بوابة الوفد:
2025-03-10@22:13:47 GMT

أزمة القبعة والطربوش

تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT

عندما تجد نفسك أمام أزمة مرَّ عليها قرن من الزمان، وبعد قراءة تفاصيل تلك القضية وأبعادها وطريقة تناولها، تكتشف أننا ما زلنا هناك غرقى وأسرى لذات الدوامة، فتنتقل من الدهشة إلى الذهول، ثم ترتدى ثوب الخجل كلما رأيت الدوران فى فلك القبعة والطربوش لا يزال مستمراً.. وإليكم تفاصيل الأزمة من البداية.

فى 1925 أقر مجلس الأمة التركى «قانون القبعة»، وهو قانون يمنع الرجال من ارتداء الطربوش والعمامة، ويجبرهم على ارتداء «البرنيطة»، وكان السجن عقوبة المخالفين، ووصل الأمر لإعدام البعض بسبب إصرارهم على رفض ارتداء هذه القبعات.

انتقلت عدوى هذا القانون إلينا، وظهرت فى مصر أزمة كبيرة وصلت ذروتها عام 1926، وانقسم الناس حول مسألة خلع الطربوش واستبداله بالقبعة، ودخل الكتَّاب والمفكرون فى سجالات عنيفة، وأخذت القضية رغم بساطتها أبعاداً سياسية واجتماعية ودينية، ووصل المساس بالطربوش إلى المساس بالروح القومية لمصر وهويتها، ليرى البعض أن لبس القبعة فتنة وبدعة وخيانة وطنية!

وأصبحنا أمام أزمة ثلاثية بين العمامة والقبعة والطربوش، بعد النزعة القوية التى أظهرها طلبة «دار العلوم» باستبدال الجبة والقفطان والعمامة بالسترة والبنطلون والطربوش، وصرنا أمام شاشة عرض كبيرة يظهر فيها من يؤيد ومن يعارض، ومن ألبسه الخوف ثياب التردد، فيقذف الكرة بعيداً عنه، ومن يمسك العصا من المنتصف ويؤثر السلامة، ومن يقف مشاهداً ينتظر «تتر» النهاية ليتعامل معها أياً كانت والسلام!

ولكى تشعر بمدى أهمية هذه القضية حينها، خطب صاحب العزة الأستاذ هلباوى بك أمام جمعية «الرابطة الشرقية» كما وصفته جريدة «السياسة الأسبوعية»، يقول: «بالرغم مما عندى من المشاغل خصوصاً فى الوقت الذى تضاعفت فيه بالاشتراك فى المزاحمات الانتخابية، رأيت أن أتخلى وقتاً ما لأحدثكم عن رأيى فى مسألة الأزياء التى أوشكت أن تدخل فى عداد المسائل الاجتماعية الكبرى»، ثم شرح الأستاذ «هلباوى» بك فى هذا الخطاب الطويل رأيه وما يراه.

يقول الكاتب الكبير جمال بدوى فى كتابه «المصور شاهد عيان على الحياة المصرية»: «إن مجلة «الهلال» فطنت إلى أن الجدال بين أنصار الطربوش وأنصار القبعة هو فى الحقيقة جدال بين عقليتين تتنازعان أقطار الشرق العربى فى ذلك الوقت»، فقامت «الهلال» باستطلاع رأى اثنين من كبار الكتَّاب، أحدهما يدافع عن الطربوش وهو الأستاذ مصطفى صادق الرافعى، وكان رأيه أن الطربوش لم يضِق، وإنما ضاقت العقول أو ضاقت الأخلاق، وأن هذه الأمة منكوبة بالتقليد والمقلدين، أما الرأى الآخر الذى يناضل عن القبعة فكان للكاتب الدكتور محمود عزمى، وكان دفاعه فى إطار إيمانه الشديد بكل مظاهر الحياة الأوروبية، وكان أول من ارتدى القبعة بعد قرار جمعية الأطباء أن الطربوش لباس غير صحى.

بعد عرض وجهتى النظر المؤيدة والمعارضة، ننتقل إلى جمعية الرابطة الشرقية، وهى جمعية هدفها التنوير والتقارب بين الأمم الشرقية، وكان من المنتظر أن تصدر قراراً حاسماً فى هذا الجدل، لكنها آثرت التهرب من القرار حتى لا تتورط فى الانحياز إلى القبعة ضد العمة والطربوش، فتُتهم بالخروج عن الشريعة، فأحالت الموضوع إلى جمعية الأطباء..«يعنى رمت الكرة بعيداً عنها بطريقة شيك»!

