أداء الصين أفضل مما قد تتصوَّر
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
ترجمة: قاسم مكي -
احتل الاقتصاد الصيني عناوين الأخبار مؤخرا. ما هو مستوى أدائه حقا؟ إنه أفضل مما يمكن أن تتصور. دعني أشاطرك بعض الحقائق.
في هذا العام يواصل اقتصاد الصين التعافي والنمو. فناتجنا المحلي الإجمالي زاد بنسبة 5.5% في النصف الأول من العام متخطيا بذلك معظم الاقتصادات الكبرى.
وفقا لتقديرات البنك الدولي سينمو اقتصاد الصين بنسبة 5.
أحد الملامح البارزة في النصف الأول لعام 2023 انتعاش الاستهلاك الذي ساهم بنسبة 77.2% في النمو. وهذا المعدل أعلى بنسبة 44% من مستواه في العام الماضي.
اللافت أن الناس ينفقون المزيد على الخدمات. ففي الفترة من يناير إلى يوليو زادت مبيعات التجزئة في قطاعات النقل والإسكان وتموين الطعام والخدمات الأخرى بنسبة 20.3% على أساس سنوي. لقد ذهب حوالي 502 مليون صيني إلى دور عرض الأفلام السينمائية هذا الصيف. وهذا العدد يفوق كل سكان الولايات المتحدة.
اقتصاد الصين أيضا أكثر اخضرارا بقدر مهم (أكثر استخداما لموارد الطاقة المتجددة) وأكثر ابتكارا من السابق. ففي أول سبعة أشهر من هذا العام ارتفع الاستثمار في صناعات التقنية الرفيعة وفي الأبحاث والخدمات الفنية بنسبة 11.5% و23.1% على التوالي. وفي يوليو ارتفع إنتاج سيارات الطاقة الجديدة وتوربينات الرياح ومرافق إعادة تعبئة بطاريات السيارات الكهربائية بحوالي 25% تقريبا. وتجاوزت طاقة توليد الكهرباء بالموارد المتجددة في الصين طاقة توليدها بالفحم الحجري. وتصدرت الصين العالم في القدرة المتاحة لإنتاج الكهرباء بواسطة الرياح والطاقة الشمسية على مدى 13 عاما و8 أعوام على التوالي.
التجارة الخارجية لا تزال مرنة. فالصين تواصل الاستحواذ على حوالي 14% من سوق الصادرات العالمية. وزادت صادراتها من السيارات الكهربائية وبطاريات الليثيوم آيون والخلايا الشمسية بنسبة 61.6% في أول 6 أشهر من هذا العام. ومع استمرار انتعاش الطلب محليا ستستورد الصين أيضا المزيد.
الشركات العالمية صوَّتت بأقدامها (اختارت الاستثمار في الصين). ففي حين اتصف الاستثمار العابر للحدود الوطنية بالفتور عالميا يتواصل الاستثمار الخارجي في الصين. ففرنسا وبريطانيا واليابان وألمانيا عززت الاستثمار في الصين في النصف الأول من عام 2023 بنسبة 173.3% و135.3% و53% و14.2%على التوالي.
وتأسست حوالي 24 ألف شركة أجنبية جديدة في الصين في نفس الفترة بنسبة زيادة بلغت 35.7% على أساس سنوي.
وفي العام الماضي انتجت «تيسلا» نصف توريداتها العالمية من السيارات الكهربائية من مصنعها في شنجهاي والذي ينتج سيارة كهربائية واحدة كل 40 ثانية في المتوسط. ولدى «ستاربكس» الآن أكثر من 6500 متجر (مقهى) في الصين وتفتتح واحدا كل 9 ساعات تقريبا.
لا تنسوا أن مجموعة (فئة) الدخل المتوسط في الصين والتي يزيد عددها الآن عن 400 مليون نسمة في طريقها إلى تجاوز 800 مليون نسمة بحلول عام 2035.
ومع استمرار الصين في تعزيز الاستهلاك وتيسير الوصول إلى السوق وترقية بيئة الأعمال وتقوية سلاسل التوريد والصناعة تظل الأساسيات التي تحافظ على نموها الطويل الأمد ثابتة دون تغيير.
بالطبع الطريق إلى مرحلة ما بعد التعافي من كوفيد-19 لن يكون ممهدا. فهو سيشهد تقدما غير مطَّرد، به تعرجات وانعطافات. وفي الصين نحن لا نتحرَّج من المشاكل بل نعالجها مباشرة ودون تردد.
في الشهور الأخيرة بدأت الصين في تنفيذ سياسات جديدة لتنشيط الاستهلاك وتعزيز القطاع الخاص واجتذاب المزيد من الاستثمار الأجنبي. إحدى أولوياتنا تلافي وخفض المخاطر المالية في القطاع العقاري بما في ذلك استحداث سياسات لضمان تطويره المطَّرد والسليم. ومع وفرة أدوات سياستنا نحن على ثقة بقدرتنا على تدارك ومنع المخاطر الهيكلية.
