الجزيرة:
2024-07-04@12:07:57 GMT

ملامح انفجار اجتماعي جديد في سوريا

تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT

ملامح انفجار اجتماعي جديد في سوريا

يعيش الرئيس السوري بشار الأسد أفضل أيامه منذ اندلاع الحرب، فقد تحولت دمشق بعد زلزال السادس من فبراير/شباط إلى مقصد لزيارة وزراء الخارجية والمسؤولين العرب. وقد أجرى الأسد، منذ تلك الفترة العديد من الزيارات الخارجية وشارك في القمة العربية بالرياض بعد استعادة عضوية سوريا في الجامعة العربية. كما رفض، أكثر من مرة، عرضًا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للقاء به.

بشكل عام، تعكس هذه التحولات شعورا لدى الأسد بالانتصار في الحرب، ولكنه ليس شعورًا حقيقيًا بالكامل. في الأسابيع الأخيرة، اندلعت موجة من الاحتجاجات بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في محافظتي درعا والسويداء، وسرعان ما تحولت إلى دعوات لرحيل الأسد.

من الصعب الاعتقاد أن هذه الاحتجاجات قد تتحول إلى تهديد جديد لحكم الأسد، فالكثير من المناطق التي استعادها النظام خلال الحرب لم تُظهر تجاوبًا مع هذا الحراك، رغم أن أوضاعها الاقتصادية ليست أفضل. ولكن الاستياء المتزايد بسبب انهيار الوضع الاقتصادي يقوض، بشكل مستمر، قدرة الأسد على تعزيز سيطرته على سوريا كما كانت قبل الحرب.

لا يبدو هذا الاستنتاج نتيجة للاحتجاجات الجديدة أو للسخط الاجتماعي فقط. لا تزال مناطق واسعة من شمال البلاد خارجة عن سيطرة النظام، وتتقاسمها فصائل المعارضة ووحدات حماية الشعب الكردية، الذراع السورية لحزب العمال الكردستاني المعتبر إرهابيًا. أضف إلى ذلك الوجود العسكري التركي في غرب نهر الفرات والوجود العسكري الأميركي في شرقه، مما يجعل من الصعب على النظام استعادة السيطرة على هذه المناطق في المستقبل القريب.

الانهيار الاقتصادي في سوريا الذي يجعلها مهددة بأن تصبح دولة فاشلة تضر استقرار المنطقة والعالم، يجب أن يعمل كتحذير للمجتمع الدولي لإعادة التفكير في الضرورة البحث عن خيارات جديدة لزيادة الضغط على الأسد وحلفائه

وبالإضافة إلى ذلك، فإن حقيقة أن ملايين اللاجئين السوريين، الذين فروا من البلاد بعد الحرب، لا يزالون يرفضون العودة إليها في ظل حكم الأسد، تجعل ادعاءه بالانتصار بعيدا عن الواقع، حتى إذا استطاع تغيير المسار العسكري لصالحه بفضل الدعم الروسي والإيراني. بينما يسعى الأسد إلى توسيع نطاق فك عزلته الخارجية، فإن عجزه في التعامل مع الانهيار الاقتصادي يعمل بشكل متزايد على خلق وضعية جديدة في الصراع تجعله عالقًا بين نصر غير مكتمل ومخاطر انفجار اجتماعي جديد. في الواقع، يستمد هذا السخط قوته من حقيقة أن العديد من السوريين، حتى في المناطق التي تخضع لسيطرة النظام حاليًا، يفضلون الهجرة عن البقاء في بلد منهار اقتصاديًا ومفكك اجتماعيًا وجغرافيًا.

يبدو التساؤل عن أسباب الوضع الذي آلت إليه سوريا بعد 12 عامًا من الحرب محيرًا بعض الشيء. لا يزال الأسد عاجزًا عن إعادة التاريخ إلى ما قبل عام 2011، ولكن آمال المعارضة في التخلص من نظامه تقلصت بشكل كبير منذ التدخل العسكري الروسي منتصف العقد الماضي. يعود السبب في ذلك إلى تراجع الدول التي كانت تدعم المعارضة في أولى مراحل الحرب عن هذا الدعم لأسباب مختلفة.

ومع ذلك، فإن التبعات الاقتصادية الكبيرة التي خلفتها الحرب تمنح الصراع اليوم بُعدًا جديدًا، لا تقل قوة عن موازين القوة العسكرية، خصوصًا عندما نعلم أن أكثر من 60% من السوريين اليوم (ما يُقدر بـ 12 مليون شخص) يواجهون الجوع ويكافحون من أجل تأمين لقمة العيش. وبالإضافة إلى ذلك، يعيش 90% من السكان تحت خط الفقر، وما يزيد من المشكلة التي يواجهها الأسد هو أن الدول العربية التي قررت تطبيع العلاقات معه لا تزال تتجنب دعمه اقتصاديًا، إما لأنها تربط ذلك بتحول سياسي أو بسبب العقوبات الغربية المفروضة على النظام أو لكلا السببين معًا.

