السعودية.. هل تصل الإيرادات غير النفطية تريليون ريال في 2030؟

من المتوقع أن تصل الإيرادات غير النفطية السنوية إلى تريليون ريال في عام 2041.

هل يتناسب ارتفاع الإيرادات غير النفطية خلال الفترة السابقة مع الهدف الذي حددته الرؤية؟ هل ستحصل الدولة في 2030 تريليون ريال من الإيرادات غير النفطية؟

يعود ضعف تنفيذ الرؤية لعدم ملائمة النظام الضريبي وبات من اللازم إجراء إصلاح شامل له يتناول جميع الضرائب الراهنة ويفرض ضريبة جديدة على دخل السعوديين.

يجب أن يستند النظام الضريبي إلى عدالة توزيع الأعباء العامة بين المكلفين ومساهمة الضرائب في التنمية الاقتصادية لترتفع حصيلتها وليس فقط بزيادة أسعارها. عندئذ تزداد الإيرادات غير النفطية وتقترب الرؤية من أهدافها.

* * *

عانت السعودية خلال فترة طويلة من عجز مالي أدى إلى تفاقم المديونية العامة، لا سيما الخارجية، وإلى هبوط نقدها الأجنبي. لمعالجة هذه المشكلة المزمنة والخطيرة وبهدف تنويع مصادر الإيرادات العامة، قررت الدولة العمل على زيادة إيراداتها غير النفطية.

أحرزت الرياض تقدماً لا يستهان به في هذا الميدان، لكن هذا التقدم يكاد يقتصر على ضريبة القيمة المضافة وبالتحديد على ارتفاعها، كما أنه لا يعادل طموحات الرؤية.

في إبريل 2016 وضعت السعودية خطة شاملة تتناول الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها بحلول 2030 في مختلف الميادين، ومن أهم هذه الميادين المالية العامة التي تنقسم إلى عدة أبواب، ومنها تنمية الإيرادات غير النفطية. حول هذا الباب وضعت الرؤية الهدف التالي: زيادة الإيرادات السنوية غير النفطية من 163 مليار ريال في عام 2015 إلى ترليون ريال في عام 2030.

ارتفاع حصيلة الضرائب

تنقسم الإيرادات غير النفطية إلى قسمين أساسيين: الإيرادات الضريبية وأرباح المؤسسات التجارية التابعة للحكومة، لاسيما صندوق الاستثمارات العامة.

وتتأتى الإيرادات الضريبية من خمس ضرائب: الزكاة التي يخضع لها السعوديون ورعايا دول مجلس التعاون، وضريبة الدخل والأرباح والمكاسب التي تُفرض على الأجانب المقيمين في السعودية، والرسوم الجمركية التي تُفرض على السلع المستوردة حسب اتفاقية الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون.

منذ سنوات، لم يطرأ تغيير مهم على حصيلة هذه الضرائب الثلاث، إذ تبلغ حوالي عشرين مليار ريال لكل منها. أما الضريبة الانتقائية فتسري على السلع المضرة بالصحة كالسجائر والمشروبات الغازية.

وتتناول ضريبة القيمة المضافة كل مرحلة من مراحل بيع السلعة وهي أهم ضريبة حيث بلغت حصيلتها (إضافة إلى الضريبة الانتقائية) 254 مليار ريال أي 22.5% من الإيرادات الكلية لعام 2023.

وبهذا، أصبحت ميزانية الدولة تعتمد على ضريبة القيمة المضافة اعتماداً كبيراً بعد أن انتقل سعرها من 5% إلى 15%. وبالتالي لم تعد العودة إلى سعرها القديم ممكنة دون إحداث خلل مالي.

في الفترة بين 2016 و2023 ارتفعت الإيرادات الضريبية ارتفاعاً هائلاً حيث انتقلت من 82 مليار ريال في بدايتها إلى 322 مليار ريال في نهايتها. كانت تمثل 15.8% من الإيرادات الكلية في 2016 ثم بلغت 28.5% منها في 2023.

وهكذا، يحتل حجم الإيرادات الضريبية في السعودية المرتبة العربية الأولى. وتسجل مصر المرتبة الثانية والجزائر في المرتبة الثالثة. أصبحت هذه الإيرادات عاملاً أساسياً من عوامل الفائض المالي الذي سجلته ميزانية السعودية في العامين المنصرم والجاري.

رغم هذه المكانة، لا نجد في الرؤية اهتماماً كافياً بالضرائب. ولا توجد حتى في برنامج التوازن المالي إشارات إلى تطوير النظام الضريبي. بات من الضروري إجراء إصلاح ضريبي شامل. إذ أن النظام الحالي بدائي يعتمد على الجنسية (الزكاة) ولا يمنح إعفاءات حسب الحالة المدنية للمكلفين (الضريبة على الدخل والأرباح والمكاسب).

أما من الناحية الإدارية فقد أحرزت السعودية تقدماً ملحوظاً نتيجة الرقمنة التي أدت إلى معالجة بعض مظاهر التهرب الضريبي وإنجاز المعاملات بسرعة. قادت الرقمنة إلى تحسن كبير في حصيلة الضرائب. ورغم ذلك، لم تستطع رؤية السعودية تنفيذ هدفها المالي.

