مكياج ودخان لتجميل وإخفاء وجه غولدا مائير.. فيلم بتقييمات سلبية
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
تعرض فيلم "غولدا" الذي يحكي عن تفاصيل تعامل رئيسة وزراء الاحتلال السابقة، غولدا مائير، خلال أحداث حرب أكتوبر 1973، لانتقادات واسعة، سواء على مستوى أحداثه ورؤيته والحقائق التي يقدمها، أو على مستوى الإنتاج الفني والسنمائي، من كبرى المواقع المتخصصة.
يجري ترويج "غولدا" على أنه "فيلم تشويقي تدور أحداثه خلال 19 يومًا متوترة من حرب 1973، ويجب على رئيسة الوزراء الإسرائيلية، التي تواجه احتمال التدمير الكامل لإسرائيل، أن تتغلب على الصعاب الساحقة، والحكومة ومجلس الوزراء المتشككين، إضافة للعلاقة المعقدة مع وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر".
وذكرت صفحة الفيلم على موقع شركة "بليكر ستريت" الموزعة له أن "هذه التحديات تأتي مع وجود حياة الملايين على المحك، إلا إن قيادتها الصارمة وتعاطفها ستقرر في النهاية مصير أمتها وتترك لها إرثا مثيرا للجدل حول العالم".
بينما قدم موقع IMDB المخصص في بيانات الأفلام "غولدا" على أنه قصة عن "المسؤوليات والقرارات الدرامية وعالية المخاطر التي واجهتها مائير، المعروفة أيضًا باسم سيدة إسرائيل الحديدية، خلال حرب يوم الغفران".
وتعرض الفيلم للانتقاد حتى قبل بدء عرضه بالولايات المتحدة في 25 أب/ أغسطس الماضي، ورغم تبني منظمة "أونست ريبورتنغ" الآراء التي رفضت أداء الممثلة البريطانية الشهيرة والحائزة على الأوسكار، هيلين ميرين، للدور باعتبار أنها ليست يهودية، إلا أنها لم تهاجم الفيلم، بل دافعت عن بعض أحداثه التي تتمشى مع السردية الإسرائيلية.
Movie critics and anti-Israel groups alike are taking cheap shots at 'Golda.' Others are desperately trying to smear her as a "Nazi." It just doesn't wash.https://t.co/MO8phbohF8 — HonestReporting (@HonestReporting) August 30, 2023
وقالت المنظمة إن فيلم "غلودا"، الذي سيصل إلى دور السينما في بريطانيا في 6 تشرين أول/ أكتوبر، أي مع ذكرى حرب 1973، "أصبح وسيلة لنشر الكراهية".
تشويه حقائق
تبدأ أهم أحداث الفيلم بإعلان "مائير" أن "إسرائيل" تتعرض لهجوم هجوم من مصر وسوريا يهدد بقائها، دون الإشارة إلى أن حرب أكتوبر ككل كانت جزء حرب قائمة أصلا منذ سنوات، وأن سيناء والجولان وفلسطين كانت محتلة من الدولة الناشئة حديثا.
وقالت المحاضرة في برنامج الدراسات الثقافية الأمريكية في جامعة "ويسترين واشنطن"، ندى ايليا: إنه "من الواضح أن المخرج غاي ناتيف لم يكن يريد أن يُظهر لنا الكثير من الإنسان الذي يقف وراء الأسطورة أو فقط تلك السمات البشرية التي يمكن أن تجعلها أسطورة بشكل أكثر".
وأضافت ايليا في مقال لها على موقع "ميدل إيست أي" أن السرد الصهيوني يتخلل الفيلم بشكل كامل، ويظهر ذلك في عبار "هذا هو عام 1948 مرة أخرى" التي قالتها غولدا في الفيلم، مضيفة أن المشهد أراد إظهار أن "إسرائيل هي التي تعرضت للهجوم عام 1948 وليس فلسطين".
وأوضحت أن الفيلم يزعم أن العرب، في إشارة إلى المصريين والسوريين؛ دون ذكر الفلسطينيين أبدا، لا يحزنون على موتاهم، في حين أن "وفاة كل جندي يهودي يُقتل في المعركة يثقل كاهل روحها"، مشيرة إلى "تزين الفيلم بافتراءات صهيونية مهينة أخرى".
