الوطن:
2025-01-24@17:42:11 GMT

موسيقار القرن.. «نهر لن ينضب»

تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT

موسيقار القرن.. «نهر لن ينضب»

لا شىء يضاهى أن تسلم أذنيك لصوت سيد درويش، وتترك روحك تحلق فى رحاب موسيقاه، وتقاوم رغبتك فى مشاركته الغناء، وتمنع عقلك من التفكير فى سر عبقريته، وقتها ستدرك بقلبك أن هذا الرجل سيظل خالد الذكر.. حتى بعد 100 عام من رحيله.

استقبل المصريون القرن العشرين بمظاهر الحزن على رحيل رموز نهضتهم التى لم تكتمل، ودّعوا فى عامه الأول عبده الحامولى، المطرب الذى كانوا يعولون عليه لكسر احتكار الموسيقى داخل قصور الأثرياء، وغيّب الموت الإمام محمد عبده فى 1905 لتُطوى صفحة صاحب مشروع تجديد الخطاب الدينى، وفى عام 1908 فقدوا حماس وحيوية الزعيم السياسى الشاب مصطفى كامل، ولحقه رائد التنوير قاسم أمين.

لكن القدر كان رحيماً وكريماً حين أهدى المصريين سيد درويش، ومنحه موهبة استثنائية وتجارب حياتية تؤهل صاحبها لأن يكون أكبر من مجرد موسيقىٍّ عظيم ذاع صيته واتسع تأثيره، وأصبحت قصة حياته وأعماله منهجاً ينهل منه الباحثون عن تراث الشرق.

وُلد صاحب الموهبة الموسيقية الاستثنائية فى حى فقير، لكنه ينتمى لمدينة ثرية، وكأن القدر اختار لهذا الوليد أن يعيش بين عالمين، وأتاح له التنقل بينهما بخفة ومتعة، ليُمكِّنه من صناعة عالمه الخاص.

نشأ فى «كوم الدكة»، حى الحرفيين، المقام على أنقاض ربوة عالية تطل على أحياء الأغنياء من سكان المدينة الصاخبة بمظاهر الرقى والثراء فى الطبقات والثقافات.

ذهب الوليد وعمره 5 سنوات إلى مكتب تحفيظ القرآن الكريم، لكن مع رحيل الأب بعد عامين، قررت الأم أن ترسله إلى مدرسة ليستكمل تعليمه.

جاءت سنوات المراهقة لتُثقل كاهل «درويش» بالتزامات عائلية، زواج مبكر ومسئوليات تحد من طموحه وتطلعاته الفنية، كان مطالباً بالإنفاق على أسرته، وعلى شغفه ورغبته فى دراسة الموسيقى بإحدى المدارس الإيطالية، لكن دخله المحدود من إحياء ليالى القرآن والإنشاد والغناء فى أفراح ومناسبات الحرفيين لم يحقق له ما أراد، فاضطر إلى العمل فى عدة حرف يدوية.. منها أعمال البناء.

استمتع «درويش» بمهمته الجديدة، وجعل من ساحات الحرفيين مسرحاً لتنمية مهارته وقدرته على حفظ التراث، وجمع المقاطع الغنائية الدارجة على الألسنة.. ليعيد صياغتها فى قالب موسيقى جديد، وجاءت الصدفة التى كان يشتاق إليها موسيقىُّ المهمشين، حين استمع لصوته الأخوان أمين وسليم عطا الله، الفنانان الشهيران فى المجتمع السكندرى، وكان لديهما فرقة تمثيلية تستعد للسفر إلى لبنان.

سافر «درويش» إلى لبنان مرتين، وكلتا الرحلتين كانت من تدبير الأخوين «عطالله»، الأولى استمرت 9 شهور ولم تأتِ بنجاح مادى، ولكن الموسيقىَّ الشاب حوَّلها بدأب لمنحة دراسية اطلع خلالها على مختلف ألوان الموسيقى، والرحلة الثانية استمرت عاماً كاملاً، وحققت نجاحاً مادياً لم يُثنِ الشاب الموهوب عن الاستزادة من نهر العلوم الفنية، وتلقفته أيدى أساتذة الموشحات ومختلف ألوان الموسيقى الشرقية المعجبين بموهبته.

