كتب - محمود مصطفى أبوطالب:

التقى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين ، اليوم، بالعاصمة برلين، الرئيس فرانك فالتر شتاينماير، رئيس الجمهوريَّة الألمانيَّة لبحث سُبُل مكافحة تزايد وتيرة الإسلاموفوبيا في أوروبا، والتَّصدي للإساءة للمقدسات الدينيَّة وظاهرة العداء للإسلام والمسلمين.

وقال فضيلة الإمام الأكبر، إنَّ الأزهر الشريف حريصٌ على نشر قيم السلام والأخوة الإنسانية محليًّا وعالميًّا، فعلى المستوى العالمي أطلق الأزهر عدة مبادرات يأتي في مقدِّمتها بيت العائلة المصرية، بالتعاون مع الكنائس المصرية، وقدمنا نسيجًا وطنيًّا مترابطًا ومحصنًا ضد الكراهية والتعصب.

وأضاف أن الأزهر خَطَا خطوات كبيرة في تعزيز قيم السلام عالميًّا، وقد كانت درة تاج هذه الجهود والمبادرات توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية مع قداسة البابا فرنسيس في أبوظبي عام 2019، في رسالةٍ تحمل الخير للعالم كلِّه، مشيرًا إلى أن الذي يمعنُ النظر في لغة الوثيقة لن يقدِرَ على التفرقة ما إذا كانت كُتبتْ بأقلام مسلمة أو مسيحيَّة، وأنها كانت جهدًا خالصًا توحَّدت فيه رؤية الأزهر والفاتيكان من أجل مصلحة الإنسان وسعيًا وراء سعادته، وتجنب معاناته، وأنَّ الوثيقة تضمنت نصوصًا واضحةً لحماية البيئة وأماكن العبادة، وحقوق الأطفال والنِّساء واللَّاجئين والمهاجرين والفقراء والشعوب الأكثر تهميشًا والأقل حظًّا.

وأشار شيخ الأزهر إلى أنَّ الأزهر يقف على مسافةٍ واحدةٍ من المساس بأي دينٍ من الأديان، ولا يفرق في ذلك بين المقدسات الإسلامية أو مقدسات الأديان الأخرى، فكما وقف الأزهر في وجه حوادث حرق القرآن الكريم -كتاب الله- كان له موقفٌ واضحٌ أيضًا تجاه حرق الكنائس والاعتداء على المسيحيين في باكستان، مؤكدًا أن كِلَا الموقفين نابعين من اعتقاد حقيقي وراسخ بأنَّه لا سبيل للخروج من أزمات الإنسان المعاصر إلا بالحوار وأن تسودَ ثقافة التقارب والتعايش والاندماج، وأن يحلَّ الحوار محل التعصب والكراهية.

كما أعرب شيخ الأزهر عن تقديره لما قدَّمته ألمانيا من دعم كبير للاجئين وترحيبها بهم واستضافتها للملايين لتضرب المثل في الأخوَّة الإنسانية العابرة للقارات في مشهدٍ حضاريٍّ نابعٍ من إيمان كامل وعقيدة واضحة تجاه هؤلاء الذين تركوا أوطانهم وعائلاتهم بسبب الحروب والصراعات.

من جانبه، أعرب الرئيس الألماني عن شديد ترحابه بشيخ الأزهر في ألمانيا، مؤكدًا اعتزازه بهذه الزيارة التي جاءت في وقت مهم، وتقديره الشخصي ومتابعته لما يقوم به شيخ الأزهر من جهودٍ كبيرةٍ لتعزيز قيم التعايش والأخوة والمساواة بين الجميع، وكذا تقديره للعلاقة الأخوية التي تجمع شيخ الأزهر والبابا فرنسيس، وأنَّ هذه العلاقة رسمَتِ الطريق ومهَّدته للمضي قدمًا في التقارب وفتح قنوات الحوار والتواصل بين مختلف الثقافات والأديان.

