البحث عن مبرر لإخفاق النظام المصري
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
كلما أخفق النظام المصري في تحقيق ما وعد به المواطنين من تحسن لمستوى معيشتهم، راح يبحث عن مبرر لذلك الإخفاق، ليروج إعلام الصوت الواحد لتلك المبررات لتحويلها الى مسلّمات، دون السماح للمتخصصين بمناقشة تلك المبررات وبيان مدى صحتها.
ومع قرب الانتخابات الرئاسية وتراجع مستوى معيشة المواطنين، بسبب غلاء اسعار السلع والخدمات غير المسبوق، يتم إعادة ترديد مبررات الإخفاق من وجهة نظر رأس النظام، والابتعاد تماما عن ذكر المبررات الحقيقية لذلك الإخفاق من وجهة نظر المتخصصين، من غياب التخطيط والتهوين من أهمية دراسات الجدوى للمشروعات وإهدار الموارد على مشروعات لا تمثل أولوية مجتمعية.
وهكذا يعيد النظام ترديد مبررات: أحداث ثورة يناير عام 2011، ووباء كورونا وآثاره السلبية على الاقتصاد، والتداعيات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية والزيادة السكانية، مما يدفعنا لتناول مدى تأثير تلك العوامل الأربعة التي يرددها رأس النظام، من خلال البيانات الاقتصادية الرسمية وبيانات الجهات الدولية التي تعتمد في بياناتها على بيانات الجهات المحلية.
مع قرب الانتخابات الرئاسية وتراجع مستوى معيشة المواطنين، بسبب غلاء اسعار السلع والخدمات غير المسبوق، يتم إعادة ترديد مبررات الإخفاق من وجهة نظر رأس النظام، والابتعاد تماما عن ذكر المبررات الحقيقية لذلك الإخفاق من وجهة نظر المتخصصين، من غياب التخطيط والتهوين من أهمية دراسات الجدوى للمشروعات وإهدار الموارد على مشروعات لا تمثل أولوية مجتم
أولا- الآثار السلبية لثورة الخامس والعشرين من يناير 2011: حيث ذكر رأس النظام الحاكم مؤخرا، أنها تسببت في تحقيق خسائر للاقتصاد المصري آنذاك بلغت 400 مليار دولار، وبالعودة الى بيانات البنك الدولي حول حجم الاقتصاد المصري عام 2011 والذي يعبر عنه الناتج المحلي الإجمالي، فقد بلغ الناتج في ذلك العام 236 مليار دولار مقابل 219 مليار دولار بالعام السابق، أي أن الناتج قد زاد خلال عام الثورة المصرية بنحو 17 مليار دولار.
نمو الاقتصاد بعام الثورة المصرية
وهذا ما تؤكده بيانات صندوق النقد الدولي حين ذكرت أن الاقتصاد المصري، قد زاد معدل نموه خلال عام الثورة بنسبة 1.8 في المائة مقابل معدل نمو بلغ 5.1 في المائة بالعام السابق، وها هي بيانات منظمة التجارة الدولية تشير الى زيادة قيمة الصادرات السلعية خلال عام الثورة بنحو 4.1 مليار دولار، بالمقارنة بقيمة الصادرات في العام السابق، بينما انخفضت المتحصلات الخدمية بقيمة 4.5 مليار دولار بالمقارنة بالعام السابق.
وعوض ذلك وحسب بيانات البنك المركزي المصري ارتفعت قيمة تحويلات العمالة المصرية في الخارج بنحو 1.89 مليار دولار خلال عام الثورة عن العام السابق، وارتفاع المعونات الخارجية بقيمة 889 مليون دولار.
وأشارت بيانات وزارة المالية المصرية الى تراجع إيرادات الموازنة الحكومية، خلال العام المالي 2010/2011 والذي ينتهي آخر حزيران/ يونيو 2011، بقيمة 2.8 مليار جنيه، أي ما يعادل 467 مليون دولار بسعر الصرف حينذاك، لكن إيرادات الموازنة زادت في العام المالي التالي (2011/2012) بقيمة 38.3 مليار جنيه، أي ما يعادل 6.3 مليار دولار بسعر الصرف حينذاك.
