بطولة أمريكا المفتوحة: جوكوفيتش يتوج بطلا ويعادل الرقم القياسي المطلق للألقاب الكبرى
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد
عادل الصربي نوفاك جوكوفيتش الرقم القياسي المطلق لعدد مرات إحراز الألقاب الكبرى في كرة المضرب (24)، بتتويجه الرابع في بطولة الولايات المتحدة، إثر فوزه على الروسي دانييل مدفيديف بثلاث مجموعات نظيفة 6-3 و7-6 (7-5) و6-3 الأحد في نيويورك.
وحسم جوكوفيتش (36 عاما) المباراة في 3 ساعات و17 دقيقة ليعادل الرقم القياسي الذي تحمله الأسترالية مارغريت كورت منذ 1973، ويصبح أكبر متوّج في فلاشينغ ميدوز في حقبة العصر الحديث.
وسيعود اللاعب الممنوع من المشاركة في النسخة الماضية لرفضه تلقي اللقاح المضاد لكوفيد-19، الإثنين إلى المركز الأول في التصنيف العالمي للأسبوع الـ390 في مسيرته الزاخرة.
ورفع "نولي" عدد ألقابه في نيويورك إلى 4 بعد 2011، 2015 و2018، بعدما خاض النهائي الأمريكي العاشر في مسيرته معادلا الرقم القياسي المسجل باسم بيل تيلدن، والنهائي السادس والثلاثين في إحدى بطولات غراند سلام، وهو رقم قياسي جديد متقدما بفارق 5 مباريات نهائية عن الأسطورة روجيه فيدرر.
وثأر جوكوفيتش من مدفيديف (27 عاماً) الذي وقف عائقا في طريقه قبل سنتين بعدما حرمه حينها من إنجاز الفوز بلقب البطولات الأربع الكبرى في العام ذاته، وذلك للمرة الأولى في تاريخ الكرة الصفراء منذ الأسترالي رود لايفر عام 1969.
جوكوفيتش الذي نجح أيضا في التأهل إلى نهائي البطولات الأربع الكبرى في عام واحد للمرة الثالثة بعد عامي 2015 و2021، حقق فوزه العاشر على مدفيديف في 15 مباراة.
في المقابل، فإن مدفيديف الذي جرد الإسباني كارلوس ألكاراس من لقبه في نصف النهائي، خاض النهائي وفي جعبته أفضل سجل على هذه الملاعب هذا العام وحتى في السنوات الخمس الماضية.
وحقق مدفيديف 38 انتصارًا في 2023 (4 ألقاب في روتردام والدوحة ودبي وميامي)، ومنذ عام 2018 هو اللاعب الأكثر فوزا مع 18 لقبا من بينها بطولة الولايات المتحدة المفتوحة 2021، في حين بلغ 28 مباراة نهائية منها فلاشينغ ميدوز 2021 و2023، إضافة إلى بطولة أستراليا المفتوحة 2021 و2022، وفاز في 234 مباراة.
وخسر ابن موسكو حتى الآن 4 مباريات نهائية كبرى: مرتان في أستراليا أمام جوكوفيتش في 2021 والإسباني رافايل نادال في 2022، ومرتان في فلاشينغ ميدوز أمام نادال في 2019 جوكوفيتش هذه السنة.
فرانس24/ أ ف بالمصدر: فرانس24
كلمات دلالية: زلزال المغرب كاس العالم للروغبي مجموعة العشرين ريبورتاج فلاشينغ ميدوز نوفاك جوكوفيتش تنس كرة المضرب الرقم القیاسی
إقرأ أيضاً:
ماركيز ونفي المطلق: هل يعيد السرد إنتاج المقدس؟
في كل عمل أدبي عظيم، تتقاطع الفلسفة مع السرد، والميتافيزيقا مع اليومي، والحياة مع الأسطورة. وفي عوالم غابرييل غارثيا ماركيز، كان الدين حاضرًا دائمًا، لكنه لم يكن إيمانًا خالصًا ولا إلحادًا مطلقًا، بل كان جزءًا من نسيج الحكاية الكبرى التي ينسجها الكاتب، حيث تتداخل المعتقدات والخرافات مع السلطة والقمع، واللاهوت مع المجاز، والطقوس مع السحر.
