شهدت نشأة فنان الشعب سيد درويش مولد أبرز القامات المؤثرة فى نهضة الفكر والثقافة والفنون وغيرها، فقد وُلد فى عام ميلاد سيد درويش أحد أعمدة الموسيقى العربية، وهو محمد القصبجى، وبعده بسنة وُلد علم من أعلام الزجل هو بديع خيرى، رفيق عمر سيد درويش، الذى كتب له معظم أغانيه، وبعد سنة وُلد صديق عمره الآخر بيرم التونسى، وفى 1896 وُلد عبقرى آخر هو زكريا أحمد، وفى العِقد نفسه ولد زعيم المسرح الفكاهى نجيب الريحانى، وغيرهم.

 ارتبط بصداقة مع كوكبة من أعلام الأدب والموسيقى أبرزهم «شوقى وطه حسين وتوفيق الحكيم» وتأثر بالزعيم مصطفى كامل

عاصر سيد درويش الكثير من الأحداث المؤثرة على المستوى المحلى والدولى، كما عاصر أيضاً الشعراء والكتاب والموسيقيين، أبرزهم أمير الشعراء أحمد شوقى وحافظ إبراهيم ومحمود سامى البارودى، وطه حسين وتوفيق الحكيم، ومحمد تيمور ومصطفى لطفى المنفلوطى والشيخ سلامة حجازى، أحد أعلام الموسيقى والغناء والموسيقار داوود حسنى، وغيرهم، إلى جانب الرموز الوطنية، منهم الزعيم الوطنى مصطفى كامل، الذى تأثر به فى نشيد «بلادى لك حبى وفؤادى»، والمستوحى من خطب مصطفى كامل، كما عاصر الزعيم سعد زغلول، فكان سيد درويش عنصراً أساسياً من عناصر ثورة 1919، وكان للموسيقار دور أساسى فى إشعال حماس المصريين.

ويرى الدكتور مصطفى الفقى، المفكر السياسى ومدير مكتبة الإسكندرية السابق، أن الحركة الثقافية التى شهدتها مصر فى تلك الفترة واحدة من مظاهر ثورة 1919، تلك الثورة الشعبية التى بدأت من الشارع، وكان يمثلها فى ذلك الوقت حزب الوفد بقيادة سعد زغلول، ثم مصطفى النحاس. وأضاف «الفقى»: «فى تلك الفترة كانت هناك روح نهضوية فى مختلف الاتجاهات داخل المجتمع لم تحدث فى مصر، وكانت لها مظاهر مختلفة سياسية وثقافية واقتصادية وغيرها، فهناك جناح اقتصادى تمثل فى رائد الاقتصاد المصرى طلعت حرب ورجاله، والجناح الثقافى والفنى تمثل فى سيد درويش والفنون والأغانى الشعبية التى قادها هذا الموسيقار العظيم، بالإضافة إلى المثّال والنحات الشهير محمود مختار، صاحب تمثال نهضة مصر».

ولفت إلى أن الأعمال التى قدّمها هؤلاء الرواد كانت نتيجة طبيعية للروح السائدة فى ذلك الوقت، لذلك يُعد سيد درويش إحدى علامات التحرك الشعبى من أجل الحرية والاستقلال والدستور، إذ كانت الفنون دائماً فى خدمة الوطن، مشدّداً على أن سيد درويش ورفاقه قدّموا نموذجاً فى خدمة الفن للحركة الوطنية، وهذه النماذج تفاعلت مع ثورة 1919 بمختلف المجالات، رافعة شعار الوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط بشكل لم يحدث من قبل، لذلك كان من بين قيادات تلك النهضة مسلمون وأقباط. وتابع: «ثورة 1919 نموذجية فى تاريخ الشعب المصرى، لأنها عبّرت عن كل فئات المجتمع وقطاعاته بلا تفرقة وبلا تمييز، واستطاعت أن تعبّر بقوة وصدق عن مشاعر الشعب المصرى تجاه الاحتلال وكل المظالم التى كانت سائدة فى تلك الفترة».

