لم يترك نوفاك ديوكوفيتش مجالاً أمام دانييل ميدفيديف ليحرمه من دخول التاريخ للمرة الثانية إذ تغلب على منافسه الروسي 6-3 و7-6 و6-3 في نهائي بطولة أمريكا المفتوحة، ليعادل الرقم القياسي لمارغريت كورت الحاصلة على 24 لقباً بالبطولات الأربع الكبرى.
وكلل انتصار اللاعب الصربي، الرابع في عشر مباريات نهائية في فلاشينغ ميدوز، موسماً رائعاً آخر له في البطولات الأربع الكبرى عقب فوزه في أستراليا المفتوحة وفرنسا المفتوحة، كما سيستعيد صدارة التصنيف العالمي اليوم الإثنين.
What a tournament.
The last day was as good as it gets. pic.twitter.com/rdCDb5yCop
وأصبح ديوكوفيتش (36 عاماً) أكبر لاعب سناً يفوز بلقب فردي الرجال في أمريكا المفتوحة بعصر الاحتراف، وأول من يحصد ثلاثة ألقاب من البطولات الأربع الكبرى في موسم واحد خلال أربع مرات.
وقال ديوكوفيتش عن لقبه الكبير 24 "هذا يعني كل شيء بالنسبة لي بالتأكيد، أعيش حلم طفولتي حقاً".
وأضاف "دخول تاريخ هذه الرياضة أمر مميز حقاً ومن الصعب وصف ذلك بالكلمات.
"حلمت في طفولتي حين كنت أبلغ سبع أو ثماني سنوات بأن أصبح أفضل لاعب في العالم".
Novak Djokovic continues to write history.@AustralianOpen | @rolandgarros | @Wimbledon pic.twitter.com/RrBFOQdiN6
— US Open Tennis (@usopen) September 11, 2023
وأصبح الحلم حقيقة، حيث جمع ديوكوفيتش ألقاباً أكثر من أي لاعب آخر بالفعل في البطولات الأربع الكبرى، وعادل رقم كورت القياسي على مستوى الرجال والسيدات سوياً.
وبعد حسم لقبه التاريخي قذف مضربه في الهواء وجثا على ركبتيه وسط تشجيع هائل.
وصعد للمدرجات ليحتضن ابنته ثم نزل ليرتدي قميص "مامبا للأبد" ويحمل الرقم 24.
وأراد بهذا القميص تسليط الضوء على رقمه التاريخي بجانب تكريم صديقه الراحل كوبي برايانت نجم كرة السلة الأمريكي وأسطورة لوس أنجليس ليكرز الذي كان يرتدي نفس الرقم خلال مسيرته اللامعة قبل وفاته في حادث تحطم مروحية.
وقال ديوكوفيتش "فكرت في ارتداء هذا القميص إذا نلت فرصة الفوز بالبطولة، كوبي كان صديقاً مقرباً وتحدثنا كثيراً عن عقلية الفوز.
"عندما كنت أعاني من إصابة كان من الأشخاص الذين استندت عليهم كثيراً، كان حاضراً دائماً من أجل الدعم والنصح.
"فكرت في أن رقم 24 كان يرتديه حين كان أسطورة لليكرز ولكرة السلة العالمية".
ورغم أنهما من الشخصيات الجذابة في الرياضة لم يحظ ديوكوفيتش أو ميدفيديف بدعم كامل من جماهير نيويورك.
ولم تكن الأجواء في إستاد آرثر آش بنفس حماس الليلة الماضية في نهائي فردي السيدات، حين فازت الأمريكية كوكو غوف باللقب، ولم يبد انحياز الجمهور واضحا لأي من اللاعبين.
ودخل ديوكوفيتش الملعب برغبة في الثأر من منافسه الروسي الذي حرمه من دخول التاريخ قبل عامين.
ففي آخر مواجهة بينهما في أمريكا المفتوحة في نهائي 2021 حقق ميدفيديف لقبه الكبير الوحيد ومنع ديوكوفيتش من الهيمنة على كل الألقاب الأربعة الكبرى في عام ميلادي واحد.
* دروس مستفادة
لم يتحدث ديوكوفيتش عن الثأر خلال طريقه إلى النهائي لكن من المعروف عن اللاعب الصربي تسخير غضبه وتحويل الهزائم إلى دروس مستفادة.
وكما كان متوقعاً في مواجهة بين أفضل اثنين بالملاعب الصلبة شهدت كل نقطة تقريباً تبادلاً طويلاً للكرات من الخط الخلفي.
بدأ ديوكوفيتش بضغط على المصنف الثالث وكسر إرساله في أول فرصة في طريقه للتقدم 3-صفر.
وكان هذا الكسر الوحيد الذي احتاجه ديوكوفيتش أمام ميدفيديف الذي بدا باهتا على نحو مفاجئ ولم يحصل على أي نقطة كسر في المجموعة الأولى.
وخلال ماراثون لمدة ساعة و44 دقيقة في المجموعة الثانية قاتل ميدفيديف أمام ديوكوفيتش المرهق في نقاط طويلة وشاقة.
لكن الجهد الوفير من اللاعب الروسي لم يجن ثماراً، حيث عجز عن استغلال الفرص القليلة لكسر الإرسال، ومنها عندما كان متقدما 6-5 ليبدد حسم المجموعة الثانية.
وتقدم ميدفيديف 3-1 في الشوط الفاصل لكنه لم يوجه ضربة قاضية لديوكوفيتش الذي تعافى ليتفوق 7-5.