رغم أن الأسد نجح في إضفاء بُعدٍ طائفي على الصراع خلال سنوات الحرب، فإنه اليوم يبدو عاجزا عن إحكام قبضته المطلقة على المناطق التي تكون فيها الغالبية من العلويين على الساحل السوري. ورغم أن هذه المناطق لا تزال تتجنب تنظيم احتجاجات مشابهة لتلك التي تشهدها المناطق الأخرى خوفًا من القبضة الأمنية، فإن العلويين يجدون أنفسهم اليوم في وضع اقتصادي أسوأ مقارنةً بالسوريين في المناطق الأخرى، ويتصاعد الاستياء من الفساد والمحسوبيات في ظل العقوبات التي يتمسك بها الغرب كورقة ضغط على الأسد لدفعه إلى تقبل انتقال سياسي أو تسوية شاملة للصراع، ستزداد الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها الأسد داخليًا، وهو ما قد يتسبب في تسخين السخط الاجتماعي، مما يجعله قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة.

من غير المرجح أن تُشكل التحديات الجديدة التي يواجهها الأسد دافعًا للدول التي سعت في بدايات الحرب إلى الإطاحة بنظامه للانخراط مجددًا في الصراع ومحاولة تغيير الوضع، إذ لم تعد معظم هذه الدول قادرة أو راغبة في ذلك، ولكن الانهيار الاقتصادي في سوريا الذي يجعلها مهددة بأن تصبح دولة فاشلة تضر استقرار المنطقة والعالم، يجب أن يعمل كتحذير للمجتمع الدولي لإعادة التفكير في ضرورة البحث عن خيارات جديدة لزيادة الضغط على الأسد وحلفائه من أجل المشاركة في عملية سياسية حقيقية توصل إلى حل شامل للأزمة.

ومن غير المرجح أن يرى الأسد أي حاجة لإجراء تغييرات سياسية جوهرية، وقد يراهن على تأثير الانهيار الاقتصادي على جيران سوريا لدفع الدول الأخرى إلى دعمه. ومع ذلك، فإن خياراته باتت محدودة، وتزداد المخاطر المرتبطة بفقدانه للدعم الشعبي باستمرار.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الانهیار الاقتصادی

إقرأ أيضاً:

مقتل 429 مدنيا في سوريا تحت التعذيب منذ مطلع 2024.. بينهم عشرات الأطفال

كشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، عن مقتل 62 مدنيا خلال شهر حزيران /يونيو الماضي، بينهم 8 أطفال و4 سيدات و10 ضحايا بسبب التعذيب في سوريا، وذلك في جزء من حصيلة إجمالية لعدد ضحايا التعذيب خلال النصف الأول من عام 2024 بلغت 429 مدنيا بينهم 65 طفلا و38 امرأة.

ورصدت الشبكة في تقرير نشرته الثلاثاء، وجاء في 29 صفحة، - حصيلة الضحايا في النصف الأول من عام 2024، وشهر حزيران 2024، وسلطت الضوء بشكل خاص على الضحايا، الذين قضوا بسبب التعذيب، وحصيلة المجازر التي تم توثيقها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في النصف الأول من عام 2024.

وذكر التقرير أن النظام السوري لم يسجل مئات آلاف المواطنين الذين قتلهم منذ آذار /مارس 2011 ضمن سجلات الوفيات في السجل المدني، وأنه تحكم بشكل متوحش بإصدار شهادات الوفاة، ولم تتح لجميع أهالي الضحايا الذين قتلوا سواء على يد النظام السوري أو على يد بقية الأطراف، ولا لأهالي المفقودين والمختفين قسريا، واكتفى بإعطاء شهادات وفاة لمن تنطبق عليه معايير يحددها النظام السوري وأجهزته الأمنية.


وأشار إلى أن الغالبية العظمى من الأهالي غير قادرين على الحصول على شهادات وفيات، خوفا من ربط اسمهم باسم شخص كان معتقلا لدى النظام السوري وقتل تحت التعذيب، وهذا يعني أنه معارض للنظام السوري. أو تسجيل الضحية كإرهابي إذا كان من المطلوبين للأجهزة الأمنية، كما أن قسم كبير من ذوي الضحايا تشردوا قسريا خارج مناطق سيطرة النظام السوري.

وسجل التقرير، مقتل 429 مدنيا، بينهم 65 طفلاً، و38 امرأة، على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في النصف الأول من عام 2024، قتل منهم النظام السوري 62 مدنيا، بينهم 8 أطفال، و4 نساء، و5 مدنيين بينهم 3 أطفال، و1 سيدة قتلوا على يد القوات الروسية.

