صوت الثورة.. أغاني سيد درويش تشعل حماس الشعب في 1919
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
برز الدور الوطنى للموسيقار الكبير الراحل سيد درويش، الذى رحل عن عالمنا فى العاشر من سبتمبر 1923، عن عمر 31 عاماً تاركاً خلفه إرثاً موسيقياً وغنائياً كبيراً، يشمل عشرات الأغانى والموشحات والمسرحيات الغنائية، لكن يظل عمله الأكثر رسوخاً فى الوجدان هو «بلادى بلادى»، الذى أصبح لاحقاً النشيد الوطنى فى مصر.
وسخّر الفنان الكبير سيد درويش ألحانه وأغانيه لخدمة الروح الوطنية وتحفيز الشعب المصرى فى كثير من المواقف السياسية التى مرت بها مصر فى الفترة من 1910 وحتى 1923، وجاء أبرزها دوره فى ثورة 1919 التى تعد واحدة من أهم الأحداث المصرية التى أثرت فى الأغنية الوطنية والحماسية، وألهبت أغانى «خالد الذكر» الفنان سيد درويش روح الوطنية لدى الشعب الثائر، وقد نهض درويش بدور تغذية روح المقاومة مستعيناً بأغنيات وطنية استلهم منها الشعب حماسته لمواصلة الثورة، والمطالبة بعودة زعيمه سعد زغلول ورفاقه من المنفى، وعبّر سيد درويش من خلال أغانيه الوطنية عن مطالب الثورة والشعب المصرى فى ذلك الوقت بأغنيات مثل «بلادى بلادى، لك حبى وفؤادى»، وأغنيتى «قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك» و«أنا المصرى كريم العنصرين، بنيت المجد بين الأهرامين»، هذه الأغنيات أثرت بشكل كبير فى مشاعر ووجدان المصريين لمواجهة الاحتلال البريطانى.
ويرى المؤرخون وأساتذة التاريخ أن سيد درويش لم يكن مجرد مشارك بأعماله الفنية، بل كان مشاركاً فعلياً فى الثورة، كان يخرج ويتصدر المشهد فى المظاهرات، وسيد درويش كان ثائراً حقيقياً، فقد غيّر مفهوم الغناء وتطرق لموضوعات لم يجرؤ أحد على تناولها، مثل الأغانى التى عددت مشكلات الطوائف العمالية التى اختلط بها فى بداية حياته عندما كان يشتغل بأعمال بسيطة، ومن الأمور التى ربما لا يعلمها البعض عن الفنان الراحل أنه كان ناقداً موسيقياً محترفاً فى المجلات التى كانت تصدر فى ذلك الوقت، وكان يوقع مقالاته باسم (خادم الموسيقى)، وكان لـ «درويش» العديد من الأمنيات التى لم تتحقق، فكان يتمنى دائماً أن يضع موسيقى أوبرا عالمية تخلد حياة الزعيم أحمد عرابى.. ولكن هذا كان مستحيلاً بالنسبة للرقابة الإنجليزية التى كانت موجودة فى ذلك الوقت، وكان يتمنى أن يسافر إلى إيطاليا ليدرس الموسيقى على أيدى أساتذتها، وأعد نفسه للسفر فعلاً سنة 1923وتوفى قبل أن تتحقق أمنياته.
وقال الدكتور محمد سعيد حسن، أستاذ التاريخ الاجتماعى الحديث، إن دور الأغنية الوطنية التى قدمها سيد درويش لم يقتصر على الرسائل السياسية المباشرة أو التعبير عن مطالب الشعب فقط، ففى عام 1919 قام مع الكاتب بديع خيرى بعرض مسرحية بعنوان «قولوا له»، قدما من خلالها عدداً من الأغنيات الوطنية، من بينها أغنية «بنت مصر» التى قُدمت على إثر استشهاد أول شهيدتين فى تلك الثورة، وهما «حميدة خليل» و«شفيقة محمد»، ولم تقف أغنياته على كونها مجرد كلمات حماسية تلهب مشاعر الشعب المصرى فقط، بل تحولت إلى هتافات سياسية أطلقها المواطنون فى الشوارع فور سماعها، فكان لأغانى سيد درويش دور الضمير الوطنى الذى حرك الشارع المصرى فى ذلك الوقت، غير أنه كان يتصدر الجماهير فى قلب المسيرات والمظاهرات وبجواره بديع خيرى.
