محض افتراء خبيث.. الصين ترد على بريطانيا حول أعمال التجسس لصالحها
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
نددت الصين بشدة بشأن التقارير عن توقيف شخصين في بريطانيا بتهمة التجسس لصالحها، واصفة الأمر بأنه محض "افتراء خبيث" و"مهزلة سياسية".
وحسب وكالة "فرانس برس"، أعلنت الشرطة البريطانية في نهاية الأسبوع الماضي، توقيف شخصين في مارس الماضي على خلفية شبهات تجسس، ألقي القبض على الأول في منطقة أكسفورد، والآخر في ادنبره، وذلك على خلفية تجسس لصالح بكين.
ونقل رئيس الوزراء ريشي سوناك لنظيره الصيني لي تشيانج خلال اجتماع بينهما على هامش قمة مجموعة العشرين التي استضافتها نيودلهي، استياءه من "تدخلات" بكين في ديموقراطية بلاده.
وعلى إثره، ندّد ناطق باسم السفارة الصينية في لندن بالحديث عن توقيف الشخصين بشبهة "تزويد الصين بمعلومات استخبارية".
وأضاف في بيان أم "الزعم بالاشتباه بأن الصين تقوم بسرقة المعلومات الاستخبارية البريطانية هو أمر مختلق بالكامل وافتراء خبيث".
وأكد أن بكين "تعارض ذلك بشدة وتحض السلطات المعنية في المملكة المتحدة على وقف تلاعبها السياسي المناهض للصين وإنهاء هذه المهزلة السياسية".
من جانبها، قالت الشرطة البريطانية إنه تم إطلاق سراح المشتبه بهما بانتظار اتخاذ خطوة جديدة مطلع أكتوبر، من دون تحديد تفاصيل إضافية.
وأتى كشف القضية في وقت أبدت لندن مؤخرا رغبة في الحوار مع بكين بعد سنوات من العلاقات المعقدة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: السفارة الصينية الشرطة البريطانية المملكة المتحدة تجسس
إقرأ أيضاً:
لهذا السبب تركت العمل في الخارجية البريطانية
اسمي مارك سميث. وأنا دبلوماسي سابق ومستشار سياسي في وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية (FCDO)، قضيت حياتي المهنية أعمل في إدارة الشرق الأوسط وفي العالم العربي، وبصفتي موظفا رئيسيا في سياسة مبيعات الأسلحة، كنت مسؤولا عن تقييم مدى التزام مبيعات أسلحة حكومة المملكة المتحدة بالمعايير القانونية والأخلاقية المفروضة بموجب القانون المحلي والدولي.
في أغسطس من عام 2024، استقلت بسبب رفض حكومة المملكة المتحدة إيقاف مبيعات الأسلحة لإسرائيل وسط قصف غزة، وقد جاء هذا القرار بعد أكثر من عام من الضغط الداخلي والإبلاغ عن المخالفات. وتصدرت استقالتي عناوين الأخبار، وبعد أسابيع، أعلنت حكومة حزب العمال الجديدة أنها أخيرا سوف تعلق مبيعات الأسلحة لإسرائيل. وبرغم مقابلة هذا القرار بالترحاب، فقد جاء متأخرا للغاية، واستمرت إسرائيل في ارتكاب الأعمال الوحشية في غزة بينما المملكة المتحدة مكتوفة الأيدي، عازفة عن التصرف.
كشفت لي فترة عملي في وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية كيف يمكن أن يتلاعب الوزراء بالأطر القانونية لحماية الدول «الصديقة» من المساءلة. فهم يعطلون ويشوهون ويحجبون العمليات الرسمية لاصطناع واجهة من الشرعية، مع سماحهم بارتكاب أبشع الجرائم ضد الإنسانية. والآن، إذ تقترح الولايات المتحدة ـ وهي من أقرب حلفائنا ـ التطهير العرقي الكامل لغزة، فكيف سيكون رد فعلنا؟
لم يكن ما شهدته محض فشل أخلاقي، وإنما هو سلوك أرى أنه تجاوز الحدود بالغا حد التواطؤ في جرائم الحرب. ويستحق الشعب البريطاني أن يعرف كيفية اتخاذ هذه القرارات خلف الأبواب المغلقة ــ وكيف يمكِّن الخلل النظامي الحكومة من إدامة الضرر بينما تحمي نفسها من المحاسبة.