كما أكَّد الرئيس الألماني حرصَ بلاده على مكافحة الإسلاموفوبيا وخفض وتيرة العداء للإسلام والمسلمين، ولذا بادرت بإدانة حوادث حرق القرآن في عدة مناسباتٍ، ورفضها لما يقوم به البعض من ممارسات متطرفة تجاه الإسلام والمسلمين، مؤكدًا استعداده الشخصي للعمل سويًّا مع شيخ الأزهر من أجل تعزيز جهود القضاء على كل أوجه التعصب والكراهية وتعزيز الحوار بين أتباع الديانات والثقافات المختلفة.

وقدَّمَ الرئيس الألماني الشكر للإمام الأكبر علي المبادرات المهمة التي يقودها لنشر التعايش وتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات؛ مثل: وثيقة الأخوة الإنسانية، ونموذج بيت العائلة المصرية، وبيت العائلة الإبراهيمية.

المصدر: مصراوي

كلمات دلالية: زلزال المغرب اليوم الطقس سعر الدولار الحوار الوطني تمرد فاجنر أحداث السودان سعر الفائدة أحمد الطيب شيخ الأزهر ألمانيا الرئیس الألمانی ة الإنسانیة شیخ الأزهر

إقرأ أيضاً:

المفتي: العقل ركيزة الفَهم الصحيح للإسلام وعصارة التفاعل بين الوحي والواقع

أكَّد فضيلة أ.د. نظير محمد عياد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- خلال كلمة فضيلته في ندوة دَور العقل في فهم صحيح الدين بجامعة قناة السويس، أن العقل في الإسلام لا يُعد مجرد أداة تفكير، بل هو الركيزة الأساسية لفهم صحيح الدين، وأن التكامل بين العقل والوحي هو السبيل الأوحد لِفَهم جوهر الإسلام بعيدًا عن التعصُّب أو التحريف.

وبيَّن فضيلة المفتي على أنَّ العقل هو مناط التكليف وسبب الثواب والعقاب في الشريعة الإسلامية، موضحًا أن القرآن الكريم قد أَولى العقل مكانةً سامية في أكثر من موضع، حيث قال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 9]، مؤكِّدًا أن العلم والفهم الصحيح لا يتأتى إلا من خلال توظيف العقل في قراءة النصوص الدينية والتأمل في معانيها، وقد تناولت الآياتُ القرآنية العقلَ في العديد من المواضع تصريحًا وتلميحًا، حيث وردت دعوات متعددة للمسلمين للاستخدام الأمثل للعقل كأداة لفهم الوحي، وتحقيق الأهداف التي أرسل من أجلها، كقوله تعالى: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]، في دعوة صريحة لاستخدام العقل في التأمُّل والتدبُّر؛ مما يعزز دَور العقل في بناء الوعي الديني الصحيح.

وأوضح المفتي أنَّ العقل في الإسلام ليس مجرد أداة إدراك، بل هو الوسيلة التي يُمكن من خلالها أن يصل الإنسان إلى معرفة معاني الوحي، مؤكِّدًا أن العقل الذي لا يُنير بنور الوحي يصبح كالنور الذي غطته السحب، في إشارة إلى ضرورة أن يتكامل العقل مع الوحي لتحقيق الفهم الأسمى للدين.

وأشار فضيلةُ المفتي إلى أن الشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق مقاصد عظيمة، منها: حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، حيث ترتبط هذه المقاصد بشكل وثيق بالعقل، فالعقل هو الذي يحمي الدين من التحريف، وهو الذي يحقق العدالة بين الناس، وهو الذي يحفظ كرامة الإنسان في الحياة الدنيا ويضمن له فلاحه في الآخرة. وأوضح أن العقل الذي يَعي تمامًا مقاصد الشريعة هو القادر على حماية هذه المقاصد وصيانتها.

وفي كلمته، أكَّد مفتي الجمهورية أن الإسلام دعا العقل البشري إلى التأمل في الكون وأسراره، فالله تعالى يقول في سورة الذاريات: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}، مُبيِّنًا أن الإسلام لم يُنزل الوحي ليُقيد العقل أو يُحجمه، بل جاء ليُحفز العقل إلى البحث والاستفهام والتفكير في الحقائق الكبرى للوجود.

