موسكو- دخلت الحرب الروسية واحدا من أكثر سيناريوهات تطورها خطورة، وذلك بعد إعلان البنتاغون الأميركي في 6 سبتمبر/أيلول الجاري أنه سيرسل إلى كييف قذائف تحتوي على اليورانيوم المنضب والمخصصة لدبابات أبرامز، وفي الوقت نفسه إعلان البيت الأبيض أنه سيرسل قريبا دبابات أبرامز نفسها كمساعدة لأوكرانيا.

وينفي مراقبون روس احتمال أن تؤدي دعوة موسكو لعقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي في 12 من الشهر الجاري، إلى تغيرات تذكر لمنع واشنطن من تنفيذ قرارها، وهي المرة الأولى التي تدرج فيها قذائف اليورانيوم المنضب الخارقة للدروع ضمن حزمة مساعداتها العسكرية لكييف.

ورغم تصريحات ديمتري بوليانسكي نائب الممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة، حول كون الإمدادات سيكون لها تأثير سلبي على حل النزاع الأوكراني، فإن موسكو كانت حددت في وقت سابق موقفها من إقدام واشنطن على هذه الخطوة، وذلك على لسان الرئيس فلاديمير بوتين الذي أكد أن في حالة استخدام أوكرانيا لهذه الذخائر، فإن بلاده ستحتفظ بحق الرد على ذلك، وأنها -في كل الأحوال- لن تكون البادئ في استخدامها.

أما حليف روسيا الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، فذهب إلى ما هو أبعد، وحذر من "درس للعالم أجمع" في حال استخدام قذائف اليورانيوم المنضب في أوكرانيا، مضيفًا أن رد روسيا سيكون "فظيعا".


ملف جدلي

من المقرر الإعلان عن حزمة المساعدات الأميركية الجديدة لأوكرانيا الأسبوع المقبل. وحتى الآن، بلغ إجمالي مساعدات واشنطن لكييف منذ بدء الحرب أكثر من 43 مليار دولار.

لكن خطورة الحزمة الجديدة من المساعدات أنها تحتوي هذه المرة على اليورانيوم المنضب ذي الكثافة العالية، والذي يستخدم في إنتاج الذخيرة الخارقة للدروع ولزيادة قوة المعدات العسكرية، مثل الدبابات.

ويعتبر استخدام مثل هذه الأسلحة بشكل عام أمرا مثيرا للجدل. ففي حين يعارضه بشكل كبير التحالف الدولي لحظر أسلحة اليورانيوم، تقول دراسات الأمم المتحدة حول التأثير على صحة الإنسان بأنه لم يتم تحديد أي انحرافات كبيرة سريريا. كما أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تؤكد أن التهديد الإشعاعي للسكان والبيئة ليس كبيرا أيضا.

ومع ذلك، لا يقتصر الخطر فقط على المعدات العسكرية التي يتم استهدافها باستخدام هذا النوع من القذائف، بل في التأثير السلبي على ما يسمى بـ"الخلفية الإشعاعية" في مناطق القتال، وفقًا لما يقوله محلل الشؤون العسكرية يوري كنوتوف.

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح كنوتوف أن اليورانيوم نفسه لا يحتوي على مستويات عالية من الإشعاع، ولكن عندما يصطدم مقذوف مصنوع من اليورانيوم المنضب بالدروع أو بأي عائق متين، يؤدي ذلك لانبعاث غبار اليورانيوم، مشيرا إلى أن هذا الغبار يترسب على الأجسام المحيطة كالأرض، والتي عندما تهطل عليها الأمطار يحصل تراكم في الماء يؤثر بشكل خطير على جسم الإنسان في حال استهلاكها، فضلا عن الأضرار البيئية الأخرى، لكنها لن تظهر على الفور.

وحسب رأيه، فإن قرار إمداد كييف باليورانيوم، وخصوصا لدبابات أبرامز والدبابات الأخرى، يأتي في سياق إظهار فعالية وتفوق التكنولوجيا الأجنبية من جهة، ولسد "الثغرات" الميدانية الناشئة عن تعثر الهجوم الأوكراني المضاد، من جهة أخرى.


حرب بالوكالة

في هذا السياق، يؤكد محلل الشؤون الإستراتيجية ألكسي فاسيليف أن قرار واشنطن سيؤدي "حتما" إلى بدء القوات الروسية استخدام تدابير متماثلة، مؤكدا أن لديها ما يكفي من قذائف اليورانيوم المنضب وغيرها من الأسلحة الأكثر تدميرا، لا سيما أن استخدام القوات الأوكرانية لقذائف الناتو التي تحتوي على نوى اليورانيوم يعادل استخدام القنابل النووية القذرة ضد روسيا.

ويفسر فاسيليف قرار واشنطن بأنه رد على "نجاحات القوات الروسية في المنطقة العسكرية الشمالية، لاسيما في مناطق أرتيموفسك وأفديفكا وسيفيرسك، وتعزيز التعاون الروسي الصيني والدعم الملحوظ لروسيا من قبل دول الجنوب العالمي، ما سبب حال ذعر ورد فعل من الولايات المتحدة وحلفائها بأن أسلوب الحياة المعتاد، القائم على قواعد واشنطن غير المكتوبة والملائمة دائما للغرب قد بدأت تنهار، وأن كييف تخسر حرب الوكالة التي تقوم بها"، حسب وصفه.

وأضاف أن "ترسانة البنتاغون والتحالف الغربي تنفذ بسرعة، وفي الدول الغربية، أصبح صوت المنطق السليم أعلى صوتا، كما حصل في البرلمان الروماني عندما اقترح عدد كبير من النواب الانسحاب من حلف شمال الأطلسي".

