الإخوان الإرهابية ومسيرة التلون والتواطؤ (١٠٨)
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
نستكمل حديثنا اليوم مع التصريحات المتضاربة من قيادات الجماعة حول جمال مبارك ووضعيته فى الحياة السياسية المصرية، فصرح عاكف بأن الإخوان يرفضون التوريث نهائياً، لكن إنهم يوافقون على ترشيح جمال مبارك كمواطن لأن له الحق الدستورى فى ذلك، ولكن بعد أن يترك والده القصر الجمهورى، لنرى إذا كان الشعب سيختاره دون تأثير من نفوذ والده أم لا، وفى يناير ٢٠١٠ أى قبل الثورة بعام واحد فقط، كان محمد بديع يتحدث إلى قناة الجزيرة عبر مدير مكتبها فى القاهرة وقتها، ورد بديع: لا نعارض ترشيح الأستاذ جمال، مثله مثل أى مواطن شريطة ألا يتميز عن أى مواطن مصرى فى طريقة العرض على الشعب، وبآلية تسمح بالاختيار الحر النزيه دون ضغط أو قهر، ستقول عزيزى القارئ هنا إن كلامهم واضح، فهم يرفضون التوريث، لكنهم لا يريدون أن يصادروا على حق جمال مبارك فى الترشح للرئاسة، لأنه فى النهاية مواطن مصرى مثل أى مواطن آخر له نفس الحقوق والواجبات، هذا هو ظاهر القول، أما باطنه ففيه كلام كثير يمكن أن يقال، أولاً على مستوى التفسير، وهو ما تبناه كثيرون فيما يتعلق بتصريحات قيادات الإخوان عن جمال مبارك، فقد تلقت المجموعة المحيطة بجمال هذه التصريحات على أنها محاولة من الإخوان لمساندته حتى يصل إلى الحكم، وبعدها يمكن أن ينقلبوا عليه، لأنهم يعتقدون أنه سيكون أكثر ضعفاً من أبيه، وعليه يسهل افتراسه لتخلو لهم الساحة السياسية تماماً بعد ذلك، ولذلك زادت هذه التصريحات جمال مبارك نفوراً من الجماعة، وزادته تشككاً فى نواياهم تجاهه.
ثانياً على مستوى محاولة التواصل مع جمال مبارك والمجموعة المحيطة به، وهنا يمكن أن نعود قليلا إلى العام ٢٠٠٤، وهو العام الذى يمكن أن نقول إن الجماعة بدأت فيه التفكير فى فتح قنوات اتصال مع جمال مبارك، وكان لابد أولا أن تخترق الدائرة القريبة المحيطة به، ولم يكن هناك هدف أسهل من أمانة السياسات التى كان يرأسها جمال، فى هذا العام كان خيرت الشاطر هو النائب الثانى لجماعة الإخوان، بحث عن منفذ يعبر من خلاله إلى جمال مبارك، وكان أن عثر الشاطر على عادل عفيفى مسؤول اللجنة السياسية للإخوان فى محافظة الجيزة، كان لعادل شقيق داخل أمانة السياسات، رجل أعمال من رجال الحزب الوطنى ومقرب من جمال مبارك، وقد استطاع أن يمهد الطريق للإخوان المسلمين على الأقل من أجل أن يسمع جمال منهم بدلا من أن يسمع عنهم، استغرق إقناع جمال مبارك ما يقرب من عامين من أجل الجلوس مع جماعة الإخوان المسلمين، وتم بالفعل تحديد موعد معه العام ٢٠٠٦، لكنه لم يأت هذه المرة عن طريق عادل عفيفى، بل عن طريق أسامة فريد عبدالخالق ابن القيادى الإخوانى الراحل الكبير والذى كان من بين الرعيل الأول للجماعة الذين رافقوا حسن البنا وهو أيضا رجل أعمال وكانت تربطه علاقات صداقة وبيزنس مع رجال الحزب الوطنى.
