الجبال، وانقطاع تام في التغطية، وصلت "عربي21" إلى منطقة "ثلاث نيعقوب" وهي بؤرة الفاجعة، هنا فعليا ينطبق قول "من رأى ليس كمن سمع"؛ هنا فعليا ينطبق وصف "الدمار والخراب"؛ كانت مركزا للقرية بات كل ما فيها خراب، والمواطنين يحفرون الركاب بكل ما أوتوا من قوة من أجل البحث عن الأشخاص المفقودين تحت ركام المنازل، والمقاهي، والمؤسسات الرسمية.
رصدت "عربي 21" مخلفات الزلزال، وجهود السكان وتعاونهم، بكافة الوسائل البدائية، قبل أن تصل الوقاية المدنية والشرطة، وتبعد الساكنة، وتبدأ في التنقيب عن الجثث بمساعدة الكلاب البوليسية، التي الساعات ولم يجدوا شيء.
وإثر توجهنا من منطقة "ثلاث نيعقوب" نحو تارودانت،، علمنا من مصادر متفرقة موثوقة أن الطريق غير سالك بسبب سقوط أحجار كبيرة من الجبال عليه
يشار إلى أن الزلزال المدمر خلف أكثر من ألفي قتيل، ومثلهما من الجرحى، فيما لا تزال جهود إنقاذ العالقين تحت الأنقاض قائمة. View this post on Instagram
A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المغرب زلزال المغرب المغرب مراكش زلزال المغرب سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من أجل
إقرأ أيضاً:
غليون لـ عربي21: استئناف حرب الإبادة في غزة تصعيد خطير لن يحقق الاستقرار
وصف الدكتور برهان غليون، أستاذ علم الاجتماع بجامعة السوربون، استئناف الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة بأنه "انتهاك جديد لكل القوانين الدولية"، مشيرًا إلى أن هذا التصعيد الخطير لن يحقق أي استقرار أو أمن، لا للاحتلال الإسرائيلي ولا للمنطقة بأكملها.
وأضاف غليون في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، أن موافقة الولايات المتحدة الأمريكية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على استئناف العمليات العسكرية في غزة لن تحقق هدف التهجير الذي سبق أن نظّر له الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. وأكد أن النظام العربي الرسمي لن يكون قادرًا على قبول التهجير القسري للفلسطينيين من غزة.
وحول مستقبل الأوضاع، أشار غليون إلى أن المفاوضات القادمة ستتمحور حول موقع حركة حماس في المستقبل. واعتبر أن مشروع ترامب في غزة، الذي وصفه بـ"الجنوني"، ليس له أي مستقبل، الأمر الذي سيدفع الأطراف للتفاوض على مكانة حماس ودورها السياسي في غزة وفلسطين، وهو ما يتطلب توافقًا فلسطينيًا داخليًا.
وعن الاستراتيجية الإسرائيلية، قال غليون إن إسرائيل تتبع سياسة الهروب إلى الأمام، في ظل غياب أي حلول حقيقية، معتبرًا أن قادة الاحتلال وضعوا أنفسهم في معادلة قاتلة: إما استمرار الحرب مدى الحياة، أو التفكير جديًا في حل القضية الفلسطينية عبر اتفاق مع الدول العربية.
وأوضح أن حل القضية الفلسطينية يمثل في الوقت ذاته حلًا للصراع العربي الإسرائيلي. وأكد أنه في حال عدم رغبة إسرائيل في إنهاء هذا الصراع، فستظل المواجهة مستمرة بأشكال متعددة، سواء عبر الحروب أو من خلال الضغوط السياسية والاقتصادية.
وتطرق غليون إلى الأوضاع في سوريا، معتبرًا أن ما يحدث في غزة ينعكس بشكل مباشر على سوريا، حيث تستخدمها إسرائيل كمنصة لتأكيد هيمنتها الإقليمية. وأوضح أن استمرار العدوان الإسرائيلي على سوريا يمثل تهديدًا مباشرًا للعرب، ويعزز الشعور الإسرائيلي بالتفوق وفرض القرارات في المنطقة، في ظل غياب التضامن العربي والإسلامي الفاعل.
وفي هذا السياق، دعا غليون الدول العربية إلى عدم تجاهل التصعيد الإسرائيلي في سوريا، معتبرًا أن هذا العدوان يمس الأمن الاستراتيجي العربي. كما حذر من أن استمرار هذا التجاهل سيؤدي إلى مزيد من التراجع في مكانة الدول العربية.
وفي ختام تصريحاته، أشار غليون إلى أن النخب الحاكمة في العالم العربي تواجه تحديات متزايدة في الحفاظ على سيادتها في ظل التهديدات الإسرائيلية والغربية. وأكد أن تعزيز الشرعية الشعبية وإعادة النظر في العلاقة مع الشعوب يمثلان السبيل الوحيد لمواجهة هذه التحديات. واعتبر أن الأنظمة العربية لا يمكنها الاستمرار في الوضع الراهن دون إحداث تغييرات جوهرية في سياساتها الداخلية لضمان الاستقرار والشرعية.
وفجر الثلاثاء، استأنفت إسرائيل بشكل مفاجئ حرب الإبادة على قطاع غزة، من خلال تصعيد عسكري كبير شمل معظم مناطق القطاع، ما أسفر عن "404 شهداء وأكثر من 562 إصابة"، حتى الساعة العاشرة صباحا (ت.غ)، وفق وزارة الصحة بالقطاع.
ويعد هذا الهجوم أكبر خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة في يناير/ كانون الثاني الماضي.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.