الوطن:
2025-03-16@04:09:37 GMT

صوت الثورة.. أغاني سيد درويش تشعل حماس الشعب في 1919

تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT

صوت الثورة.. أغاني سيد درويش تشعل حماس الشعب في 1919

برز الدور الوطنى للموسيقار الكبير الراحل سيد درويش، الذى رحل عن عالمنا فى العاشر من سبتمبر 1923، عن عمر 31 عاماً تاركاً خلفه إرثاً موسيقياً وغنائياً كبيراً، يشمل عشرات الأغانى والموشحات والمسرحيات الغنائية، لكن يظل عمله الأكثر رسوخاً فى الوجدان هو «بلادى بلادى»، الذى أصبح لاحقاً النشيد الوطنى فى مصر.

وسخّر الفنان الكبير سيد درويش ألحانه وأغانيه لخدمة الروح الوطنية وتحفيز الشعب المصرى فى كثير من المواقف السياسية التى مرت بها مصر فى الفترة من 1910 وحتى 1923، وجاء أبرزها دوره فى ثورة 1919 التى تعد واحدة من أهم الأحداث المصرية التى أثرت فى الأغنية الوطنية والحماسية، وألهبت أغانى «خالد الذكر» الفنان سيد درويش روح الوطنية لدى الشعب الثائر، وقد نهض درويش بدور تغذية روح المقاومة مستعيناً بأغنيات وطنية استلهم منها الشعب حماسته لمواصلة الثورة، والمطالبة بعودة زعيمه سعد زغلول ورفاقه من المنفى، وعبّر سيد درويش من خلال أغانيه الوطنية عن مطالب الثورة والشعب المصرى فى ذلك الوقت بأغنيات مثل «بلادى بلادى، لك حبى وفؤادى»، وأغنيتى «قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك» و«أنا المصرى كريم العنصرين، بنيت المجد بين الأهرامين»، هذه الأغنيات أثرت بشكل كبير فى مشاعر ووجدان المصريين لمواجهة الاحتلال البريطانى.

ويرى المؤرخون وأساتذة التاريخ أن سيد درويش لم يكن مجرد مشارك بأعماله الفنية، بل كان مشاركاً فعلياً فى الثورة، كان يخرج ويتصدر المشهد فى المظاهرات، وسيد درويش كان ثائراً حقيقياً، فقد غيّر مفهوم الغناء وتطرق لموضوعات لم يجرؤ أحد على تناولها، مثل الأغانى التى عددت مشكلات الطوائف العمالية التى اختلط بها فى بداية حياته عندما كان يشتغل بأعمال بسيطة، ومن الأمور التى ربما لا يعلمها البعض عن الفنان الراحل أنه كان ناقداً موسيقياً محترفاً فى المجلات التى كانت تصدر فى ذلك الوقت، وكان يوقع مقالاته باسم (خادم الموسيقى)، وكان لـ «درويش» العديد من الأمنيات التى لم تتحقق، فكان يتمنى دائماً أن يضع موسيقى أوبرا عالمية تخلد حياة الزعيم أحمد عرابى.. ولكن هذا كان مستحيلاً بالنسبة للرقابة الإنجليزية التى كانت موجودة فى ذلك الوقت، وكان يتمنى أن يسافر إلى إيطاليا ليدرس الموسيقى على أيدى أساتذتها، وأعد نفسه للسفر فعلاً سنة 1923وتوفى قبل أن تتحقق أمنياته.

وقال الدكتور محمد سعيد حسن، أستاذ التاريخ الاجتماعى الحديث، إن دور الأغنية الوطنية التى قدمها سيد درويش لم يقتصر على الرسائل السياسية المباشرة أو التعبير عن مطالب الشعب فقط، ففى عام 1919 قام مع الكاتب بديع خيرى بعرض مسرحية بعنوان «قولوا له»، قدما من خلالها عدداً من الأغنيات الوطنية، من بينها أغنية «بنت مصر» التى قُدمت على إثر استشهاد أول شهيدتين فى تلك الثورة، وهما «حميدة خليل» و«شفيقة محمد»، ولم تقف أغنياته على كونها مجرد كلمات حماسية تلهب مشاعر الشعب المصرى فقط، بل تحولت إلى هتافات سياسية أطلقها المواطنون فى الشوارع فور سماعها، فكان لأغانى سيد درويش دور الضمير الوطنى الذى حرك الشارع المصرى فى ذلك الوقت، غير أنه كان يتصدر الجماهير فى قلب المسيرات والمظاهرات وبجواره بديع خيرى.

وأشار إلى أن درويش قدّم مع بديع خيرى، بعد نفى سعد زغلول، إحدى الأغنيات التى ناشدت بعودة زغلول بعد نفيه خارج مصر وهى أغنية «زغلول يا بلح يا بلح زغلول، ... يا روح بلادك ليه طال بعادك»، كما اقتبس «درويش» من أقوال الزعيم مصطفى كامل عبارات استخدمها فى صياغة النشيد الوطنى المصرى الحالى «بلادى بلادى لكى حبى وفؤادى»، وهو النشيد الذى أطلقه فى خضم الثورة، وكثيراً ما تغنى به المصريون فى مناسباتهم الوطنية.

