أشاد الدكتور محمد فكري خضر، نائب رئيس جامعة الأزهر لفرع البنات، بجهود كلية أصول الدين والدعوة بطنطا في تنظيمها المؤتمر الدولي الثالث بالتعاون مع مجمع البحوث الإسلامية تحت عنوان: (جهود المؤسسات الإسلامية في معالجة القضايا الفكرية والاجتماعية في الواقع المعاصر...التحديات والآمال) الذي يقام برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وفضيلة الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر والذي تستضيفه كلية القران الكريم بطنطا برئاسة الدكتور عبد الفتاح خضر عميد الكلية.

 

أوضح فكري خلال كلمته الافتتاحية أن المؤتمر يعد خطوة على طريق بيان الدور الرائد الذي قامت به المؤسسات الإسلامية عالميًّا بتضافر الجهود مع المؤسسات الشرعية الرسمية بالبلاد، أو داخليًّا من خلال مؤسساتها العامرة التي أنشئت خصيصًا؛ للدفاع عن صحيح المعتقدات، وتأصيل المسائل على وجهها الصحيح، ودفع ما التبس في أذهان الناس بما شوه أصله بالشبهات والمغالطات، وأصبح الخط الفاصل بين صحيح الإسلام وغيره خط مشوش وملتبس إلى حد كبير.

 فالتصريحات عن الإسلام تنهمر من كل حدبٍ وصوب، سواء من رجال الدين المتخصصين أو من القضاة والمشرعين، أو من أصحاب الاهتمامات الدينية بمتابعيهم على اختلاف مستوياتهم الاجتماعيهم، ومشاربهم السياسية، وتوجهاتهم الأدبية، والتي - هي بنظرة ثاقبة- لا تعدو في حقيقة الأمر إلا نظرة سطحية للدين، لا تمثل الفهم الصحيح العميق للحكمة من التشريع الإسلامي، كل هذا وغيره كان دافعًا إلى التغيير ومحاولة وضع الأمر موضعه الصحيح؛ تجنبًا لهذا الخلط والتشويش سواء كان متعمدًا أو غير متعمد، فتجمعت الجهود واتحدت نحو إعلاء راية الدين الصحيح، مستقاةً من منابعه العذبة فحفظت على الناس دينهم ودنياهم.

أوضح نائب رئيس جامعة الأزهر أن تضافر الجهود داخل المؤسسات الدينية أصبح أمرًا محط اهتمام، وهي رؤية ليست وليدة اللحظة بل نشأت منذ فجر بزوغ الأزهر الشريف -قبل ما يربو على الألف عام - داخل الكيان الأم (الجامع الأزهر)  فتدريس العلم الصحيح ومجابهة الدعوات الهدامة وغيرها نشأت من داخل هذا الرحم، ثم توالت الجهود المتلاحقة فأنشئت الهيئات والمؤسسات ذات التوجه الأسمى بحفظ العقيدة وإصلاح حياة الناس، فكان الأمل معقودًا على ذلك بإنشاء [هيئة كبار العلماء] التي أنيط بها تربية الملكات الفكرية، ومعرفة كيفية استنباط الأحكام الشرعية لدى الطلبة والباحثين وبحث ما يحدث فيه الخلاف، ووضع الأصول الكفيلة ببيان الحق من الباطل، وأيضًا التعريف الأوفى بالإسلام والدعوة إليه والإرشاد إلى أصوله وأحكامه الخلقية والعملية.

 وكذا إحباط مساعي الكائدين للإسلام وحماية المسلمين من تأثيرهم، وغير ذلك من الأمور المهمة ذات الأثر العقدي والاجتماعي، ثم تلا ذلك إنشاء  مجمع البحوث الإسلامية، الذي يعد بصدق الابن البكر للهيئة الموقرة، تولى استكمال المساعي وتعضيض ما تصدره الهيئة بتكاتف باحثيه الأفذاذ نحو العمل على مستجدات الواقع، وتجديد الثقافة الإسلامية وتجريدها من الفضول والشوائب، وتجليتها في جوهرها الأصيل، والعمل على نشر الدعوة الإسلامية وغير ذلك الكثير، مشيرًا إلى أن التأصيل للمسائل العلمية والبحث والدرس ليس هو الجانب الأوحد في تلك المنظومة المتكاملة، بل إن عملهم ليكمل بمن يقوم برصد المشكلات الفعلية.