وأشار إلى أن درويش قدّم مع بديع خيرى، بعد نفى سعد زغلول، إحدى الأغنيات التى ناشدت بعودة زغلول بعد نفيه خارج مصر وهى أغنية «زغلول يا بلح يا بلح زغلول، ... يا روح بلادك ليه طال بعادك»، كما اقتبس «درويش» من أقوال الزعيم مصطفى كامل عبارات استخدمها فى صياغة النشيد الوطنى المصرى الحالى «بلادى بلادى لكى حبى وفؤادى»، وهو النشيد الذى أطلقه فى خضم الثورة، وكثيراً ما تغنى به المصريون فى مناسباتهم الوطنية.
كان عام 1919 أكثر السنوات إنتاجاً فى تاريخ «درويش» الفنى، وفقاً لكثير من المؤرخين والنقاد، إذ قدم فى هذا العام 75 لحناً، وهذا يدل على أنه كان متفاعلاً مع مجريات الأحداث السياسية فى البلاد بأعماله الفنية، وبسبب هذه المشاركات والأعمال الموسيقية المختلفة أُطلق على «درويش» العديد من الألقاب، إذ لقّبه الأديب الراحل عباس العقاد بـ«إمام الملحنين»، و«نابغة الموسيقى»، بالإضافة إلى ألقاب أخرى أهمها «فنان الشعب»، «خالد الذكر»، و«مجدد الموسيقى»، و«باعث النهضة الموسيقية».
وظهر إبداع سيد درويش وحبه الكبير لبلاده فى أغنيته التى كتبها بديع خيرى وقام بتلحينها «قوم يا مصرى مصر بتنادى عليك.. خد بنصرى.. نصرى دين واجب عليك»، والتى خلدت أحلام المصريين وآمالهم بالوصول إلى الحرية المنشودة والتخلص من الاستعمار وحمّستهم وحفّزتهم على الثورة، كما كان نشيد مصر الحالى «بلادى بلادى.. لكِ حبى وفؤادى»، الذى ألفه الشيخ يونس القاضى والمستوحى من خطاب للزعيم مصطفى كامل، إحدى الأغنيات التى عبّرت عن ثورة 1919، وكان بمثابة قوة روحية دفعت الشعب المصرى لمقاومة الاحتلال البريطانى، وكذلك كانت أغنية «إحنا الجنود زى الأسود» و«أنا المصرى كريم العنصرين»، وكان آخر أعمال درويش الوطنية أنشودة سعد زغلول، التى كتبها ولحنها تحية لهذا الزعيم يوم عودته للوطن عام 1923، ولكن قضاء الله حال بينه وبين الاحتفال بعودة سعد إلى مصر، فقد توفاه الله قبل عودته بيومين، وكانت الأغنية تقول: «مصرنا وطننا سعدها أملنا.. كلنا جميعاً للوطن ضحية.. أجمعت قلوبنا هلالنا وصليبنا.. أن تعيش مصر عيشة هنية».
«الدسوقى»: أغانيه صارت جزءاً من الحراك الشعبى الواسعوقال المؤرخ المصرى عاصم الدسوقى، أستاذ التاريخ الحديث، إن سخط الشعب المصرى ونخبته تفاقمت مع إعلان الاحتلال الإنجليزى حمايته على مصر فى ديسمبر 1914، حيث بات الاحتلال مقروناً بحماية، وصارت مصر بلداً من البلدان الخاضعة للحماية الأجنبية، مشيراً إلى أنه مع هذه الفترة لعبت الأغانى والأشعار والموسيقى دوراً فى زيادة الوعى ونشر القضية الوطنية وعلى رأس ذلك فن سيد درويش..
وتابع: أعلنت بريطانيا الحماية على مصر، خلال الحرب العالمية الأولى، فعندما أعلن السلطان العثمانى دعمه لألمانيا عام 1914 خلال الحرب، أصبحت مصر التى كانت تحت حكم الخلافة العثمانية من الناحية الاسمية، جزءاً من التحالف ضد بريطانيا، فسارعت قوات الاحتلال البريطانى بخلع الخديو عباس حلمى الثانى من السلطة، وأحلوا محله عمه حسين كامل، ابن الخديو إسماعيل على العرش، وبإعلانه سلطاناً على مصر، أصبحت مصر «شبه مستقلة»، فأعلنت بريطانيا الحماية عليها.
