السوق المحلية في مناطق سيطرة الحوثي بين مطرقة الجبايات وسندان الأزمات
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
لا تكاد تنتهي مبررات جماعة الحوثي، ذراع إيران في اليمن، لفرض الجبايات على المواطنين والتجار وأصحاب المحال التجارية في مناطق سيطرتها، حتى تعود بمسميات جديدة لمراكمة الأموال والتضييق على الناس ومضاعفة معاناة اليمنيين بمزيد من الإتاوات غير القانونية.
وفي الوقت الذي تسعى فيه مليشيا الحوثي لبناء امبراطورية اقتصادية خاصة بها، وإغراق السوق بالاشتراطات والجبايات للتضييق على التجار، عمدت مؤخرًا وفي صورة مبتذلة، لفرض مزيد من الرسوم على المحال التجارية، وصلت حد مطالبة الجماعة أصحاب المحال بدفع رسوم تحت مبرر النظافة.
وابتدعت مليشيا الحوثي أكثر من 17 مناسبة طائفية لتكريس مشروعها السلالي، تمول فعالياتها عبر فرض الجبايات والإتاوات المخالفة للقانون، في حين يرى مراقبون أن الجماعة تسعى للاستحواذ على أكبر قدر من الأموال على حساب المواطنين، فيما تتعمد التضييق على التجار، بما يمكنها من استبدالهم بموالين لها.
سوق مخنوقة
وفي إطار ما تواجهه السوق المحلية في المناطق الخاضعة لسلطة ذراع إيران من ركود أثر على عملية البيع والشراء، تتواصل ذرائع الحركة الحوثية لفرض الرسوم وإغراق السوق بمسببات الانهيار، في وقت يعيش فيه السكان أوضاعًا معيشية صعبة انعكست على قدرتهم الشرائية.
وفي هذا السياق، أشار أحد أصحاب المحال التجارية في صنعاء -فضل عدم ذكر اسمه- إلى أن "السوق في حالة انهيار مستمرة، وبشكل دوري نجد أنفسنا أمام جبايات جديدة تفرضها علينا جماعة الحوثي".
وقال المصدر، في إطار حديثه لـ"نيوزيمن": "طوال أيام السنة ومحلاتنا تتنقل بين ما يصفه الحوثيون بالمجهود الحربي، إلى الضرائب، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل هناك رسوم مفروضة علينا بدعاوى تمويل المناسبات الطائفية التي ابتدعتها الجماعة، مثل يوم الغدير ويوم الولاية والمولد النبوي وغيرها من المناسبات الحوثية".
وأضاف: "لم تكتف جماعة الحوثي بما تفرضه من رسوم على جميع المحال التجارية، ونضطر لدفعها رغمًا عنا وبصورة قسرية، لتطالبنا مؤخرًا بدفع رسوم إضافية مقابل تنظيف أمام المحلات، وتطالبنا بالدفع دون أي مبرر قانوني ولا يمكن لأحد الاعتراض".
ولفت إلى أنه "على الرغم من أن الجميع يقومون بالتنظيف أمام محلاتهم بشكل دوري، الا أن الجماعة تطالبنا بدفع الرسوم، وترفض النظر لما تواجهه السوق من حالة انهيار غير مسبوقة، بل تستمر بابتزازنا وتواصل فرض الجبايات بشكل قسري".
وأشار إلى أن "السوق خلال السنوات الماضية تشهد تراجعًا كبيرًا في عملية البيع والشراء، لا سيما مع ارتفاع حدة الأزمة المعيشية التي أثرت على القدرة الشرائية لدى المواطنين".
وقال: "التراجع المستمر تحول إلى حالة ركود عامة، في حين تمارس الجماعة مختلف أشكال التضييق ضدنا، فبالإضافة لما يتم فرضه علينا من رسوم غير قانونية، هناك الضرائب والرسوم الجمركية الضخمة والتي أدت لارتفاع أسعار السلع أمام المواطنين".
واستطرد: "الوضع الراهن الذي وصلت إليه السوق، اضطرنا لتخفيض الاسعار بشكل كبير، على أمل إعادة الحركة التجارية في الأسواق، على الرغم من أن تخفيض الأسعار ينعكس سلبًا على محلاتنا التي تخرج الأموال بصورة مستمرة للضرائب والرسوم الجمركية الضخمة والمناسبات الحوثية التي لا تكاد تنتهي".