تحددت أسماء من سيحضرون لقاء جمال مبارك من قبل الجماعة، وكانوا الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح وعصام العريان والدكتور محمد على بشر، وأغلب الظن أن هذا هو اللقاء الذى كان يشير له محمد حبيب، وهو ما يعنى من زاوية معينة أن حبيب لم يكن مطلعاً على كثير مما يحدث داخل الجماعة، وأن خبر اللقاء الذى أشيع بين أبوالفتوح وجمال مبارك، لم يكن إلا لقاء تم الاتفاق عليه بمعرفة قيادات الجماعة، وقفت الأقدار دون أن يتم هذا اللقاء، فقبل الموعد المحدد، قام طلاب الإخوان فى جامعة الأزهر بعرض رياضى استعرضوا فيه إمكانياتهم، وتم تصوير الأمر على أن الجماعة تستعرض ميليشياتها العسكرية لتخويف المجتمع والتأكيد على أنها جاهزة للمواجهة مع النظام فى أى وقت، فتم إلغاء الموعد، لتبدأ حرب علنية بين النظام والإخوان، دخل على إثرها خيرت الشاطر وأكثر من ٣٥ قياديًا إخوانيًا السجون على ذمة قضية غسل الأموال التى أدين فيها معظمهم.. وللحديث بقية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاخوان الارهابية جمال مبارك السياسية المصرية جمال مبارک یمکن أن
إقرأ أيضاً:
منشقون عن الجماعة: «السوشيال ميديا» سلاح الإخوان لنشر الشائعات
أساليب خاصة تتبعها جماعة الإخوان الإرهابية، في بث سمومها وأفكارها الخبيثة، ونشر شائعاتها وأكاذيبها بغرض إثارة الفتن وزعزعة استقرار الأوطان، بخلاف أساليبها في استقطاب الشباب وتجنيدهم على طريقة شباك العنكبوت التي يفاجئ الآخرين بأنهم بداخلها ويجدوا أنفسهم في لحظة عناصر إخوانية تجاهد في سبيل أفكار مسمومة.
وتحدث عدد من المنشقين عن الجماعة الإرهابية عن أدوات التنظيم في نشر الشائعات وإثارة الفتن، وكيفية استقطاب الشباب إليها، ومن هؤلاء المنشقين كان سامح فايز، العضو السابق بتنظيم الإخوان، والباحث فى شئون الإسلام السياسي، الذي كشف العديد من أسرار التنظيم في تصريحات خاصة لـ«الوطن».
أكاذيب الإخوانقال «فايز» إن الجماعة الإرهابية تستخدم الـ«سوشيال ميديا» أو ما يُعرف بالإعلام الجديد، حيث يملك التنظيم قوة فعلية في هذا الاتجاه، لذلك يجب على الجميع تحري الدقة جيدًا بالنسبة لأي أخبار غير دقيقة تنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشددًا على ضرورة التعامل مع الأخبار من المصادر الموثوقة والرسمية.
وكشف عبدالمعطى رجب، أحد أعضاء الإخوان المنشقين عنها في الشرقية، كيف يستقطب قيادات التنظيم الشباب ليصبحوا أعضاء بها، قائلا إنه في طفولته بينما كان في الثالثة عشر من عمره نشأ في منزل محافظ ومداوم على الصلوات في المسجد، وفي إحدى المرات قابله أحد شباب الجماعة، وحاول استقطابه لحضور جلسات أُسر تربوية فى المسجد.
استقطاب الشبابالفضول كان السبب في تشجيع «عبدالمعطى» لحضور هذه الجلسات، خاصة بعدما علم أن بعض زملائه في المدرسة يحضرون هذه الجلسات، فشجعه هذا على الاستمرار، ومع استخدام الإخوان لبعض الوسائل استطاعوا أن يجبروه على الاستمرار عن طريق «التحفيز بالهدايا والجوائز» لمن يداوم على الحضور، ولمن يذهب إلى زميله كي يذكره بمواعيد هذه الجلسات، بجانب الأنشطة التي تجذب من هم في أعمارنا، مثل الدورات الرياضية والمسابقات الدينية.
وأوضح أن الجماعة لها طريقة خاصة في تربية أبنائها، وتغرس بداخلهم مجموعة من القيم والأفكار الثابتة التي لا يوجد أي شخص انتمى لهم إلا وتجده مؤمناً بهذه الأفكار، منها على سبيل المثال أن الإسلام مستهدف، وأن الحرب على الإسلام عالمية وكونية من الغرب، واستخدام نظرية الإبهار بتاريخ الجماعة وقياداتها، وتصويرها على أنها جماعة ملائكية تعمل للإسلام بشموله، ثم «اكتشفت بعد ذلك عكس هذا الكلام تماما»، مشيرًا إلى أن الكذب والشائعات متأصل فى تاريخ الإخوان، فهم دائماً يرسخون لدى أتباعهم قاعدة «جواز الكذب من أجل مصلحة الدعوة».