وقال الكاتب والناقد الدكتور يسرى عبدالله، أستاذ الأدب والنقد الحديث بجامعة حلوان، إنّ أغانى وألحان سيد درويش كانت تعبيراً عن الروح المصرية فى تجلياتها الحرة المبدعة والخلاقة، كما كانت أحد روافد المقاومة، فى السياق المحيط الذى كان يزخر بالرواد الملهمين فى مختلف المجالات. وأضاف: «كانت الروح الوطنية، وجذور الهوية الحضارية المصرية متنامية فى مواجهة الاحتلال الإنجليزى، وكان هناك استشعار لمعنى الأمة المصرية، ورأينا تجليات كثيرة فى هذا السياق، من بينها موسيقى سيد درويش، وإبداعات الفنان محمود مختار، وظهور التجليات الأدبية لطه حسين وتوفيق الحكيم، وغيرهم فى العشرينات من القرن الماضى، فالزخم الذى صنعته ثورة 1919 عبّر سيد درويش عنه بأغانيه المختلفة، حيث كان المدّ الليبرالى مهيمناً وحاضراً بقوة، وهناك قضية مركزية فى حياة المصريين تتصل بمقاومة الاحتلال. وسجّل توفيق الحكيم، أحد أبرز الكُتاب المعاصرين للفنان سيد درويش، والمولود فى أكتوبر عام 1989، فى كتابه «فن الأدب»، جوانب من العلاقة التى جمعت بين القطبين، والتى كانت بدايتها المسرح، وتتضمّن شهادته عن تأثير فن سيد درويش فى زمانه: «كانت أغانى سيد درويش وألحانه الشعبية تسرى بين الناس كالنار فى الهشيم، ولكنى ما كنت أرى منه أن هذا هو الذى يملأه بالفخر، فقد كان توّاقاً إلى الفن فى صورته العليا، وإنه لعجب أن يكون لمثل سيد درويش بثقافته البسيطة صورة عُليا للفن».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: سيد درويش كوم الدكة فنان الشعب نادي الاتحاد السكندري سید درویش

إقرأ أيضاً:

مطالبات بإطلاق سراح سياسي سوداني معتقل بالإمارات.. رفض التعاون معهم

تواصل دولة الإمارات اعتقال السياسي والقيادي السوداني السابق في قوى "الحرية والتغيير" محمد فاروق سليمان البالغ من العمر 55 عاما. وفق بيان صادر عن أصدقاء ورفاقه.

وقال البيان، إن سليمان تم اعتقاله من مطار دبي في 19 كانون الثاني/ يناير الماضي، بينما كان يستعد للسفر في رحلة قصيرة خارج الإمارات، وهو ما يزال رهن الاحتجاز غير القانوني لأكثر من 50 يوماً دون تهم أو مخالفات قانونية محددة.



وأعرب أصدقاء ورفاق السياسي السوداني المعتقل عن قلقهم البالغ على حالته الصحية، خاصة أنه خضع لعدة عمليات جراحية كبرى قبل اعتقاله، مما يجعل استمرار احتجازه في ظروف مجهولة تهديداً مباشراً لسلامته الجسدية.


وأشار البيان إلى أن هذه الحادثة ليست معزولة، بل هي جزء من نمط متكرر من الانتهاكات التي تمارسها السلطات الإماراتية بحق المواطنين السودانيين، لافتاً إلى تعرض عدد من الناشطين السودانيين المنخرطين في غرفة الطوارئ، الذين لجأوا إلى الإمارات هرباً من الحرب في السودان، للاعتقال والمضايقات والضغوط من قبل الأمن الإماراتي، بهدف إجبارهم على التوقف عن توثيق انتهاكات قوات "الدعم السريع".

وكشف البيان أن الأمن الإماراتي حاول تقديم رشوة مالية لسليمان للتعاون مع السلطات الإماراتية وقوات "الدعم السريع"، واعتبر هذه الممارسات دليلاً على "تواطؤ واضح للتستر على جرائم تُرتكب بحق الشعب السوداني".

وأكد أن اعتقال سليمان يمثل "انتهاكاً متعمداً لحقوق الإنسان وتجسيداً صارخاً للتدخل الأجنبي في الشأن السوداني".