كما شدَّد فضيلته على أن العقل ينبغي أن يكون مرشدًا للمسلم في مواجهة التحديات المعاصرة، وهو الذي يمكنه أن يُوازن بين النصوص الشرعية ومتغيرات العصر، بما يضمن استمرار تطبيق الشريعة في سياقات معاصرة دون أن تبتعد عن جوهرها. وقال: العقل الذي يستند إلى الوحي هو الذي يستطيع أن يواكب تطورات الحياة، دون أن يتأثر بالتحريفات التي قد تحدث في فهم الدين.

وفي ختام الندوة، دعا فضيلةُ المفتي الحضورَ إلى ضرورة أن يتمتَّع العقل المسلم بالقدرة على التمييز بين الحق والباطل، مشيرًا إلى أن العقل الذي يُنير بنور الوحي هو الذي يبني الأمم ويعزز قيم الإنسانية، كما أكد أن العلماء والمفكرين في الأمة الإسلامية يجب أن يكونوا حراسًا على هذه الحقيقة.

تأتي هذه الندوة في إطار الجهود المثمرة لدار الإفتاء المصرية في الجامعات والمؤسسات التربوية لنشر الفهم الصحيح للدين وتعزيز الوعي الوسطي بين الشباب.

كان في استقبال فضيلته فورَ وصوله، سعادة الأستاذ الدكتور ناصر سعيد مندور، رئيس الجامعة، ولفيف كبير من السادة النواب، والأساتذة، وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة. وفي لفتة تقدير وعرفان قدَّم رئيسُ الجامعة درعَ التكريم لفضيلة مفتي الجمهورية؛ تقديرًا لدَوره الرائد في نشر الوعي الديني الوسطي ودعم مسيرة البناء الفكري المستنير بين الشباب، مؤكدًا ضرورة استمرار التعاون بين جامعة قناة السويس ودار الإفتاء المصرية لعقد المزيد من الفعاليات التوعوية الهادفة.

وبعد الانتهاء من الندوة توجَّه فضيلةُ المفتي في إطار جهود فضيلته العلمية والدعوية لمناقشة رسالة ماجستير بمعهد الدراسات الأفروآسيوية بالجامعة حول "جهود الأزهر الشريف المجتمعية بين المصريين في فض المنازعات والخصومات الأهلية"، تناولت  الدَّور الرائد للأزهر الشريف في معالجة قضايا المجتمع المصري، وجهوده في تسوية النزاعات والخصومات الأهلية، إلى جانب دَوره الريادي في نشر قِيَم التسامح وصحيح الدين، وتعزيز الاستقرار المجتمعي.

مقالات مشابهة

  • المفتي: العقل ركيزة الفَهم الصحيح للإسلام وعصارة التفاعل بين الوحي والواقع
  • الرئيس السيسي يوجه بتسريع وتيرة عمل تنفيذ المشروعات في منطقة قناة السويس
  • مرصد الأزهر ينظم فعالية بجامعة طنطا لتعزيز الوعي بالقضية الفلسطينية ومفهوم الحرية
  • شيخ الأزهر يعزي الرئيس إلهام علييف في ضحايا تحطم الطائرة الأذربيجانية
  • شيخ الأزهر يُعزي الرئيس إلهام علييف في ضحايا تحطم الطائرة الأذربيجانية
  • إشادة خاصة بـ كومباني بعد تربع بايرن ميونخ على قمة الدوري الألماني
  • عاجل | الرئيس التركي: لن ننسى الجرائم الوحشية التي ارتكبها نظام الأسد في حق شعبه
  • مراد.. توجيهات الرئيس تبون تشكل خارطة طريق لتعزيز وتيرة التنمية المحلية
  • كتلة الحوار تثمن قرار الرئيس بالعفو عن 54 من أبناء سيناء
  • شيخ الأزهر يتفقَّد المقر الرئيس لبيت الزكاة والصدقات