المهم.. أن الجمعية الطبية اجتمعت بعد هذه الإحالة، وقالت إن الطربوش لباس غير صالح، ويجب أن يحل محله لباس آخر يقى البصر من أشعة الشمس ويقى مؤخر الرأس ضربتها، ثم واصلت وصف هذا الغطاء وكيف يكون، دون أن تشير صراحة إلى القبعة، واللافت للانتباه هنا أن جمعية الأطباء أصدرت هذا القرار وأعضاؤها يرتدون الطربوش!.. «مبدأ امسك العصاية من النص وخليك حويط».

الغريب أنه وسط قضايا كبرى مثل معركة الاستقلال ومحاربة الإنجليز فى تلك الفترة، تأخذ مسألة القبعة والطربوش هذه الأبعاد والأحجام والخلافات والاختلافات والتناحر وتبادل الاتهامات بالخيانة، والأغرب أننا بعد مرور مائة عام نفعل الشىء ذاته، فنجد أنفسنا وسط قضايا مصيرية وأحداث كبرى، نتجادل ونتناحر فى قضايا فرعية ودون الهامشية، ثم نعطيها أبعاداً وأحجاماً لا تليق بها أو بنا.

فى النهاية.. إذا أردنا الخروج من الدائرة السابقة، فعلينا أن نعرف أولاً من نحن، وأين نقف الآن، وماذا نريد، والأهم كيف نفعل ذلك كله؟!

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: القضية مجلس الأمة التركي

إقرأ أيضاً:

جمعية الصناعيين: للاسراع باتخاذ اجراءات وقف تطبيق الضرائب والرسوم الاضافية في موازنة 2025

أشارت جمعية الصناعيين اللبنانيين برئاسة سليم الزعني في بيان، الى أن "مجلس الوزراء أصدر موازنة العام 2025 بمرسوم، علما ان مشروع قانون هذه الموازنة سبق ان أحيل الى مجلس النواب بموجب المرسوم رقم 14076 تاريخ 4-10-2024، لكن لم يتم توزيعه على النواب ولم تتم مناقشته في لجنة المال والموازنة النيابية وفي الهيئة العامة. وهذا الاجراء مستهجن وغير مقبول كون الموازنة تضمنت ضرائب ورسوما تعود صلاحية اقرارها لمجلس النواب" .

وأبدت الجمعية تفهمها "لاصدار موازنة اجرائية بموجب مرسوم من اجل تسيير المرفق العام واستمرار عمل الدولة ومنعا للصرف على اساس القاعدة الاثني عشرية، ولكن بشرط الا تتضمن ضرائب ورسوما يعود لمجلس النواب وحده الحق بفرضها".

وأعلنت أنها "حرصا منها على تحريك عجلة الإنتاج وديمومة العمل في القطاعات الإنتاجية، تسجل ملاحظاتها"، آملة من "الحكومة التي التزمت إطلاق النشاط الاقتصادي ان تأخذ بها فتعيد النظر في قرارها الأخير.

- فالموازنة تضمنت في احدى موادها، رسوما على المشروبات الكحولية المنتجة حصرا في لبنان، ولم تعمد إلى اعادة النظر فيها رغم مراجعاتنا، وهذه فضيحة بحد ذاتها، كونها وضعت رسما استهلاكيا على سلع منتجة محليا وفي قطاعات صناعية واعدة، مما سيؤدي حكما الى توقف المصانع عن انتاجها، وزيادة الكلفة على المواطن فضلا عن ضرب القطاع السياحي الذي بدأ يستعيد عافيته بعد الحرب. ويأتي مرسوم الحكومة في وقت تقوم فيه دول عدة، معروفة بتشددها في المنطقة، بتخفيف القيود على استهلاك المشروبات الكحولية، مما يجعل الامر مشبوها ويدفعنا إلى طرح السؤال حول ما إذا كان المطلوب تغيير وجه لبنان.

