ارتفاع ضحايا القصف جنوبي الخرطوم وإدانات واسعة لاستهداف المدنيين
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
أكدت هيئة طبية، ارتفاع عدد ضحايا القصف الذي استهدف سوقاً جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم، ونددت بتواصل سقوط الضحايا جراء الحرب.
الخرطوم: التغيير
اعلنت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان- مهنية مستقلة، ارتفاع عدد ضحايا قصف سوق قورو في منطقة جنوب العاصمة الخرطوم، إلى 43 حالة وفاة وأكثر من 55 إصابة، فيما أدانت مجموعة محامو الطوارئ ما أسمته النهج غير الانساني والجرائم بحق المدنيين العزل من طرفي الحرب.
كان قد أعلن في وقتٍ سابقٍ، مقتل نحو 35 شخصاً في غارة جوية، اُتهم الجيش السوداني بشنها على سوق قورو صبيحة الأحد، فيما سمي بـ(مجزرة سوق قورو).
وكثف الجيش والدعم السريع اللذين تدور بينهما معارك حامية منذ 15 ابريل الماضي، من عمليات القصف والقصف المضاد في منطقة جنوب الخرطوم مؤخراً، فضلاً عن مناطق أخرى بالعاصمة.
أحداث داميةوقالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، إن منطقة مايو جنوب الحزام شهدت صباح الأحد أحداث قصف عنيفة ودامية خلفت عشرات القتلى والجرحى.
وأضافت أنه منذ فجر الأحد تم حصر (43) حالة وفاة وأكثر من (55) حالة إصابة في مستشفى بشائر التعليمي جراء القصف الجوي لسوق قــورو بجنوب الحزام.
وأوضحت أنه وُجدت حوجة ماسة للتبرع بالدم لكن استقر الوضع بعد توافد عدد كبير من المتبرعين.
وناشدت الكوادر الطبية المستطيعة تقديم يد العون لزملائهم بمستشفى بشائر مع إعطاء الأولية للسلامة الشخصية وإمكانية التنقل.
وجددت اللجنة إدانتها المطلقة لحالة الحرب، ودعت لايقافها فوراً، وقالت إنه لا طائل منها يوازي ما افتقدته البلاد من أرواح وممتلكات وانهيار كامل لقوام الدولة على رؤوس الشعب وبخاصة على القطاع الصحي بالتدني الكارثي لهامش الخدمات الصحية الذي يحاول السودانيون النجاة من خلاله.
نهج غير إنسانيمن جانبها، أصدرت مجموعة “محامو الطوارئ” الحقوقية بياناً، أدانت فيه تواصل القصف الجوي والمدفعي للقوات المسلحة على مناطق بجنوب الحزام.
وقالت إن الأوضاع الإنسانية تفاقمت لمستويات كارثية بمناطق جنوب الحزام، حيث ظلت تتعرض المنطقة لفظائع مروعة نتيجة القصف المدفعي والجوي العشوائي والهستيري للقوات المسلحة.
وأشارت إلى أن سوق قورو والحارة 14 بمنطقة شهدت، الأحد، قصفاً جوياً وصل عدد ضحاياه إلى (40) حالة وفاة و(55) من الجرحى بمستشفى بشائر التعليمي، وسط نداءات عاجلة للكوادر الطبية والمتطوعين.
ونوهت إلى سقوط مقذوف (دانة) بالحارة (14) بمنطقة مايو أدت إلى مقتل أمراة وطفلة وإصابة (7) أشخاص.
وأدان “محامو الطوارئ” بشدة هذا النهج غير الإنساني والجرائم التي ترتكب بحق المدنيين العزل من قبل طرفي النزاع وعدم احترامهم قواعد القانون الدولي الإنساني خاصةً وأن القصف يتم لمناطق مأهولة بالسكان.
وأكدت المجموعة أن هذه الأفعال تصنف على أنها جرائم ضد الإنسانية وهي من أخطر الجرائم في القانون الدولي ولا تسقط بالتقادم.
الوسومالجيش الخرطوم الدعم السريع السودان اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان جنوب الحزام قصف جوي مايو مجزرة سوق قورو مجموعة محامو الطوارئالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان جنوب الحزام قصف جوي مايو محامو الطوارئ جنوب الحزام سوق قورو
إقرأ أيضاً:
جمهورية الكدمول: للافتراس نهج (1-2)
عبد الله علي إبراهيم
ملخص
لم يتفق الكتاب مع الشائع من أن مناطق سيطرة "الدعم السريع" نهب الفوضى. فقيام حوكمتها على الافتراس لا يعني أنها لم تأت ببديل للدولة والجيش في شرط عصيب للحرب. وكأنه يقول مع شكسبير إن الجنون ليس بلا منهج. وعرض الكتاب لاقتصاد "الدعم السريع" في الخرطوم الذي اختلف عن مثيله في أم درمان والخرطوم بحري.
كان يناير الماضي هو الشهر الذي وضع اقتصاد أسرة آل دقلو (محمد حمدان دقلو "حميدتي" وإخوته) وقوات "الدعم السريع" في عين العاصفة. فصدر خلال السابع من يناير 2025 الأمر التنفيذي (4098)، الذي تعاقب به أميركا كل شخص أو كيان يعكر صفو السلام في السودان وأمنه واستقراره، لتخضع للمقاطعة الأميركية سبع شركات خدمت الأسرة وجيشها. وسبق أن صدر من وزارة الخزانة الأميركية نفسها في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 قرار بمقاطعة القوني دقلو القائم بأمر المال والأعمال للأسرة و"الدعم السريع".
