الإفتاء توضح ما تُدرَك به الصلاة في حق المرأة حال انقطاع الحيض عنها
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية من خلال موقعها الرسمي، أقلُّ ما تُدرَك به الصلاة في حق المرأة المكلَّفة حال انقطاع الحيض عنها، ويَتعلَّق به وجوبُها عليها، هو مقدار ما يَسَع تكبيرة الإحرام؛ لأنها بإدراكها تكبيرةَ الإحرام تكون قد أدركَت جزءًا مِن الصلاة، ومَن أدرك جزءًا مِن الصلاة فكأنما أدرك الصلاة، وهذا مذهب الحنفية، وهو المختار للفتوى؛ لتعلُّقه بما عليه العمل في أقلِّ مدةِ الحيض وأكثرها.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» متفقٌ عليه. قال بدر الدين العيني في "عمدة القاري" (5/ 49، ط. إحياء التراث العربي) في بيان أحكام هذا الحديث: [مِن الأحكام: أن أبا حنيفة ومَن تبعه استدلوا بالحديث المذكور أنَّ آخِر وقت العصر هو غروب الشمس، لأنَّ مَن أدرك منه ركعة أو ركعتين مُدْرِكٌ له، فإذا كان مدركًا يكون ذلك الوقت من وقت العصر؛ لأن معنى قوله: «فَقَدْ أَدْرَكَ» أدرك وجوبها، حتى إذا أدرك الصبي قبل غروب الشمس، أو أسلم الكافر، أو أفاق المجنون، أو طهرت الحائض: تجب عليه صلاة العصر ولو كان الوقت الذي أدركه جزءًا يسيرًا لا يسع فيه الأداء..
فإن قُلْتَ: قيد في الحديث بركعة فينبغي ألَّا يعتبر أقل منها؟ قُلْتُ: قيد الركعة فيه خرج مخرج الغالب؛ فإنَّ غالب ما يُمْكِنُ معرفةُ الإدراك به ركعةٌ أو نحوُها، حتى قال بعض الشافعية: إنما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذكر الركعة البعضَ مِنَ الصلاة؛ لأنه روي عنه: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ»، و«مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ»، و«مَنْ أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنَ الْعَصْرِ»، فأشار إلى بعض الصلاة مرة بركعة، ومرة بركعتين، ومرة بسجدة، والتكبيرةُ في حكم الركعة؛ لأنها بعض الصلاة، فمَن أدركها فكأنه أدرك ركعة] اهـ. والمرأة إذا انقطع دم الحيض عنها فلا يخلو حالها مِن أحد أمرين: الأول: أن ينقطع عنها الحيض وتتيقن النقاء من الدم قبل مضي عشرة أيام -وهي أكثر مدة الحيض-؛ سواء وافق ذلك عادتها أو لم يوافقها، ويشترط لوجوب الصلاة عليها حينئذٍ أن يكون الوقت المتبقي بعد انقطاع الدم يكفي للاغتسال وأداء تكبيرة الإحرام، فإن كان لا يكفي لاغتسال المرأة من الحيض وأدائها تكبيرة الإحرام -بمعنى أن هذا الوقت المتبقي لا يكفي إلا للغسل فقط أو هو دون ذلك-؛ فلا يجب عليها صلاة هذا الوقت حينئذ.
والثاني: أن ينقطع عنها الحيض لتمام عشرة أيام، وفي هذه الحالة يكون الطهر مُتَيقَّنًا في حقها بمجرد هذا الانقطاع؛ لأن العَشرةَ الأيامِ هي أكثرُ مدة الحيض، ويجب عليها حينئذٍ أداءُ الصلاة إذا بقي مِن الوقت مقدار ما يسع أداءها تكبيرة الإحرام، فإذا لم يبق من الوقت زمنٌ يسع تكبيرة الإحرام فلا يجب عليها حينئذٍ فرض هذا الوقت، لا أداءً، ولا قضاءً. قال شمس الأئمة السَّرَخْسِي في "المبسوط" (2/ 15، ط. دار المعرفة): [وإذا طَهُرَت مِن الحيض وعليها مِن الوقت مقدار ما تغتسل فيه فعليها قضاء تلك الصلاة، وإن كان عليها من الوقت مقدار ما لا تستطيع أن تغتسل فيه فليس عليها قضاء تلك الصلاة، قال: وهذا إذا كانت أيامُها دون العشرة، فأما إذا كانت أيامُها عشرةً فانقطع الدم وقد مر عليها من الوقت شيءٌ قليلٌ أو كثيرٌ فعليها قضاء تلك الصلاة.. لأنه إذا كانت أَيامُها عشرةً فبمجرد انقطاع الدم تَيَقَّنَّا خروجَها من الحيض؛ لأن الحيض لا يكون أكثر من ذلك، فإذا أدركت جزءًا من الوقت لزمها قضاء تلك الصلاة، سواءٌ تَمَكَّنَت فيه مِن الاغتسال أو لم تَتَمَكَّن] اهـ. وقال كمال الدين ابن الهُمَام في "فتح القدير" (1/ 171، ط. دار الفكر): [واعلم أنَّ مدةَ الاغتسال معتبرةٌ مِن الحيض في الانقطاع لأقلَّ مِن العشرة وإن كان تَمَام عادتها، بخلاف الانقطاع للعشرة، حتى لو طَهُرَت في الأوَّل والباقي قَدْرُ الغُسل والتحريمة فعليها قضاءُ تلك الصلاة. وفي "النوادر": إن كان أيامُها عشرة فطَهُرَت وبَقِيَ قَدْرُ ما تَتَحَرَّمُ لَزِمَهَا الفرضُ، ولا يُشترط إمكانُ الاغتسال، وأجمَعُوا أنها لو طَهُرَت وقد بَقِيَ ما لا يَسَعُ التحريمة لا يلزمها] اهـ. وقال العلامة شَيْخِي زَادَه في "مجمع الأنهر" (1/ 53، ط. دار إحياء التراث العربي): [المعتبر آخِر الوقت عندنا.. وإن طَهُرَتْ فيه وَجَبَت، فإذا كانت طهارتها لعَشرةٍ وَجَبَت الصلاةُ وإن كان الباقي لَمْحَةً، وإن كانت لأقلَّ منها وذلك عادتُها: فإن كان الباقي مِن الوقت مقدار ما يسع الغسل والتحريمة وَجَبَت، وإلَّا فلا؛ لأنه مدة الاغتسال من الحيض] اهـ
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإفتاء انقطاع الحيض الحيض دار الإفتاء المصرية
إقرأ أيضاً:
توفي والدي ولم يصم طوال فترة شبابه فماذا أفعل؟.. دار الإفتاء توضح
شهدت الصفحة الرسمية لدار الإفتاء المصرية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" استفسارات متعددة حول أحكام كفارة الصيام، حيث تساءل أحد المتابعين: "والدي توفي ولم يصم فترة شبابه؛ فماذا أفعل؟".