وفقا لشركة «بي سي إيه ريسيرش» ظلت الصين مصدرا لما يزيد عن 40% من النمو العالمي خلال العقد الماضي مقارنة بحوالي 22% للولايات المتحدة و9% لمنطقة اليورو.
بعض الناس ظلوا ولسنوات عديدة يقللون من أهمية مساهمة الصين في نمو اقتصاد العالم أو حتى يضخمون «التهديد» من نمو الصين.
والآن مع خضوع الصين لتصحيحات اقتصادية مؤقتة يتهمها البعض بإضعاف اقتصاد العالم. ويطرح آخرون نظرية «احتمال انهيار الصين». هل هذا عدل!
هذا وقت يشكل تحديا لكل أحد. العالم لم يتعافَ بعد من الصدمة التي سببتها جائحة فروس كورونا. وأزمة أوكرانيا مستمرة. وتعافي اقتصاد العالم لا يزال بطيئا؟ وكل بلد لديه مشاكله الخاصة به التي يلزمه مواجهتها.
وسيكون من قِصَر النظر بل ومن الخطورة بمكان عدم فعل أي شيء والشماتة بالآخرين أو حتى وضع العراقيل أمامهم. ففي حقبة العولمة الشيء الذي يسوء أي أحد يسوء كل أحد.
البلدان بحاجة إلى التعاون لترقية العولمة الاقتصادية وبناء مجتمع للبشرية يشترك في المستقبل ولا يترك أحدا وراء الركب.
لقد أدرك المزيد من الأصدقاء الأمريكيين أن فكرة احتمال انهيار الصين اقتصاديا وازدهار أمريكا في ذات الوقت محض وهم.
الولايات المتحدة يلزمها رفع ضوابط صادرات التقنية وقيود الاستثمار والعقوبات الاقتصادية والرسوم الجمركية المرتفعة المفروضة على الصين. يجب أن تكف عن بناء أنظمة موازية وعن السعي لفك الارتباط باسم تقليل المخاطر والذي من شأنه فقط أن يزيد من تعقيد تعافٍ عالمي عسير أصلا.
بدلا عن ذلك على الصين والولايات المتحدة احترام بعضهما البعض والتعايش في سلام والسعي وراء تعاون يفوز فيه الطرفان.
هذا هو الطريق الوحيد إلى الأمام. والعالم لا يتوقع أقل من ذلك.
شيه فنغ سفير الصين لدى الولايات المتحدة
عن واشنطن بوست
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: اقتصاد الصین فی الصین الصین فی
إقرأ أيضاً:
رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية: الحكومة حريصة على توفير مناخ أفضل لدعم الاستثمار
أكد الدكتور محمد فريد صالح، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية : الحكومة حريصة على توفير مناخ أفضل لدعم الاستثمار، ومساندة الشركات الناشئة والعاملة في ريادة الأعمال لتبسيط الإجراءات.
و لفت إلى أن هيئة الرقابة المالية، مسئولة عن استقرار الأسواق والاستثمار، مشيرا إلى أن هناك مستهدفات لتنمية الأسواق لصالح الاقتصاد الوطني.
و أشار إلى أن هناك جهود لتمكين الشركات الناشئة من العمل في السوق المصري، موضحا أنه لم تكن هناك معايير مصرية في تقييم الشركات الناشئة. و لفت إلى صدور قرار العام قبل الماضي 2023، بشأن أسس ومعايير الشركات الناشئة من أجل تسهيل إجراءات زيادة رأس المال، موضحا أنه تم الاستعانة ببعض النماذج الدولية في هذا الشأن.
وأكد أنه تم إعادة النظر فيما يتعلق بعمليات القيد في البورصة وتداول أسهمها، قائلا: وهذا الأمر أصبح له تأثير طيب على الشركات الناشئة، مشيرا إلى أن الهدف من ذلك تمكين شركات الاستثمار في عمليات البيع والتخارج بصورة مباشرة.
و لفت إلى إصدار قرار بشأن اشتراطات تأسيس الشركات المالية غير المصرفية، من خلال استحداث مجالات تتعلق بالتكنولوجيا، مشيرا إلى أنه تم استصدار قرار منظم للشركات المنظمة لها، وتم إصدار 3 رخص لـ3 شركات.
وأشار رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، إلى أن هذه القرارات تمثل رسالة ثقة للمستثمرين في سوق العمل المصري.
جاء ذلك خلال الجلسة العامة لمجلس الشيوخ، برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرزاق، أثناء مناقشة الطلب المقدم من النائب سامح محمد أنور عصمت السادات، بشأن دراسة الأثر التشريعي للمادة 29 من القانون رقم 95 لسنة 1992 الخاص بإصدار قانون سوق رأس المال على نشاطي الاستثمار المباشر ورأس المال المخاطر، والمادتين (46 مكرر 2، 50) من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005، فيما يتعلق بالحوافز والمعاملات الضريبية.