ما حكم وثائق التأمين على الحياة؟ سؤال أجابته دار الإفتاء المصرية من خلال صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، مشيرة إلى أن التأمين من المعاملات المستحدثة، وهو عقد قائم على التعاون على البر والتقوى وسد بابٍ من أبواب التكافل الاجتماعي.

 حكم وثائق التأمين على الحياة

وتابعت الإفتاء: فهو داخل في عموم قول الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» رواه البخاري، إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة الواردة في هذا الباب.

وأشارت إلى أن التأمين بكل أنواعه أصبح ضرورةً اجتماعيةً تُحتِّمها ظروف الحياة ويَصْعُبُ الاستغناء عنه؛ لوجود الكَمِّ الهائل من العُمَّال في المصانع والشركات الاقتصادية العامة والخاصة وفي غير ذلك من الأعمال، وليس المقصود من التأمين هو الربح أو الكسب غير المشروع أو ضمان عدم الموت كما قد يفهم البعض، وإنما هو التكافل والتضامن والتعاون في رفع ما يصيب الأفراد من أضرار الحوادث والكوارث ومصيبة الموت، فليس التأمين ضريبةً تُحَصَّل بالقوة، وإنما هو تكاتُفٌ وتعاوُنٌ على البر والإيثار المأمور بهما في الإسلام، ولا تعتبر زيادة مبلغ التأمين عن الاشتراكات المدفوعة رِبًا؛ لوجود معنى التكافل لتعويض أضرار الخطر.

كيف أعرف أني مصاب بالسحر أو العين؟.. الإفتاء: تحرى 10 علامات شوقي علام يكشف أهداف مؤتمر الإفتاء العالمي المقرر انعقاده أكتوبر المقبل| فيديو حكم أخذ تعويض من شركة التأمين

وفي جواب سائل يقول: ما حكم أخذ تعويض من شركة التأمين؟ وهل المال الذي تدفعه الشركة لأهل المتوفى -إثر حادث سيارة أو قطار أو ما شابه ذلك- حلال أو حرام؟، قالت دار الإفتاء من خلال موقعها الرسمي، إن التعويضات المالية التي تلتزم شركات التأمين بأدائها جائزة شرعًا؛ لأنها حقوق مترتبة على عقود شرعية صحيحة عند كثير من العلماء المعاصرين؛ بناءً على أنَّ عقود التأمين عقود تبرعات يُتَهاوَن فيها عن الغرر الكثير؛ لأنَّ الغرر فيها لا يُفضي إلى نزاع بين أطرافها، بخلاف عقود المعاوضات التي لا يُقبَل فيها إلا الغرر اليسير الذي لا يترتب عليه نزاع كما هو مقرر في الفقه.

وشددت دار الإفتاء بناءً على ذلك فأخذ هذه التعويضات حلال شرعًا.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: التامين وثائق التأمين التكافل الاجتماعي دار الإفتاء

إقرأ أيضاً:

التكافل الاجتماعي.. والتسوُّل على المنصات

 

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

أكرمنا الله سبحانه وتعالى بدين الإسلام الحنيف الذي جعل التكافل الاجتماعي من أهم صفات المجتمع المسلم، وجعل الله تعالى الرحمة والعطف بين الناس مبدأ للتعايش والمحبة ولذلك كان الإسلام أسلوب حياة للبشرية في زمن طغت عليه المادية الإنسانية التي غلفت البشرية وعلاقاتها بالمصالح المادية، وجاء هذا الدين الحنيف ليُعيد رسم معنى وجود الإنسان على الأرض ومعنى خلافة الله تعالى الواردة في كتابه العزيز مخاطبًا الملائكة "إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً" (البقرة: 30).

والتكافل الاجتماعي بين النَّاس من أسس الدين الإسلامي الحنيف والتي أمر بها الإسلام في أكثر من موضع في القرآن الكريم بل إن الله سبحانه وتعالى ربط الإيمان بهذا التكافل حيث قال تعالى: "أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ" (الماعون: 1-2)، وهذا الربط يبين قيمة التكافل الاجتماعي بين الناس في الإسلام، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "لا يومن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" من رزق وخير ونعمة وسعادة، وهو أمر يفرق بين المؤمن الحق المتخلق بأخلاق الإسلام وتعاليمه السمحة وبين من لا يحمل من هذا الدين إلّا الاسم.

لقد أمرنا الإسلام بتلمس حاجة الناس وتربى أفراد المجتمع العماني على هذا منذ القدم، وتأسس هذا المجتمع على مظاهر التكافل الاجتماعي بكل أشكاله في الأفراح والأتراح وفي الرخاء والشدة والأمثلة على ذلك كثيرة، وهذه خصائص عظيمة تميز بها مجتمعنا العماني الإسلامي جديرة بالمحافظة عليها، ومن الواجب على كل فرد أن يدرك دوره في هذه المنظومة الاجتماعية التكافلية من خلال محيطه الصغير إلى مجتمعه الكبير، لأن التقصير في هذا الموضوع له أثر سلبي على المجتمع والفرد، وانتشار الحاجة بين النَّاس مدعاة لتغير سلوكياتهم ومن ثم سلوك المجتمع ككل، وهذا ما ينتج عنه العديد من المشاكل.