كان عام 1919 أكثر السنوات إنتاجاً فى تاريخ «درويش» الفنى، وفقاً لكثير من المؤرخين والنقاد، إذ قدم فى هذا العام 75 لحناً، وهذا يدل على أنه كان متفاعلاً مع مجريات الأحداث السياسية فى البلاد بأعماله الفنية، وبسبب هذه المشاركات والأعمال الموسيقية المختلفة أُطلق على «درويش» العديد من الألقاب، إذ لقّبه الأديب الراحل عباس العقاد بـ«إمام الملحنين»، و«نابغة الموسيقى»، بالإضافة إلى ألقاب أخرى أهمها «فنان الشعب»، «خالد الذكر»، و«مجدد الموسيقى»، و«باعث النهضة الموسيقية».

وظهر إبداع سيد درويش وحبه الكبير لبلاده فى أغنيته التى كتبها بديع خيرى وقام بتلحينها «قوم يا مصرى مصر بتنادى عليك.. خد بنصرى.. نصرى دين واجب عليك»، والتى خلدت أحلام المصريين وآمالهم بالوصول إلى الحرية المنشودة والتخلص من الاستعمار وحمّستهم وحفّزتهم على الثورة، كما كان نشيد مصر الحالى «بلادى بلادى.. لكِ حبى وفؤادى»، الذى ألفه الشيخ يونس القاضى والمستوحى من خطاب للزعيم مصطفى كامل، إحدى الأغنيات التى عبّرت عن ثورة 1919، وكان بمثابة قوة روحية دفعت الشعب المصرى لمقاومة الاحتلال البريطانى، وكذلك كانت أغنية «إحنا الجنود زى الأسود» و«أنا المصرى كريم العنصرين»، وكان آخر أعمال درويش الوطنية أنشودة سعد زغلول، التى كتبها ولحنها تحية لهذا الزعيم يوم عودته للوطن عام 1923، ولكن قضاء الله حال بينه وبين الاحتفال بعودة سعد إلى مصر، فقد توفاه الله قبل عودته بيومين، وكانت الأغنية تقول: «مصرنا وطننا سعدها أملنا.. كلنا جميعاً للوطن ضحية.. أجمعت قلوبنا هلالنا وصليبنا.. أن تعيش مصر عيشة هنية».

«الدسوقى»: أغانيه صارت جزءاً من الحراك الشعبى الواسع

وقال المؤرخ المصرى عاصم الدسوقى، أستاذ التاريخ الحديث، إن سخط الشعب المصرى ونخبته تفاقمت مع إعلان الاحتلال الإنجليزى حمايته على مصر فى ديسمبر 1914، حيث بات الاحتلال مقروناً بحماية، وصارت مصر بلداً من البلدان الخاضعة للحماية الأجنبية، مشيراً إلى أنه مع هذه الفترة لعبت الأغانى والأشعار والموسيقى دوراً فى زيادة الوعى ونشر القضية الوطنية وعلى رأس ذلك فن سيد درويش..

وتابع: أعلنت بريطانيا الحماية على مصر، خلال الحرب العالمية الأولى، فعندما أعلن السلطان العثمانى دعمه لألمانيا عام 1914 خلال الحرب، أصبحت مصر التى كانت تحت حكم الخلافة العثمانية من الناحية الاسمية، جزءاً من التحالف ضد بريطانيا، فسارعت قوات الاحتلال البريطانى بخلع الخديو عباس حلمى الثانى من السلطة، وأحلوا محله عمه حسين كامل، ابن الخديو إسماعيل على العرش، وبإعلانه سلطاناً على مصر، أصبحت مصر «شبه مستقلة»، فأعلنت بريطانيا الحماية عليها.

وأوضح أنه توالت الأحداث، وازدادت مشاعر السخط لدى الأغلبية العظمى من السكان أكثر من ذى قبل عندما قامت السلطات البريطانية بحظر سفر الوفد المصرى بزعامة سعد زغلول إلى محادثات السلام فى فرساى عام 1918، مبدِّدة الوعود الكبرى التى قدَّمتها بريطانيا للنخبة المصرية التى كانت تحاول انتزاع بعض المكاسب السياسية من دولة الاحتلال وعلى رأسها الاعتراف الرسمى بالاستقلال ووضع دستور مصرى وتشكيل حكومة وطنية. وانفجر الغضب الشعبى وصارت الأغنية الوطنية جزءاً من الحراك الشعبى الواسع.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: سيد درويش كوم الدكة فنان الشعب نادي الاتحاد السكندري الشعب المصرى سعد زغلول التى کانت سید درویش

إقرأ أيضاً:

لأول مرة بعد سقوط الطاغية… السوريون يحتفلون بذكرى انطلاق الثورة في ساحة الأمويين

دمشق-سانا

للمرة الأولى منذ سقوط نظام بشار الأسد الاستبدادي المجرم في سوريا، احتشد المواطنون السوريون في ساحة الأمويين بالعاصمة دمشق، للاحتفال بالذكرى الرابعة عشرة لانطلاق الثورة المباركة، للتأكيد على ولادة سوريا جديدة خالية من القمع والاستبداد.