عاد «درويش» إلى الإسكندرية بعد أن تشبَّع بتراث الموسيقى الشرقية، وأدرك مواطن ثرائها وقدرتها على الاستقلال عن الموسيقى التركية، بل ومنافسة الأغانى الغربية، فقرر أن يبدأ رحلة التمرد ليصدح بأول مؤلفاته «يا فؤادى ليه بتعشق»، وصادفت النغمة التحررية فى أعماله هوى المصريين المتعطشين للاستقلال، والمثقفين المهمومين بالبحث عن هوية مصرية فى الغناء، والبسطاء الباحثين عن أغانٍ لم يستعملها الأغنياء قبلهم، والمهمشين الذى لم يسبق أن اهتم بهم أهل المغنى، وكل هؤلاء تحولوا إلى جمهور يمهد الطريق لميلاد ملحن ومطرب من طراز فريد.

أصبح «درويش» بطلاً لكل الفرق الموجودة على الساحة الفنية فى الفترة من 1917 إلى 1923، وظلت أعماله تنساب ويتردد صداها على المقاهى وداخل البيوت، وأصبح الناس يغنون له فى كل وقت (هز الهلال يا سيد) (الحلوة دى قامت تعجن فى البدرية).. وغيرها الكثير من الأوبريتات التى تعظِّم من ميراث هذا الشعب الحضارى، وتحفزه على الالتفاف حول هويته ووطنه.

يحلو للمؤرخين وصف «درويش» بأنه الشيخ المجدد وباعث نهضة الموسيقى العربية، وهذا التوصيف غير منصف، لكنه يبرّر عدم الاحتفاء به إلا بعد 23 يوليو من عام 1952، فهذه الثورة وجدت فى أعماله ما يعبّر عن أهدافها وطموحات هذا الشعب.

الآن وبعد 100 عام مرت على رحيل سيد درويش، ما زلنا نتذكر الرجل الذى صنع نشيداً وطنياً لا نزال نردده إلى الآن (بلادى بلادى لك حبى وفؤادى)، ونفخ فى الموسيقى من روحه فأصبحت ألحاناً تداوى القلوب والعقول، وتلهب حماس المحبطين، وتنتصر لمن تحاصرهم الهموم، وتجمع الفُرقاء على مائدة حب الحياة والوطن.

عاش «درويش» طويلاً رغم عمره القصير، فقد توقف سيل إبداعه صباح 10 سبتمبر من عام 1923 حين كان ملايين المصريين يستعدون لاستقبال سعد زغلول ورفاقه، بينما كان الدرويش يغادر الحياة فى هدوء فرضته قوات الاحتلال الإنجليزى، وكأن القدر يمنحه مشهداً أخيراً يضيف لقصة هذا البطل صاحب السيرة التى تستحق أن تُروى.

رحل الدرويش بعد أن أصبح له ملايين المريدين المفتونين بمعجزاته الفنية، رحل وترك لهم حصاد 12 سنة من الإبداع تفرّغ خلالها لنشر الوعى قبل الفنون، وتجديد الموسيقى الشرقية لتستعيد بريقها وحيويتها.

شعراء عن درويش

هو القديم يا قوم

يقوم فى ليلة ويوم

هو بصل أو توم ولا بلح أبريم؟!