التنفيذ ضعيف

رؤية 2030 السعودية لا تعني انتظار عام 2030 بل تنص صراحة على ضرورة العمل فوراً، أي اعتباراً من نهاية أبريل 2016. مضت أكثر من سبع سنوات على صدور الرؤية، وبالتالي، آن الأوان للتعرف على مستوى التنفيذ.

لا بد من مناقشة وجهة النظر الرسمية الواردة في وثيقة “إنجازات رؤية السعودية 2030 في عام 2021” التي تطرقت إلى فقرتين:

الفقرة الأولى:

ارتفاع نسبة مساهمة الإيرادات غير النفطية قياساً بالإيرادات الكلية للدولة من 27% في 2015 إلى 42% في 2021.

الفقرة الثانية:

ارتفاع الإيرادات غير النفطية خلال الفترة المذكورة بمعدل سنوي قدره 18%.

كيف حدث هذا التطور؟ وما هي أهميته؟

في 2021 عانت أسعار النفط من تداعيات وباء كورونا الذي أدى إلى تدهور الطلب. تراجعت الإيرادات النفطية فتصاعدت تلقائياً مساهمة الإيرادات غير النفطية. كما قاد هذا الوباء إلى رفع سعر ضريبة القيمة المضافة فازدادت حصيلة الضرائب. في الحقيقة، لم يكن ارتفاع مساهمة الإيرادات غير النفطية نتيجة برامج الرؤية بل لأسباب خارجية لا علاقة لها بالسياسات المحلية.

من زاوية أخرى، إذا أجرينا المقارنة بين 2016 و 2022 (بدلاً من 2015 و2021) سوف نحصل على نتائج عكسية. ففي 2016 كانت الإيرادات الكلية للدولة 528 مليار ريال منها إيرادات غير نفطية قدرها 199 مليار ريال.

وفي 2022 بلغت الإيرادات الكلية 1234 مليار ريال منها إيرادات غير نفطية بمبلغ 392 مليار ريال. بعملية حسابية بسيطة نستنتج بأن الإيرادات غير النفطية كانت 37.6% من الإيرادات الكلية في 2016. ثم انخفضت إلى 31.7% من الإيرادات الكلية في 2022. هذه النتيجة تتناقض تماماً مع الفقرة الأولى.

إن علاقة الفقرتين المذكورتين في تلك الوثيقة الرسمية بالمسألة المطروحة هنا غير وطيدة. لا ينحصر الموضوع في ارتفاع نسبة مساهمة الإيرادات غير النفطية. بل في الإجابة على هذين السؤالين:

هل يتناسب ارتفاع الإيرادات غير النفطية خلال الفترة السابقة مع الهدف الذي حددته الرؤية؟ هل ستحصل الدولة في عام 2030 على ترليون ريال من الإيرادات غير النفطية؟

وضعنا معادلة تعتمد على ثلاثة مؤشرات:

المؤشر الأول: حجم الإيرادات غير النفطية لعام 2016 أي قبل التنفيذ السنوي للرؤية وقدره 199 مليار ريال.

المؤشر الثاني: حجم الإيرادات غير النفطية لعام 2022 وقدره 392 مليار ريال. أي بعد ست سنوات من تنفيذ الرؤية.

المؤشر الثالث: هدف الرؤية لعام 2030 وهو تحقيق إيرادات غير نفطية بمبلغ ترليون ريال.

ترليون ريال – 199 مليار ريال = 801 مليار ريال. وهي الزيادة الكلية التي يتعين تحقيقها للإيرادات غير النفطية بحلول 2030.

801 مليار ريال ÷ 14 سنة وهي فترة الرؤية = 57.2 مليار ريال. معدل الزيادة السنوية للإيرادات غير النفطية التي يتعين تحقيقها وفق الرؤية.

انطلاقاً من هذا الرقم يُفترض أن تصل الإيرادات غير النفطية إلى 542 مليار ريال في عام 2022. أي 199 مليار ريال لعام 2016 + (57.2 مليار ريال × 6 سنوات).

على الصعيد العملي، بلغت الإيرادات غير النفطية 392 مليار ريال في ميزانية 2022. لم يكن إذاً معدل الزيادة السنوية لهذه الإيرادات 57.2 مليار ريال بل 32.2 مليار ريال.

انطلاقاً من هذه النتيجة وعلى افتراض استمرار الزيادات السنوية اللاحقة على هذا المنوال، لا يمكن للرؤية تحقيق هدفها بحلول 2030 وقدره تريليون ريال بل يمكنها الوصول إلى 650 مليار ريال. من المتوقع أن تصل الإيرادات غير النفطية إلى ترليون ريال في عام 2041.

يعود ضعف تنفيذ الرؤية إلى عدة عوامل، منها عدم ملائمة النظام الضريبي. لذلك بات من اللازم إجراء إصلاح شامل لهذا النظام يتناول جميع الضرائب السائدة حالياً ويفرض ضريبة جديدة على دخل السعوديين.