لكن يبقى السؤال الفلسفي مفتوحًا: هل وقع ماركيز في فخ النزعة الدينية، أم أنه كان يستخدمها بوعي نقدي لتفكيك بنيتها السردية والاجتماعية؟ أم أن الدين في عوالمه لم يكن أكثر من أداة ضمن أدواته الأدبية الكثيفة، شأنه شأن الزمن الدائري، والموت المؤجل، والقدرية التي تتكرر بلا انقطاع؟
في مئة عام من العزلة، يتجلى الدين بوصفه مؤسسة، لكنه لا يظهر كجوهر روحي، بل كأحد تجليات السلطة. الأب نيكانور رينا، الذي يصل إلى ماكوندو لنشر التعاليم الكاثوليكية، لا يملك حججًا قوية سوى استعراض المعجزات، مثل شربه الشوكولاتة الساخنة بينما يطفو في الهواء. هذا التصوير الكاريكاتيري ليس سخرية محضة، بل يكشف كيف يتحول الدين في بعض السياقات إلى أداة للإقناع القسري، وليس بحثًا عن الحقيقة.
لكن المفارقة تكمن في أن المعجزات في هذا العالم ليست مستحيلة، فكما يطفو الأب نيكانور في الهواء، كذلك يولد الأطفال بذيل خنزير، ويعيش الرجال لعقود دون أن يموتوا، وتتكرر الحروب بنفس الطريقة العبثية. في هذا السياق، لا يكون الدين أكثر عبثية من أي شيء آخر، بل يصبح مجرد عنصر آخر في هذه الدوامة الكونية التي لا تقدم خلاصًا ولا تترك مساحة للخروج.
المؤرخ الأدبي جوزيف كامبيل، في كتابه البطل بألف وجه، يتحدث عن دور الطقوس الدينية في إعادة إنتاج الهياكل الاجتماعية، وهو ما نراه بوضوح في عوالم ماركيز، حيث لا تنفصل المؤسسة الدينية عن النظام الأبوي أو السياسي. فالكنيسة في خريف البطريرك تتواطأ مع الاستبداد، وتتحول إلى جزء من آلة السلطة التي تُطيل عمر الطغاة، عبر منحهم غطاءً روحانيًا يُبرر استبدادهم.
هذه العلاقة بين السلطة والدين ليست جديدة، لكنها في سرد ماركيز تفقد مركزيتها الأخلاقية، حيث لا يعود الدين ملاذًا للمقهورين، بل يتحول إلى أداة في يد القاهرين. ليست المسألة هنا مجرد نقد اجتماعي، بل هي إعادة صياغة فلسفية لسؤال قديم: هل الدين في جوهره أداة تحرر، أم أنه قيد آخر ضمن قيود الوجود الإنساني؟
لكن الدين في أعمال ماركيز ليس فقط سلطة، بل هو أيضًا فضاء أسطوري، عنصر من عناصر الواقعية السحرية. في الحب في زمن الكوليرا، يظهر القديسون واللعنات، وتتحول فكرة الحب نفسها إلى تجربة ميتافيزيقية تتجاوز الجسد. بينما في وقائع موت معلن، يُطرح السؤال عن القدرية الدينية: هل كان مقتل سانتياغو نصيبًا مقدرًا، أم أن المجتمع هو من صنع هذه الحتمية الوهمية؟
في هذا المستوى، لا يعود الدين مجرد مؤسسة، بل يصبح لغة رمزية يتحدث بها الوجود، نوعًا من الغموض الأبدي الذي لا يفسر شيئًا لكنه يظل معلقًا فوق رؤوس الشخصيات كقدرٍ محتوم. هنا، يتقاطع ماركيز مع ألبير كامو الذي في أسطورة سيزيف يناقش العبثية وسؤال الإيمان، حيث يصبح الإنسان محاصرًا بين حاجته لمعنى كوني وبين صمت الوجود.
ماركيز بدوره لا يُقدم إجابات حاسمة، بل يترك الشخصيات في صراع دائم بين الإيمان والخرافة، بين السحر والعقل، بين الحتمية والاختيار، مما يجعل أعماله اختبارًا فلسفيًا للأسئلة التي لم تُحسم بعد في تاريخ الفكر الإنساني. وكأن الرواية في جوهرها ليست إلا محاولة متكررة للإجابة على سؤال غير قابل للإجابة، حيث تظل الشخصيات تدور في حلقات من الشك واليقين، لكنها لا تصل إلى يقين كامل، كما لو أن الحياة نفسها ليست سوى متاهة بلا مخرج.