لذا حرص فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، على محاربة الأفكار الهدامة والمتطرفة التي تشوه صورة الإسلام ومواجهة الفتاوى الشاذة وتفنيدها وضبط فوضى الفتاوى في العالم الإسلامي،ثم أنشئ مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية والترجمة؛ ليقوم بدور عالمي فعال في مكافحة الإرهاب والتطرف، وذلك من خلال رصد كل ما تبثه التنظيمات الإرهابية والمتطرفة على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بثلاثة عشر لغة مختلفة، وبالفعل حقق المركز نجاحات كبيرة في هذا المجال، في إطار تعزيز قيم التسامح المشترك، ودعم التماسك المجتمعي ومناهضة ظاهرة الإسلاموفوبيا وغيرها من الأمور.

وقال: إن الشراكات المتعددة بين قطاعات الأزهر الشريف وغيرها لا تقف عند حد ولا يمكننا في هذا المجال إغفال المؤسسة الرائدة في الفتوى وهى [دار الإفتاء المصرية]  التي أصدرت حتى عام 2022م ما يقارب المليون ونصف فتوى وهو معدل ضخم ينم عن حجم المجهود المبذول لإيصال صحيح الدين للناس والذي هو مؤشر صحي على عودة الثقة في المؤسسات الرسمية للبلاد.

وبين أنه في هذا الإطار تم إنشاء وتأسيس مرصد للفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة؛ للدفاع عن العقيدة السمحة للإسلام بدار الإفتاء المصرية،  وهو أمر له أثر فعال في ريادة الفتوى حول العالم وتوحيد المسار بين مختلف الدول،  وحول تنمية المجتمع والحفاظ على الأسرة من الأخطار والتداخلات الوافدة أنشئ مركز الإرشاد الزواجي للنصح والتوجيه والإرشاد؛ لإقامة حياة سليمة بعيدة عن الإفراط أو التفريط، وهو دور وجهد مبذول تشكر عليه الهيئة القائمة على الدار بإشراف فضيلة مفتى الجمهورية، فلهم ولجميع المؤسسات الداعمة لهذا المجال كل الشكر.

ولا يمكننا أن نغفل الجهود الحثيثة من وزارة الأوقاف المصرية بما يعقد من خطب وندوات ودروس توعوية من أخطار التداخلات الوافدة، والحث على الحفاظ على الكيان المجتمعي، وبث روح الفطرة السليمة في الناس.

وأضاف نائب رئيس جامعة الأزهر أن الدولة ممثلة في قياداتها الرشيدة بقيادة  الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، لا تألو جهدا أبدًا في دعم وتأييد  مؤسسة الأزهر الشريف جامعا وجامعة برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وفضيلة الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: رئیس جامعة الأزهر الأزهر الشریف

إقرأ أيضاً:

نائب رئيس جامعة الأزهر: العداوة والبغضاء سبب عدم إقامة العدل والمساواة بين الناس

عقد الجامع الأزهر اليوم الثلاثاء بالجامع الأزهر، ملتقى الأزهر الأسبوعي للقضايا المعاصرة تحت عنوان «العدالة في الإسلام ومفهوم المساواة»، بمشاركة الدكتور محمد عبد المالك، نائب رئيس الجامعة للوجه القبلي، والدكتور علي مهدي، أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر ‏ بالقاهرة، وأدار الملتقى الشيخ أحمد سنجق، الباحث بالجامع الأزهر، وحضور عدد من الباحثين وجمهور الملتقى. من رواد الجامع الأزهر.‏

