«زوروني كل سنة مرة».. إبداع «يعيش العمر كله»
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
«زورونى كل سنة مرة» تلك الكلمات التى عاشت مئات السنين، ولم يستطع أحد أن يتمالك دموعه بمجرد سماعها تدوى فى المكان، استمرت تلك الأغنية سنوات طويلة، عاش معها الكثير من آلام الوحدة والقهر، ووجدوا متنفساً عند سماع ألحان الراحل سيد درويش، الذى ترجم كلمات المؤلف الغنائى محمد يونس فى أغنية تحمل الكثير من الأوجاع.
وترجع قصة الأغنية إلى أن المؤلف الغنائى محمد يونس مرض ذات مرة ولزم الفراش، ولم ينفعه أى علاج أو أدوية، فوصل خبر مرضه إلى الجميع وبدأ يزوره الأهل والأصدقاء والزملاء، ومن بين الزائرين كانت شقيقته الوحيدة، التى حدثت بينهما قطيعة بسبب الميراث، ولكن زيارتها له كان وقعها طيباً على قلبه، وبدأ من بعدها فى كتابة تلك الكلمات. استطاعت هذه الأغنية أن تعيش سنوات طويلة، كما غنّاها كبار النجوم فى مصر والوطن العربى، ولكن أول من قام بغنائها الفنان حامد مرسى، وظل يردّدها أكثر من مطرب، وصولاً إلى السيدة أم كلثوم، ومن المطربات اللاتى كن سبباً فى شهرة الأغنية بصورة كبيرة الفنانة «فيروز»، التى قدّمت الأغنية بإحساس كبير اقشعرت له الأبدان.
وقد سبق وقال عنها الملحن زياد رحبانى فى لقاء تليفزيونى: «كنا نقوم بعمل مكساج ذات مرة لأعمال فيروز عام 2000، وكنا نعيد ونُكرر كثيراً، وكان يجلس فى غرفة مجاورة لنا موسيقى ألمانى يقوم بعمل مختلف عنا. وعندما خرجت من الاستوديو شاهدت مهندساً يتحدث معه باللغة الألمانية، وحضر إلىّ وسألنى عما إذا كان يمكن لهذا الموسيقار أن يدخل الغرفة معنا لسماع أغنية «زورونى كل سنة مرة» من الداخل، لأنه كان قد سمعها من خلف الباب، فرحّبت به وبعد سماعه للأغنية وجدته منبهراً وسألنى من لحّن هذه الأغنية؟ فأجبته بأنه ملحن مصرى يُدعى سيد درويش، الذى توفى فى عام 1923».
ولا يمكن أن نغفل عدداً من النجوم والنجمات، الذين قدّموا تلك الأغنية من جديد بصوتهم، منهم التونسية حبيبة مسيكة، الشيخ إمام، كارم محمود، زكى مراد، أميمة خليل، صباح فخرى، اللبنانية كارلا شمعون، وعدد آخر من المطربين المصريين، منهم «إيمان البحر درويش، حنان ماضى، إيهاب توفيق، الفنانة هايدى موسى، دنيا سمير غانم، محمد الحلو، حمزة نمرة».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: سيد درويش كوم الدكة فنان الشعب نادي الاتحاد السكندري
إقرأ أيضاً:
حسين خوجلي يكتب: معزوفة درويش كئيب على أطلال الجزيرة
من مرويات الصحابة التي تدعو للتأمل والتدبر والاعتبار حكاية وقوف سيدنا علي بن ابي طالب كرم الله وجهه (أبو تراب) على تراب المقابر وحياها قائلا:
السلام عليكم يا أهل المقابر أما أموالكم فقد قسمت، وأما بيوتكم فقد سكنت، وأما أزواجكم فقد تزوجن غيركم هذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم ؟
ثم سكت قليلاً وقال:
أما والله لو شاء الله لهم أن يتكلموا لقالوا:
إن خير الزّاد التقوى.
لقد ذكرتني هذه الحكاية الموحية حالنا في الجزيرة المنكوبة الجريحة المستباحة شمالا وجنوبا شرقا وغربا حواضرا وقرى. وفي ظني أن حال القرى المنهوبة المهجرة المغتصبة تماثل حال المقابر إن لم تكن المقابر أشد سلامة منها وطمأنينة.
فلعمري لو مر ود تكتوك هذا العصر بمخيمات النازحين واللاجئين من هذه القرى التي كانت حتى بالأمس تضج بالحياة والأمل والإشراق، وقد أمسى ساكنوها الآن في عراء الله يتامى وأرامل، وفي أطراف المدن حفاة وعراة وحزانى يتكففون الزاد والأمن والخيمة والأسبرين لمداواة جراح الجسد وجراح الروح.
ولكأني بصوت الرجل يرتفع عالياً حتى يتردد صداه في الأعالي والبطاح: (يا أهل الجزيرة إن الأموال قد نُهبت وإن الأعراض قد أُهينت وإن العزة والشرف القديم قد مرغ بالتراب)
وإن بقي في الرسالة بقية فهي للجيش وللشعب وللمقاومة وللمستنفرين والفدائيين، ختام ما قاله الشيخ فرح:
يا هؤلاء “ابحثوا عن مهمة أخرى” غير استعادة مدن وقرى الجزيرة، فماذا يفعل الناس ببقايا الأشياء وأطلال المساكن؟ ابحثوا عن مهمة أخرى فإن دخول القرى والمدن بعد أن أخليت تماماً من كل شيٍ حتى مواقد الطعام وسرائر الأطفال وباقي الدين والعجين، هي ضرب من العبث واللامعقول.
“ابحثوا عن مهمة أخرى” لن يصفق الشعب لانتصارات وهمية في أمكنةٍ خلاء، وقرى مهجورة، وملايين من الحيارى فقدوا كل شئ، نعم كل شئ حتى بقية الدموع في قاع الأعين، وبقية النشيج في قاع الصدور.
نعم “ابحثوا عن مهمة أخرى” فإن الشئ الوحيد الذي بقي هو ذاك (الهوى) المهشم على قارعة الطريق، والهواء الآسن والمعفر برائحة الجثث والإثم وقهقهات القتلة واللصوص.
كل شئٍ هناك ساكن، صامت إلا نحيب العاصفة الممزوج بأسى الأطلال ونزيف الغناء القديم.
كل شئٍ مضى نازحاً إلا زامر الحي الدرويش فقد ظل وحيداً يردد معزوفته في أسىً بصوته الذبيح ونفسه المتلاشية:
يا فؤادي رحم الله الهوى
كان صرحاً من خيال فهوى
اسقني واشرب على (أطلاله)
واروِ عني طالما (الدمع روى)
كيف ذاك الحب أمسى خبراً
وحديثاً من أحاديث الجوى
وبساطا من ندامى حلم
هم تواروا أبداً وهو انطوى
حسين خوجلي
إنضم لقناة النيلين على واتساب