وبصفتي مستشارا رئيسيا في سياسة مبيعات الأسلحة، كان دوري هو جمع المعلومات عن سلوك الحكومات الأجنبية المشاركة في الحملات العسكرية، وخاصة في ما يتصل بالضحايا المدنيين والالتزام بالقانون الإنساني الدولي، وكانت هذه المعلومات تشكل أساسا للتقارير المرفوعة إلى الوزراء بشأن قانونية استمرار مبيعات الأسلحة.
والحق أن الإطار القانوني في المملكة المتحدة واضح: لا بد من إيقاف مبيعات الأسلحة في حال وجود «خطر واضح» باستعمالها في انتهاكات خطيرة للقانون الدولي. ويلتزم الموظفون المدنيون بقواعد صارمة للنزاهة، تتطلب منا تقديم المشورة المحايدة القائمة على الأدلة. وأي محاولة لتغيير هذه المشورة أو التلاعب بها من أجل مواءمات سياسية لا تكون محاولة غير أخلاقية فحسب ـ وإنما تكون خارجة على القانون.
غير أنني خلال فترة عملي شهدت تعرُّض مسؤولين كبار لضغوط بالغة من الوزراء لليّ التقييم القانوني. فكانت التقارير تُرَدُّ إليَّ مرارا ممهورة بتعليمات «بإعادة موازنة» النتائج ـ بتقليل شأن الأدلة على إلحاق الضرر بالمدنيين وتأكيد أهمية الجهود الدبلوماسية، بغض النظر عن الحقائق. وكثيرا ما تم استدعائي لتلقّي تعليمات شفوية، وهو تكتيك يُتَّبع عمدا لتجنب إيجاد سجل مكتوب قد يخضع لطلبات حرية المعلومات أو المراجعة القانونية.
وفي إحدى الحالات، قال لي مسؤول كبير صراحةً إن «هذا يبدو شديد السوء»، قبل أن يحثني على «جعله يبدو أقل حدة». وقوبلت احتجاجاتي بالتجاهل. وتم إجراء تعديلات كبيرة على تقاريري، لتحويل التركيز بعيدا عن الأدلة الموثوقة على ارتكاب جرائم حرب ورسم صورة مضللة لـ«التقدم» الذي أحرزته حكومات أجنبية. ولم تكن هذه حالة فردية، وإنما كانت جزءا من جهد ممنهج لقمع الحقائق المزعجة.
والمثال الأدعى للقلق على هذا التلاعب تم في أثناء عملي على مبيعات الأسلحة خلال الحملة العسكرية على اليمن؛ إذ كانت حكومة المملكة المتحدة على دراية تامة بأن الغارات الجوية في ذلك الوقت تلحق خسائر جسيمة في صفوف المدنيين.
في اجتماع رفيع المستوى مع مسؤولين كبار، منهم مستشارون قانونيون، تم الاعتراف بأن المملكة المتحدة تجاوزت حدود وقف مبيعات الأسلحة. ولكن بدلا من الإشارة إلى الوزراء بتعليق الصادرات، تحول التركيز إلى إيجاد طرق «لتصحيح الوضع» القانوني.
فبدلا من مواجهة الخروج على الشرعية، لجأ المسؤولون إلى تكتيكات المماطلة مطيلين أمد فترة تقديم التقارير ومطالبين بمعلومات إضافية لا ضرورة لها. وقد أدى نهج «انتظار المزيد من الأدلة» هذا إلى إيجاد ثغرة، متيحا استمرار مبيعات الأسلحة مع تظاهر الحكومة بالامتثال. وقد أعربت عن مخاوفي مرارا، فقوبلت بالرفض. واستقال زميل، منزعج بقدر انزعاجي مما كنا نشهده، بسبب هذه القضية. وسرعان ما تبعته.
اضطرت المملكة المتحدة في نهاية المطاف إلى تعليق مبيعات الأسلحة بعد خسارة مراجعة قضائية أقامتها منظمات في المجتمع المدني. ولكن بدلا من التعلم من هذا الفشل، ردت الحكومة بتغيير القانون لزيادة صعوبة الطعن في صادرات الأسلحة أمام القضاء. وبعد عام، استؤنفت مبيعات الأسلحة التي استخدمت ضد المدنيين في اليمن.