وفي بداية الملتقى قال الدكتور محمد عبد المالك، نائب رئيس جامعة الأزهر: إن الحق سبحانه وتعالى يأمرنا بالعدل والإحسان كما في قوله تعالى "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" واقتران العدل والإحسان في هذه الآية الكريمة بمكارم الأخلاق دليل على أن الأخلاق هي أساس كل عمل صالح وأن العدل والإحسان هما في مقدمة مكارم الأخلاق، والعدل هو التوسط بين أمرين دون إفراط أو تفريط، والمراد به التسوية بين الناس في كل شيء، والوسطية في كل شيء هي المنهج الذي جاء به الدين الإسلامي، كما أن الله سبحانه وتعالى وصف نفسه "بالعدل" ليبين لنا أن العدل قيمة عظيمة لا بد لنا أن نتمسك بها، كما ورد أيضا في موضع آخر من القرآن الكريم ما يدل على العدل "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" وهو تأكيد على أهمية العدل في ضبط التعامل بين البشر، وعلينا أن نلتزم بمعنى العدل في كل شيء في حياتنا التزامًا. 

وحذر نائب رئيس جامعة الأزهر، من أن تكون البغضاء والعداوة بين الناس سببًا في عدم إقامة العدل والمساواة، لأن في هذا مخالفة صريحة لتوجيهات الحق سبحانه وتعالى" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى" كما أن العدل بين الناس يكون بميزان الشرع وليس بميزان الأهواء، والنبي صلى الله عليه وسلم يحثنا على العدل في كل أمر من أمور الدنيا كما بين في حديثه أنه من السبعة الأبرار الذين يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله "إمام عادل" لأن العدل به تستقر الأمور وتسود الطمأنينة، وفي حديث آخر "إن المقسطين على منابر من نور يوم القيامة" ليبين لنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مكانة العدل في استقرار المجتمعات. 

وأوضح نائب رئيس جامعة الأزهر، أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كان يغضب لقيمة العدل، وضرب أروع الأمثلة في ذلك بأن حلف أن يطبقه على أقرب الناس له إذا تطلب الأمر، فعندما أراد بعض الناس أن يشفع لامرأة سرقت، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم خطب في الناس قائلا: " إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وقال: والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها"،  وأراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الدرس أن يعلمنا أن المجتمعات لا يمكن أن تستقر فيها الحياة بدون العدل، فاختلال المجتمعات إنما يكون بسبب غياب قيمة العدل في كل شيء.

وبين نائب رئيس جامعة الأزهر، أن الصحابة رضوان الله عليهم عندما تأسوا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضربوا أروع الأمثلة في العدل، فعندما  رأى عمر رضي الله عنه مرة إبلاً ثمينة , فقال: (لمن هذه الإبل؟ قالوا: إنها لابنك عبد الله، قال: ائتوني به، فلما جاؤوا به, سأله: لمن هذه الإبل؟ قال: هي لي، اشتريتها بمالي، وبعثت بها إلى المرعى لتسمن، فماذا فعلت؟ قال عمر لابنه: ويقول الناس: اسقوا هذه الإبل، فهي لابن أمير المؤمنين، ارعوا هذه الإبل, فهي لابن أمير المؤمنين، وهكذا تسمن إبلك يا ابن أمير المؤمنين، بع هذه الإبل، وخذ رأس مالك، ورد الباقي لبيت مال المسلمين)، وهو دليل على أن القرابة لا يجب أن تكون سببًا في عدم إقامة العدل.

من جانبه قال الدكتور على مهدي، أستاذ الفقه المساعد بجامعة الأزهر، إن الإسلام هو دين العدالة، والعدالة ركن هذا الدين العظيم، ونصوص القرآن الكريم والسنة النبوية شاهدة بشكل نظري وعملي على أن الدنيا لم تعرف أمة أقوم سبيلا وأهدى إلى تطبيق العدل في كثير من المواقف، من أمة الإسلام، لأنها أمة تعبد ربًا وصف نفسه بالعدل، كما أنها مأمورة بإقامة العدل ولو على نفسها، والقرآن الكريم بين لنا منهج " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا" وهو منهج يأمر المسلم في سبيل العدل بالتخلص من علاقات النفس ومن علاقات القرابة، وهو دليل على أن هذه الأمة هي أمة العدل. 

