بوابة الوفد:
2024-10-06@08:30:00 GMT

أزمة القبعة والطربوش

تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT

عندما تجد نفسك أمام أزمة مرَّ عليها قرن من الزمان، وبعد قراءة تفاصيل تلك القضية وأبعادها وطريقة تناولها، تكتشف أننا ما زلنا هناك غرقى وأسرى لذات الدوامة، فتنتقل من الدهشة إلى الذهول، ثم ترتدى ثوب الخجل كلما رأيت الدوران فى فلك القبعة والطربوش لا يزال مستمراً.. وإليكم تفاصيل الأزمة من البداية.

فى 1925 أقر مجلس الأمة التركى «قانون القبعة»، وهو قانون يمنع الرجال من ارتداء الطربوش والعمامة، ويجبرهم على ارتداء «البرنيطة»، وكان السجن عقوبة المخالفين، ووصل الأمر لإعدام البعض بسبب إصرارهم على رفض ارتداء هذه القبعات.

انتقلت عدوى هذا القانون إلينا، وظهرت فى مصر أزمة كبيرة وصلت ذروتها عام 1926، وانقسم الناس حول مسألة خلع الطربوش واستبداله بالقبعة، ودخل الكتَّاب والمفكرون فى سجالات عنيفة، وأخذت القضية رغم بساطتها أبعاداً سياسية واجتماعية ودينية، ووصل المساس بالطربوش إلى المساس بالروح القومية لمصر وهويتها، ليرى البعض أن لبس القبعة فتنة وبدعة وخيانة وطنية!

وأصبحنا أمام أزمة ثلاثية بين العمامة والقبعة والطربوش، بعد النزعة القوية التى أظهرها طلبة «دار العلوم» باستبدال الجبة والقفطان والعمامة بالسترة والبنطلون والطربوش، وصرنا أمام شاشة عرض كبيرة يظهر فيها من يؤيد ومن يعارض، ومن ألبسه الخوف ثياب التردد، فيقذف الكرة بعيداً عنه، ومن يمسك العصا من المنتصف ويؤثر السلامة، ومن يقف مشاهداً ينتظر «تتر» النهاية ليتعامل معها أياً كانت والسلام!

ولكى تشعر بمدى أهمية هذه القضية حينها، خطب صاحب العزة الأستاذ هلباوى بك أمام جمعية «الرابطة الشرقية» كما وصفته جريدة «السياسة الأسبوعية»، يقول: «بالرغم مما عندى من المشاغل خصوصاً فى الوقت الذى تضاعفت فيه بالاشتراك فى المزاحمات الانتخابية، رأيت أن أتخلى وقتاً ما لأحدثكم عن رأيى فى مسألة الأزياء التى أوشكت أن تدخل فى عداد المسائل الاجتماعية الكبرى»، ثم شرح الأستاذ «هلباوى» بك فى هذا الخطاب الطويل رأيه وما يراه.

يقول الكاتب الكبير جمال بدوى فى كتابه «المصور شاهد عيان على الحياة المصرية»: «إن مجلة «الهلال» فطنت إلى أن الجدال بين أنصار الطربوش وأنصار القبعة هو فى الحقيقة جدال بين عقليتين تتنازعان أقطار الشرق العربى فى ذلك الوقت»، فقامت «الهلال» باستطلاع رأى اثنين من كبار الكتَّاب، أحدهما يدافع عن الطربوش وهو الأستاذ مصطفى صادق الرافعى، وكان رأيه أن الطربوش لم يضِق، وإنما ضاقت العقول أو ضاقت الأخلاق، وأن هذه الأمة منكوبة بالتقليد والمقلدين، أما الرأى الآخر الذى يناضل عن القبعة فكان للكاتب الدكتور محمود عزمى، وكان دفاعه فى إطار إيمانه الشديد بكل مظاهر الحياة الأوروبية، وكان أول من ارتدى القبعة بعد قرار جمعية الأطباء أن الطربوش لباس غير صحى.

بعد عرض وجهتى النظر المؤيدة والمعارضة، ننتقل إلى جمعية الرابطة الشرقية، وهى جمعية هدفها التنوير والتقارب بين الأمم الشرقية، وكان من المنتظر أن تصدر قراراً حاسماً فى هذا الجدل، لكنها آثرت التهرب من القرار حتى لا تتورط فى الانحياز إلى القبعة ضد العمة والطربوش، فتُتهم بالخروج عن الشريعة، فأحالت الموضوع إلى جمعية الأطباء..«يعنى رمت الكرة بعيداً عنها بطريقة شيك»!

المهم.. أن الجمعية الطبية اجتمعت بعد هذه الإحالة، وقالت إن الطربوش لباس غير صالح، ويجب أن يحل محله لباس آخر يقى البصر من أشعة الشمس ويقى مؤخر الرأس ضربتها، ثم واصلت وصف هذا الغطاء وكيف يكون، دون أن تشير صراحة إلى القبعة، واللافت للانتباه هنا أن جمعية الأطباء أصدرت هذا القرار وأعضاؤها يرتدون الطربوش!.. «مبدأ امسك العصاية من النص وخليك حويط».