وذكرت أن "التأثير العام للفيلم هو عكس ذلك تماما، فنحن نرى دولة راغبة في استخدام طاقتها النووية للاحتفاظ بالأراضي التي تم الاستيلاء عليها بشكل غير قانوني، وسياسي متلاعب راغب في انتزاع الأسلحة من الولايات المتحدة، حتى عندما تبدو تلك الدولة مترددة في تقديم هذه الأسلحة دون قيد أو شرط"، في إشارة إلى الضغط الإسرائيلي الهائل الممارس على الولايات المتحدة لدعمها عسكريا، بعدما تضررت ترسانتها من الضربات المصرية والسورية.
وبينت أن هذا على عكس صورة "القائد الأخلاقي البطولي الذي أراد المخرج والمنتجون بالتأكيد إثارة إعجابنا به".
وذكرت أنه "رغم أن المقصود من كل ذلك بلا شك تعزيز الدعاية الإسرائيلية، إلا أن فيلم غولدا فشل في ذلك".
أما الناقد والمخرج، أمير العمري، فقد وصف الفيلم بأكمله على أنه "عمل أحادي قصد به استعادة ذكريات تلك الحرب من وجهة نظر المحتل، واستدرار العطف مجددا على الكيان المحتل الذي يواجه حاليا شبه انتفاضة ضد سياساته المتطرفة، وهو المبرر الوحيد الذي نراه لظهور هذا الفيلم البائس حاليا".
وأضاف العمري في مقال له: "كلما تصاعد الرأي العام وانتبه إلى التجاوزات الإسرائيلية في حق الفلسطينيين، يظهر عمل دعائي يقصد منه الدعاية لإسرائيل واستدرار التعاطف معها".
وأوضح أن الفيلم "يسير في خط شبه وثائقي، ليحاول إعادة تجسيد مسار الأحداث التي سبقت ولحقت بحرب أكتوبر، من وجهة نظر الاحتلال بالطبع، وهي أحداث معروفة كتب عنها الكثير، ونشرت في مذكرات القادة الإسرائيليين، وصنعت عنها أفلام وثائقية كثيرة".
بدروها، قالت منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام: "الأمر ليس أنه لا يمكن إنتاج الأفلام لمعالجة الإرث المعقد لزعماء العالم؛ وفي الواقع، نحن ندعم مثل هذه المساعي، لكن غولدا هو فيلم عنصري بشدة يهدف إلى الترويج للمشروع الإسرائيلي وقادته، وهو أمر من واجب دور السينما عدم عرضه".
وأشارت المنظمة إلى تصريحات مائير العنصرية التي قالت فيها: "لم يكن هناك شيء اسمه فلسطينيين، ولم يكن الأمر كما لو كان هناك شعب فلسطيني في فلسطين وجئنا وطردناهم وأخذنا بلادهم منهم، لم يكن لهم وجود".
View this post on Instagram A post shared by Jewish Voice for Peace (@jewishvoiceforpeace)
وأضافت أن عنصرية مائير لم تقتصر على الفلسطينيين، فهي استخفت علانية باليهود من دول مثل إيران وليبيا ومصر وسوريا ووصفتهم بأنهم يعملون على “مستوى القرن السادس عشر، ولكي يتم قبول اليهود من هذه البلدان في المجتمع الإسرائيلي، فإنهم بحاجة إلى الارتقاء”.
تقييم سلبي
تعرض الفيلم لتقييمات سلبية واسعة، وحصل على تقييم 53 بالمئة فقط على موقع "روتين توميتوز" الشهير في تقييم الأفلام مع علامة "فاسد"، وهي أقل درجات التقييم.
كما أن تقييم الفيلم على موقع IMDB وصل إلى 6.3 من 10، والذي يعتمد بالأساس على تصويت الجمهور، كما أن هذا التقييم يعد منخفضا بالنسبة لأفلام السيرة الذاتية.
ويذكر أن فيلم "داركيست آور" الذي يروي أيضا أبرز لحظات رئيس وزراء بريطانيا الشهير، ونستون تشرشل، خلال الحرب العالمية الثانية، حصل على تقييمات إيجابية جدا على ذات الموقعين، وهو أيضا من بطولة نجم بريطاني شهير وحاصل على جائزة الأوسكار، غاري أولدمان.
