في خضم تناولنا التحليلي لسلبيات وإيجابيات قرار حكومة السُودان الأخير بفتح الحدود والمعابر مع الجارتين الإستراتيجيتين “اريتريا وأثيوبيا”، مُحذرين من المهددات و المخاطر الأمنية “المتوارثة و المُستمرة” والتي كانت ولا زالت إحدى مغذيات الصراعات الحدودية وتدهور العلاقات والتوتر الأمني مع أثيوبيا وإريتريا على السواء.

في هذا الصدد مدني مشكوراً، الدكتور والخبير الاقليمي سعادة اللواء شرطة “محمود سليمان” بتقرير استقصائي إستراتيجي في غاية الأهمية والخطورة ، صادر عن وكالة فرانس برس الإخبارية في 30 أغسطس الماضي تحت عنوان (تجارة الأسلحة المظلمة تزدهر مع احتدام الحرب في شرق السودان).

تكمن أهمية التقرير في عملية الربط المنطقية والمقنعة بتوسع دائرة التهديد والخطر جراء الحرب الدائرة في الخرطوم ، وخطوط إمداد الميلشيات القادمة عبر جهة الشرق عبر سهول البطانة الشاسعة والواصلة بين حدودنا الشرقية ومداخل ولاية الخرطوم الشرقية من النيل.

التقرير يؤكد على ما ذهبنا إليه بخصوص توصياتنا السابقة، والخاصة بضرورة إعادة النظر في الخطط والتصورات القديمة الموضوعة من أجل الضبط الحدودي “الآحادي” ،ومواكبة تطور التهديد الذي يُحتم “الشراكة الذكية ” مع دول الجوار المتضررة.

أيضاً التقرير وإن كان ظاهره التركيز بشكل أساسي على السودان ، ولكن بعد قراءته وتحليله نجد أن دولتي الجوار وبالأخص “إريتريا” مواجهة بذات التهديد بشكل متساوي ، خصوصاً وأن مناخها السياسي والاقتصادي الداخلي وواقعها الحدودي مهيأ تماماً للإنهيار إثر تداعيات وتبعات هذا التهديد .

ولأهمية التقرير سنعيد نشر أهم محاوره ذات الصلة:

بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على الحرب المدمرة في السودان، يكافح تجار الأسلحة لمواكبة الطلب على التجارة سريعة النمو بتكلفة مميتة، “كلاشينكوف؟ بندقية؟ مسدس؟” وقال تاجر يبلغ من العمر 63 عاماً، يُدعى ود الضو، وهو يعرض بضاعته في سوق قرب حدود السودان مع اثيوبيا واريتريا “الطلب على الأسلحة ارتفع كثيراً لدرجة أننا لا نستطيع تلبيته.”

ويقول تجار الأسلحة إن الأسعار ارتفعت بشكل كبير، في حين أبلغت السلطات الموالية للجيش مراراً وتكراراً عن ضبط أسلحة “متطورة”.

وفي 10 أغسطس ، قالت وسائل الإعلام الرسمية إن تبادلاً لإطلاق النار اندلع في مدينة كسلا بشرق البلاد بين جنود ومهربين على شاحنات محملة بالأسلحة المتجهة إلى قوات الدعم السريع.

وقال مسؤول أمني إن هذه واحدة من “ثلاث عمليات ضبط كبيرة للأسلحة متقدمة ” في كسلا وبالقرب من ميناء سواكن على البحر الأحمر، وقال لوكالة فرانس برس شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام: “هذا بالإضافة إلى عمليات أصغر”.

لكن المهربين يقولون إن السلطات غير قادرة على وقف تدفق الأسلحة وقال الضو: “كنا نتلقى شحنات كل ثلاثة أشهر، لكننا الآن نحصل على شحنات كل أسبوعين”. وحتى قبل الحرب، حاولت السلطات الحد من التدفق الجماعي للأسلحة.

