لجريدة عمان:
2025-03-04@14:45:35 GMT

أيهما أجدى.. خطبة الجمعة أم قانون رادع؟

تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT

يوحي اختيار موضوع خطبة الجمعة في تركيا في الأول من سبتمبر الحالي بأنّ هناك رغبة رسمية تركية لوقف العنصرية ضد العرب واللاجئين، بعد أن تفاقمت وسبّبت خسائر كبيرة لتركيا. فقد خصّصت رئاسة الشؤون الدينية التركية، الخطبة ضد العنصرية والعرقية، وعمّمتها على جميع مساجد تركيا، مع التذكير بأنه «لا فضل لعربي على أعجمي، ولا أعجمي على عربي [إلا بالتقوى].

. إنما المُؤمنون أخوة، فهم لا ينسون مبدأ فرديّة الجريمة، ولا يُعمّمون الجريمة، على عرق، أو دين، أو طائفة».

وتعميمُ خطبة كهذه، يفتح مجالًا للنقاش: هل ستكون النتائج إيجابية؟ وهل ما زال للخطب - أصلًا - تأثيرٌ على الناس، حتى تثني العنصريين عن أفعالهم؟ وهل يمكن أن تكون عبارة «إنما المُؤمنون إخوة» التي ترددت في منابر تركيا بديلًا عن القوانين؟

والإجابة في نظري هي أنه لا يمكن أن تكون تلك العبارة، ولا كلّ تلك الخطب، بديلًا عن القوانين العقابية الصارمة، بعد أن دفعت تركيا الثمن، مثلما دفعه اللاجئون العرب وغيرهم؛ فالتقارير تتحدّث عن خسارة تركيا لمليار دولار خلال الشهرين الماضيين، نتيجة تراجع السيّاح العرب عن اختيارها كوجهة سياحيّة، فيما ألغيت حُجوزات قُرابة 60%، مما استوجب إيجاد حُلول رادعة لها، قبل أن يفقد الاقتصاد التركي أحد مصادره الرئيسية التي يعتمد عليها، وهو الذي يُعاني أصلا من التضخّم بنسبة 38%، وتراجع الليرة التركية 20% أمام الدولار، وهذا ما أشارت إليه صحيفة «تركيا» التي أكّدت «أنّ التحريض العنصري المُفتعل من قِبَل بعض الأشخاص والأحزاب ضد العرب، تسبّب في ضربة موجعة للاقتصاد خلال آخر شهرين، وأنّ الإجراءات الرسمية التي اتخذتها السلطات ضد الهجرة غير النظاميّة، أثّرت أيضًا على الحركة الاقتصادية بشكل سلبي».

ومن التعليقات ذات المغزى، ما قاله الكاتب الصحفي التركي إسماعيل ياشا، الذي اعتبر أنّ خطبة الجمعة عن خطر العنصريّة وموقف الإسلام منها كانت في الاتجاه الصحيح، لكنه لفت إلى «أنّ مُعظم العنصريين لا علاقة لهم بالمسجد ولا بالخطب، بل بعضهم يُعادُون الإسلام تحت قناع العنصرية، وبالتالي فإنّ الخطوة الضروريّة هي تطبيق عقوبات رادعة على جرائم العنصريّة، مع استمرار حملات التوعية».

وإذا كان علي يرلي كاي وزير الداخلية التركي قد تحدّث عبر قناة «الجزيرة» عن خطوات وحملات بلاده ضد «الأجانب»، قائلًا إنّ حُكومة تركيا لا يُمكن أن تسمح بانتشار العنصرية وكراهية الأجانب في المُجتمع، إلا أنه لم يُنكر حملات الترحيل ضدّ اللاجئين، ولم يتحدّث عن تشريع قوانين جديدة صارمة لمنع العنصريّة ضد العرب، واكتفى بالقول: «إنّ المدّعين العامّين يُتابعون الخطاب العنصري في إطار القانون، وإنه لا مكان للعنصرية والكراهية في تاريخ وثقافة ومُعتقدات الأتراك»؛ مما حدا بالكاتب خالد الجيوسي في صحيفة «رأي اليوم» للقول «إنّ رد الوزير التركي لم يكن كافيًا ومُقنعًا في تفنيد أو تكذيب الحملات المُتناسلة ضد العرب، التي وصلت لترحيل سائح مغربي، وأخرى جزائرية إلى الشمال السوري «قسْرًا»، لاعتقاد تلك السلطات بأنهم سوريون».

إنّ العنصرية البغيضة، بقدر ما أضرت باللاجئين أضرت بتركيا أكثر، وإذا لم تكن هناك قوانين صارمة تنظم العملية برمتها، فإنّ مليون خطبة لن تنفع في شيء؛ فهناك أرواح أزهقت، وأبرياء سجنوا، وأصحاب ممتلكات أضيروا في ممتلكاتهم وتجارتهم، ونساء تفرقن عن عائلاتهن وأبنائهن، وغيرها من المآسي.