وتضمنت مراجعة موقف "هوليود ريبورتر" انتقاد الهيئة البصرية التي ظهرت فيها الممثلة هيلين ميرين، وذلك بوصها بالمغطاة حرفيًا من الرأس إلى أخمص القدمين باللاتكس والكتل، بدءا من الشعر المستعار الرمادي المفرق من المنتصف وصولا إلى الأطراف الاصطناعية الموجودة فوق زوج من أحذية "غولدا" اللافتة.
وجاء في المراجعة أنه بالكاد يمكن تمييز الممثلة هيلين ولا يمكن التعرف عليها، إضافة لطرح تساؤل عما إذا كان بإمكان صناع الفيلم تحريك الشخصية بتأثيرات بصرية وجعل الممثلة المرموقة تقوم بالصوت فقط.
وانتقد الموقع وجود الكثير من التدخين في الفيلم، لدرجة أنه يبدو أحيانًا وكأنه نوع من الترفيه المتخصص لمدمني التبغ.
أما صحيفة "واشنطن بوست" فقد قيمت الفيلم بنجمتين فقط، قائلة إن السيناريو الذي كتبه، نيكولاس مارتن، كان مبالغا فيه عندما تضمن قول غولدا: "أنا سياسية، ولست جندية"، عندما تجاهلت بحسب الفيلم محاولات مستشاريها المنافسين، وزير الجيش موشيه ديان، ورئيس الموساد تسفي زامير، ورئيس الأركان العسكرية دادو العازار، ومدير المخابرات إيلي زيرا، لحملها على الالتزام بخطة العمل.
وأضافت الصحيفة أنه "في نقطة أخرى، بعد أن تحول تيار المعركة ضد إسرائيل، نشاهد مائير وهي تعصر يديها من الألم بقوة شديدة لدرجة أنها تسيل الدماء، وهي استعارة خرقاء للتواطؤ في مقتل الإسرائيليين".
وذكرت أن الفيلم تجاهل المرأة التي تقع في مركز القصة، ولم تحظى بشخصيتها وتناقضاتها إلا بقدر قليل من الاهتمام، وأنه لا يقدم صورة عميقة عنها، إنما مجرد "خدش للسطح".
بينما قالت شبكة "سي إن إن" إن الإخفاقات الإسرائيلية في الحرب كانت مبنية على الثقة المفرطة للغاية، وكون أن وزير الجيش، موشيه ديان، "يحتقر تماما الصفات القتالية للجيوش العربية".
وأضافت الشبكة أن هذا الازدراء غير مبرر إلى حد كبير؛ كما قال أحد قادة السرية الإسرائيلية، إن القوات المصرية "قاتلت بتصميم وعملت بشكل جيد للغاية".
وذكرت أن الفيلم لا يفعل سوى القليل للاعتراف بجودة الجنود العرب، أو مدى مفاجأة الإسرائيليين لهم، مضيفا أن هناك أيضا القليل من النقاش حول الرئيس المصري، أنور السادات، الذي كان لامعا وشجاعا من عدة جوانب.
في حين قالت قناة Bad Movie Reviews، وهي قناة مخصصة لمراجعة الأفلام السيئة إن الفيلم "ممل وخافت وأحادي البعد".
ووجهة القناة انتقادات للفيلم بسبب تشويهه للحقائق التاريخية وعدم عرض النظرة العنصرية لغولدا تجاه العرب والفلسطينيين، لا سيما أن لها العديد من التصريحات بهذا الخصوص.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية فيلم الاحتلال غولدا مائير حرب أكتوبر فيلم الاحتلال حرب أكتوبر غولدا مائير سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أن الفیلم على موقع لم یکن
إقرأ أيضاً:
«الظّل» الذي طاردته إسرائيل لعقود.. من هو «محمد الضيف»؟
أعلن أبو عبيدة الناطق باسم كتائب “القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس”، في وقت سابق أمس الخميس، مقتل قائد هيئة أركان الكتائب القائد محمد الضيف خلال معركة “طوفان الأقصى”، إلى جانب أربعة آخرين من كبار قادتها خلال الحرب بين إسرائيل والحركة في قطاع غزة، فمن هو محمد الضيف الذي طاردته إسرائيل لعقود؟
ويعد الضيف صاحب المسيرة الطويلة والمحاطة بالغموض في حماس، حيث كانت له قدرة كبيرة على التخفي والإفلات من مطاردة إسرائيل التي وضعته على رأس قائمة المطلوبين منذ عقود، فمن هو الضيف؟
ارتبط اسم محمد الضيف، منذ التسعينيات بفصائل “المقاومة الفلسطينية”، ويعتبر أحد أبناء الجيل الأول من “القساميين”.
