أخبار ليبيا 24 – خـــاص

في خضم توغل التنظيمات الإرهابية، وسيطرتها على مناطق ومدن كثيرة في ليبيا، وفرضها لفكرها المتطرف على المدنيين انبثقت عملية الكرامة، التي انطلقت بمجهودات ذاتية وإمكانات محدودة، ولكن أبطالها شُرفاء، تحدّوا العدو وحاربوهُ بكل شجاعة وبسالة ولم يكترثوا لفارق التجهيزات والتمويلات التي كان التنظيم الإرهابي يحصّل عليها من الأطراف الخارجية والمحلية، واستطاعوا بفضل قيادتهم الحكيمة، وقادتهم المُحنّكين وشجاعتهم وقوتهم تحقيق النصر ولو بعد حين.

.

قصةٌ جديدة من قصص الإرهاب في ليبيا، يرويها لنا أحد الأبطال الذين التحقوا بعملية الكرامة في نشأتها الأولى، وقاتل في صفوف الجيش الوطني حتى حقق النصر..

يبدأ بطل القصة بالتعريف بنفسه قائلاً: أنا بشير بريك بشير العبيدي، في بداية الأمر.. التحقتُ بكتيبة شهداء الزاوية مع جمال الزهاوي، كمحاربي شوارع -قبل عملية الكرامة- ضد التنظيمات الإرهابية.

يٌعرف بشير بنفسه وبالطريقة التي التحق فيها بصفوف القتال ضد التنظيمات الإرهابية.. كنا في بداية الأمر نقاتل كمجموعات مصغّرة، عبارة عن مجموعة من الشباب (من مختلف المناطق في مدينة بنغازي مثل الليثي والحميضة والماجوري وغيرها) والذين قادهم خوفهم على وطنهم لصد التنظيمات والجماعات الإرهابية المتطرفة التي استفحلت وانتشرت في كل شبر فيه، كما أنني كنتُ مخزنًا لتخزين الذخيرة، لأنني كنت محلّ ثقة من قبل المجموعة التي كنت أقاتل برفقتها..

وعن آلية القتال.. كنا نتجمع في نقاط متفرقة من مدينة بنغازي من ضمنها مفرق الليثي؛ وكنا نقاتل بأسلحتنا الشخصية وهي عبارة عن أسلحة خفيفة إلى متوسطة..

وبعد مدة من الزمن.. استطعنا فيها إثبات أنفسنا وتمركزنا وفرض حالة من الأمن وإن كانت متذبذبة، إلى أن استدعانا السيد علي العمروني في منطقة الأبيار بالقرب من مدينة المرج، وهو من أخبرنا أن القيادة العامة للجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر؛ تريدنا ان ننظم إلى صفوفها ونقاتل الجماعات الإرهابية..

يواصل الحديث.. وبالفعل.. انضممنا إلى نواة تكوين الجيش الوطني وخضنا معارك قتالية ساحقة في اغلب المحاور القتالية في مدن شرق ليبيا، وأردف بالقول: ولا شك أن ما دفعني أنا وكافة رجال الوطن الحقيقيين للانضمام إلى الجيش الوطني والمحاربة في صفوفه ضد عناصر داعش التي استفحلت في شرق البلاد آنذاك، هو تحرير الوطن من الدواخل الذين عاثوا فيه فسادًا.

ويصف العبيدي أسلوب قتال الجماعات الإرهابية بالجبانة -وأنّها تفتقر إلى المواجهة والقتال المُباشر، معتمدة على التفخيخ والتفجير وزراعة الألغام، لأنها لا تمتلك عزيمة للقتال والمواجهة، كما أنهم غير قادرين على المحاربة إلا في الظلام الدامس.. خلف الراجمات والمدفعية؛ لأنهم جُبناء.

ولكن الجيش الوطني استطاع بفضل قيادته الحكيمة، وعزيمة وشجاعة رجاله تحقيق النصر المؤزر، بينما كان داعش يحاول مرارًا وتكرارًا الهروب والاحتماء ضمن بيوت الأهالي؛ حتى لا نتمكن من القضاء عليه، ولكن بفضل تعاون أهالي المنطقة ومساندتهم لنا يدًا بيد، تمكن من دحرهم دون وقوع خسائر كبيرة، بالطبع مثلما أكد المحاربون الأبطال لوكالتنا من خلال قصص الإرهاب في ليبيا.

المصدر: أخبار ليبيا 24

إقرأ أيضاً:

جميل مطر يروي سر تشفير مقال هيكل!