وأوضح أستاذ الفقه المقارن، أن العدل يجب ألا يقوم على الهوى والآراء والمجاملة، لأنه لا يمكن للعدل أن يستقيم في وجود هذه الأشياء، وكما أمرنا الإسلام بأن لا نجامل أو ننحاز في إقامة العدل، أمرنا أيضا ألا تحول العداوة والبغضاء بيننا وبين إقامة العدل " وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى"، وكان النبي ﷺ يقيم العدالة في كل شيء في الحياة، لأن إقامة العدل ليست أمرًا ترفًا وإنما هي ضرورة لاستقامة الحياة.

وبين أستاذ الفقه المقارن، أن من أبشع أنواع الظلم أن يزرع الآباء الظلم بين أبنائهم من خلال تفضيل احدهما على الآخر كما في قصة بشير عندما أراد ان يهب لأبنه النعمان هبة وهي "بستان" فعندما ذهب بشير للنبي ﷺ وقال يا رسول الله إني وهبت لأبني النعمان "نحلة" أي عطية، هنا قال النبي ﷺ: له إخوة؟ قال : نعم ، قال : فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته ؟ قال بشير: لا ، قال النبي ﷺ : فليس يصلح هذا ، وإني لا أشهد إلا على حق"، وهنا أسس النبي ﷺ التسوية بين الأولاد في العطية، حتى لا تسود العداوة والبغضاء بين ذوي الأرحام، لأن الأقارب ينفس بعضهم على بعض أكثر ما ينفس بين الأعادي، لهذا وضعت المواريث من عند الله لكي لا يكون للإنسان تدخل فيها ضمانًا لإقامة العدل.

كما بين الشيخ أحمدالسنجق، الباحث بالجامع الأزهر، أن التشريع الإسلامي راعى أحوال المكلفين فإذا تماثلت أحولاهم ساوي بينهم وإذا اختلفت أحولاهم نجد أن التشريع يعدل بينهم، وهي مبلغ العدل لأن الحكمة الإلهية تقتضي أن يأخذ كل إنسان حقه، لهذا وصفت دولة الإسلام عبر تاريخها بأنها دولة العدل، لأنها طبقت منهج الإسلام في العدل في كل أمر من أمورها، ولا يمكن أن تضبط العلاقات الاجتماعية بين الناس بدون إعلاء قيم العدل والمساواة كما وضعها الإسلام.

يُذكر أن ملتقى "الأزهر للقضايا المعاصرة" الأسبوعي يُعقد الأربعاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، بهدف استعراض القضايا الفكرية التي تمس المجتمع، بهدف بيانها وتوضيح رأي الإسلام منها، للوقوف على الفهم الصحيح لهذه القضايا من وجهة نظر شرعية منضبطة.

مقالات مشابهة

  • قرار إضافة مادة الدين للمجموع خطوة على الطريق الصحيح
  • رئيس جامعة المنوفية يتابع تجهيز 56 عيادة خارجية بكلية الطب
  • خطوات التقديم على مسابقة الأزهر الشريف لتعيين 40 ألف معلم مساعد
  • الدكتور أبو اليزيد سلامة: العملات المشفرة مخالفة للشريعة الإسلامية وتمثل تهديد اقتصادي
  • رئيس جامعة طنطا: نثمن تحرك التعليم العالي للحفاظ على مستقبل المبتعثين بالخارج
  • رئيس جامعة طنطا: عقد 450 فاعلية بمشاركة 117 ألف مستفيد
  • اعتماد نتيجة الترم الأول للفرقة الأولى بكلية الدراسات الإسلامية بنات بكفر الشيخ
  • نائب رئيس جامعة الأزهر: العداوة والبغضاء سبب عدم إقامة العدل والمساواة بين الناس
  • رئيس جامعة الأزهر يشيد بجهود الدولة في دعم الفلسطينيين بقطاع غزة
  • نائب رئيس جامعة عين شمس تشهد انطلاق مؤتمر مركز تعليم الكبار