مقولة خسارة الاقتصاد المصري 400 مليار دولار بسبب الثورة ليس لها سند من قبل البيانات الرسمية المحلية والدولية.
ومما سبق يتضح أن مقولة خسارة الاقتصاد المصري 400 مليار دولار بسبب الثورة ليس لها سند من قبل البيانات الرسمية المحلية والدولية.
ثانيا- التداعيات السلبية لفيروس كورونا: استمر الأثر السلبي لظهور فيروس كورونا في مصر، من أواخر شهر آذار/ مارس 2020 وحتى نهاية حزيران/ يونيو من نفس العام، وسبق ظهور كورونا انتهاء برنامج الإصلاح الاقتصادي لمصر مع صندوق النقد الدولي منتصف 2019، مما يعني قدرة الاقتصاد الذي حظي بقدر كبير من ضخ الأموال الخارجية على مواجهة الصدمات، ورغم ذلك فقد حظي بقروض سخية من صندوق النقد لمواجهة تداعيات كورونا.
استيعاب آثار كورونا خلال عام واحد
وتشير بيانات البنك المركزي المصري إلى انخفاض قيمة الصادرات السلعية خلال عام الوباء بقيمة 3.4 مليار دولار، لكن باتجاه مغاير زادت قيمة تحويلات المصريين في الخارج بقيمة 2.87 مليار دولار، مع انخفاض إيرادات السياحة بنحو 8.6 مليار دولار وصافي الاستثمار الأجنبي المباشر بنقص 3.2 مليار دولار، واستثمارات الحافظة بنقص 7.8 مليار دولار وايرادات قناة السويس بنقص 164 مليون دولار.
وعلى الجانب الآخر زادت إيرادات الخدمات بخلاف السياحة والقناة بقيمة 128 مليون دولار، كما زادت إيرادات القروض والودائع الأجنبية بقيمة 11.2 مليار دولار.
وفي عام 2021 زادت إيرادات النقد الأجنبي من العديد من الموارد، بزيادة 11.4 مليار دولار للصادرات السلعية، وزيادة 4.5 مليار دولار للسياحة، وارتفاع 3.5 مليار دولار لاستثمارات الحافظة، وزيادة 1.9 مليار دولار لتحويلات المصريين في الخارج وزيادة 722 مليون دولار لقناة السويس عن عام ظهور الوباء، وزيادة 692 مليون دولار لخدمات النقل، كما زادت حصيلة الخدمات الأخرى بقيمة 595 مليون دولار. وبلغت الزيادة في القروض والودائع الأجنبية 7.4 مليار دولار، مما يعني عمليا استيعاب أية آثار سلبية على موارد النقد الأجنبي في سنة ظهور الوباء بعد عام واحد.
يتناسى هؤلاء دور الثروة البشرية في الإنتاج الصناعي والزراعي والخدمي، وأثر تحويلات المصريين العاملين في الخارج في مساندة الدولة المصرية في أزماتها المتكررة، حيث ظلت تلك التحويلات لسنوات طويلة تمثل المورد الأكبر للنقد الأجنبي، ولم يسبقها ببعض السنوات خاصة خلال فترة الحكم الحالي سوى الاقتراض الخارجي
7 أشهر لتأثر أسعار الغذاء بالحرب الروسية
ثالثا- آثار الحرب الروسية الأوكرانية: نظرا لتركز استيراد مصر للحبوب خاصة القمح والذرة من روسيا وأوكرانيا، فقد تأثرت بارتفاع أسعار الحبوب وزيوت الطعام عالميا والوقود، لكنها استفادت من الأزمة أيضا، فمع التضييق الأوروبي على استيراد الطاقة من روسيا استفادت مصر من تصدير الغاز الطبيعي لأوروبا، ومع التضييق الأوروبي على صادرات الأسمدة الروسية زادت حصيلة صادرات الأسمدة المصرية.
ومع سعي روسيا لتصدير بترولها وغازها الطبيعي إلى أسواق أخرى أبرزها جنوب آسيا، زادت معدلات عبور السفن المحملة بالوقود في قناة السويس سواء باتجاه آسيا أو باتجاه أوروبا، من خلال زيادة صادرات الطاقة الخليجية لأوروبا، أو إعادة الهند وغيرها تصدير النفط الروسي بعد تكريره الى أوروبا.