ودعا أصدقاء سليمان دولة الإمارات إلى الإفراج الفوري عنه وضمان سلامة أفراد أسرته الذين لا يزالون على أراضيها، والذين قد يكونون عرضة للانتقام أو الضغط.



كما طالبوا الجهات الرسمية السودانية ومنظمات حقوق الإنسان بالتدخل العاجل لوقف الاعتقالات التعسفية والاضطهاد الممنهج للمواطنين السودانيين.


وأدان البيان "الدور المقلق لبعض الشخصيات السياسية السودانية المرتبطة بأجهزة الأمن الإماراتية، وعلى رأسهم نصر الدين عبد الباري وطه إسحاق عثمان"، مشيراً إلى تورطهما في استغلال الاعتقالات التعسفية والتحريض عليها لتصفية الحسابات السياسية ضد الأصوات التي لم يتمكنوا من شرائها أو رشوتها.

ووصف البيان استدعاء القمع الخارجي إلى الساحة السودانية بأنه "عمل جبان وخيانة صريحة".

وشدد البيان على أن "إسكات الأصوات المعارضة عبر القمع والسجون هو أسلوب الطغاة وعديمي الشرعية، ولا يمكن القبول به في تمثيل الشعب السوداني تحت أي ذريعة أو مسمى".

ووجه نداءً عاجلاً إلى المجتمع الدولي، والمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، وحكومات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والنرويج، وجميع الجهات الدولية المعنية بالشأن السوداني، لممارسة أقصى درجات الضغط على الإمارات للإفراج الفوري عن سليمان ووقف اعتقالاتها التعسفية.

وطالب البيان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وبعثة تقصي الحقائق بشأن السودان بفتح تحقيق رسمي لتوثيق هذه الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

كما دعا منظمات حقوق الإنسان إلى تبني موقف واضح ومبدئي تجاه انتهاكات الإمارات لحقوق السودانيين المقيمين على أراضيها، وحشد الأدوات القانونية والدبلوماسية للمطالبة بالإفراج عن سليمان.


يُذكر أن سليمان شخصية سياسية معروفة في السودان، عُرف بمناصرته للديمقراطية وحقوق الإنسان على مدى عقود، وكان من الأعضاء المؤسسين لتحالف "الحرية والتغيير" خلال ثورة كانون الأول/ ديسمبر 2018. وقبيل أيام من اعتقاله، انتقد سليمان عبر مقالات عديدة تشكيل "حكومة موازية" في السودان.

وأطلق ناشطون وسياسيون سودانيون حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بالإفراج عن سليمان تحت وسم "اكسروا حاجز الصمت"، معربين عن استيائهم من صمت القوى السياسية السودانية والمنظمات الحقوقية تجاه اعتقاله.

من جهتها، قالت زوجة سليمان، أماني العجيمي، إن زوجها بخير وهو على تواصل مع أسرته، ولم يتعرض لأي مضايقات، نافية أي صلة لها أو لأسرتها بالبيان الصادر عن أصدقائه.

مقالات مشابهة

  • رائد الموسيقى في مصر والعالم العربي.. ذكرى رحيل فنان الشعب سيد درويش
  • شاهد | الصهاينة يرفعون حالة التأهب ويؤكدون التنسيق الأمريكي المسبق معهم حول العدوان ضد اليمن
  • محافظ الدقهلية يلبي دعوة الإفطار بدار أهالينا لكبار السن بالمنصورة
  • محافظ الدقهلية يشارك بحفل إفطار دار أهالينا للمسنين بالمنصورة| صور
  • (60) عامًا على وفاة الملك فاروق
  • "محسن حيدر درويش" تستضيف "إفطار الأسطول" لعملاء "جيب" و"دودج" و"رام"
  • رئيس الوزراء يسلم عددا من عقود وحدات المبادرة الرئاسية سكن لكل المصريين
  • مطالبات بإطلاق سراح سياسي سوداني معتقل بالإمارات.. رفض التعاون معهم
  • تريند زمان.. جريمة غامضة لم تفصح عن الجانى هزت الوسط الفني
  • انطلاق فعاليات مسابقة العباقرة بمركز شباب سليم الحي بمحافظة السويس