سبق عصره بألحانه التى أبت الرحيل مع جسده الذى فارق الحياة قبل 100 عام، لتبقى موسيقى سيد درويش باقية فى السينما والدراما تخطف قلوب الجماهير فهو «فنان الشعب» مؤسس الثورة الموسيقية التى جمعت بين طبقات المجتمع المصرى، يرددها الجميع والكل فى حضرته سارحاً مع أشعاره وألحانه، التى ما زالت تحييها الأعمال الفنية من جديد، رغم أنه رحل فى عام 1923 الذى تزامن مع ميلاد السينما المصرية، ليخطفه الموت شاباً لكن القدر أعاده إليها بروحه وأعماله الخالدة وبقى الموسيقار سيد درويش «الغائب الحاضر» فى الفن المصرى.

«شوقى»: «أميرة حبى أنا» أحيا أوبريتاته

محمد شوقى، المؤرخ الفنى، تحدث لـ«الوطن»، عن تأثير الشاعر والموسيقار سيد الدرويش فى الأعمال السينمائية والدرامية المصرية، مؤكداً أنه رغم عدم حضور «فنان الشعب» لانطلاقة السينما المصرية، إذ تم عرض أول فيلم سينمائى ناطق «أولاد الذوات» فى العام 1932، وهو ذاته العام الذى شهد رحيل الموسيقار سيد درويش، لكن بقيت أعماله تقدّم فى أشكال غنائية مختلفة، خاصة فى الأفلام، أو من خلال بعض الفنانين الذين حاولوا تجسيد جانب من شخصيته فى الأعمال الفنية.

وتحدث المؤرخ الفنى عن اشتراك الموسيقار سيد درويش فى إنشاء المسرح الغنائى، ليكون «الضلع الثالث» فى إنشاء «مسرح الريحانى» فى العشرينات من القرن الماضى، وهو المعلومة التى ربما لا يعرفها البعض، إذ إن القدر لم يعط «درويش» الفرصة لاستكماله بسبب رحيله أثناء فترة شبابه، موضحاً أن الفضل يرجع إلى الموسيقار سيد درويش، المؤسس للموسيقى الشعبية ذات الطابع المصرى الخالص، موضحاً أن غالبية الألحان خلال هذه الفترة كانت تعود لأصول تركية وشركسية.

«من الطبقات العليا للباعة الجائلين.. الكل كان بيحب يسمعه» هكذا واصل المؤرخ الفنى حديثه، عن تأثير الموسيقار سيد درويش، فى الموسيقى المصرية، فهو القائل بصوته الحنون: «أنا المصرى.. بلادى بلادى.. قوم يا مصرى.. يا عزيز عينى أنا نفسى أروّح بلدى» وغيرها من الأغانى الوطنية التى لحنها «درويش» ليصبح «فنان الشعب»، الذى خرج من عباءته الكثير من الفنانين، ومنهم الفنان محمد عبدالوهاب وبليغ حمدى ومحمد القصبجى، رغم أنه كان من مجددى الموسيقى لكنه أيضاً تعلم من مدرسة الراحل سيد درويش.

«نهر لن ينضب»، هكذا وصف «شوقى» فى حديثه عن تأثير موسيقى سيد درويش فى الأعمال الفنية، خاصة التى جسدت الحقبة التاريخية عن ثورة 1919، ليستحضر القائمون على العمل الفنى أغانيه الخالدة مثل: «أنا المصرى كريم العنصرين» و«قوم يا مصرى»، وهو ما تم تجسيده بالفعل فى عدة مسلسلات منها: «الشارع الجديد» للفنانة فردوس عبدالحميد والراحل عزت العلايلى، بالإضافة إلى الجزء الأول من «زيزينيا» وأيضاً مسلسل «حارة الشرفاء» للفنان محمود حميدة وغيرها من الأعمال الحديثة أيضاً منها «أهو دا اللى صار»، وجسد الفنان الشاب محمد العمروسى دور الموسيقار سيد درويش.

لم تغب روح «درويش» عن الأفلام المصرية، ليأتى فيلم «أميرة حبى أنا» وتنجح سندريلا الشاشة سعاد حسنى فى جذب الأنظار بتقديم أوبريتات مميزة للموسيقار سيد درويش على المسرح منها: «شيكو شيكو» و«البورى بيندهلك اسمع منه»، بالإضافة أيضاً إلى إبراز أعماله فى ثلاثية الأديب نجيب محفوظ فى أفلامه الثلاثة.

ورغم تأثير الموسيقار سيد درويش فى الأعمال الفنية، لكن المؤرخ الفنى لم يرَ خروج فيلم سينمائى أو مسلسل درامى بشكل قوى يجسد حياة «فنان الشعب»، رغم وجود بعض المحاولات من الفنانين، مستشهداً بفيلم «سيد درويش» للفنان كرم مطاوع والفنانة الراحلة هند رستم، لكن لم يتم تقديمه بشكل حقيقى عن الفنان سيد درويش.