وبحسب التقرير، فإن تنظيم الدولة قتل 4 مدنيين بينهم 1 طفل، وقتلت جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني 12 مدنيا، بينهم 1 طفل، فيما قتلت هيئة تحرير الشام 18 مدنيا، بينهم طفل وامرأة، فيما قتلت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" 35 مدنيا، بينهم 9 أطفال.

وبحسب التقرير قُتل 293 مدنيا، بينهم 42 طفلاً، و32 امرأة على يد جهات أخرى. كما سجل التقرير مقتل 4 من الكوادر الطبية، بالإضافة لوقوع ما لا يقل عن 9 مجازر على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة.

وأظهر التقرير أنَّ محافظة درعا تصدَّرت بقية المحافظات بنسبة تقارب 27  بالمئة من حصيلة الضحايا الإجمالية، فيما حلّت ثانيا محافظة دير الزور بنسبة تقارب 18بالمئة، تلتها كل من محافظتي الرقة وحلب بنسبة تقارب 14 بالمئة، وقد قتل جلُّ الضحايا في هذه المحافظات على يد جهات أخرى.

كما وثَّق التقرير مقتل 53 مدنياً تحت التعذيب، بينهم 1 طفل، في النصف الأول من عام 2024، قتل 26 منهم على يد قوات النظام السوري، و15 على يد هيئة تحرير الشام، فيما قتلت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" 7 مدنيين تحت التعذيب بينهم 1 طفل، وقتلت قوات المعارضة المسلحة 5 مدنيين.

وبحسب التقرير، فقد وثقت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في النصف الأول من عام 2024، ما لا يقل عن 57 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، 39 من هذه الهجمات كانت على يد قوات النظام السوري، ومعظمها في محافظة إدلب. من هذه الهجمات 17 حادثة اعتداء على منشآت تعليمية (مدارس)، و2 على منشأة طبية، و7 على أماكن عبادة.

وسجل التقرير حصيلة الضحايا في شهر حزيران /يونيو، حيث وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 62 مدنيا، بينهم 8 أطفال، و4 نساء، على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، بينهم 9 مدنيين على يد قوات النظام السوري، و2 مدني على يد هيئة تحرير الشام، ومقتل 2 مدني على يد فصائل المعارضة المسلحة/الجيش الوطني، وقتل 7 مدنيين بينهم 2 طفل على يد قوات سوريا الديمقراطية، فيما قتل 42 مدنيا، بينهم 6 أطفال، و4 نساء على يد جهات أخرى.


كما وثق التقرير مقتل 10 ضحايا بسبب التعذيب على يد كل من أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في حزيران، منهم 4 على يد قوات النظام السوري، و2 على يد هيئة تحرير الشام، و3 على يد قوات سوريا الديمقراطية و1 على يد فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني.

وأوصى التقرير، لجنة التحقيق الدولية المستقلة (COI) بفتح تحقيقات موسّعة في الحالات الواردة فيه وما سبقه من تقارير، وأكد على استعداد الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان للتعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتفاصيل.

وتعاني سوريا من صراع داخلي منذ انطلاق الثورة السورية في 15 آذار/ مارس 2011، التي تحولت بفعل العنف والقمع الوحشي الذي قوبلت به من قبل النظام السوري إلى حرب دموية، أسفرت عن مقتل مئات الآلاف ودمار هائل في المباني والبنى التحتية، بالإضافة إلى كارثة إنسانية عميقة لا تزال البلاد ترزح تحت وطأتها.

مقالات مشابهة

  • اعتقالات في ألمانيا والسويد طالت متهمين بارتكاب جرائم في سوريا
  • 1236 حالة احتجاز تعسفي في سوريا 86 منهم نساء وأطفال
  • رُفض نقلها إلى بيروت.. ما جديد الحالة الصحيّة للونا الشبل بعد تعرضها لحادث سير؟
  • السيدة الثانية.. كيف شقت لونا الشبل طريقها من الشاشة إلى قصر الأسد؟
  • مقتل 429 مدنيا في سوريا تحت التعذيب منذ مطلع 2024.. بينهم عشرات الأطفال
  • بوادر جديدة للتقارب.. هل تعيد أنقرة علاقاتها مع دمشق؟
  • افتتاح معبر أبو الزندين.. منافع اقتصادية أم تطبيع مع نظام الأسد؟
  • هآرتس: هل الأسد جزء من وحدة الساحات مع إيران؟
  • وسائل اعلام: تركيا تقطع الاتصالات والإنترنت عن المناطق التي تسيطر عليها الجـماعات المسلحة المعارضة شمال سوريا
  • إحراق الشاحنات التركية في سوريا ردا على أحداث قيصري