في كتابه السيري الممتع "حكايتي مع الصحافة" يصحبنا الدبلوماسي والكاتب المصري جميل مطر في رحلة ممتعة إلى دهاليز الصحافة والسياسة وكواليس مطبخ صناعة الأحداث وكيف كانت تمررها الدولة المصرية للشعب، في عهد جمال عبد الناصر، عبر أذرعها في الصحف، خاصة صحيفة "الأهرام" التي احتفظ لها مطر في قلبه بمكانة خاصة منذ الطفولة.

يحكي أنه كان دائماً أول من يفتح باب الشقة ليسحب نسخة الأهرام الموضوعة برفق وعناية فوق "الدوَّاسة". يأتي بها كل صباح صبيٌ يكلفه بائع صحفٍ يحتكر التوزيع على سكان ثلاثة أو أربعة شوارع في وسط البلد. كانت نسخة الأهرام الملقاة أمام باب شقتهم فاتحة علاقة طويلة الأجل مع الأهرام؛ جريدة ومؤسسة. يقول: "اعتدت أن أقضي ليلة بيوم أو يومين في الأسبوع تارة في "البيت الكبير"، بشارع أمير الجيوش الجواني، المعروف اختصاراً بمرجوش؛ حيث تقيم وتجتمع العائلة الممتدة جدتي لأمي، وتارة في بيت الخالة المتزوجة بعالم أزهري حاصل على العالمية ويدرس أصول الدين بالأزهر، خاصة في المناسبات الدينية. كان الشيخ بيومي يحرِّم على بناته الخمس وولديه وأنا معهم وخالتي أيضاً لمس نسخة الأهرام التي يأتي بها كل صباح موزع الصحف. حرَّم علينا قراءتها أو نقلها من مكانها إلى مكان آخر قبل أن تحملها له كل مساء وبعد العشاء أكبر بناته ليقرأها في وجودنا مجتمعين".

تلعب الأقدار لعبتها، وتجعل الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل شخصاً مهماً في حياة جميل مطر، سواء قبل أن يعرفه بشكل شخصي، أو بعد أن التحق بمؤسسة الأهرام ليعمل في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية التابع لها. يحكي مطر كواليس العمل الدبلوماسي في أكثر من دولة آسيوية، والضغوط التي تعرض لها، لكن ما كان يعنيه أكثر هو أن يصوِّر لنا قوة هيكل في عصر عبد الناصر، لدرجة أن تقوم وزارة الخارجية بتشفير مقاله وتعميمه على جميع السفارات.

يقول: "كانت أصعب أيام عملي في السفارة في بكين يومي الخميس والجمعة. ففي مساء الخميس تصلنا برقية رمزية فريدة من نوعها، مخالفة لكافة التعليمات الأمنية الخاصة بأعمال الرمز والتشفير. برقية مطولة جداً نعرف سلفاً مضمونها، ألا وهو المقال الأسبوعي الذي يكتبه الأستاذ محمد حسنين هيكل في عموده الشهير الذي يحمل عنوان بصراحة".

ويعلق: "ما لم نفهمه، لا نحن في سفارة الصين ولا في السفارات المصرية الأخرى في كافة أنحاء العالم، هو لماذا تشفر الوزارة مقالاً منشوراً لعامة القراء في مصر وخارجها، خاصة وأن المقال يحتاج فك شفرته لعدد هائل من الساعات وملل شديد وجهد عصبي وآلام في الرقبة وإرهاق في البصر. أذكر أنني عاتبت هيكل بعد مرور سنوات ونحن معاً في الرحلة التي أخذتنا إلى الصين. وقتها تذكرت مشقة فك شفرة مقالاته، وحاولت أفهم منه الدافع إلى التشفير وهي في الأصل منشورة أو مذاعة على الكافة. تبرأ من مسؤولية التشفير ولم يحدد وقتها الجهة في الدولة المصرية التي أمرت بذلك. كل ما يعرفه هو أن تعليمات وصلت للخارجية بضرورة تشفير مقاله الأسبوعي وإرساله إلى جميع السفارات. قدرت في ذلك الحين، وهو نفس تقدير الزملاء في مواقع أخرى، أن الدولة لجأت إلى تعميم مقال هيكل لأنها لم تكن تثق بقدرة أو أمانة معظم كبار الصحفيين في نقل مبادئ ثورة يوليو ونشر الوعي بتجاربها في صنع سياسة خارجية مستقلة. أما لماذا التشفير بينما كان يمكن بتكلفة أقل وجهد أبسط إرسالها كما هي وكما ستُنشر في عدد الجمعة من الجريدة، كان الرد السائد وقتها أن التشفير يعطيها قوة وصدقية وأهمية".

