زلزال المغرب بين مباغتة التوقّع وصدمة الواقع
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
ما أصعب أن يصحو المرء على كارثة طبيعية لم تكن في الحسبان، هكذا مرت ليلة الجمعة وفجر السبت على المملكة المغربية مع معاناة الناس جراء الزلزال الذي ضرب أجزاء منها مخلفا ما يزيد عن ألفي وفاة، وألفي مصاب مع توقع المزيد عبر استمرار بحث فرق الإنقاذ عن ضحايا الزلزال المدمر وفق إعلان وزارة الداخلية المغربية، كل تلك الإحصائيات مع مشاهد الركام وحطام المباني المتهالكة، وما يزيد عنها من مشاهد الرعب والخوف والترقب في الشارع المغربي، متابعات عربية وأخرى دولية لتطورات الوضع في المغرب العربي، كل تلك المشاهد والمتابعات والتحليلات تعيد للأذهان تساؤلات معادة حول تطور وقدرة العلم في مجال الرصد وتوقع الكوارث الطبيعية، لا سيما حالات الزلازل بعد كل الماضي المعاش في الأمس القريب من زلزال تركيا الأخير.
ألا يمكن لمراكز الرصد وأجهزتها الدقيقة عالميا تجنيب الأرض وساكنيها الحد الأقصى من الضرر الواقع حال الصدمة أوان عدم التوقع والمفاجأة؟!
نفكر في ذلك وغيره من أسباب ونتائج رافعين أكف الدعاء لكل أسر ضحايا الزلزال بعد فقد ورعب وحيرة وترقب، نفكر في الكثير ونحن نتابع ما كتبه بيل ماكغواير أستاذ الجيوفيزياء والمخاطر المناخية بجامعة كوليدج لندن في مقالته المنشورة في الصانداي تايمز من أن هذا الزلزال الذي ضرب المغرب ناهزت قوته قوة نحو 30 قنبلة ذرية كتلك التي ضُربت بها مدينة هيروشيما اليابانية، وهو ما يفسر عدد المباني التاريخية التي دُمرت في مدينة مراكش نفسها رغم بُعدها عن مركز الزلزال بنحو 40 ميلا، ورغم ذلك فإن ماكغواير نفسه يدعي أن «الزلازل لا تقتل الناس، إنما طُرق البناء هي التي تفعل» فلو اتُّبعت الطرق المناسبة في الإنشاءات لبقيت المباني قائمة رغم الهزات الأرضية مقارنا بين المغرب وكاليفورنيا الأمريكية.
الهزة الأرضية في المغرب لم تستمر لأكثر من 20 ثانية فقط لكنها خلّفت الكثير مما سيبقى لسنوات من آثار الدمار على كل الصعد، فهل كان يمكن لكل هذا الدمار أن يكون أقل نسبيا لو أن أجهزة الإنذار المرتبطة بمراكز رصد الزلازل كانت أكثر دقة وأسرع تحذيرا؟
نفكر في الزمن المحدود نسبيا أثناء الكارثة، وأفواج الناس تخرج من بيوتها مذعورة؛ منهم من استوعب أنها كارثة مسارعا للهرب، ومنهم من أسلمته المباغتة لحيرة ردة الفعل التي قادته من الخوف إما للهلاك أو للفضاء هروبا من الهزة الأرضية تحت سقف المنزل الذي كان أمانه وملجأه إلى ما يتمنى من ثبات الأرض واستقرارها، أو حتى زلزلتها لكن دون جدار يتهدم عليه ليدفن كل خواطره ورؤاه وأحلامه وذكرياته في لحظة مفاجأة مرعبة قد لا يمهله القدر حتى أوان استيعابها.
أما الرعب الحقيقي فهو رعب الانتظار بعد الكارثة، رعب انتظار القادم من تساؤلات عن احتمال هزّات أرضية أخرى، عن تكشف الغد عن ضحايا جدد بين وفيات وإصابات، عن كل ترسبات الذاكرة عبر استرجاع مشاهد الكارثة وترقب الآتي من أنباء وتحليلات، ومحاولة النجاة عاطفيا واجتماعيا واقتصاديا من آثارها، عن الوقت اللازم للتشافي من تفشي حالة الذعر، ومن آلام الفقد واستنزاف الذاكرة.
رغم كل مخلفات الكوارث الطبيعية من آثار مدمرة تبقى عمرا أو حتى أعمارا إلا أنها لا تملك إخفاء أو تهميش المشهد الأجمل لتكاتف الناس أوان المصاعب والأحزان، وتماسكهم أوان التحديات ليكونوا جسدا واحدا في وجه الكارثة وتداعياتها،ـ قلبا واحدا أوان الفقد والحزن والخوف، كل تلك الأعين الخائفة والأبصار الزائغة حيرة ودهشة، والقلوب الملأى دعاء ورجاء وأملا، لا في المغرب وحدها، بل في الوطن العربي والعالم أجمع؛ إذ إن فيه من عاش الظروف ذاتها وعانى القلق الحاصل ذاته بكل تفاصيله وكل دقائقه وكل توقعاته، وما بقي منهم يدرك يقينا أن الكل في كل مكان معرّضٌ لمثل ذلك في أي وقت دون سابق إنذار أو توقع.
لا نملك ونحن نعايش هذه الكارثة متابعين آثارها القريبة إلا الدعاء للملكة المغربية وأهلها بأن يحفظهم الله من كل سوء، كما ندعوه سبحانه أن يمن عليهم بتجاوز هذه الأزمة بأقل قدر من الخسائر وأكبر قدر من حسن التصرف تكاتفا وتعاضدا وتكاملا.
حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
زلزال بقوة 4.9 درجات يضرب الفلبين
المناطق_متابعات
ضرب زلزال بلغت قوته 4.9 درجات على مقياس ريختر، مقاطعة “باتانيس” في الفلبين.
وأوضح المعهد الفلبيني لعلوم البراكين والزلازل، أن الزلزال وقع على بعد 66 كيلومترًا من مدينة “باسكو” الواقعة في المقاطعة، وعلى عمق 160 كيلومترًا.
أخبار قد تهمك زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب جزر ماريانا 18 نوفمبر 2024 - 8:52 صباحًا زلزال شدته 7ر4 درجات يضرب أفغانستان 17 نوفمبر 2024 - 9:39 صباحًاولم ترد أي تقارير عن وقوع خسائر بشرية أو مادية جراء الزلزال.