ولفت إلى أنه في حال اضطرت موسكو إلى الرد واستخدام نفس النوع من القذائف، فإن ذلك سيؤثر سلبا على الوضع البيئي في أوكرانيا، فضلا عن المدنيين والجنود العسكريين الأوكرانيين أنفسهم.

وبحسب المتحدث، ينبغي على الأوكرانيين أن يدركوا أخيرا استخدامهم من قبل الغرب "كوقود للمدافع"، وأنه "لأمر مخز ومثير للاشمئزاز الطريقة التي يدفع بها الجانب الأوكراني المزيد والمزيد من الناس إلى القبور"، حسب تعبيره.

واختتم بالقول "لن يحل توريد هذه الذخائر أي مشاكل إستراتيجية وتكتيكية لأوكرانيا، كما أنها غير قادرة على هزيمة روسيا أو تغيير مسار الحرب. فمثل هذه الذخائر المملوءة باليورانيوم لن تسهم إلا في تلوث الأراضي والأمراض المختلفة للأشخاص الذين سيعيشون في هذه المناطق بعد انتهاء النزاع".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الیورانیوم المنضب فی حال

إقرأ أيضاً:

إيران توافق على "جانب واحد" للتفاوض النووي مع واشنطن

أعلنت إيران، الأحد، أنها قد تدرس إجراء مفاوضات بشأن النووي مع الولايات المتحدة، في حال تعلقت فقط بالمخاوف من "احتمال عسكرة" برنامجها، وليس بهدف وقف تطوّره.

وقالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة، على منصة "إكس"،: "إذا كان الهدف من التفاوض هو إزالة المخاوف بشأن احتمال عسكرة البرنامج النووي الايراني، فإن ذلك قابل للنقاش، لكن إذا كان بهدف القضاء على البرنامج النووي الايراني السلمي، لإعلان أن ما فشل باراك أوباما في القيام به تم إنجازه الآن، إذن فإن مفاوضات كهذه لن تعقد إطلاقاً".
ويمارس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ ولايته الأولى (2017-2021) سياسة "الضغوط القصوى" على طهران، من خلال فرض عقوبات خصوصاً على قطاع النفط الإيراني. خامنئي: إيران لن تتفاوض تحت ضغط "البلطجة" - موقع 24 قال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، اليوم السبت، إن طهران لن تتفاوض تحت ضغط "البلطجة"، وذلك بعد يوم من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه بعث رسالة إلى أعلى سلطة في البلاد، للتفاوض على اتفاق نووي. وكشف ترامب، الجمعة، أنه بعث برسالة إلى إيران يضغط فيها على إيران للتفاوض بشأن ملفها النووي تحت طائلة مواجهة عمل عسكري محتمل.
وفي اليوم التالي، ندد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بما اعتبره سياسة "غطرسة".
وقال خامنئي: "محادثاتهم لا تهدف إلى تسوية القضايا، بل من أجل التآمر وفرض توقعاتهم".
وصعدت الولايات المتحدة الضغوط، الأحد، إذ امتنعت عن تجديد الإعفاء الممنوح للعراق منذ 2018، وكان يتيح له استيراد الكهرباء من إيران، داعية بغداد إلى "التخلص من اعتمادها" على موارد الطاقة من طهران الخاضعة لعقوبات اقتصادية أمريكية.
وانسحب ترامب من جانب واحد عام 2018 من الاتفاق النووي الدولي الذي أبرمته بلاده قبل 3 سنوات من ذلك مع إيران. ترامب يهدد إيران: هناك شيء سيحصل قريباً - موقع 24قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض، اليوم الجمعة، إن إيران كانت مفلسة واليوم تمتلك أموالاً طائلة، وقريباً سيحدث شيئاً معها. ونص الاتفاق على رفع بعض العقوبات المفروضة على طهران، مقابل الإشراف على الأنشطة النووية الإيرانية.
وترتبط فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والصين وروسيا بهذا الاتفاق، الذي لم يعد الآن مطبقاً.
ورداً على الانسحاب الأمريكي من الاتفاق، نأت إيران بنفسها تدريجاً من التزاماتها وسرعت أنشطتها النووية.
وتدافع طهران عن حقها في الحصول على النووي لأغراض مدنية وخصوصا الطاقة، مع نفيها الشديد السعي لحيازة السلاح النووي.

مقالات مشابهة

  • ما المعطيات العسكرية التي أدت إلى اتفاق دمشق وقسد؟
  • توافق روسي أميركي على مناقشة أحداث الساحل أمميا يثير قلق سوريين
  • إلا التفكيك.. طهران تحدد مسار مفاوضاتها مع واشنطن حول البرنامج النووي
  • إلا التفكيك.. طهران تحدد مسار مفاوضتها مع واشنطن حول البرنامج النووي
  • ترامب يقول إن واشنطن “أنهت تقريبا” تعليقها لتقديم المعلومات الاستخباراتية لأوكرانيا
  • إيران توافق على "جانب واحد" للتفاوض النووي مع واشنطن
  • إيران تدرس محادثات مع واشنطن بشأن برنامجها النووي
  • واشنطن: الضغوط القصوى على طهران هدفها إنهاء التهديد النووي
  • بعدما أوقفها ترامب.. المساعدات العسكرية الأمريكية حيوية لأوكرانيا هل تعوضها أوروبا؟
  • ماذا نعرف عن المساعدات العسكرية التي قدمتها أمريكا لأوكرانيا قبل قرار ترامب بإيقافها؟