- كما ان هذه المادة طبقت رسم استهلاك، موجودا اساسا ضمن البنود الجمركية، على المشروبات الكحولية المستوردة. وبعد التدقيق، تبين ان رسم الاستهلاك هذا هو اقل من الرسم المفروض على المشروبات الكحولية المنتجة في لبنان، بحيث يجوز السؤال ايضا وايضا: هل المطلوب اقفال المصانع التي تنتج هذه المشروبات وتشريد عمالها؟

- أما المشروبات الغازية والعصائر التي يدخل السكر في انتاجها، فقد فُرض عليها رسم استهلاك يشكل 7% من سعرها، رغم انها من المواد الاستهلاكية الاساسية للفقراء ومحدودي الدخل. وقد تبيّن ان رسم الاستهلاك على الاستيراد والمنصوص عنه في الموازنة لا يدخل ضمن التعرفة الجمركية، التي تقتصر فقط على الرسم الجمركي المعفى منه الاستيراد من الدول العربية التي يرتبط معها لبنان باتفاقية التيسير العربية، مما يؤدي الى اغراق السوق اللبنانية بمنتجات هذه الدول. وهنا يُطرح السؤال ايضا، هل المطلوب اقفال مصانع انتاج هذه المواد وتسريح عمالها وانتقالها الى الدول العربية التي تقدم التسهيلات والحوافز للصناعة فيها، ومن ثم فتح السوق اللبناني امام الاستيراد؟".

وإذ استغربت جمعية الصناعيين اللبنانيين "عدم اخذ الحكومة السابقة بهذه الملاحظات وعدم مراعاتها للقطاع الصناعي وللمستهلكين"، طالبت "وزراء: المال والصناعة والاقتصاد والتجارة بالتحرك فورا ووقف المجزرة في حق الاقتصاد والصناعة الوطنيين وفي حق المواطن اللبناني، وعدم فرض ضرائب ورسوم جديدة دون دراسة الجدوى والاثر الاقتصادي، لان معظم الرسوم في هذه الموازنة سوف تؤدي الى انخفاض في الاستهلاك وفي الواردات من الضريبة على القيمة المضافة  TVA، بحيث تأتي النتائج معاكسة لما هو مرجو من تأمين واردات للخزينة، فضلا عن مغادرة شركات لبنانية وانتقالها الى دول الجوار" .

ولفتت الى أن "الخزينة حققت خلال العام 2024، ورغم الحرب، فائضا في ميزانيتها، حيث زادت الواردات عن النفقات، وكانت بصدد تحقيق نتائج مماثلة عام 2025، دون اللجوء الى فرض المزيد من الضرائب والرسوم الجديدة في الموازنة. والاصرار على فرض هذه الرسوم والضرائب يثير الشبهة ويدفعنا مجددا إلى السؤال: هل هذه الضرائب والرسوم هي لزيادة واردات الخزينة، أو هي لضرب الاقتصاد والاستهلاك الوطني واستطرادا النمو؟".

كما طالبت بـ"الاسراع في اتخاذ الاجراءات الآيلة إلى وقف تطبيق الضرائب والرسوم الاضافية في موازنة العام 2025 عن تلك الواردة في موازنة العام 2024، والمضي قدما بتعهد رئيس مجلس الوزراء بإحالة مشروع قانون معجل مكرر الى مجلس النواب لاعادة النظر فيها وإلغائها، تحت طائلة ان تتحمل الحكومة النتائج السلبية التي ستنجم عن هذه الاجراءات المجحفة على الاقتصاد والقطاعات الإنتاجية كما على خزينة الدولة على السواء".

مقالات مشابهة

  • أمير الحدود الشمالية يُشارك أبناء جمعية رؤوف للأيتام مأدبة الإفطار
  • جمعية “إيتاء” تطلق ثلاث مبادرات مجتمعية في بيشة
  • جمعية الصناعيين: للاسراع باتخاذ اجراءات وقف تطبيق الضرائب والرسوم الاضافية في موازنة 2025
  • طالب بن صقر يستقبل منتسبي جمعية شمل للفنون
  • انتخاب مجلس إدارة جمعية "الأطفال ذوي الإعاقة"
  • جمعية الصحفيين الإماراتية تكرّم جريدة «الخليج» لمساهمتها الإعلامية الفعالة
  • جنوب الشرقية تدشن "القبعة الذكية" لتعزيز السلامة المهنية
  • استعراض مستجدات مشروع تطوير قرية وكان
  • جمعية "إحسان" تفوز بجائزة عربية للابتكار الاجتماعي
  • جمعية الصداقة الليبية المغربية: مغاربة ليبيا في أوضاع هشة ويطالبون بالعودة