قالت دار الإفتاء المصرية من خلال موقعها الرسمي، أقلُّ ما تُدرَك به الصلاة في حق المرأة المكلَّفة حال انقطاع الحيض عنها، ويَتعلَّق به وجوبُها عليها، هو مقدار ما يَسَع تكبيرة الإحرام؛ لأنها بإدراكها تكبيرةَ الإحرام تكون قد أدركَت جزءًا مِن الصلاة، ومَن أدرك جزءًا مِن الصلاة فكأنما أدرك الصلاة، وهذا مذهب الحنفية، وهو المختار للفتوى؛ لتعلُّقه بما عليه العمل في أقلِّ مدةِ الحيض وأكثرها.

عمرة البدل.. الإفتاء تحسم الجدل (فيديو)

 فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» متفقٌ عليه. قال بدر الدين العيني في "عمدة القاري" (5/ 49، ط. إحياء التراث العربي) في بيان أحكام هذا الحديث: [مِن الأحكام: أن أبا حنيفة ومَن تبعه استدلوا بالحديث المذكور أنَّ آخِر وقت العصر هو غروب الشمس، لأنَّ مَن أدرك منه ركعة أو ركعتين مُدْرِكٌ له، فإذا كان مدركًا يكون ذلك الوقت من وقت العصر؛ لأن معنى قوله: «فَقَدْ أَدْرَكَ» أدرك وجوبها، حتى إذا أدرك الصبي قبل غروب الشمس، أو أسلم الكافر، أو أفاق المجنون، أو طهرت الحائض: تجب عليه صلاة العصر ولو كان الوقت الذي أدركه جزءًا يسيرًا لا يسع فيه الأداء..

 فإن قُلْتَ: قيد في الحديث بركعة فينبغي ألَّا يعتبر أقل منها؟ قُلْتُ: قيد الركعة فيه خرج مخرج الغالب؛ فإنَّ غالب ما يُمْكِنُ معرفةُ الإدراك به ركعةٌ أو نحوُها، حتى قال بعض الشافعية: إنما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذكر الركعة البعضَ مِنَ الصلاة؛ لأنه روي عنه: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ»، و«مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ»، و«مَنْ أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنَ الْعَصْرِ»، فأشار إلى بعض الصلاة مرة بركعة، ومرة بركعتين، ومرة بسجدة، والتكبيرةُ في حكم الركعة؛ لأنها بعض الصلاة، فمَن أدركها فكأنه أدرك ركعة] اهـ. والمرأة إذا انقطع دم الحيض عنها فلا يخلو حالها مِن أحد أمرين: الأول: أن ينقطع عنها الحيض وتتيقن النقاء من الدم قبل مضي عشرة أيام -وهي أكثر مدة الحيض-؛ سواء وافق ذلك عادتها أو لم يوافقها، ويشترط لوجوب الصلاة عليها حينئذٍ أن يكون الوقت المتبقي بعد انقطاع الدم يكفي للاغتسال وأداء تكبيرة الإحرام، فإن كان لا يكفي لاغتسال المرأة من الحيض وأدائها تكبيرة الإحرام -بمعنى أن هذا الوقت المتبقي لا يكفي إلا للغسل فقط أو هو دون ذلك-؛ فلا يجب عليها صلاة هذا الوقت حينئذ. 

