لجريدة عمان:
2025-02-01@23:50:23 GMT

نوافذ: ظفار ويد المايسترو!

تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT

بقيتُ لعدّة أسابيع تحت تأثير الصور والفيديوهات التي تصلنا من هنا وهناك، كاشفة عن سحر محافظة ظفار الفاتنة، تلك الخضرة الخلابة التي تُذكرنا بأرياف أوروبا، والضباب الذي يلفّ هضابها بصحبة الرذاذ الخفيف المتناغم بصورة جذابة مع التنوع الجغرافي الهائل، من سهول وجبال خصبة إلى شواطئ رملية تمتد لمئات الكيلومترات.

وكنتُ أتوقُ لخوض تجربتي معها هذا العام على وجه الخصوص، لاسيما أنّ الأصداء كانت على غير ما اعتدنا، فقد كانت الآراء تشيد بالتغيرات اللافتة. ورغم الأيام القصيرة التي قضيتها هناك فإنّها كانت كفيلة بالتبصر بالتحولات التي لا يمكن لعين أن تُخطئها.

ليس علينا أن ننكر أنّ ظفار تبدت في حلّة جديدة، فلم يعد أكبر همنا الحصول على دورة مياه كما هو حالنا في السابق، كما أنّ صناعة الترفيه توزعت بشكل مريح لاستقطاب القادمين، وهو الحال مع الأكشاك والمطاعم والمقاهي التي امتدت على مد البصر لتحل معضلة أساسية. فقد كنا قبل ذلك نرى العوائل تجوب الجبال مُحملة بعدتها من علبة الكبريت حتى جرّة الغاز!

لفتني أيضا وجود خدمات الإنقاذ والسلامة في المواقع السياحية، ووجود مختبر متنقل لفحص الأغذية للتأكد من مطابقتها للمواصفات، و«باركود» لتقييم بعض الخدمات، كما أنّ التحول من مسمى خريف «صلالة» إلى خريف «ظفار» كان يُلقي بظلاله على الولايات العشر التي لا تقل إحداها عن الأخرى سحرا وفتنة.

لكن ورغم بهجتنا بما ذكرنا، إلا أن ذلك لا ينفي حاجتنا لاستعارة مفاهيم السياحة على مستوى يليق بعمر التجربة، لكي تتجذر ظفار في الوعي العام كمحافظة سياحية لا تقل عن مناطق العالم الرئيسة، فمن المؤكد أنّ المدن الغنية بالتراث المادي وغير المادي والمرافق ذات الطابع الجمالي والثقافي، تلك التي يمكن أن تنسج قصصها وأساطيرها، تصبح محط أنظار العالم، شريطة تفعيل البُنى التحتية الخادمة لها.

من الجيد -بطبيعة الحال- إعطاء الفرصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وللعُمانيين بالدرجة الأولى، وبالفعل أحدثوا تغييرا مذهلا، لكن ذلك لا يُغني عن الاستعانة ببيوت الخبرة والاستثمارات الكبرى التي يمكن أن تقلب المحافظة رأسا على عقب. فرغم روعة ما شهدنا إلا أنّ الجهود بدت مُتشرذمة، وبحاجة إلى يد «مايسترو» عُليا تضبط إيقاع التحولات عن وعي ودراية بخصوصية كل شبر منها، لتظهر كل ولاية من الولايات العشر بشكل مُفارق للعادة عبر استراتيجية مدروسة أكثر من كونها مُرتجلة.

أزمة السكن -كما يبدو- ستحتاج وقتا أطول لتُحل، فإمّا الذهاب إلى الفنادق الكبيرة أو البقاء في حيز الشقق التي قلّما تمتلكُ مواصفات معقولة رغم المبالغة في أسعارها. من الضرورة بمكان أن تكون الشقق الفندقية ذات معايير صارمة من ناحية الخدمة والأسعار، كونها تعكس سمعة البلد بصورة أساسية.

ورغم توفر دورات المياه، فإنّها لم تستطع بعد أن تُغطي الضغط البشري الهائل عليها. أمّا المساجد فكانت في حالة يُرثى لها، ومن المُسيء حقا ترك بيوت الله بتلك الحالة المزرية دون وجود أيد عاملة كافية لخدمتها!