ويتعين أن يستند إلى عدالة توزيع الأعباء العامة بين المكلفين وإلى مساهمة الضرائب في التنمية الاقتصادية. هكذا ترتفع حصيلة الضرائب وليس فقط بزيادة أسعارها. عندئذ تزداد الإيرادات غير النفطية وتقترب الرؤية من بلوغ أهدافها.

*صباح نعوش كاتب وباحث اقتصادي

المصدر | البيت الخليجي للدراسات والنشر

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية عجز الضرائب ميزانية الدولة النظام الضريبي رؤية 2030 تريليون ريال الإيرادات غير النفطية ضریبة القیمة المضافة الإیرادات الضریبیة حصیلة الضرائب ملیار ریال فی تریلیون ریال ترلیون ریال ریال فی عام ریال من عام 2030

إقرأ أيضاً:

تقرير ابل المالي للربع السابق يكشف عن نمو في الإيرادات بنسبة 6%

مقالات مشابهة “الهلال في الصدارة” تعرف على جدول ترتيب الدوري السعودي للمحترفين 2024-2025

‏47 دقيقة مضت

AMD تكشف عن معالج Ryzen 7 9800X3D بتحسينات في آداء الألعاب بنسبة 26%

‏60 دقيقة مضت

بنك التنمية الاجتماعية يُعلن شروط قرض الأسرة بدون فوائد للسعوديين والسعوديات بأقساط ميسرة طويلة الأجل

‏ساعة واحدة مضت

“استعلم عنها الآن”.. رابط الاستعلام عن اسماء المقبولين في سكنات عدل 3 المرحلة الأولى 2024

‏ساعتين مضت

حقل عين أمناس.. ماذا تعرف عن أكبر مشروعات الغاز الرطب في الجزائر؟

‏ساعتين مضت

“تم الطرح” حجز تذاكر مباراة الهلال والاستقلال في دوري أبطال آسيا للنخبة 2024

‏ساعتين مضت

كشفت شركة ابل عن تقريرها المالي للربع السابق، والذي يؤكد على نمو في الإيرادات بنسبة 6% نتيجة لمبيعات الجيل الجديد من هواتف الأيفون.

أوضح تقرير ابل للربع المالي الأخير الذي بدأ من يوليو وانتهى في شهر سبتمبر، الإنتعاش الذي سجلته ابل في الإيرادات مع إنطلاق سلسلة iPhone 16، حيث سجلت الشركة إيرادات بنسبة 94.9 مليار دولار.

ويوضح التقرير إرتفاع في إيرادات ابل بشكل عام نتيجة لمبيعات أجهزة ماك وهواتف الأيفون وأجهزة الآيباد، وأيضاً إرتفاع في إيرادات خدمات ابل، إلا أن الأجهزة القابلة للإرتداء لم تسجل زيادة في الإيرادات، حيث إنخفضت إيرادات ابل في هذا القسم بنسبة 3%.

ولقد أكد “Tim Cook” الرئيس التنفيذي لشركة ابل أن مبيعات هواتف الأيفون سجلت رقم قياسي في الإيرادات خلال شهر سبتمبر، كما ساهمت سلسلة iPhone 16 في تعزيز المبيعات في العشر أيام الأخيرة من هذا الربع.

يذكر أنه مع إرتفاع إجمالي الإيرادات لشركة ابل إلا أن صافي الدخل لشركة ابل إنخفض بنسبة 35% على أساس سنوي، ولقد أوضحت شركة ابل السبب في ذلك نتيجة دفع 14.3 مليار يورو أو ما يعادل (15.8 مليار دولار) بأثر رجعي للضرائب في أيرلندا.

المصدر




Source link

ذات صلة

مقالات مشابهة

  • ‎البنك السعودي الأول يحقق صافي دخل 5.9 مليار ريال للربع الثالث بزيادة قدرها 16%
  • تقرير ابل المالي للربع السابق يكشف عن نمو في الإيرادات بنسبة 6%
  • "حصانة" السعودية تدعم صندوق "بروكفيلد" الجديد بنصف مليار دولار
  • «موديز»: 2.7 تريليون دولار للاستثمار المناخي سنوياً بحلول 2030
  • مبادرة ”انسجام عالمي”.. السعودية تحتفي بالتراث اليمني لتعزيز التعايش والتفاهم الثقافي المشترك ضمن رؤية 2030
  • البنك "الأول" يحقق صافي دخل 5.9 مليار ريال بعد الزكاة وضريبة الدخل للربع الثالث بنسبة زيادة قدرها 16%
  • برقم فلكي.. روسيا تغرم غوغل 20 ديسيليون دولار أو 20 مليار تريليون تريليون
  • البنك السعودي الأول يحقق صافي دخل 5.9 مليار ريال سعودي بعد الزكاة وضريبة الدخل للربع الثالث بزيادة قدرها 16%
  • السعودية: القطاع غير النفطي بات يشكل 52% من الاقتصاد بفضل رؤية 2030
  • السعودية تتطلع لجذب الاستثمارات الأجنبية لتحقيق رؤية 2030