من جهة أخرى صدر خلال الشهر الماضي كتيب بعنوان "جمهورية الكدمول" (غطاء رأس أفراد ’الدعم السريع‘) من وضع جشوا كريز ورجاء مكاوي من هيئة مسح الأسلحة الصغيرة في سلسلة تقاريرها حول التقديرات المبدئية للأمن الإنساني. وعززه فريق من المراسلين من داخل السودان المغيبين اسماً ممن قاموا بالبحث الذي من ورائه. فدرس التقرير لدراسة الآليات الاقتصادية التي يدير بها "الدعم السريع" المدن التي احتلها. وسمى اقتصادها، لجهة توحشه من حيث تحول القادة العسكريين أنفسهم إلى مستثمرين، بالاقتصاد السياسي الافتراسي لقيامه على النهب، والفدية عن الرهائن ومنهوب المال، والإثقال في الضريبة.
يدير "الدعم السريع" ماكينة اقتصاد سياسي افتراسي (النهب). فأنشأ إدارات في المناطق التي احتلها يقوم عليها قادة طبقة من قبيل آل دقلو من الماهرية والرزيقات. وهي حكومات في حد ذاتها غير أنه ليس لها مركز يقف على ضبط مواردها ومصرفها. فـ"الدعم السريع" في قول الكتاب مثل ميليشيات أفريقيا الوسطى والكونغو لا ينتج الموارد التي للسوق، بل يحصل عليها نهباً. وتحت هؤلاء القادة شبكة من المهربين والسماسرة والمتعسكرين بمثابة وكلاء لهم في ماكينة هذا الاقتصاد. فظهر قبل أشهر فيديو لقادة في "الدعم السريع" كان في مقدمته أحدهم يعرض برنامجهم لإقالة عثرة السودان بالمدنية والديمقراطية، أما خلفه فترى قائداً آخر يتحدث في الهاتف. ولن يفهم المحادثة التي جرت بينه والطرف الآخر إلا مطلع على نظم "الهمبتة" أو "النهيض" في أصلها داخل البادية ثم الحضر لاحقاً.
و"الهمبتة" عادة ما جرى تمثيلها عندنا بصعاليك العرب، ومن عادة أهلها (الهمباتة) نهب إبل الرجل واسع الرزق ثم مساومته من طريق وكيل معروف لدفع الفدية عنها لهم ليستردها. وخضعت السيارات في المدن أخيراً لهذه "الهمبتة". ومتى أرخيت أذنك للقائد في خلفية الفيديو سمعت مساومة تفصيلية مع وكيل ما لرد سيارات استولى عليها لأصحابها في مواضع بعينها، لقاء مبلغ في عداد المليار بالجنيه السوداني.
لم يتفق الكتاب مع الشائع من أن مناطق سيطرة "الدعم السريع" نهب الفوضى. فقيام حوكمتها على الافتراس لا يعني أنها لم تأت ببديل للدولة والجيش في شرط عصيب للحرب. وكأنه يقول مع شكسبير إن الجنون ليس بلا منهج. وعرض الكتاب لاقتصاد "الدعم السريع" في الخرطوم الذي اختلف عن مثيله في أم درمان والخرطوم بحري. فحال تطبيق أنموذج الخرطوم بحذافيره في أم درمان لأن الجيش نازع "الدعم" فيها من يومه الأول، بينما توسع "الدعم" في الأنموذج داخل الخرطوم بحري وشرق النيل اللتين كانتا بمثابة القلعة الخالصة له. والسوق هو بؤرة هذه الإدارات إلا في بحري وشرق النيل التي فتح فيها "الدعم" إلى جانب السوق نقاط شرطة ومكاتب نيابة. وصار السوق في بؤرة حوكمة "الدعم السريع" لتحكمه بارتكازاته العسكرية في ضبط الموارد وتوجيهها للأسواق التي يفرض عليها الضرائب ورسوم الرخص والحماية، ويتحكم في السلع الاستراتيجية مثل البترول والدقيق. ومن مواقع سيطرته هذا حجب التجارة في أسواق باطن الأحياء.
فبدأت هذه الأسواق بمنهوبات أفراد الطبقة الوسطى الذين غادروا الخرطوم والتي جرى عرضها في ما يعرف بأسواق دقلو الشهيرة (التي لا علاقة بها بدقلو) علاوة على الأسواق الكبرى القديمة مثل السوق المركزية (شرق الخرطوم) وسوق الكلاكلة اللفة (جنوب غربي الخرطوم)، وأسواق مايو (جنوب الخرطوم). ويغلب على حي مايو النازحون من حروب السودان المختلفة وتجند نفر كثير منهم في "الدعم السريع". والسوق مصدر تمويل كبير. فيفرض الضرائب عشوائياً من جهة مبلغها وفي تعدد مواضع دفعها بتعدد الارتكازات. وفي الأسواق يدفع التاجر نحو دولار يومياً رسم حماية وقد يجمعها أكثر من مجند في "الدعم السريع" خلال اليوم. ويتحصل "الدعم السريع" على رسوم الاتصال لمستخدمي جهاز "ستارلينك" الذي يحتكره.
ونواصل
ibrahima@missouri.edu