في السابق كان الرد الجاهز حول بطء الخدمات السياحية يُرجع إلى عدم تقبل المجتمع لتحول جبالهم ومراعيهم إلى السياح القادمين من بقاع شتى بقاع العالم. قرأتُ ذات مرّة بأنّ وعي المجتمعات وعي حي ومتحرك، غير ساكن أو قار فهو مرآة عاكسة للسلوك وللعقل الفردي والجمعي، وأمام انزياحات وعي المجتمعات يمكن أن تتشكل أنماط اقتصادية متغيرة من وقت لآخر، ولذا ينبغي أن تدرس المجتمعات بشكل عميق قبل أن يشرخ الاقتصاد والسياحة نسيجها.

يأتي الآخر إلينا من العالم الشاسع مُحملا بالفضول، ويمكنه أن يضخ المال في عصب اقتصادنا فيما لو تمكنا من تقديم أنفسنا بشكل مُحترف، مُنطلقين من محليتنا الأصيلة، الأمر الذي من شأنه أن يفتح لنا بوابة مهن وأفكار ومصادر رزق لم تكن موجودة من قبل، فالانفتاح على السياحة والاقتصاد، لا يعني بالضرورة انفصالنا عن جذورنا كما قد يظن البعض، بل يمكن لتجربة من هذا القبيل أن تجعلنا في حالة من التماس والتفاعل الدائم مع مفردات حياتنا وأنماطها.

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

إعلامي أمريكي بالرياض: المملكة ليست التي كنا نقرأ عنها بالأخبار إنها مختلفة تمامًا .. فيديو

الرياض

‏التقى أشهر مذيعين في العالم بالعاصمة الرياض لأول مرة بخصوص سياسة العالم وسياسة بلدانهم، وتحدثوا عن المملكة بشكل عفوي وهم “تاكر كارلسون وبيرس مورغان.

‏وقالوا خلال زيارتهم الأولى للمملكة:” أنها ليست هي المملكة التي كنا نقرأ عنها في الأخبار، إنها بلد مختلف تمامًا.”

ومن جهته، قال المذيع الأمريكي “تاكر كارلسون”: ثقافتكم لغتكم قيمكم، كل هذه الأشياء تستحق أن تدافعوا عنها، وهنا في السعودية يشعرون بهذا، المملكة أهم دولة في الإسلام والعالم العربي، وهم فخورون بذلك جدًا .”

‏وأضاف:” أنا لست مسلمًا أو عربيًا أو من منطقة الشرق الأوسط، ولكن عندما آتي إلى المملكة، يستقبلوني بحفاوة ودفء، لكن لن يسمحوا أن تفرض عليهم إملاءات أو تغير القوانين.”

‏وتابع :” الولايات المتحدة وبريطانيا يفتقرون إلى إحترام ذاتهم بهذه الطريقة لأنهم أضاعوا هويتهم.”

https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/01/8eEhzJXLpWAZixnk.mp4 https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/01/dAjYJPtaEnkW8ayN.mp4

مقالات مشابهة

  • ضربة روسية قوية تستهدف أوديسا الأوكرانية .. فيديو
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم – الحلقة 2
  • السوبر مان
  • تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
  • هذا الكاتب أكل في أفخم مطاعم العالم وهذه أفضل الوجبات التي تذوقها
  • أسباب خصم رصيد من عداد الكهرباء الكارت بشكل مفاجئ.. والإجراءات التي يجب اتباعها
  • أستاذ تمويل: العلاقات المصرية العراقية تتطور بشكل كبير ولافت للنظر
  • هل تعلم أن مغلي البقدونس يمكن أن يغير حياتك؟: إليك الفوائد التي لا تعرفها
  • 35 مليون ريال لتطوير طريق ريسوت-المغسيل في ظفار
  • إعلامي أمريكي بالرياض: المملكة ليست التي كنا نقرأ عنها بالأخبار إنها مختلفة تمامًا .. فيديو