إدواردو غاليانو، في تحليله لأعمال ماركيز، يصفه بأنه “كاتب كاهن دون كنيسة”. فهو يستخدم مفردات الدين، لكنه لا يبشّر بها، بل يخلق منها عالمًا مفتوحًا على التأويل.
هذا ما يجعلنا نتساءل: هل كان ماركيز ضحية لاشعورية للنزعة الدينية، أم أنه كان يوظفها كأداة سردية فقط؟ هل كان الدين بالنسبة له هو اللاوعي الجمعي الذي لا يمكن تجاوزه، حتى لو لم يكن يؤمن به؟ أم أنه كان مجرد أداة لتكثيف التجربة البشرية، تمامًا كما استخدم التاريخ واللغة والسحر؟
هنا يمكن استدعاء رؤية جان بول سارتر عن “الالتزام الأدبي”، حيث يرى أن الكاتب يجب أن يكون واعيًا بأدواته الإيديولوجية والسردية. ماركيز لم يكن مؤمنًا بالمعنى الديني، لكنه أيضًا لم يكن ملحدًا دوغمائيًا، بل كان كاتبًا يدرك أن الدين، كمفهوم سردي، هو مادة خصبة للتحليل الاجتماعي والنفسي والفلسفي.
إضافة إلى ذلك، لا يمكن تجاهل دور شخصية مرسيدس بارتشا، زوجة ماركيز، التي تحمل اسم القديسة مرسيدس. وعلى الرغم من أن اسمها قد يبدو مجرد صدفة، فإن تأثيرها الخفي على كتابات ماركيز يستحق التأمل.
في ظل العلاقة العميقة بين الزوجين، يمكننا رؤية كيف أن ماركيز كان يحبها بطريقة غير شعورية، وكيف أن هذا الحب قد ترك بصمته على نصوصه. مرسيدس كانت شاهدة على مراحل حياته الأدبية المختلفة، ودائمًا ما كانت ملهمة له.
قد يبدو أن اسمها، الذي يتشابه مع اسم القديسة مرسيدس، قد حمل بعضًا من تأثير الدين على حياة ماركيز، ليس بالمعنى التقليدي للإيمان، بل بمعنى التقديس غير الواضح، حيث كان ينظر إليها باعتبارها مصدرًا للثبات والطمأنينة في عالمه الأدبي المتقلب.
هذا التقديس الغير مباشر ربما أثر على رؤيته للحب في روايته الحب في زمن الكوليرا، حيث يعكس الحب بين فيرمنيا وفيديريكو التزامًا طويل الأمد يشبه الخلاص، لكنه يتم في إطار إنساني غير مثالي. من خلال مرسيدس، تجد أعمال ماركيز نوعًا من التوازن بين الحياة اليومية والرمزية الدينية، مما يشير إلى وجود تأثير غير مباشر لهذا الاسم على فكرته عن الحب والقداسة والخلود.
إذا كان هناك “فخ” وقع فيه ماركيز، فهو ليس فخ النزعة الدينية، بل فخ استخدام الدين كوسيلة للتعبير عن العبث الإنساني، دون القدرة على الخروج منه تمامًا. الدين في أعماله ليس حقيقة مطلقة، لكنه أيضًا ليس وهمًا بحتًا، بل هو جزء من التاريخ الجمعي، من اللاوعي الثقافي، من الحلم والكوابيس التي تشكّل تجربة الإنسان في هذا العالم.
وربما يكون هذا هو التناقض الأكبر في أعمال ماركيز: أنه في الوقت الذي يحاول فيه تفكيك الدين، لا يستطيع التخلي عنه تمامًا، لأنه جزء من البنية العميقة للحكاية نفسها.
وكأنه يقول لنا إن العالم، بكل عبثيته ولا معقوليته، لا يزال بحاجة إلى قصص تشرح وجوده، حتى لو لم تكن هذه القصص حقيقية. في النهاية، ماركيز لم يكن كاتبًا دينيًا، لكنه كان كاتبًا في عالمٍ لا يزال الدين يشكّل جزءًا من بنيته العميقة. ومن هنا تأتي عبقريته: ليس في تقديم إجابات، بل في صياغة الأسئلة التي تظل مفتوحة، كأنها قدرٌ مكتوب في صفحات رواياته، وكأنها صلاة لم تُستجب بعد.
zoolsaay@yahoo.com