والثاني: أن ينقطع عنها الحيض لتمام عشرة أيام، وفي هذه الحالة يكون الطهر مُتَيقَّنًا في حقها بمجرد هذا الانقطاع؛ لأن العَشرةَ الأيامِ هي أكثرُ مدة الحيض، ويجب عليها حينئذٍ أداءُ الصلاة إذا بقي مِن الوقت مقدار ما يسع أداءها تكبيرة الإحرام، فإذا لم يبق من الوقت زمنٌ يسع تكبيرة الإحرام فلا يجب عليها حينئذٍ فرض هذا الوقت، لا أداءً، ولا قضاءً. قال شمس الأئمة السَّرَخْسِي في "المبسوط" (2/ 15، ط. دار المعرفة): [وإذا طَهُرَت مِن الحيض وعليها مِن الوقت مقدار ما تغتسل فيه فعليها قضاء تلك الصلاة، وإن كان عليها من الوقت مقدار ما لا تستطيع أن تغتسل فيه فليس عليها قضاء تلك الصلاة، قال: وهذا إذا كانت أيامُها دون العشرة، فأما إذا كانت أيامُها عشرةً فانقطع الدم وقد مر عليها من الوقت شيءٌ قليلٌ أو كثيرٌ فعليها قضاء تلك الصلاة.. لأنه إذا كانت أَيامُها عشرةً فبمجرد انقطاع الدم تَيَقَّنَّا خروجَها من الحيض؛ لأن الحيض لا يكون أكثر من ذلك، فإذا أدركت جزءًا من الوقت لزمها قضاء تلك الصلاة، سواءٌ تَمَكَّنَت فيه مِن الاغتسال أو لم تَتَمَكَّن] اهـ. وقال كمال الدين ابن الهُمَام في "فتح القدير" (1/ 171، ط. دار الفكر): [واعلم أنَّ مدةَ الاغتسال معتبرةٌ مِن الحيض في الانقطاع لأقلَّ مِن العشرة وإن كان تَمَام عادتها، بخلاف الانقطاع للعشرة، حتى لو طَهُرَت في الأوَّل والباقي قَدْرُ الغُسل والتحريمة فعليها قضاءُ تلك الصلاة. وفي "النوادر": إن كان أيامُها عشرة فطَهُرَت وبَقِيَ قَدْرُ ما تَتَحَرَّمُ لَزِمَهَا الفرضُ، ولا يُشترط إمكانُ الاغتسال، وأجمَعُوا أنها لو طَهُرَت وقد بَقِيَ ما لا يَسَعُ التحريمة لا يلزمها] اهـ. وقال العلامة شَيْخِي زَادَه في "مجمع الأنهر" (1/ 53، ط. دار إحياء التراث العربي): [المعتبر آخِر الوقت عندنا.. وإن طَهُرَتْ فيه وَجَبَت، فإذا كانت طهارتها لعَشرةٍ وَجَبَت الصلاةُ وإن كان الباقي لَمْحَةً، وإن كانت لأقلَّ منها وذلك عادتُها: فإن كان الباقي مِن الوقت مقدار ما يسع الغسل والتحريمة وَجَبَت، وإلَّا فلا؛ لأنه مدة الاغتسال من الحيض] اهـ


 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإفتاء انقطاع الحيض الحيض دار الإفتاء المصرية

إقرأ أيضاً:

دار الإفتاء توضح حكم اليمين الغموس.. وتكشف عن كفارته

أوضحت دار الإفتاء حكم اليمين الغموس، مؤكدة أنه لا كفارة لها سوى التوبة والندم الصادق والاستغفار، مشيرة إلى أن اليمين الغموس، التي يتعمد فيها الشخص الكذب، لا يمكن التكفير عنها بأي عمل آخر.

وأضافت دار الإفتاء أن أغلب العلماء اتفقوا على أن اليمين الغموس لا تُكفَّر، إلا من خلال التوبة الحقيقية والتوجه إلى الله بالاستغفار، مستشهدةً بحديث ابن مسعود رضي الله عنه الذي قال فيه: "كنا نعدُّ الذنب الذي لا كفارة له: اليمين الغموس" (رواه الحاكم).

دعاء مجرب لفك الكرب والخروج من الاكتئاب.. ردده بعد الأذان وفي جوف الليل الرقية الشرعية مكتوبة.. حصن نفسك وبيتك وأولادك من الحسد

في المقابل، ذهب مذهب الشافعية إلى أن اليمين الغموس تستوجب كفارة اليمين المعروفة، وفقاً لما ورد في قوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 89].

وأشارت دار الإفتاء إلى أن التوبة لا تقتصر على الندم والاستغفار فقط، بل تشمل أيضاً رد الحقوق إلى أصحابها.

مقالات مشابهة

  • حكم صلاة النوافل جماعة وأنواعها.. الإفتاء توضح
  • حكم الكلام في المرحاض أثناء قضاء الحاجة.. الإفتاء توضح
  • صحة مقولة "كذب المنجمون ولو صدقوا" الإفتاء توضح
  • هل يجوز أداء ركعتي سنة الفجر بعد طلوع الشمس.. الإفتاء تجيب
  • حكم بيع الأدوية المخدرة بالصيدليات.. الإفتاء توضح
  • كيفية تغسيل المرأة إذا ماتت وهي حائض.. الإفتاء توضح
  • دار الإفتاء توضح حكم اليمين الغموس.. وتكشف عن كفارته
  • دار الإفتاء توضح حكم الصلاة بالمكياج وطلاء الأظافر"
  • حكم تغيير الاسم إلى أحسن منه.. الإفتاء توضح
  • مرحلة ما قبل انقطاع الطمث..ماذا نعرف عنها وكيف تتفادى المرأة تداعياتها؟