وفي حين أن قضية الأسلحة ضد اليمن كانت مثيرة للقلق، فإن ما شهدته بشأن مبيعات الأسلحة البريطانية لإسرائيل كان أدعى للقلق.
فقد أسفر قصف إسرائيل المتكررة لغزة عن مقتل آلاف المدنيين وتدمير البنية الأساسية الحيوية، وهي أفعال تتعارض بوضوح مع القانون الدولي. غير أن حكومة المملكة المتحدة استمرت في تبرير مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، معتمدة على العمليات المعيبة والتكتيكات المراوغة نفسها.
خلال حملة إسرائيل العسكرية الحالية في غزة ـ وهي حملة اتسمت بمستوى غير مسبوق من التدمير والاستهداف المتعمد للمناطق المدنية ـ ازدادت مخاوفي. وفي ذلك الوقت، كنت أعمل دبلوماسيا في دبلن، حيث وضعني دعم أيرلندا الثابت لفلسطين في موقف غير مريح. فقد كان المنتظر مني أن أدافع عن سياسة المملكة المتحدة، ولكنني لم أستطع أن أفعل ذلك بضمير مطمئن دون إجابات لأسئلتي.
عندما أثرت أسئلة لدى وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية حول الأساس القانوني لمبيعاتنا من الأسلحة لإسرائيل، قوبلت بالعداء والتشويه. لم أتلق ردودا على رسائلي الإلكترونية. وحذروني من التعبير عن مخاوفي كتابة. وحاصرني القانونيون وكبار المسؤولين بتعليمات «الالتزام بالخطوط» وحذف المراسلات. وبات واضحا أنه لا يوجد من هو على استعداد لمعالجة السؤال الأساسي: كيف يمكن أن يكون استمرار مبيعات الأسلحة لإسرائيل قانونيا؟
إن تعامل وزارة الخارجية مع هذه القضايا يرقى إلى الفضيحة. فالمسؤولون يتعرضون للتنمر من أجل السكوت. ويتم التلاعب بالعمليات لإنتاج نتائج موائمة سياسيا. ويتعرض المبلغون عن المخالفات للتشويه والمحاصرة والتجاهل. وفي الوقت نفسه، تواصل حكومة المملكة المتحدة تسليح أنظمة ترتكب أعمالا وحشية، مختبئة وراء ثغرات قانونية وخدع دعائية.
لقد اتبعت كل إجراء داخلي متاح لي للتعبير عن مخاوفي. فتواصلت مع فريق الإبلاغ عن المخالفات، وكتبت إلى كبار المسؤولين، بل واتصلت بوزير الخارجية ديفيد لامي مباشرة. وفي كل خطوة، قوبلت بالمماطلة والتعتيم والرفض المباشر للمشاركة. وبات واضحا أن النظام ليس مصمما لمحاسبة نفسه وإنما لحماية نفسه بأي ثمن.
لا يمكن أن يستمر تواطؤ المملكة المتحدة في جرائم حرب، ولا بد من أن نطالب بالشفافية والمساءلة في سياساتنا المتعلقة بتصدير الأسلحة، ولا بد من أن يخضع الوزراء للمعايير القانونية والأخلاقية التي يزعمون أنهم يلتزمون بها، ولا بد من تمكين الموظفين المدنيين من تقديم المشورة النزيهة دونما خوف من التدخل السياسي، ويجب حماية المبلغين عن المخالفات، لا معاقبتهم على قولهم الحقيقة.
لقد بلغ الوضع في غزة من الحدة أقصاها، وأقرب حليف للمملكة المتحدة يقترح الآن الطرد الجماعي لـ2.1 مليون شخص من غزة وهدم واحدة من أكثر المناطق المدنية من حيث الكثافة السكانية على وجه الأرض، وهذا هو التطهير العرقي، وإنني أدعو زملائي السابقين ـ ممن لا يزالون مؤمنين بقيم النزاهة والعدالة ـ إلى رفض التواطؤ، لا تصدقوا على تقارير تمحو الجرائم ضد الإنسانية، هذا ليس دفاعا عن النفس، إنما هو عقاب جماعي، وهو إبادة جماعية، ولقد انتهى وقت الصمت، فلا تسمحوا للوزراء بمقايضة أرواح البشر بالمصالح السياسية. لقد حان وقت المحاسبة.