الغريب أنه وسط قضايا كبرى مثل معركة الاستقلال ومحاربة الإنجليز فى تلك الفترة، تأخذ مسألة القبعة والطربوش هذه الأبعاد والأحجام والخلافات والاختلافات والتناحر وتبادل الاتهامات بالخيانة، والأغرب أننا بعد مرور مائة عام نفعل الشىء ذاته، فنجد أنفسنا وسط قضايا مصيرية وأحداث كبرى، نتجادل ونتناحر فى قضايا فرعية ودون الهامشية، ثم نعطيها أبعاداً وأحجاماً لا تليق بها أو بنا.

فى النهاية.. إذا أردنا الخروج من الدائرة السابقة، فعلينا أن نعرف أولاً من نحن، وأين نقف الآن، وماذا نريد، والأهم كيف نفعل ذلك كله؟!

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: القضية مجلس الأمة التركي

إقرأ أيضاً:

تعرف على احتفالات جمعية مصر الجديدة بذكرى انتصارات حرب أكتوبر

تنظم جمعية مصر الجديدة برئاسة الدكتور نبيل حلمي، مجموعة من الفعاليات تحت عنوان عبقرية الجندي المصري، الذى يعد خير اجناد الأرض، بمناسبة انتصارات حرب أكتوبر المجيدة.
قال الدكتور نبيل حلمي، ان الجندي المصرى هو خير اجناد الأرض باعتراف التاريخ وشهد له العدو قبل الصديق، واستطاع ان يحقق أمن البلاد وحماية اراضيها منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى اليوم، مضيفًا وهو الجيش الذى  يجنح للسلام ولا يخوض المعارك الا للدفاع عن وطنه وشعبه وخاض معارك تدرس فى اكاديميات العالم العسكرية من عبقرية التخطيط إلى دقة  التنفيذ.
اشار حلمي، الى ان مكتبة المستقبل العامة تنظم فى الساعة السابعة مساء غدٍ، السبت، معرض للكتاب بعنوان "اقرأ واكتشف حرب اكتوبر"، يضم حوالى ٣٠ عنوان من الكتب التى تناولت استراتيجية حرب أكتوبر التي وصلتنا إلى الانتصار العظيم لكبار الكتاب العسكريين.

كما تنظم مكتبة المستقبل للطفل يوم السبت ١٢  أكتوبر، ورشة حكي تروي حكايات وقصص الانتصار العظيم 
ومشاهد من بطولات الجيش المصري، وبسالة الجنود وعزيمتهم، خلال حرب أكتوبر، وإيمانهم بحقهم، وضرورة استرداده، و التطرق لبعض بطولات القادة في أكتوبر.

بينما تنظم مكتبة مصرالجديدة العامة الساعة الخامسة مساء غدٍ، السبت قراءات فى كتاب" جولدا مائير والاعتراف بالهزيمة"، فى ندوة للدكتور جمال شقره أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس ومستشار الجامعة لشئون الدراسات السياسية والاستراتيجية .
وفي السياق ذاته تنظم مكتبة مصر الجديدة للطفل، الساعة ١١ صباح غدٍ، السبت، ورشة انتصارات أكتوبر وهى ورشة عمل للاطفال يتم تصميم لوحة لانتصارات أكتوبر، بأستخدم الخامات الطبيعية فى تصميم اللوحة، وذلك لتعريف الاجيال الحالية بحرب أكتوبر وكيف انتصر الجندي المصري على الأعداء لتكون لهم قدوة ولتنمية الحس الوطني لديهم.
كما تنظم مكتبة مصر الجديدة للطفل، رحلة الى المتحف الجوي و بانوراما 6 اكتوبر تشمل جولة بساحة العرض المكشوف دخول القاعات الداخلية والبهو الداخلي دخول القاعة البانورامية قاعة الصمود والتحدي قاعة العبور
وجولة ‏(‎متحف القوات الجوية المصرية Egyptian Air Force Museum‎)، تشمل عرض خارجي للطائرات وعرض متحفي داخلي للطائرات محاكي الطائرة، وجوله حول المعالم الاثرية و السياحية وورشة طائرات .

مقالات مشابهة

  • ميدو: الهلال مرعبين وكان المتوقع انتصاره برغم تقدم الأهلي .. فيديو
  • اللافي: قرار تشكيل مجلس إدارة جمعية الدعوة الإسلامية مخالف للتشريعات
  • جمعية الرابطة الخيرية للسريان الكاثوليك تكرم الناجحين بالشهادتين الإعدادية والثانوية
  • “وأما الجدار فكان لغلامين…. وكان أبوهما صالحا”
  • جمعية اهالي ضحايا انفجار المرفأ: مع كل غارة تعود ذكريات 4 آب لتفتح جراحنا من جديد
  • تعز.. اجتماع يناقش سبل تفعيل جمعية التعزية التعاونية الزراعية
  • تعرف على احتفالات جمعية مصر الجديدة بذكرى انتصارات حرب أكتوبر
  • جمعية خبراء الضرائب: الحوافز الضريبية تزيد إنتاج الطاقة المتجددة
  • جمعية الخبراء: الحوافز الضريبية تزيد إنتاج الطاقة المتجددة وتنهي أزمة الكهرباء
  • وفد من جمعية هدية عالِم يزور الهلال ويُعرّف بمحترفيه برسالة الإسلام والقيم الوطنية