ذروة المجد الفني في «القاهرة».. 6 سنوات من الإبداع المسرحي والغنائي
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
6 سنوات عاشها الموسيقار سيد درويش فى محافظة القاهرة بين عامى 1917 و1923، وهى الفترة التى يعدّها النقاد العمر الفنى الحقيقى لفنان الشعب، حيث شهدت حالة من النشاط الفنى له، خاصة فى مجال المسرح، إذ أسس «درويش» فرقته المسرحية، وعمل مع أغلب الفرق الفنية آنذاك، وقدم ما يزيد على 30 مسرحية غنائية فى هذه الفترة الوجيزة، وكان يجهز للسفر إلى إيطاليا لتعلم الموسيقى الإيطالية، خاصة أنه كان شديد الإعجاب بـ«فيردى».
وبعد فترة قصيرة من حياته فى القاهرة، تعرّف «درويش» على الممثل عمر وصفى، مدير الجوق الكوميدى المصرى الراقى، وبدأ بينهما التعاون الفنى عندما لحّن «درويش» مسرحية «الشيخ وبنات الكهربا» من تأليف فرح أنطون، ومثّلتها فرقة عمر وصفى فى «تياترو منيرفا» بكازينو الجلوب فى منطقة بولاق فى عام 1917، وفى العام التالى لحّن مسرحية «فيروز شاه» لفرقة جورج أبيض، ومسرحية «ولو» لفرقة الريحانى، كما ألقى بعض القطع الغنائية لجوق الأوبريت الشرقى بكازينو دى بارى.
وبالاشتراك مع عمر وصفى، كوّن «درويش» فرقته الخاصة باسم «جوق سيد درويش»، وافتتح عملها بمسرحية «شهرزاد» يوم 21 يونيو 1921 بمسرح برنتانيا، وبعدها قدمت الفرقة مسرحية «العشرة الطيبة» لمحمد تيمور، ومن أزجال بديع خيرى وتلحين سيد درويش فى يوليو 1921.
استمرت الفرقة فى تقديم الكثير من الأعمال على مدار مواسم مسرحية متتالية حتى يناير من عام 1922، وكان آخر عروضها «المحامى المزيف، والبخيل، والبدوية»، قبل أن يلقى سيد درويش ربه فى 15 سبتمبر عام 1923. واستطاع «درويش» أن يقدم 31 مسرحية غنائية خلال السنوات التى عاشها فى القاهرة بين عامى 1917 و1923، منها «فيروز شاه، الهوارى، كله من ده، ولو، إش، ولسه، عقبال عندكم».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: سيد درويش كوم الدكة فنان الشعب نادي الاتحاد السكندري سید درویش
إقرأ أيضاً:
حسين خوجلي يكتب: معزوفة درويش كئيب على أطلال الجزيرة
من مرويات الصحابة التي تدعو للتأمل والتدبر والاعتبار حكاية وقوف سيدنا علي بن ابي طالب كرم الله وجهه (أبو تراب) على تراب المقابر وحياها قائلا:
السلام عليكم يا أهل المقابر أما أموالكم فقد قسمت، وأما بيوتكم فقد سكنت، وأما أزواجكم فقد تزوجن غيركم هذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم ؟
ثم سكت قليلاً وقال:
أما والله لو شاء الله لهم أن يتكلموا لقالوا:
إن خير الزّاد التقوى.
لقد ذكرتني هذه الحكاية الموحية حالنا في الجزيرة المنكوبة الجريحة المستباحة شمالا وجنوبا شرقا وغربا حواضرا وقرى. وفي ظني أن حال القرى المنهوبة المهجرة المغتصبة تماثل حال المقابر إن لم تكن المقابر أشد سلامة منها وطمأنينة.
فلعمري لو مر ود تكتوك هذا العصر بمخيمات النازحين واللاجئين من هذه القرى التي كانت حتى بالأمس تضج بالحياة والأمل والإشراق، وقد أمسى ساكنوها الآن في عراء الله يتامى وأرامل، وفي أطراف المدن حفاة وعراة وحزانى يتكففون الزاد والأمن والخيمة والأسبرين لمداواة جراح الجسد وجراح الروح.
ولكأني بصوت الرجل يرتفع عالياً حتى يتردد صداه في الأعالي والبطاح: (يا أهل الجزيرة إن الأموال قد نُهبت وإن الأعراض قد أُهينت وإن العزة والشرف القديم قد مرغ بالتراب)
وإن بقي في الرسالة بقية فهي للجيش وللشعب وللمقاومة وللمستنفرين والفدائيين، ختام ما قاله الشيخ فرح:
يا هؤلاء “ابحثوا عن مهمة أخرى” غير استعادة مدن وقرى الجزيرة، فماذا يفعل الناس ببقايا الأشياء وأطلال المساكن؟ ابحثوا عن مهمة أخرى فإن دخول القرى والمدن بعد أن أخليت تماماً من كل شيٍ حتى مواقد الطعام وسرائر الأطفال وباقي الدين والعجين، هي ضرب من العبث واللامعقول.
“ابحثوا عن مهمة أخرى” لن يصفق الشعب لانتصارات وهمية في أمكنةٍ خلاء، وقرى مهجورة، وملايين من الحيارى فقدوا كل شئ، نعم كل شئ حتى بقية الدموع في قاع الأعين، وبقية النشيج في قاع الصدور.
نعم “ابحثوا عن مهمة أخرى” فإن الشئ الوحيد الذي بقي هو ذاك (الهوى) المهشم على قارعة الطريق، والهواء الآسن والمعفر برائحة الجثث والإثم وقهقهات القتلة واللصوص.
كل شئٍ هناك ساكن، صامت إلا نحيب العاصفة الممزوج بأسى الأطلال ونزيف الغناء القديم.
كل شئٍ مضى نازحاً إلا زامر الحي الدرويش فقد ظل وحيداً يردد معزوفته في أسىً بصوته الذبيح ونفسه المتلاشية:
يا فؤادي رحم الله الهوى
كان صرحاً من خيال فهوى
اسقني واشرب على (أطلاله)
واروِ عني طالما (الدمع روى)
كيف ذاك الحب أمسى خبراً
وحديثاً من أحاديث الجوى
وبساطا من ندامى حلم
هم تواروا أبداً وهو انطوى
حسين خوجلي
إنضم لقناة النيلين على واتساب