منذ أكثر من ثلاثة عقود، قاد الضيف كتائب “الشهيد عز الدين القسام”، متجاوزا محاولات الاغتيال المتكررة التي جعلته أشبه بالشبح الذي يؤرق إسرائيل ويعيد صياغة معادلات الصراع في كل مواجهة، وصولا إلى معركة “طوفان الأقصى”.
نشأته وبداية حياته العسكرية:
وُلد محمد دياب إبراهيم المصري، المعروف بـ”محمد الضيف”، عام 1965 في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، لعائلة هجّرت من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، ليستقر بها المقام في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة.
تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدارس مخيم خان يونس كما بقية اللاجئين الفلسطينيين الذين هجِّروا من ديارهم وأرضهم وممتلكاتهم.
تأثر منذ صغره بواقع “الاحتلال وظروف اللجوء القاسية”، وهو ما دفعه للانخراط في صفوف “حماس” خلال دراسته في الجامعة الإسلامية بغزة، حيث درس العلوم وكان من الناشطين في الكتلة الإسلامية.انضم إلى حركة “حماس” منذ صغره وكان عنصرًا نشيطا فيها.
شارك في فعاليات الانتفاضة الكبرى التي اندلعت نهاية عام 1987 واعتقل في إطار الضربة الأولى التي وجهتها القوات الإسرائيلية للحركة في صيف عام 1989 بتهمة الانضمام إلى الجناح العسكري للحركة الذي كان الشيخ صلاح شحادة (قتل في صيف 2002) قد أسسه آنذاك، وكان يحمل اسم “حماس المجاهدين” قبل أن يطلق عليه اسم “كتائب القسام”، وأمضى عاما ونصف العام في السجن.
أفرجت إسرائيل عام 1991 عن الضيف من سجونها ليلتحق بالمجموعات الأولى لكتائب “القسام” التي أعيد تشكيل الجهاز العسكري من خلالها، وذلك من خلال مجموعة خان يونس، والذين قتل معظمهم مثل ياسر النمروطي وجميل وادي، هشام عامر، وعبد الرحمن حمدان، ومحمد عاشور، والأسير حسن سلامة وغيرهم من المقاومين.
أصبح الضيف مطلوبا لإسرائيل، بعد مشاركته في تنفيذ العديد مما يسمى بـ”العمليات الفدائية” والاشتباك مع قواتها.
بدأت عملية مطاردته بعد أن رفض تسليم نفسه. وتمكن خلال هذه الفترة ومن خلال إتقانه للتخفي والبقاء في مكان واحد لفترة طويلة، من ألا يقع في قبضة القوات الإسرائيلية حيا أو ميتا.
برز دور الضيف بعد اغتيال عماد عقل الذي برز اسمه في سلسلة “عمليات فدائية” في نوفمبر من عام 1993، حيث أوكِلت إليه قيادة “كتائب القسام”.
خلال هذه الفترة، استطاع الضيف أن يخطط وينفذ عدة عمليات نوعية، وكذلك تمكن من الوصول إلى الضفة الغربية وتشكيل العديد من “الخلايا الفدائية” هناك، والمشاركة في تنفيذ عدة “عمليات فدائية” في مدينة الخليل والعودة إلى قطاع غزة.
لعب محمد الضيف دورا كبيرا في التخطيط لعملية خطف الجندي الإسرائيلي نخشون فاكسمان عام 1994 في بلدة بير نبالا قرب القدس والذي قتِل وخاطفيه بعد كشف مكانهم.
وظهر الضيف وهو يحمل بندقية وبطاقة هوية فاكسمان التي هربت من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، حيث كان ملثما بالكوفية الحمراء.
ومع اشتداد الخناق على المطلوبين لإسرائيل في قطاع غزة، رفض الضيف طلبا بمغادرة قطاع غزة خشية اعتقاله أو اغتياله، لا سيما في ظل سياسة قصف المنازل التي يعتقد أن بها أيا من المطلوبين، وقال كلمة مشهورة آنذاك: “نحن خلقنا لمقاومة الاحتلال إما أن ننتصر أو نستشهد”، وذلك على الرغم من موافقة عدد من زملائه على الخروج من القطاع.