ده فنه لو ينذاع وف تسجيلات يتباع

لتصبحوا جياع ما تكسبوش مليم

و«أنا عشقت» بكام و«أنا هويت» يا سلام

ومنيتى دى غرام أروح معاها غريم

قولوا تخمنا السوق.. حتى صبح مخنوق

بفننا المسروق.. من إرث كل يتيم

بيرم التونسى

-------------------------------------------

 عرب التفت فى هيئة الفنان

فى عروته الوردة اللى بتفتّح

قال كان بودى ألحن الجرنان

أخبار تجينا الصبح وتفرّح

عرب اللى دايب من أمل وحنان

كل الشوارع تعرفه والدور

ألفين سلام مطرح ما عينه تدور

مشى فى الجنينة اتقطفت له الزهور

قال كلنا نحب الوطن يا ولادى

أنا كنت باحلم بالنهارده الليلة دى

صبحت بلادى بلادى

وانتو المغنيين وأنا الجمهور

فؤاد حداد

-------------------------------------------- 

 غنينا يا سيدى حاجات سيد درويش

معلهش ما أهو أنت برضه كنت هناك

انت تمللى معانا وحوالينا وبينا

موت مين ده يا أبوحجاج اللى يخبيك منا

يعنى كان خبا الشيخ سيد؟ ما هو زى الجن

ولا لحظة بيهمد ولا بيون

فى المسرح فى الغيط فى المدرسة فى السجن

ده وتر مشدود يابا

لمسوه من كام ألف سنة ولساه بيزن

وكلام بيرن

صلاح جاهين

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: سيد درويش صلاح جاهين سید درویش

إقرأ أيضاً:

أنغام: أنا بنام وبحلم بالأغنية.. وولادي بيحبوا الموسيقى وموهوبين

أكد الفنانة أنغام، أنها تعتبر نفسها جزءًا من صناعة الموسيقى كونها موسيقية في الأصل، متابعة: “أهتم بالتفاصيل الموسيقية أكثر من أي شيء في حياتي، فهي عالمي الخاص، أعتبر نفسي آلة موسيقية على المسرح، وحتى في الاستوديو، فأنا الصوت الذي يؤدي الأغنية من ألحان الملحن وكلمات الشاعر”.

وأوضحت "أنغام"، خلال لقائها مع الإعلامية لميس الحديدي، ببرنامج "كلمة أخيرة"، على شاشة ON، أنها تعيش التفاصيل الموسيقية لدرجة أنها تنام وتحلم بالأغنية، والنقاشات حول الموسيقى والعمل تستمر طوال اليوم، متابعًا: “الشغل مرهق جدًا.. أتذكر رمضان الماضي أثناء العمل على ألبوم 'تيجي نسيب' كنا نتناول السحور في الاستوديو، حيث نفطر في المنزل سريعًا ثم نذهب للعمل مباشرة”.

وأضافت أنغام ،:"أبنائي يشاركونني حب الموسيقى، كلاهما يحب الموسيقى جدًا وموهوبان في تأليف الكلمات، عبد الرحمن يكتب أغاني بالعربية والإنجليزية، بينما عمر يؤلف الموسيقى، الموسيقى بالنسبة لهما عالم يعيشان فيه ويهربان إليه"، موضحة أنهم يتابعون أعمالها ويستمعون لأغنيها دائمًا ولديهم آراء واضحة بشأن ما تقدمه.

وتابعت: “عمر يناقشني بشدة إذا لم تعجبه أغنية، بينما عبد الرحمن يعبر عن رأيه بأسلوب أكثر هدوءًا، فهو يشبه الأوروبيين في طباعه”.

مقالات مشابهة

  • يد روبوتية ذكية تحدث ثورة في عالم الموسيقى
  • فصول لمواهب الأوبرا بالإسكندرية فى مسرح سيد درويش
  • «أسوشيتد برس»: كيف يستخدم «سيد البيت الأبيض» التاريخ الأمريكى لبناء عصره الذهبى الجديد؟
  • ليلة في حب العندليب لمواهب الأوبرا بمعهد الموسيقى العربية.. اليوم
  • عمل فني ينتظر عمرو يوسف بعد الانتهاء من تصوير «درويش»
  • طارق العريان ينتظر انتهاء درويش عمرو يوسف
  • في بيت «موسيقار الأجيال» المسقطي
  • مؤلفات إيطالية على أنغام الهارمونيكا والأكورديون في معهد الموسيقى العربية
  • أنغام: أنا بنام وبحلم بالأغنية.. وولادي بيحبوا الموسيقى وموهوبين
  • أنغام لـ«كلمة أخيرة»: الموسيقى المرحلة الأكثر إرهاقا بالنسبة لي في إنتاج الأغاني