من وجهة نظري هذا الكتاب من بين ثلاثة كتب أعرفها لمؤلفين عرب في مقام أمهات الكتب في التوثيق المبكر لغناء أهل الخليج العربي. ومصطلح الخليج هنا بالمعنى الجغرافي تحديدا، وليس السياسي كما هو معروف اليوم حسب جغرافية دول مجلس التعاون الذي يشمل كل الجزيرة العربية تقريبا. وقد حدد الباحث موضوع كتابه ونطاقه الجغرافي والاجتماعي قائلا: «إن هذا الكتاب.

. هو ثمرة تحليل أنجزته بصفة شخصية انطلاقا من جميع المعلومات المبعثرة التي جمعتها لدى محاورتي في الكويت والبحرين وقطر».

أهداني هذا الكتاب المهم الكاتب السعودي المحترم الدكتور أحمد الواصل الذي له عدد من المؤلفات في الأدب الموسيقي وتاريخها. وللواصل مقال جميل ومفيد منشور في مجلة الموسيقى العربية الإلكترونية بعنوان: «أوهام الجذور الموسيقية الخليجية: محاولة في النسب الثقافي» جاء فيه تفسير أعجبني عن معنى كلمة «نبط» أو الشعر النبطي، وأرجع المفردة إلى أصل نجدي حسب رواية جده الراوي إبراهيم المحمد الواصل. ويقول: «وذكر لي أن حضر نجد عندما يتحسسون مياها تحت التراب، يشرعون في حفر بئر ما يجعل الماء ينبر عليهم أو ينبط، ومن هنا جاءت المشابهة بينهما أي ما بين نبر الماء من الحفرة، ونبر الشعر بوصفه منطوقاً شفوياً، وهذا يدفع إلى أن مفردة «نبط» (كسر النون وفتح الباء) خاصة، باللهجة النجدية».

ومؤلف كتاب «خليج الأغاني» هو بولس أنطون مطر رجل دين لبناني أبدى اهتماما مبكرا بتوثيق التراث الموسيقي في بعض دول الخليج العربية، ومن الأهمية بهذه المناسبة تسجيل له التقدير في هذا المقال المتواضع على ما قام به من مبادرة أساسية في تدوين وتوثيق بالمعلومة والصورة لعدد من الممارسات الموسيقية في البلدان الخليجية المذكورة، نتج عن ذلك الجهد المشكور هذا الكتاب القيم الذي صدر في عام 1980 عن دار المثلث للتصميم والطباعة والنشر في بيروت وأقرأه هنا في عدد من المقالات.

اعتمد الباحث في عمله على الجمع الميداني ومقابلة العديد من الممارسين والرواة، وفي هذا السياق يقول الكاتب في المقدمة: تجولت عبر الخليج وبين يدي أجهزة التسجيل والتصوير ومضيت ساعيا وراء التظاهرات والاحتفالات الشعبية». ولكن الكاتب لم يتخطّ في تجواله دولة الإمارات، أي إنه لم يصل إلى سلطنة عُمان، كما إنه لم يأتِ على ذكر المملكة العربية السعودية وخاصة المنطقة الشرقية ونجد ذات الصلة المباشرة بالمجتمع والثقافة الخليجية. والكاتب يشرح هذا بقوله: «إن كتابي هذا ينحصر في ثلاثة بلدان زرتها وهي: الكويت والبحرين وقطر، مع أني زرت أيضا الإمارات العربية المتحدة وقد جمعت البعض من أغانيها الشعبية غير أني لاحظت بعد ذلك أن البلدان الثلاثة الأولى تمثل وحدة ثقافية، إذ نجد فيها التقاليد ذاتها والأغاني نفسها تقريباً. في حين أن الثقافة في الإمارات العربية المتحدة وهي أقرب إلى مضيق هرمز ومن ساحل عُمان قد تأثرت وتكيفت وفقاً لأسلوب مختلف»، والكاتب في هذه المسألة دقيق الملاحظة على الأقل بشأن الإمارات وسلطنة عُمان.

وفي الواقع الكتاب جميل في تصميمه وإخراجه ويحتوي على عدد كبير من الصور، وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام باستثناء كشف المصادر والمراجع. وأتساءل أين أرشيف هذا العمل الميداني؟ وأرجو من المعنيين بثقافة المنطقة وخاصة الدول المذكورة البحث عن هذه التسجيلات والصور إن كانت لا تزال متوفرة واقتنائها، وتكريم هذا الباحث المتفرد.

لا أعلم إن كان قد سبق هذا الكتاب كتب أخرى لباحثين عرب اعتمدوا على البحث الميداني في جمع وتوثيق المعلومات، وأجد أن هذا البحث في هذه الحالة قد سبق الجميع ما لم يثبت أحد غير ذلك.

أتابع في المقال أو المقالات القادمة مناقشة أهم المسائل التي جاءت في هذا الكتاب بعد إن خصصت هذا المقال الأول للتعريف بأهمية هذا الإصدار وصاحبه.

مسلم الكثيري موسيقي وباحث

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هذا الکتاب

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة الأزهر: العربية لغة كتاب الله والمولى تكفل بحفظها

أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن اللغة العربية تقع في قلب اهتمام مؤسسة الأزهر الشريف جامعًا وجامعةً برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف؛ لأنها هويتنا ولغة القرآن الكريم ووعائه، وهي لسان الداعية والدعوة إلى الله تعالى.

وأكد رئيس جامعة الأزهر، في تصريح له، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، أن اللغة العربية هي لغة حية؛ لأنها لغة كتاب الله الخالد، والمولى -عز وجل- قد تكفل بحفظها مصداقًا لقوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.

وأوضح رئيس الجامعة أن المولى -عز وجل- شرفنا بأن جعلنا من الأمة التي أنزل  القرآن العظيم بلسانها العربي المبين، وشرَّف ألسنتنا بأن تنطق بالحروف التي اختارها واصطفاها للغة كتابه الكريم، وله الحمد والثناء الحسن أن جعل الأزهر الشريف جامعًا وجامعة من خدام هذه اللغة الشريفة المتعبدين في محرابها، المتقربين إلى الله -جل وعلا- بالبحث في أسرارها.

وأكد رئيس الجامعة على أهمية وضرورة الاهتمام باللغة العربية والحفاظ عليها؛ لأنها اللغةَ الشريفةَ وعاء القرآن الكريم وحي السماء من رب العالمين.

مقالات مشابهة

  • 20% خصومات على إصدارات هيئة الكتاب بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية
  • قراءة في كتاب «العقل والفلسفة والإيمان في مواجهة الإلحاد» للدكتور أمان قحيف باتحاد الكتاب وسط الدلتا
  • 20 ٪ خصماً على إصدارات هيئة الكتاب بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية
  • الفساد سرطان الاقتصاد الذي أعيا الحكماء.. قراءة في كتاب
  • الفساد سرطان الاقتصاد الذي أعيى الحكماء.. قراءة في كتاب
  • رئيس جامعة الأزهر: اللغة العربية لغة حية لأنها لغة كتاب الله الخالد
  • رئيس جامعة الأزهر: العربية لغة كتاب الله والمولى تكفل بحفظها
  • في نقد كتاب “نقد النقد”: قراءة تجمع بين التنظير والتأصيل
  • منتخب الإمارات بطل كأس الخليج للبادل
  • منتخب الإمارات يتوج بطلاً لكأس الخليج للبادل