وتخلل الاحتفال عرض لطائرات حوامة ألقت الورود وقصاصات الورق المدون عليها عبارات النصر على المشاركين، في الوقت الذي كانت تلك الطائرات في زمن النظام البائد ترمي براميلها المتفجرة على المدنيين، في مشهد يؤكد أن الجيش السوري سيكون في خدمة أهله ليحميهم ويدافع عنهم.

واستحضرت المشاركة سيلا حاج عيسى خلال الاحتفال رموز الثورة كعبد الباسط الساروت وغيره من الأسماء، الذين سيبقون أيقونات حاضرة في تاريخ سوريا الجديدة، فهم شكلوا منارة وحافزاً على استمرارها ونجاحها، رغم كل المحاولات لإخماد هذه الشعلة التي أنارت بنصرها جميع الأراضي السورية.

بدوره، محمد شفتر القادم من ألمانيا للمشاركة بهذا الاحتفال لفت إلى أنه رغم الفرحة العارمة التي تختلج قلبه، إلا أنه يفتقد في هذه اللحظة إخواناً وأصدقاء وأقارب، ممن شاركوا في الثورة السورية، واستشهدوا إما في معتقلات النظام البائد أو عبر استهدافهم خلال مطالباتهم بالحرية في المظاهرات السلمية.

من جهتها، أكدت روان أحمد من دير الزور أن الثورة بالنسبة لها انتهت مع سقوط الطاغية ونيل الشعب السوري لحريته، وحان وقت بدء ثورة جديدة عنوانها البناء والتعمير والقضاء على الفساد، وإقامة نظام اجتماعي جديد قائم على المساواة والعدالة بين جميع مكونات الشعب السوري.

“أريد أن أدون الثامن من كانون الأول كتاريخ جديد لولادتي”، بهذه الكلمات عبر علي فرحات عن سعادته بانتصار الثورة السورية، معتبراً إياها ميلاداً جديداً لكل السوريين، ونقطة فاصلة لا رجعة فيها في تاريخ سوريا وحاضرها ومستقبلها.

واعتبر وائل أبو فضيل من درعا أن الثورة انتصرت، ولا يكتمل إنجازها إلا بجلب رموز النظام المجرم إلى المحاكمة وتحقيق العدالة الانتقالية، وفاءً لدماء الشهداء والجرحى. وسيكون ذلك يوماً آخر سيحتفل فيه السوريون كاحتفالهم بذكرى النصر.

بادية تسون من حمص لفتت إلى أن فرحة السوريين لن تكتمل إلا بتحقيق التعايش السلمي واللحمة الوطنية والابتعاد عن الطائفية بين مكونات الشعب السوري، الذي أثبت أنه يد واحدة في وجه كل ما تعرضت له سوريا على مدار السنوات الماضية من قهر وظلم وقتل واستبداد.

عبد الواحد عبد الله المحمد حرص على المجيء من الحسكة إلى دمشق في هذا اليوم للمشاركة بالاحتفال بذكرى الثورة، مبيناً أن الشعب السوري كله يقف اليوم إلى جانب الدولة والجيش وقوى الأمن العام في مواجهة محاولات فلول النظام تدمير ما تم تحقيقه عبر بث الفتنة والفوضى.

“وحدة سوريا بكامل أراضيها ونبذ الطائفية كانت من أهداف الثورة التي يجب المحافظة عليها”، وفق رنا داوود، التي أكدت أن السوريين طالما حلموا بالوصول إلى حياة رغيدة وكريمة، وذلك تحقق بانتصار الثورة.

مقالات مشابهة

  • لأول مرة بعد سقوط الطاغية… السوريون يحتفلون بذكرى انطلاق الثورة في ساحة الأمويين
  • أمسيتان في حجة لترسيخ الثقافة القرآنية
  • أهالي حمص في ذكرى الثورة.. الشعب السوري واحد
  • فنانون ناصروا الثورة السورية منذ بدايتها ودفعوا الثمن راضين
  • وقفات تضامنية في صعدة مع فلسطين واستنكاراً لجرائم الجماعات التكفيرية بسوريا
  • وقفات في الجوف تأييداً لقرارات السيد القائد نصرة لفلسطين
  • وقفات بصنعاء تأييدا لموقف وقرارات قائد الثورة ونصرة الشعب الفلسطيني
  • وقفات في حجة تأكيداً على الاستمرار في نصرة الشعب الفلسطيني
  • الرؤية الروسية للفكر الاجتماعي والاشتراكية في أدب دوستويفسكي.. قراءة في كتاب
  • الحب والثورة في شعر محمود درويش .. بين الرومانسية والنضال