واختتم بالقول: "المشكلة لم تعد بالأسعار وحدها، بل فيما يعيشه الناس من تضييق وانحسار في قدرتهم الشرائية وتراكم الأزمات المعيشية، ومع ذلك نجد أنفسنا ومحلاتنا عرضة لمختلف أشكال الابتزاز الذي تمارسه ضدنا جماعة الحوثي دون توقف".
سياسة حوثية
منذ تمردها على الحكومة وسيطرتها على مؤسسات الدولة، اعتمدت مليشيا الحوثي على الأسواق والتجار وأموال المواطنين بمختلف فئاتهم لتغذية حربها، وإثراء القيادات السلالية، في حين سعت للاستحواذ على السوق، وابتزاز الشركات الخاصة وتلفيق التهم الكيدية ضدها، بما يبرر لها اغلاقها أو الاستيلاء عليها.
وتتخذ ذراع إيران سياسة ممنهجة لخلق الأزمات المعيشية، والإبقاء على المجتمع في حالة من الإرهاق المستمرة، في حين تسعى لابتلاع الموارد العامة للدولة المستلبة، وترفض منذ بداية الحرب دفع رواتب الموظفين بمختلف القطاعات، والمعلمين بشكل خاص.
وفي هذا السياق، يرى الصحفي محمد المياس، أن جماعة الحوثي تستثمر نفوذها لابتزاز الشركات التجارية ورجال الأعمال والمحلات الصغيرة واجبارهم على دفع الجبايات غير القانونية لصالح مشروعها السلالي.
ويعتقد المياس، في حديثه لـ"نيوزيمن"، أن الجماعة تختلق المناسبات الطائفية وترغم اليمنيين على تمويلها بالقوة، دون أن تكترث للوضع السيئ الذي أوصلت إليه السوق المحلية، والذي بات يشكل تهديدًا حقيقيا أمام المحلات والمشاريع الصغيرة التي ترغم دوريًا على دفع الاتاوات للحوثيين. حد تعبيره.
وأضاف: "المليشيا ورطت البلاد بحرب دموية أكلت أموال الناس وهددت مستقبلهم، ووضعت المواطنين أمام أسوأ الأزمات المعيشية في العالم، وهو ما أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية لدى المجتمع، وانعكس ذلك على السوق والتجار الذين وجدوا أنفسهم أمام أزمات متعددة الأوجه، وسلطة قمعية تسعى لإفلاسهم بكل السبل".
وتابع: "في العالم كله، تسعى الدول أثناء الحروب والأزمات لتقديم التسهيلات للتجار، لتضمن بذلك الحفاظ على حيوية السوق، وتقلص من احتمالية تعرض مجتمعاتها لأزمات معيشية، لكن وعلى العكس تمامًا، استغلت مليشيا الحوثي الحرب لابتزاز التجار وارهاقهم بالجبايات، ما تسبب بإغلاق الكثير من الشركات والمشاريع الخاصة الصغيرة".
واختتم المياس بالقول: "ممارسات الحوثيين باتت مكشوفة لكنها لن تتوقف، وغير أن اليمنيين اليوم يدركون جيدًا مسببات معاناتهم، ومن يقف وراء كل هذه الأزمات التي وضعت اليمن في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وهو ما قد يتحول في القريب إلى أحد أهم عوامل زوال الجماعة الحوثية بانتفاضة شعبية لا يبدو أنها بعيدة".
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: المحال التجاریة ملیشیا الحوثی جماعة الحوثی فی حین
إقرأ أيضاً:
القبة الحديدية تفشل أمام صواريخ الحوثي
نشرت رويترز تقرير قالت فيه، إن أنظمة "مقلاع داوود"، "السهم"، و"القبة الحديدية" و"ثاد" الأمريكية فشلت في اعتراض صاروخ باليستي فرط صوتي أطلقه الحوثيون.
وأضافت، أن الصاروخ تجاوز جميع خطوط الدفاع وضرب تل أبيب مباشرة، متجاوزًا مناطق حليفة على طول البحر الأحمر وأنظمة مثل "إيجيس" وSM-3 التابعة للناتو، والضربة تكشف مرة أخرى عن فشل شامل لنماذج الدفاع الجوي الغربية.
يذكر أنه في سبتمبر نشرت رويترز قالت فيه إن إيران تتوسط لنقل صواريخ روسية متقدمة إلى الحوثيين في اليمن.