وفيما يخص أسعار الغذاء فقد كان مؤشر أسعار الغذاء الذي تعده منظمة الأغذية والزراعة، قد بلغ 135.6 نقطة في الشهر السابق للحرب الروسية الأوكرانية، وتسببت الحرب في ارتفاعه حتى بلغ 159.7 نقطة في آذار/ مارس الشهر التالي للحرب، لكنه ظل ينخفض بعد ذلك تدريجيا حتى عاد لمستواه قبل الحرب بعد خمسة أشهر فقط من تلك الذروة، واستمر في الانخفاض خلال الشهور التالية حتى بلغ 121 نقطة في الشهر الماضي، مما يعني أن أثر الحرب على مؤشر أسعار الغذاء لم تزد عن سبعة أشهر فقط.
رابعا- الأثر السلبي للزيادة السكانية على التنمية: ويرد على ذلك بيانات جهاز الأحصاء الحكومى بتراجع معدل الزيادة الطبيعية من 24.9 في الألف عام 2012 إلى 15.4 في الألف بالعام الماضي، نتيجة انخفاض أعداد المواليد، وهو ما ذكره المسؤولون لرأس النظام المصري لكنه يريد خفضا بمعدلات أعلى لزيادة المواليد.
تحويلات المغتربين وعلاج نقص الدولار
ويتناسى هؤلاء دور الثروة البشرية في الإنتاج الصناعي والزراعي والخدمي، وأثر تحويلات المصريين العاملين في الخارج في مساندة الدولة المصرية في أزماتها المتكررة، حيث ظلت تلك التحويلات لسنوات طويلة تمثل المورد الأكبر للنقد الأجنبي، ولم يسبقها ببعض السنوات خاصة خلال فترة الحكم الحالي سوى الاقتراض الخارجي.
وفي العام الماضي وحسب بيانات البنك المركزي بلغت متحصلات تحويلات العمالة 28 مليار دولار، منخفضة بنحو 3.1 مليار دولار عن العام السابق بسبب سعر الصرف الرسمي الأقل كثير من السعر في السوق الموازي. ورغم ذلك الانخفاض فلم يسبقها سوى قيمة القروض الخارجية، وظلت أكبر من الصادرات غير البترولية ومن الاستثمار الأجنبي المباشر، ومن إيرادات السياحة ومثلت أربعة أضعاف دخل قناة السويس.
ومع اشتداد أزمة نقص العملات الأجنبية كان المغتربون هم الملاذ، من خلال شراء سيارات من الخارج يدفعون قيمة رسومها بالدولار، ومن خلال إدخال كميات من الذهب لزيادة المعروض منه محليا لتهدئة ارتفاع أسعاره، وشراء أراض ووحدات سكنية حكومية بالدولار، ودفع رسوم الخدمات التي يحصلون عليها من القنصليات المصرية بالدولار والعملات الأجنبية، وغير ذلك من الوسائل التي تبتكرها الحكومة كل فترة للحصول على المزيد من دولارات المغتربين، والذين استخدمت جانبا من ودائعهم الدولارية في البنوك المحلية لسداد ما عليها من التزامات خارجية، رغم عدم تقديم خدمات لهم وكون نسبة كبيرة منهم من الأميين، وكان الأجدى للحكومة تقديم التدريب المتخصص لهم قبل سفرهم لتعظيم العائد منهم، والاستفادة من تلك الثروة البشرية بالمزيد من وسائل التنمية البشرية.
twitter.com/mamdouh_alwaly
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصري الاقتصاد مصر اقتصاد ايرادات النمو 25 يناير مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة صحة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تحویلات المصریین الاقتصاد المصری العام السابق بیانات البنک أسعار الغذاء ملیار دولار ملیون دولار فی الخارج من خلال
إقرأ أيضاً:
"أدنوك" تطلق شركة "XRG" الاستثمارية بقيمة 80 مليار دولار
أعلنت "أدنوك"، اليوم الأربعاء، عن إطلاق "XRG"، شركةً استثمارية دولية رائدة في مجالي الطاقة منخفضة الكربون والكيماويات بقيمة مؤسسية أكثر من 290 مليار درهم (80 مليار دولار)، وذلك بعد اعتمادها من قبل مجلس إدارة "أدنوك"، بحسب بيان تلقت سكاي نيوز عربية، نسخة منه.