وجاء رد الشيخ عبد الله العجمي، مدير إدارة التحكيم والمنازعات بدار الإفتاء، موضحًا أنه يجب إخراج كفارة عن كل يوم لم يصمه الأب قبل وفاته، وذلك من خلال إطعام مسكين أو إخراج مبلغ مالي لا يقل عن 10 جنيهات، وفقًا للاستطاعة، مؤكدًا أن هذه الكفارة تبرئ ذمة المتوفى وتعوض الأيام التي لم يتمكن من صيامها.
وفي سياق متصل، تناول مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية مسألة إخراج كفارة بدلًا من قضاء الصيام، موضحًا أن الأصل فيمن أفطر بعذر شرعي خلال رمضان هو قضاء الأيام الفائتة متى زال العذر، استنادًا إلى قوله تعالى: "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" (البقرة: 184).
وأكد المركز أن الإفطار بسبب الحمل يعد عذرًا مؤقتًا، وبالتالي يجب على المرأة الحامل قضاء ما فاتها من أيام الصيام بمجرد قدرتها على ذلك، ولا يُنتقل إلى إخراج الكفارة إلا في حالة العجز الدائم عن الصيام بسبب مرض مزمن لا يُرجى شفاؤه.
وحول مسألة إخراج كفارة الصيام في غير موضعها، تساءل أحد المتابعين عن إمكانية توزيع الكفارة بين بناء المساجد، ومساعدة مرضى الكلى، وإطعام الفقراء، وهل تُحسب في هذه الحالة كفارة أم مجرد صدقة؟
ورد الشيخ محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، موضحًا أن مصارف الزكاة والكفارات قد حددها الله تعالى في القرآن الكريم في قوله: "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ" (التوبة: 60).
وأوضح عبد السميع أن كفارة الصيام يمكن أن تُصرف على مرضى الكلى والفقراء، لكن لا يجوز إنفاقها في بناء المساجد، لأن الأصل في الكفارة هو تحقيق مصلحة الإنسان قبل البنيان، مشيرًا إلى أن إطعام المساكين هو الغرض الأساسي من الكفارة، وبذلك لا تحقق المساهمة في بناء المسجد هذا المقصد.
هل يجوز دفع الكفارة عن شخص آخرمن ناحية أخرى، تناول الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، حكم دفع الكفارة نيابة عن شخص آخر، مؤكدًا أنه يجوز الوفاء بالكفارة عن شخص عجز عن أدائها، سواء كان هذا الشخص حيًا أو متوفى.
واستشهد عويضة عثمان بحديث النبي ﷺ، عندما جاءه رجل يقول: "هلكتُ يا رسول الله" بسبب وقوعه على زوجته في نهار رمضان، وسأله النبي إن كان يستطيع عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام 60 مسكينًا، لكنه لم يكن قادرًا على أي من هذه الخيارات. وعندها، أُحضر إلى النبي تمرٌ، فقال له: "تصدق بهذا"، فأجاب الرجل: "أعلى أفقر منا؟ فوالله ما بين لابتيها أهل بيتٍ أحوج إليه منا"، فضحك النبي ﷺ حتى بدت أنيابه، ثم قال: "اذهب فأطعمه أهلك".
وأوضح عثمان أن هذا الحديث يدل على أنه يمكن دفع الكفارة عن شخص غير قادر على الوفاء بها بنفسه، سواء بمساعدته ماليًا أو بإخراجها عنه.
خلاصة الأحكامإذا توفي شخص دون قضاء صيامه، يجب على ورثته إخراج كفارة عن كل يوم لم يصمه، وهي إطعام مسكين أو مبلغ مالي حسب الاستطاعة.قضاء الصيام واجب على من أفطر بعذر مؤقت، مثل الحمل أو المرض القابل للشفاء، ولا يُنتقل إلى الكفارة إلا في حالة العجز الدائم.لا يجوز إخراج كفارة الصيام في بناء المساجد، لكن يمكن توزيعها على الفقراء ومرضى الكلى.يجوز دفع الكفارة عن شخص غير قادر على أدائها بنفسه، سواء بمساعدته ماليًا أو بإخراجها عنه.