ما يستحب ترديده أثناء السجود من دعاء واستغفار.. هل يجوز قراءة الفاتحة؟
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
يعد الدعاء في السجود أثناء الصلاة، من الأوقات التي يكون فيها الدعاء مستجابا، فعن أبي هريرةَ أنَّ رسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «أقربُ مَا يَكونُ العبْدُ مِن ربِّهِ وَهَو ساجدٌ، فَأَكثِرُوا الدُّعاءَ».
يستحب الدعاء والتسبيح في السجودوقد أوردت دار الإفتاء المصرية إلى أنّ يُستحب الدعاء والتسبيح في السجود عمومًا، وقد وردت بعض صيغ الدعاء والاستغفار في السجود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فمن ذلك ما ورد عن السيدة عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» أخرجه البخاري في (صحيحه).
وعَنْ عَلِي بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ».
وَإِذَا رَكَعَ قَالَ: «اللهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي»، وَإِذَا رَفَعَ قَالَ: «اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ».
وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: «اللهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» أخرجه مسلم في (صحيحه).
حكم قراءة القرآن في الركوع والسجودوبحسب دار الإفتاء المصرية، فإنّ الركوع والسجود محلان لتعظيم الرب سبحانه وتعالى بالتسبيح والذكر والدعاء، وأنهما ليسا محلًّا لقراءة القرآن، وعلى ذلك: أجمع العلماء على أن ذلك لا يجوز؛ قال الإمام ابن عبد البر في «الاستذكار»: أما قراءة القرآن في الركوع فجميع العلماء على أن ذلك لا يجوز، وأجمعوا أن الركوع موضع لتعظيم الله بالتسبيح وأنواع الذكر.
والأصل في هذا الإجماع ما ثبت من النهي عنهما فيما أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كشف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر رضي الله عنه، فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ؛ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ، أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ».
وما أخرجه أيضًا من حديث علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال: «نَهَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَأَنَا رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ».
فالحديثان يُقرّران النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، ويدلّان على أنَّ وظيفة الركوع؛ التسبيح، ووظيفة السجود؛ التسبيح والدعاء.
وقد بين العلماء الحكمة من النهي عن قراءة القرآن حال الركوع والسجود؛ حيث ذكروا أن القرآن الكريم أعظم الذكر وأجله، وموضعه حال القيام لا محل الخفض من الركوع والسجود؛ تعظيمًا للقرآن، وتكريمًا لقارئه، ولأنَّ الركوع والسجود حالان دالان على الذل والانكسار، ويناسبهما التعظيم والتسبيح والدعاء.
وتجدر الإشارة إلى أن الكراهة متوجهة لمَن يقرأ القرآن في الركوع والسجود بقصد تلاوة القرآن الكريم، فإن قصد المصلي بقراءته بعض الآيات القرآنية التي جاء فيها الدعاء في ركوعه وسجوده الدعاء والذكر والثناء على الله تعالى ولم يقصد تلاوة القرآن فيجوز بلا كراهة؛ كدعاء المصلي في سجوده بنحو ما جاء في قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾.
وبناءً على ما سبق، تقول دار الإفتاء إنَّ الركوع والسجود محلّان لتعظيم الرب سبحانه وتعالى بالتسبيح والذكر والدعاء، وأنهما ليسا محلًّا لقراءة القرآن، فيكره للمصلي قراءة القرآن الكريم في ركوعه وسجوده بقصد تلاوته، ويجوز ذلك بلا كراهة إذا كان بقصد الدعاء والثناء على الله عزَّ وجلَّ.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الدعاء الدعاء في السجود السجود الصلاة قراءة القرآن فی السجود ى الله ع الله م
إقرأ أيضاً:
في شهر شعبان.. كيف تحقق مناجاة الله الدعاء المستجاب.. جمعة يوضح
قال الدكتور علي جمعة أن أركان المناجاة لها أهمية بالغة في حياة المسلم، مشيرًا إلى أننا في شهر شعبان، وهو الشهر الذي نستعد فيه لاستقبال رمضان.
فضائل شهر شعبان
حيث أكرمنا الله فيه بمكارم عدة، منها استجابته لمناجاة النبي ﷺ، كما جاء في قوله تعالى:
﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا﴾ [البقرة: 144].
وأوضح جمعة أن النبي ﷺ كان يناجي ربه ويعلمنا كأمة مسلمة أن نلجأ إلى الله، فالمناجاة سببٌ لاستجابة الدعاء، ولها أركانٌ غفل عنها كثير من الناس.
الركن الأول: الإخلاصأكد الدكتور علي جمعة أن الإخلاص هو الأساس في المناجاة، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ:
"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى".
فالمسلم يجب أن يخلص وجهه لله وحده، فلا يسأل إلا الله، ولا يستعين إلا به، مستدلًا بحديث النبي ﷺ:
"وإذا سألت فسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله..."
وأشار إلى أن الإخلاص يعني تحرير القلب من كل شيء سوى الله، بحيث لا يبقى فيه إلا التوجه الصادق إليه سبحانه.
الركن الثاني: الاستمرار في الدعاء وعدم اليأسأوضح جمعة أن النبي ﷺ لم يدعُ مرة أو مرتين فقط، بل استمر في الدعاء لعدة شهور حتى استجاب الله له، إذ استمر يستقبل بيت المقدس بعد الهجرة لمدة 18 شهرًا، وكان يتمنى أن تكون الكعبة قبلته، فظل يتوجه إلى الله حتى استجاب له.
ومن هنا، فإن الاستمرار والمواظبة على الدعاء من أهم أركان المناجاة، لأن الدعاء نفسه عبادة، ويجب على المسلم أن لا ييأس إذا لم تُستجب دعوته سريعًا، فالله يستجيب في الوقت الذي يراه أنسب لعباده.
أكد الدكتور علي جمعة في خطبته أن المناجاة تحتاج إلى إخلاص نية واستمرار في الدعاء، مشيرًا إلى أن شهر شعبان فرصة لإحياء هذه العبادة والتقرب إلى الله، استعدادًا لاستقبال رمضان بقلبٍ نقي وروح متعلقة بالله.