وأوضح أنه توالت الأحداث، وازدادت مشاعر السخط لدى الأغلبية العظمى من السكان أكثر من ذى قبل عندما قامت السلطات البريطانية بحظر سفر الوفد المصرى بزعامة سعد زغلول إلى محادثات السلام فى فرساى عام 1918، مبدِّدة الوعود الكبرى التى قدَّمتها بريطانيا للنخبة المصرية التى كانت تحاول انتزاع بعض المكاسب السياسية من دولة الاحتلال وعلى رأسها الاعتراف الرسمى بالاستقلال ووضع دستور مصرى وتشكيل حكومة وطنية. وانفجر الغضب الشعبى وصارت الأغنية الوطنية جزءاً من الحراك الشعبى الواسع.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: سيد درويش كوم الدكة فنان الشعب نادي الاتحاد السكندري الشعب المصرى سعد زغلول التى کانت سید درویش
إقرأ أيضاً:
حماس تشيد بتصدي المقاومة لتوغلات الاحتلال في الضفة الغربية
أصدرت حركة المقاومة الإسلامية حماس بياناً اليوم أشادت فيه بما وصفته "التصدي البطولي" للمقاومة الفلسطينية في مواجهة توغلات قوات الاحتلال الإسرائيلي وعدوانها المستمر على مناطق طوباس وجنين وعدد من المحافظات في الضفة الغربية، وجاء في بيان الحركة تأكيد على أن هذه الاعتداءات الإسرائيلية لن تمنح الاحتلال الأمن المنشود ولن تثني الشعب الفلسطيني عن التمسك بمقاومته وصموده.
كما شددت حماس على وقوفها الكامل إلى جانب رجال المقاومة الفلسطينية التي تتصدى بقوة لمحاولات الاحتلال التوغل في مدن وقرى الضفة، معتبرة أن هذا التصدي يعكس إرادة الشعب الفلسطيني في الحفاظ على حقوقه، وأكدت الحركة أن العمليات العسكرية للاحتلال الإسرائيلية ومحاولات القمع لن تنجح ، ولن تكسر إرادة الشعب الفلسطيني ومقاومته.
وفي السياق ذاته، دعت حماس جماهير الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية إلى مواصلة الثبات وتحدي الاحتلال والمستوطنين في جميع المحافظات، مؤكدة على ضرورة استمرار المواجهة والتصعيد ضد الاحتلال في كل أنحاء الضفة الغربية، وجاء في البيان: "ندعو شعبنا إلى تعزيز صموده والتصدي لكل محاولات الاحتلال ومستوطنيه للنيل من إرادة شعبنا وإصراره على مواصلة المقاومة".
وتشهد الضفة الغربية تصاعداً ملحوظاً في المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، حيث كثفت القوات الإسرائيلية من حملاتها العسكرية في مناطق متعددة، خاصة في جنين وطوباس، ما أدى إلى وقوع العديد من الإصابات والاعتقالات في صفوف المواطنين الفلسطينيين. وتعتبر هذه العمليات جزءاً من سلسلة مواجهات مستمرة في الضفة الغربية، حيث تندلع الاشتباكات بشكل شبه يومي، خاصة في المناطق التي تشهد تواجد مكثف للمستوطنين.
وصول طائرة روسية محملة بمساعدات طبية إلى بيروت
وصلت طائرة تابعة لوزارة الطوارئ الروسية محملة بحوالي عشرين طنا من المساعدات الطبية إلى مطار بيروت الدولي صباح اليوم الثلاثاء.
ونشرت الطوارئ الروسية عبر قناتها في "تلغرام" لقطات لوصول وتفريغ الطائرة، وقالت إنه بناء على تعليمات من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبتكليف من وزير الطوارئ ألكسندر كورينكوف، نقلت طائرة من طراز "إيل-76" إلى لبنان أكثر من 19 طنا من المساعدات الإنسانية التي تضمنت أدوية ومستلزمات أساسية.
وذكر رئيس القسم القنصلي بالسفارة الروسية في بيروت أوليغ ديميروف أن الطائرة في طريق عودتها إلى روسيا، أجلت من لبنان مجموعة من المواطنين الروس الذين عانوا من الغارات الإسرائيلية على أراضي البلاد.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه ليست أول شحنة إنسانية تقدمها روسيا إلى لبنان الذي يتعرض منذ أكثر من شهر لقصف إسرائيلي مستمر، حيث كانت الطوارئ الروسية أرسلت طائرة "إيل-76" تابعة لها مطلع أكتوبر لتسليم شحنة من المساعدات الإنسانية إلى بيروت، بلغ وزنها 33 طنا وتضمنت مواد غذائية وأدوية ومستلزمات أساسية ومحطات كهرباء متنقلة.
وكانت روسيا حذرت من وقوع كارثة إنسانية في لبنان الذي اقترب عدد النازحين المسجلين رسميا فيه إلى نحو 200 ألف شخص وسط دمار كبير ألحقته الهجمات الإسرائيلية بالمرافق العامة بما فيها الطبية.