ولم يهدر اللاعب الصربي وقتاً في المجموعة الأخيرة ليتقدم 3-1، وقاوم ميدفيديف بكسر الإرسال الأول والوحيد له في اللقاء لكنه هذا لم يكن كافياً أمام ديوكوفيتش الذي كسر الإرسال مجدداً وظفر باللقب.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني ديوكوفيتش نوفاك ديوكوفيتش الأربع الکبرى
إقرأ أيضاً:
عُمان والبحار المفتوحة.. هندسة موقع استراتيجي لعصر الطاقة المتغيرة
يعيش العالم تحولات بنيوية تعيد تشكيل النظام الاقتصادي العالمي، كما يعيد تعريف محاور القوى فيه؛ الأمر الذي يجعل البحر يبرز بوصفه الساحة الجديدة التي تشير إلى القوة الجغرافية. العالم الذي اعتاد النظر إلى الموانئ، لعقود طويلة، باعتبارها أدوات لوجستية في معادلة التجارة، فإنه اليوم يرى تحولها إلى ما يمكن أن يكون عقدا استراتيجيا يربط الطاقة بالاقتصاد العالمي، وتسوية التوازنات بين الشرق والغرب. وتعمل سلطنة عُمان، بكثير من الهدوء، على مشروع عميق لإعادة هندسة موقعها البحري، مستثمرة ما تبقى من الفجوات بين مراكز النفوذ المتزاحمة.
لم يكن منتدى القطاع البحري والموانئ والطاقة الذي بدأت أعماله في مسقط اليوم مجرد منتدى قطاعي، كان واضحا أنه يأتي في سياق التعبير الدقيق عن إدراك عُمان لطبيعة المرحلة، وفهمها أن الموقع الجغرافي لا يكفي وحده لضمان النفوذ أو الاستمرارية. فالقرب من مضيقي هرمز وباب المندب يمنح سلطنة عُمان أفضلية عبور، لكنه لا يضمن دورا محوريا إلا إذا صيغت حوله منظومة لوجستية متكاملة تستجيب للمعايير الجديدة المتمثلة في الكفاءة التشغيلية، والحياد الكربوني، وربط الطاقة بالتكنولوجيا الذكية.
ومن خلال فهم مضامين النقاشات التي شهدها اليوم الأول من المنتدى بدءا من تطوير منظومات الوقود البحري المستدام، إلى تعزيز التحول الرقمي في إدارة سلاسل الإمداد، يتضح التغير الواضح في فلسفة الاستثمار العُمانية. فلم يعد الهدف مجرد توسيع البنية الأساسية، بل الانتقال إلى تكوين بيئة لوجستية مرنة قادرة على امتصاص صدمات الأسواق، ومواكبة تحول الطلب العالمي من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة البديلة.
غير أن هذا التحول يضع عُمان أمام معادلة معقدة: كيف توازن بين طموحاتها اللوجستية ومصالح القوى الكبرى المتنافسة على النفوذ البحري في المنطقة؟ وكيف تبني منظومة طاقة مستدامة في بيئة لا تزال رهينة لتقلبات أسعار النفط والغاز، ومخاطر اضطراب حركة الشحن العالمي نتيجة النزاعات الإقليمية؟
إزاء هذه المعطيات، بلورت سلطنة عُمان استراتيجية مزدوجة المعالم؛ فهي من جهة، تعزز قدراتها المحلية عبر الاستثمارات في موانئ حديثة ومراكز إمداد للطاقة النظيفة؛ ومن جهة أخرى، تنوع شراكاتها الدولية بطريقة تحافظ على استقلال قرارها البحري والطاقي. ونجاح هذا الرهان مربوط بقدرتها على تجاوز منطق الاعتماد الأحادي على الموقع الجغرافي، والتحول إلى قوة معرفية وتقنية قادرة على صياغة الحلول بدل الاكتفاء باستقبال السفن العابرة.
من هذه الزاوية، فإن أهمية المنتدى لا تكمن فقط في استعراض الفرص، بل في كشف التحديات التي تواجه كل دولة تطمح إلى بناء حضور بحري عالمي تتمثل في تصاعد التنافس على خطوط الإمداد، والتغير السريع في تقنيات الطاقة، وتزايد الضغوط الأخلاقية والبيئية على الصناعات البحرية. بمعنى آخر، معركة المستقبل لن تكون فقط حول من يملك الميناء الأكبر أو الأسطول الأوسع، بل حول من يملك المرونة التكنولوجية والبصيرة الاستراتيجية الأبعد.
وإذا استطاعت عُمان أن تواصل الاستثمار في رأس المال البشري والابتكار التقني بالزخم ذاته الذي أظهرته مبادرات مثل مجموعة أسياد، فإنها في طريقها لتكون مركز ثقل أساسيا في معادلة الطاقة واللوجستيات العالمية خلال العقود القادمة خاصة في عالم تتراجع فيه أولوية المسافة لصالح معايير الاستدامة والابتكار التكنولوجي في رسم شبكات التجارة العالمية؛ لذلك فإن موقع سلطنة عُمان يمكن أن يتحول إلى أكثر من مركز عبور، ليغدو نقطة توازن حيوية بين شرق يتصاعد وغرب يعيد رسم استراتيجياته. والذين يدركون مبكرا أن الذكاء والمرونة تتفوقان على الجغرافيا، هم من سيرسمون خريطة البحر الجديد.