منطقتنا بين حزام الصين وممر الهند
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
نحن نشهد المستقبل القريب يُصنع اليوم.. إعلان دلهي عن مشروعها الممر التجاري الموجه للشرق الأوسط وأوروبا يرفع حرارة التنافس بين القوى الكبرى، هجمة اقتصادية هندية على منطقتنا، تعتمد النقلَ البحري والبري، وستبني شبكة طرق وقطارات، كأننا نقرأ صفحة مستعارة من التاريخ القديم.
المنطقة العربية مستفيدة من التنافس الدولي اقتصادياً الذي حفز التنافس العربي
الهند، مثل الصين ترغب في التمدد والحصول على مزيد من الموارد والأسواق
في مطلع القرن الماضي، بنت ألمانيا سكة حديد ربطت برلين بإسطنبول، ثم بغداد، وتوقفت قبل البصرة والخليج، كانت لنقل البضائع والجنود.
في خريف 2013، أعلن الرئيس الصيني عن مبادرة الحزام والطريق، مشروع أخطبوطي ضخم تشارك فيه 139 دولة، ضمنها دول عربية، بدرجات متفاوتة.. الطريق من خطين، بري عبر آسيا إلى الشرق الأوسط، ثم أوروبا، وبحري يشق المحيط الهندي إلى أفريقيا وأمريكا الجنوبية.
الهند تراقب، قلقة وغير راضية.. لم تعترض، إنما، بلغة دبلوماسية، تحتج، "بالمعايير الدولية، والحوكمة، وسيادة القانون، والشفافية، واحترام حدود الدول"، وأن الطريق يمر بمناطق متنازع عليها في كشمير مع باكستان، حليفة الصين وبوابتها الرئيسية للعالم.
بشكل عام، المنطقة العربية مستفيدة من التنافس الدولي اقتصادياً، الذي حفز التنافس العربي - العربي.. ترحب به كل دولة وتسعى أن تصبح مؤهلة لعقود أكبر في المشروعين العملاقين.
السؤال البديهي، الطريق والحزام الصيني والممر الهندي أيضاً، باطنها مشاريع سياسية، فكيف للمنطقة أن تتحاشى التورط في صراع الفيلة الدولية؟
كما ذكرت في البداية، اتفاقات اليوم تصنع المستقبل.. فالأرجح خلال السنوات المقبلة، ستفرز هذه المشاريع دول المنطقة سياسياً، ستنشأ تحالفات ومنظمات جديدة.. المشاريع السياسية لطالما كانت تاريخياً شبكة من المصالح الاقتصادية.. الطرق وسكك الحديد من دول المحور بقيادة ألمانيا، وقناة السويس من بريطانيا، والسد العالي من الاتحاد السوفياتي، والبنية التحتية من مطارات وموانئ من الولايات المتحدة لعدد من حلفائها.
واشنطن ودلهي مقتنعتان بأن هناك دوافع صينية خفية تجارية وعسكرية وراء مبادرتها الحزام والطريق.. الهند، مثل الصين، قوة صاعدة، ترغب كذلك في التمدد والحصول على مزيد من الموارد والأسواق، كلتا المبادرتين اقتصادية وسياسية.. الولايات المتحدة تعود للمنافسة، وكانت قد قلصت حضورها في إفريقيا وآسيا، بعد نهاية الحرب الباردة.
اختارت واشنطن تعزيز علاقتها بالهند، القوة المرجحة، وإن بدت بعض مواقفها مختلفة عن الأجندة الأمريكية.. مثلاً، رفضت دلهي دعوة رئيس أوكرانيا لقمة العشرين الحالية، إرضاءً لموسكو.. هذا موقف سياسي تكتيكي، في حين أن العلاقةَ الإستراتيجية أوثق اليوم مع الولايات المتحدة، بدليل دعمها الكامل لمشروع الهند، الممر التجاري مع الشرق الأوسط وأوروبا.
أي الخيارين، الصيني أم الهندي، أفضل لمنطقتنا؟
الاثنان معاً، ما أمكن ذلك.. فالسعودية، على سبيل المثال، تبيع مليوني برميل نفط للصين، ونحو مليون برميل للهند.. ويمثل البلدان اليوم، وإلى سنوات مقبلة، أكبر سوقين للرياض، فالهند ستزيد من استيرادها البترولي من 5 إلى 7 ملايين برميل يومياً في 2030، بخلاف ما يعد به رئيس الوزراء بتخفيض استيراد بلاده إلى النصف.. التقديرات تقول العكس، ستزداد وارداتها بنسبة النصف، وسيزداد تنافس القوى الصاعدة على مصادر البترول الجغرافية، والخليج تحديداً.. فهي ركن أساسي في خططِ السياسات العليا للدول الكبرى إلى منتصف القرن الحالي.
من حيث التوقيت، السعودية في موقع قوي، آخذين في الاعتبار أنها تعمل منذ 6 سنوات على مشروعها الاقتصادي العملاق الذي ينسجم مع المبادرتين الصينية والهندية.. وقد اتجهت لتقوية علاقاتها الاقتصادية مع القوتين الصاعدتين.. وإدارة العلاقات مع القوى الكبرى ليست بالمسألة الهيّنة، التنسيق النفطي مع موسكو، والتصدير لبكين ودلهي، والتعاون مع الولايات المتحدة عسكرياً.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
«نتنياهو» يعرض مكافأة مالية وممر آمن للخروج لكل شخص يعيد رهينة
عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، 5 ملايين دولار، و”ممر آمن” للخروج من غزة لأي شخص يعيد رهينة.
وقال نتنياهو: “أقول لأولئك الذين يريدون الخروج: من يحضر لنا رهينة سيجد مخرجا آمنا لنفسه ولأسرته، وسنقدم أيضًا 5 ملايين دولار عن كل رهينة، اختر، الخيار لك، لكن النتيجة ستكون واحدة، سنعيدهم جميعًا”.
وأضاف نتنياهو، متحدثا في ممر نتساريم في وسط غزة إلى جانب وزير الدفاع إسرائيل كاتس، أن من يؤذي رهينة “سيدفع الثمن”.
وقوبل عرض نتنياهو بغضب من والدة ماتان زانغاوكر، أحد الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة، وقالت عيناف زانغاوكر: “رئيس الوزراء يتاجر بحياة الرهائن”.
وانتقدت نتنياهو لـ “عرضه المال على حماس” وقالت إن محاولته “تقسيم غزة والحكم من خلال الرشاوى للخاطفين” من شأنها أن تعرض الرهائن للخطر.
وقالت: “من غير المعقول أن الرجل الذي مول حماس يعرض المال مرة أخرى على حماس”، في إشارة إلى صفقة مثيرة للجدل أرسلت فيها قطر ملايين الدولارات إلى غزة لسنوات بدعم من إسرائيل.
ودافع نتنياهو عن المبادرة عندما أطلقت في 2018، قائلا إنها كانت تهدف إلى إعادة الهدوء إلى القرى الإسرائيلية في الجنوب، ومنع كارثة إنسانية في غزة.
وقالت زانغاوكر: “عندما تكون هذه هي استراتيجية رئيس الوزراء، فأنا أفهم أنه ليس لديه نية لإنقاذ الرهائن، وسيستمر في المماطلة، ويعتزم التضحية بهم وبالجنود على مذبح اعتباراته السياسية”.