بعد سنوات من العمل الدبلوماسي يعود مطر إلى مصر، وقد رحب هيكل بعمله في مركز الدرسات بالأهرام، وكانت أول نصيحة له هو ألا يظهر كثيراً في الطابق الرابع، حيث يوجد جيش من السكرتارية ومديري التحرير، لكن مطر يخالف ذلك، فقد كان شغوفاً بمعرفة كيف يدار العمل في جريدة "الأهرام" التي ارتبط بها منذ طفولته.

فوجئ مطر أيضاً بأن هيكل يمنع أول مقال له من النشر. امدهش، وربنا شعر بالقلق، لكنه فهم أساب المنع من هيكل نفسه. قال له في أول لقاء جمعهما: "أدركت من خلال قراءتي للمقال أنك بذلت في إعداده جهداً كبيراً باعتباره أول ما كتبت للأهرام وأحسن ما عندك، وإن عدم النشر في هذه الحالة سوف يؤذي العلاقة بيننا. أما لماذا قررت في البداية عدم نشره فلأنه مقال ممتاز لكن لقارئ آخر غير قارئ الصحف. قارئ الصحف يريد أن يفهم من القراءة الأولى للمقال ما يريد الكاتب قوله، فإذا قابلته صعوبة في الفهم أو فكَّر في قراءته مرة ثانية حتى يفهم، فإنه لن يتهم نفسه بالقصور أو العجز، قد يحاول مرة ثانية ليفهم وتنجح المحاولة فتَكسَبه قارئاً، وقد ينفض عنك ولا يعود فتفقده وقد تفقد معه آخرين".

أراد هيكل، كما يقول مطر، أن يحصل على كل المعلومات عنه في جلسة واحدة. وقد كان بارعاً، بل مذهلاً، في سعيه وراء المعلومة. يعلق: "لا أعرف كيف نجحتُ في مقاومة سعيه في هذا اللقاء لمعرفة تفاصيل الشخص الجالس أمامه. تذكَّرتُ هذا اليوم، ما رأيته بنفسي، وهو كيف يحطم حاجز الإخفاء أو الكتمان عند ملك في مملكة، أو رئيس في جمهورية، أو قائد جيوش في هذه أو تلك، أو رئيس حزب، أو ناشط وناشطة في حركة سياسية أو في قبيلة أو في تنظيم عصيان وتمرد وينفذ من الحطام إلى داخل الرجل، أو المرأة، ويعود بما يريد. كانت متعة لا تعادلها متعة أخرى يوم اخترتُ بعد عامين أو أكثر قليلاً، ونحن نقطع الوقت في طائرة فوق بحر العرب، أو في استراحة بين حركتي سمفونية عريقة في دار أوبرا باريس، أو في غداء على شاطئ أوستيا غرب مدينة روما أن أطلعه على بعض المخفي أو المكتوم. إذ اختار الرجل عبر شهور أن يطلعني على بعض ما أحتاج أن أعرفه عن عالم الصحافة والصحفيين فسمحت له بالاطلاع على بعض ما يسعى لمعرفته عن المخفي في حياتي والمعتم في شخصيتي".

مقالات مشابهة

  • مايقوم به الفريق البرهان في حرب الكرامة أمر مُذهل
  • غزة ترفض التهجير… ولكن ماذا لو فُرض عليها؟
  • الجيش الأوكراني يكشف تطوراً لافتاً في حربه ضد روسيا
  • جميل مطر يروي سر تشفير مقال هيكل!
  • الأمن الوطني يكشف تفاصيل عملية اعتقال قتلة الشهيد الصدر وشقيقته
  • منير أديب يكتب: التنظيمات الإسلاموية وأمن المنطقة العربية.. حماس نموذجًا
  • اختتام المقياس الـ 4 من تكوين الحصول على شهادة “كاف أ”
  • ثورة الكرامة.. ثورة مائة الف شهيد
  • الناطق باسم الأمن الوطني: تفكيك “خلية الأشقاء” خضعت لبروتوكول صارم
  • الدفاع التركية تؤكد وقوفها مع سوريا ضد التنظيمات الإرهابية التي تهدد أمنها ووحدتها