تهدف الشركة الجديدة إلى زيادة قيمة أصولها بأكثر من الضعف خلال العقد المقبل من خلال الاستفادة من النمو في الطلب على الطاقة منخفضة الكربون والكيماويات مدفوعاً بالتوجهات العالمية الرئيسية الثلاثة المتمثلة في: النقلة النوعية في منظُومة الطاقة، والنمو السريع للذكاء الاصطناعي، ونهوض الاقتصادات الناشئة.
وبحسب البيان فإن اسم "XRG" اختصاراً لكلمة "Exergy" التي تعني "تحقيق الحد الأقصى من إمكانات الطاقة".
واستناداً إلى خبرات "أدنوك"، وصفقات الاستحواذ الدولية النوعية التي نفذتها مؤخراً، ستركز الشركة الاستثمارية التي ستزاول أعمالها بشكل مستقل مبدئياً على تطوير ثلاث منصات استراتيجية رئيسية لتحقيق القيمة:
"منصة XRG العالمية للمواد الكيماوية" التي تهدف لأن تكون ضمن أكبر 5 شركات عالمية للكيماويات، وستركز على إنتاج وتوفير المنتجات الكيماوية والمتخصصة الضرورية للحياة المعاصرة لتلبية الزيادة المتوقعة بنسبة 70 بالمئة في الطلب العالمي على الكيماويات بحلول عام 2050. "منصة XRG العالمية للغاز" التي ستُركز على بناء محفظة أعمال عالمية متكاملة في مجال الغاز للمساهمة في تلبية الزيادة المتوقعة بنسبة 15 بالمئة في الطلب العالمي على الغاز الطبيعي على مدى العقد المقبل، باعتباره وقوداً انتقالياً مهماً، إضافة إلى الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال بنسبة 65 بالمئة بحلول عام 2050. "منصة XRG للطاقات منخفضة الكربون" التي ستركز على الاستثمار في الحلول الضرورية لتلبية الطلب المتزايد على الطاقات منخفضة الكربون وتقنيات خفض الانبعاثات لدفع النمو الاقتصادي خلال مرحلة الانتقال في قطاع الطاقة. ومن المتوقع أن ينمو سوق الأمونيا منخفضة الكربون وحدها بما يتراوح بين 70-90 مليون طن سنوياً بحلول عام 2040 مقارنة بالطلب الحالي الذي يقارب الصفر.وبهذه المناسبة، قال الدكتور سلطان أحمد الجابر، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لأدنوك ومجموعة شركاتها: "تماشياً مع رؤية القيادة الرشيدة بتنفيذ مشاريع واستثمارات تدعم النمو الاقتصادي المستدام في دولة الإمارات وترسخ مكانتها العالمية الرائدة في مختلف القطاعات الاستراتيجية، وتنفيذاً لتوجيهات مجلس إدارة ’أدنوك‘ بإعطاء الأولوية لتحقيق النمو النوعي، يمثل إطلاق شركة ’XRG‘ فصلاً جديداً في النقلة النوعية التي تنفذها ’أدنوك‘".
وأضاف: "استناداً إلى سجل ’أدنوك‘ الحافل بالخبرات والإنجازات في مجال الطاقة وتنفيذ الاستثمارات الاستراتيجية، وشبكة شركائها العالميين، وحضورها الواسع في الأسواق الدولية، ستساهم الشركة الجديدة في دفع عجلة النمو الاقتصادي المستدام، وتعزيز الابتكار التكنولوجي، وتوفير الطاقة والمنتجات الضرورية لتحسين جودة حياة الأفراد والمجتمعات في مختلف أنحاء العالم. ونحن مستمرون في التزامنا بالتركيز على خلق قيمة طويلة الأجل للمساهمين وترسيخ مكانة دولة الإمارات وأبوظبي الرائدة عالمياً في مجالي الطاقة والكيماويات".
يذكر أنه من المخطط أن تبدأ الشركة الجديدة مزاولة أعمالها رسمياً في الربع الأول من عام 2025، كما سيتم تنظيم يوم عالمي حول استراتيجية الشركة في نفس العام.