«الشناوى»: نحتاج لعمل فنى يبرز حياته.. والأغانى الوطنية الأكثر تجسيداً فى الدراما

وربما هو ما اتفق عليه الناقد الفنى طارق الشناوى، الذى ذكر خلال حديثه لـ«الوطن» أنه ما زال الكثيرون يتشوقون لرؤية عمل فنى قوى يجسد حياة الموسيقار الراحل سيد درويش، رغم بعض محاولات الفنانين، مثل ما جسده الفنان كرم مطاوع فى فيلمه الذى حمل اسم «سيد درويش» ليصفه «الشناوى» بأن الفيلم كان أقرب للوثائقى عن مراحل حياة سيد درويش. وأضاف أن مسلسل «أهل الهوى» الذى عرض فى العام 2012 تناول علاقة صداقة الراحلين بيرم التونسى وسيد درويش، وجسد دوره حفيده الفنان إيمان بحر درويش، كما أن اختيار إيمان البحر درويش وهو فى عمر متقدم، رغم أن سيد درويش رحل وهو شاب صغير، كان من العوامل التى أضعفت نجاح المسلسل بسبب الفارق العمرى.

وتابع «الشناوى» خلال حديثه أن الأعمال الوطنية للموسيقار سيد درويش هى أكثر ما تم إبرازه فى الأعمال الفنية سواء الأفلام أو المسلسلات، لكن لم يعن ذلك الإغفال عن الأغانى العاطفية والمجتمعية التى لحنها أيضاً والتى يعد أبرزها «أنا هويت وانتهيت».

وتابع الناقد الفنى فى حديثه أنه ما زلنا ننتظر عملاً فنياً حقيقياً يقدم جوانب حياة الشاعر وأبوالموسيقى سيد درويش، لأنه صاحب الثورة الموسيقية، إذ اعتمد فى ألحانه على رسم حالة إبداعية بالموسيقى، فهو لم يكتف بالتلحين لكن تجسيد حالة الأغانى فى الدراما من خلال المسرح الغنائى، إذ يعتبر أحد أهم مؤسسيه بالتعاون مع بديع خيرى ويونس القاضى، مثل ما قدمه من أوبريتات منها «الحلوة قامت تعجن من الفجرية» والذى يعد من أشهر الأوبريتات الغنائية التى قام بتلحينها.

واختتم «الشناوى» حديثه بأنه رغم وفاة الفنان سيد درويش، فى ريعان شبابه، إذ بلغ من عمره وقت وفاته الـ31 عاماً، لكنه يستحق بالفعل لقب «فنان الشعب»، إذ تجاوز عمره الإبداعى أكثر من 15 عاماً اتضحت فى الكثير من الألحان الغنائية التى قدمها للجمهور وما زالت قائمة حتى الآن منها ما ظهر للنور وعاشت بين الوجدان ومنها ما طوته الذكريات، لذلك يستحق المبدع سيد درويش وجود فيلم سينمائى يجسد تفاصيل حياته الدرامية والإبداعية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: سيد درويش كوم الدكة فنان الشعب نادي الاتحاد السكندري فنان الشعب درویش فى

إقرأ أيضاً:

«الأزمة الاقتصادية» الباب الخلفى لمجتمع دموى

لم يعد الرأى العام المصرى يندهش أو حتى يهتز لأننا أصبحنا نبحر فى كل اللا معقَول بسبب الأحداث التى تفوق كل التوقعات والتكهنات وحتى الخيالات التى غالبًا ما تنتهى بسنياريوهات دمويه للعنف الأسرى أو بدافع الحب، هزت نسيج أسطورة المجتمع المصرى المتدين المعروف بالتدين والحياء، خلافات قد تكون تافهة تنسف كل المشاعر الإنسانية، وتدمير كلى وجزئى لكل أدبيات «العيش والملح»، والعشرة الطويلة على المرة قبل الحلوة.. الحقيقة المفزعة بأن هناك ظاهرة خطيرة بدأت تنتشر فى البيوت المصرية التى تحولت إلى قنابل موقوتة تسقط عند أول اختبار صعب للظروف المعيشية و«العيشة الضنك».. بسبب البطالة والظروف الاقتصادية الصعبة الذى يمر بها، تدل بل تؤكد على هشاشة العلاقات الأسرية. وتبادل الأدوار فى تحمل المسئولية بين أزواج ضعاف النفوس ومنزوعى العلاقة الروحية والربانية التى توثق الأخلاق وتهذب النفوس بالخوف من الله والظلم... لتتحول كل المشاعر إلى نزعة انتقامية تنتهى برغبة أكيدة بالتخلص من كليهما،. غالباً ما تقع الزوجة الطرف الأضعف كضحيه لهذا الخلل..جرائم قتل بشعه تهز عروش السماء وينفطر لها القلب وتخرج عن كل التوقعات أو حتى ما يستوعبه المنطق والعقل..والأسباب تافهة الذبح هو سيد كل نزاع بين العاشقين أو الزوج والزوجه وأمام أعين أولادهم فاجعة بكل المقاييس، تزامنًا من تزايد وتيرة العنف بشكل غير مسبوق فى ظاهرة باتت تهدد المجتمع المصرى بشكل خطير، للأسف الإعلام والدراما الهابطة ساعد فى تأجيجها هذه الظاهرة.