تمكن الضيف من أن يؤمن وصول المهندس يحيى عياش، أحد خبراء المتفجرات في الضفة الغربية إلى قطاع غزة بعد تضييق الخناق عليه في الضفة الغربية، وللاستفادة من خبرته في صناعة المتفجرات، حيث تم اغتياله بواسطة هاتف مفخخ مطلع عام 1996.
وقف الضيف وراء عمليات الثأر لعياش، من خلال إرسال حسن سلامة إلى الضفة الغربية للإشراف عليها، حيث قتل في هذه “العمليات الفدائية” حوالي ستين إسرائيليا.
لاحقا، بدأ بالاستعداد لتنفيذ المزيد من العمليات حتى اندلعت انتفاضة الأقصى في سبتمبر من عام 2000 .
ومع إفراج السلطات الإسرائيلية عن الشيخ صلاح شحادة عام 2001، سلّم الضيف الشيخ شحادة قيادة الجهاز العسكري، حيث كلف شحادة الضيف بالمسؤولية عن الصناعات العسكرية للكتائب.
تعرض الضيف لمحاولة الاغتيال الأولى بعد عام من اندلاع الانتفاضة، حيث كان برفقة عدنان الغول (قتل في 22 أكتوبر 2004) خبير المتفجرات في كتائب القسام ونجله بلال، إ أطلقت عليهم طائرة إسرائيلية صاروخا في بلدة “جحر الديك” وقد نجيا من الاغتيال بأعجوبة بعد مقتل بلال في القصف ليغطي على والده ورفيق دربه.
قيادة الجهاز العسكري:
وبعد اغتيال شحادة في صيف عام 2002، أعادت قيادة الحركة المسؤولية للضيف لقيادة الجهاز العسكري.
في 26 سبتمبر من عام 2002، نجا الضيف من محاولة اغتيال ثانية بعد قصف السيارة التي كانت تقله في حي الشيخ، حيث قتل مرافقاه وأصيب بجراح خطيرة للغاية.
وأشارت مصادر فلسطينية إلى تعرض الضيف لمحاولة اغتيال ثالثة في قصف أحد المنازل في صيف 2006 خلال العملية العسكرية “لإسرائيلية بعد أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، حيث قيل إنه أصيب بجراح خطيرة. دون أن تؤكد ذلك كتائب “القسام”.
وكانت أخطر محاولات اغتيالاته في عام 2014، خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث استهدفت الطائرات الحربية منزله وقتلت زوجته وابنه، لكن الضيف خرج من تحت الركام ليواصل قيادة المعركة.
منذ توليه القيادة، أدار الضيف العديد من العمليات الفدائية ضد إسرائيل، وكان من أبرز المهندسين الذين عملوا على تطوير القدرات العسكرية لـ”حماس”، بما في ذلك تصنيع الصواريخ المحلية وإنشاء شبكة الأنفاق العسكرية.
دوره في “طوفان الأقصى”:
أطل محمد الضيف في السابع من أكتوبر 2023، ليعلن انطلاق معركة “طوفان الأقصى” التي أشرف عليها وحضر في ميدانها حتى قتل فيها.
ومن أبرز أسباب الطوفان سلوك الاحتلال الصهيوني، ومخططاته القائمة على حسم الصراع، وفرض السيادة على القدس بمقدساتها، تمهيداً للتقسيم المكاني والزماني، ولبناء الهيكل المزعوم.
محمد الضيف لم يظهر في الإعلام، ولم يُعرف له سوى تسجيلات صوتية معدودة، لكن يُنظر إليه باعتباره العقل المدبر للتكتيكات العسكرية التي غيرت طبيعة المواجهة بين “فصائل المقاومة” وإسرائيل.
فخلال معركة “سيف القدس” عام 2021، كان الضيف وراء استراتيجية استهداف تل أبيب بالصواريخ ردا على الاعتداءات الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى.
ووضعت إسرائيل، على مدار عقود، محمد الضيف على رأس قائمة المطلوبين، وعدّته أخطر شخصية فلسطينية تهدد أمنها. ورغم كل الجهود الاستخباراتية، لم يتمكن الجيش الإسرائيلي من الوصول إليه، حتى رحل كما “يحب شهيدا في ميدان أعظم معركة شارك في التخطيط لها وفي قيادتها وهي المعركة التي أثبتت هشاشة كيان الاحتلال وقابليته للهزيمة”، وفق المركز الفلسطيني للإعلام.