لن يأتي زمان لا يوجد فيه محتاج أو فقير فهذه سنة كونية ولكنها قد تكون في حدود معقولة وفي نطاق مقبول، وقد تكون العكس، ولذلك جاء الإسلام وعالج هذه المشكلة بطريقة خاصة فأمر بالزكاة وجعلها فرضا واجبا وركنا من أركان الإسلام، وأمر بالصدقة وجعلها فرضاً على كل مستطيع، ونظم الدولة الإسلامية وجعل من واجباتها رعاية المحتاج وتوفير سبل الحياة له، وبذلك تستقيم الحياة الاجتماعية في المجتمع المسلم، وعندما يُقصر أي منها في دوره تظهر الآثار على المجتمع بوجه عام، ويخرج المحتاج لتلمس حاجته في الطريق ويبتكر المخادعون الحيل والوسائل لكسب المال دون وجه حق وتنتشر الظواهر السلبية في المجتمع كالتسول والنصب والاحتيال.

لم يأمر الإسلام بكتمان الصدقات من فراغ؛ بل هو إدراك لتأثير هذا الكتمان على الحياة الاجتماعية وترابط المجتمع، وحفظ لكرامة الفرد المسلم الذي أجبرته ظروف الحياة ووضعه قدره ورزقه في هذا الجانب من الحياة، وقد اهتم الإسلام بذلك اهتمامًا بالغًا وحرم المن والأذى في الصدقات، وأوجب كتمان الإنفاق حتى وصف الأمر بعدم معرفة الشمال ما تنفق اليمين، وهذا الكتمان له مقاصد عظيمة وغايات سامية إيمانية واجتماعية، وسلوك يُساهم في القضاء على الفقر والحاجة، وما أمر الإسلام بها إلّا لإدراك حقيقي حول ذل السؤال وقسوة الفقر ودناءة الحاجة خاصة عندما يقف المحتاج بين أهله عاجزًا.

وفي هذا العصر الذي ابتلي به العالم بوسائل التواصل الاجتماعي واستخدامها بطريقة خاطئة غير الذي أوجدت من أجله، نرى البعض يتسابق لإظهار حاجة الناس وفقرهم لا من أجل مساعدتهم، بل من أجل كسب المتابعات والإعجابات والإثارة التي أصبح البعض أسيراً لها في كل تفاصيل حياته، وأصبحت حاجة المحتاج وسيلة تستغل من قبل ضعاف النفوس هؤلاء الذين يتفاخرون في إظهار الناس بشكل لا إنساني تحقيقًا وإرضاءً لأنفسهم المريضة بمرض الشهرة، يستعرضون من خلال منصاتهم أحوال الناس مسببين جروحاً في نفوسهم المكسورة، ومن ذل الحاجة إلى ذل المنصات الاجتماعية أصبحوا يعانون في مجتمع لم يكن يومًا بهذا السلوك القبيح.

إن التسول في المنصات لن يتوقف إلّا إذا طُبِّق القانون على من يسيء للمجتمع وأفراده ومن يتجاوز حدوده، وبدون ردع حقيقي سوف يظل هؤلاء المسيؤون للمجتمع يمارسون سلوكياتهم الخاطئة تحت ذريعة أنهم يسهمون في حل مشاكل الناس ويقضون حاجتهم وهم في الأصل لهم مآرب أخرى ومكاسب مادية من وراء هذا الفعل، ولا بُد من الحذر ورصد ما يحدث من تغيُّرات في السلوك العام وعدم التعاطي مع هذه الظواهر بحسن نية حتى لا نصل لمرحلة مُتقدمة لا يمكن معها احتواء هذه المشكلة.

في الختام.. يجب أن يُدرك كل فرد دوره في البناء الاجتماعي، وعليه أن يلتزم بهذا الدور وفق ما أقرته منظومة السلوك الاجتماعي والإنساني داخل الدولة، وهذا الالتزام هو الأساس لتحقيق مفهوم الحياة الاجتماعية الكريمة لجميع أفراد المجتمع، وإذا اختلت هذه الأدوار عندها يجد تجار التسول على المنصات فرصتهم للعبث بقيم المجتمع وسلوكه وينتهزون هذه الفرصة لتحقيق غاياتهم، مستغلين هذا القصور والغياب لمفاهيم التكافل والتعاون الاجتماعي بين أفراد المجتمع.

مقالات مشابهة

  • هل من مات في رمضان يدخل الجنة بغير حساب؟ الإفتاء ترد
  • الإفتاء الأردنية توضح حكم إخراج زكاة الفطر نقدا
  • متى يفطر الصائم المسافر؟.. دار الإفتاء توضح الضوابط الشرعية
  • حالات لا تجزئ فيها الفدية عن الصيام ويلزم فيها القضاء.. الإفتاء توضحها
  • هل نقل الدم أثناء الصيام يفسده؟.. الإفتاء توضح
  • التكافل الاجتماعي.. والتسوُّل على المنصات
  • كيفية سجود التلاوة في المواصلات.. الإفتاء توضح
  • هل يجوز التفرغ للعبادة في رمضان وترك العمل؟ دار الإفتاء توضح
  • حكم الانقطاع عن العمل للتفرغ للعبادة في رمضان.. الإفتاء توضح
  • دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي حول بعض المسائل الرمضانية الشائعة