فمنتهى الهدوء والثبات والثقة قام زوج ببث فيديو مباشر بـ «سيلفى» مع زوجته التى قطع راسها أمام بناتها الثلاث بعد ٩ سنوات من العشرة انتهت بمشهد انتقامى دموى.. وآخر سابق «بطلها» طبيب قتل زوجته الطبيبة وأطفاله الثلاثة ذبحا فى دقائق وسط بركة من الدماء..وفى شوارع الإسماعيلية جريمة هزت أنحاء المحافظة، بعدما أقدم الشاب عبدالرحمن نظمى، الشهير بـ»دبور»، على ذبح عامل وسط الشارع أمام أعين المارة باستخدام سلاح أبيض «ساطور». ولم يكتف الشاب بذلك، بل فصل رأس العامل عن جسده وتجول بها بين المارة فى مشهد مرعب وسط ذهول، إذ سجل مقطع فيديو قتل شاب لجاره وفصل رأسه بطريقة مروعة باستخدام سكين، وفى محافظة الغربية قام شاب بقتل أفراد عائلته بطريقة بشعة، قام بالتخلص من عائلته المكونة، من والدته وشقيقه وشقيقته ذبحا بالسكين، وإشعال النيران فى أجسادهم بمركز قطور ، مشاهد الذبح اليومية التى ملأت أسماعنا هنا وهناك لم تفرق بين الطبقات بل انها النهاية البشعة لكل فئات المجتمع سواء المثقفة أو حتى الأمية، فى ظل انتشار «السوشيال ميديا» وسرعة البرق فى نشر الأفكار المسمومة الذى تسبب فى انتهاك الخصوصية للمواطن المصرى البسيط «أبوضحكة جنان» الشهير بخفة الدم و»القفشات» التى يحول المواقف الصعبة إلى ضحكات وابتسامات.. للأسف لم يعد دمه خفيفًا بل أصبح دمه رخيصًا، وتنوعت الأسباب التى يرجع إلى غياب الوعى الثقافى والدينى، وتعاطى المخدرات الرديئة الصنع آلتى انتشرت حالياً فى السوق المصرى والتى تفتك بالعقل وتغيبه وأسباب كثيرة وخطيرة أهمها ضياع الوازع الدينى وانهيار الأخلاق والضغوط والتوترات الاقتصادية الباب الخلفى الذى أفرز مجتمعًا مضغوطًا نفسياً وعصبيا وجسدياً عجز عن توفير حياة كريمة، يمكن تلخيصها فى عدة عوامل متداخلة، إذ إن تدهور الأوضاع الاقتصادية من تضخم وارتفاع الأسعار وزيادة معدلات البطالة، يعزز من مشاعر الإحباط والضغوط النفسية، مما يؤدى إلى تصاعد العنف كوسيلة للتنفيس عن الغضب. بالإضافة إلى ذلك يؤثر الفقر والظروف الاجتماعية الصعبة على تزايد الفجوة بين الطبقات الاجتماعية وضعف الخدمات الاجتماعية الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية، يعمق الإحساس بعدم العدالة الاجتماعية ويزيد من السلوكيات العدوانية.، ولابد من وضع السياسات العاجلة وزيادة الوعى الثقافى والاجتماعى ونشر الخطاب الدينى، عدة عوامل حربية كخطة عاجلة لوقف نزيف وجراح مجتمع فى طريقه إلى الانهيار، إلى جانب تراجع القيم المجتمعية، أدى إلى تغيرات فى التركيبة الاجتماعية وانخفاض الوعى بالقيم الإنسانية والتسامح، زادت من انتشار السلوكيات العدوانية والعنف كجزء من سلوكيات الاحتجاج أو الدفاع عن النفس، إضافة إلى أن تعدد مصادر الأسلحة والمخدرات فى بعض المناطق يجعل العنف أكثر شيوعًا.

 

رئيس لجنة المرأة بالقليوبية وسكرتير عام اتحاد المرأة الوفدية

‏[email protected]

مقالات مشابهة

  • مستر ترامب.. العالم ليس ولاية امريكية
  • د.حماد عبدالله يكتب: جدد حياتك !!
  • «الأزمة الاقتصادية» الباب الخلفى لمجتمع دموى
  • أصبحت أفعالكم لا تليق بمقام أم الدنيا
  • الرئيس المقاول
  • «ترامب».. لا بد منه!
  • قضية القضايا
  • دار الأوبرا تنظم ندوة حول «تأثير الذكاء الاصطناعي على صناعة السينما» غدا
  • محمد رمضان يرد على سخرية خالد سرحان من حديثه مع شات جي بي تي
  • عادل حمودة يكتب: الجيوب والقلوب