والسؤال الآن: ماذا لو اتخذت الحكومة التركية الحزم وعدم التساهل في تطبيق القوانين ضد العنصريين؟ ماذا لو طبقت القانون وأنزلت العقوبة المناسبة على المخالفين؟ فمن طبيعة الناس أن يزدجروا بالقوانين أكثر من النصوص الدينية، وقد تكون هذه صفة الغالبية منهم. ولنا مَثَلٌ في عُمان وقت جائحة كورونا، فلو أنّ الحكومة لم تتخذ إجراءات مثل الإغلاق وغيرها، واعتمدت فقط على التوجيه عبر المنابر، كنا قد شاهدنا أضعاف الضحايا؛ فهناك من يخشى العقوبة العاجلة أكثر من الآجلة، ويؤلمه تطبيق القوانين والغرامات أكثر من أيّ شيء آخر. لذا، فإنني لا أتصور أنّ خطبة الجمعة ستُوقِف ما يتعرّض له العرب في تركيا، إذا لم تكن هناك قوانين وتشريعات عقابيّة رادعة، فيكفي أنه في فجر يوم الجمعة يوم الخطبة نفسه، نقلت الصحف التركية حادثة عنصرية تعرّض لها شاب سوري، انتهت بإطلاق النار عليه من قبل جاره التركي فأرداه قتيلا.

الذي يبدو أنّ تطبيق القول المأثور: «إنّ الله يَزَع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن»، أجدى من إلقاء الخطب التي لا يتفاعل معها الناس. وحينئذ؛ أي حين تطبق القوانين العادلة على الجميع، ستتوقف الاعتداءات العنصرية، وسيستعيد السياح العرب ثقتهم في تركيا ومدنها الجميلة، التي كانت في الأمس القريب وجهتهم السياحية المفضلة، وكثيرٌ منهم امتلك فللا وشققا فيها.

زاهر المحروقي كاتب عماني مهتم بالشأن العربي ومؤلف كتاب «الطريق إلى القدس»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: خطبة الجمعة ضد العرب

إقرأ أيضاً:

"التعاون الخليجي": وقف إسرائيل دخول المساعدات لغزة يخالف القوانين الدولية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد مجلس التعاون لدول الخليج العربية إدانته واستنكاره الشديدين لقيام قوات الاحتلال الاسرائيلي بمنع دخول المساعدات الانسانية والاغاثية إلى قطاع غزة، معتبرا ذلك انتهاكا صارخا للمواثيق والقوانين الدولية كافة، ولا سيما القانون الدولي الانساني، الذي يكفل توفير الاحتياجات الاساسية للمدنيين في مناطق النزاع.

وقال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم محمد البديوي بحسب بيان أذاعته وكالة الأنباء السعودية "واس"، اليوم الأحد، إن هذه الاجراءات غير القانونية تعمق الازمة الانسانية التي يعيشها أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتفاقم معاناتهم المستمرة نتيجة هذه الاجراءات الخطيرة لقوات الاحتلال الاسرائيلي.

وطالب المجتمع الدولي، بالتدخل الفوري والضغط على قوات الاحتلال لرفع القيود الجائرة المفروضة على المساعدات، والعمل على ضمان وصول الاغاثة العاجلة لتلبية الاحتياجات الاساسية للشعب الفلسطيني، وبالاخص خلال شهر رمضان كما جدد امين عام المجلس، الموقف الثابت لدول مجلس التعاون، في دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لمبادرات السلام والقرارات الدولية ذات الصلة.

وفي سياق آخر، بحث الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، اليوم بمقر الأمانة العامة، مع المراقب الدائم لروسيا الاتحادية لدى المنظمة السفير توركو داودو، آفاق تعزيز التعاون الثنائي بما يخدم المصالح المشترك.

مقالات مشابهة

  • خبير قانون دولي: الأمة تترقب نتائج القمة العربية واللحظات الاستثنائية تتطلب قرارات استثنائية
  • أيهما يهدد الآخر العرب أم إسرائيل؟
  • شيخ الأزهر: ندعو الله أن يوفِّق القادة العرب في القمة العربية ووضع حدٍّ للغطرسة والفوضى التي يتعامل بهما الداعمون للكيان المحتل
  • مسلسل ولاد الشمس الحلقة 4.. خطبة عبيد وعاملة الدار وصدمة ابن سحر من زواجها بـ ولعة
  • والده رفض خطبة شقيقته لأحدهم.. ضبط المتهمين بالتعدي علي شاب في العمرانية
  • بيان غاضب من رابطة البريميرليغ بعد تعرض لاعب فولهام للإساءة العنصرية
  • "التعاون الخليجي": وقف إسرائيل دخول المساعدات لغزة يخالف القوانين الدولية
  • بعد التهنئة برمضان.. ما أبرز الفتاوى اليهودية التي تشجع على قتل الفلسطينيين والعرب؟
  • بعد التهنئة برمضان.. ما أبرز الفتاوى اليهودية التي تشجيع على قتل الفلسطينيين والعرب؟
  • روسيا تحبط هجومًا أوكرانيًا على “السيل التركي” ولافروف يبلغ تركيا