وبحلول نهاية عام 2022م قدرت لجنة حكومية مكلفة بجمع الأسلحة غير القانونية أن مواطني السودان البالغ عددهم 48 مليون نسمة لديهم خمسة ملايين قطعة سلاح في أيديهم.

ولا يشمل ذلك تلك “التي تسيطر عليها الجماعات المتمردة” في ولايات دارفور الغربية والجنوبية وجنوب كردفان والنيل الأزرق، والتي تخدمها طرق تهريب متجذرة.

لكن صالح، وهو تاجر أسلحة آخر رفض الكشف عن اسمه الحقيقي، قال إن العديد من “الوجوه الجديدة” ظهرت منذ بدء الحرب في محاولة لكسب المال بسرعة وقال الرجل البالغ من العمر 35 عاما إنها “سوق ناشئة” بعد أن خرج من سيارته الجديدة ذات الدفع الرباعي ومعه هاتفيه الذكيين.

وقال صالح الطلب مرتفع مع تصاعد الحرب، وإن مثل هذه العروض للقوة مكلفة، حيث ارتفع سعر الكلاشينكوف “من 850 دولاراً قبل الحرب إلى 1500 دولار للبندقية الواحدة”،الأسلحة الأكثر تقدماً هي أكثر تكلفة.

وتباع بندقية أميركية من طراز M16 بمبلغ 8500 دولار، ويباع سلاح ناري إسرائيلي ثمين بمبلغ يصل إلى 10000 دولار، وعندما سئل من أين جاءت أسلحته، قطع صالح المحادثة وقال ببساطة “البنادق الرشاشة والبنادق الهجومية… تأتي من البحر الأحمر” ورفض تقديم تفاصيل عن طريق الإمداد.

بينما قال المسؤول الأمني أن تدفق الأسلحة بسبب ان “المهربين يستغلون الحرب في اليمن والوضع في الصومال” للقيام بأعمالهم عبر جنوب البحر الأحمر، وأضاف أن “هذه الجماعات مرتبطة بشبكات دولية لتجارة الأسلحة وتتمتع بقدرات هائلة”. * وقال المسؤول إنه على طول الساحل جنوب طوكر قرب إريتريا، يستغل المهربون “الوجود الأمني الضعيف”، ويستخدمون “موانيء معزولة وتضاريس وعرة لا يستطيع الآخرون الوصول إليها”، وأضاف أن “المنطقة الحدودية كانت دائما مفترق طرق لصفقات الأسلحة بفضل الجماعات المسلحة الإثيوبية والإريترية التي تقاتل حكومتيهما”، ثم تلتقي الروافد في نقطة واحدة وهي منطقة الباطنة ذات الكثافة السكانية المنخفضة الواقعة بين رافد عطبرة و ولاية النيل الأزرق.

يبيع “الضو” وزملاءوه المهربين شحناتهم لعملاء يصفهم بأنهم “مزارعون ورعاة يريدون أسلحة لحماية أنفسهم”، وتصر السلطات على أن الأسلحة التي عثرت عليها في شرق البلاد تم إرسالها إلى قوات الدعم السريع، التي ترفض بشكل قاطع أي شكل من أشكال التجارة غيرالمشروعة.

(خلاصة القول ومنتهاه) :

– من الأسلم (للسودان وإرتريا) ، عدم التشبث ببراثن سياسات أضرت بالطرفين دون نفع لطرف ، نتيجتها كانت إضعاف الدولتين، وتسهيل وقوعهما معاً فى شباك القوى الخارجية .
– واحدة من إيجابية التحولات الإقليمية وحرب الخرطوم الحالية، انها وحدت بين مصاب الدولتين ومهدداتهما ، ولا فكاك او مخرج إلا بتداركهما الخطر ، بنسيان الماضي بكل سلبياته وبناء جدار من الإرادة وثقة لإعادة العلاقات بين البلدين لطبيعتها والتأسيس لشراكات إستراتيجية وذكية .

المصدر:
https://www.barrons.com/news/in-sudan-s-east-murky-arms-trade-thrives-as-war-rages-d843fb30

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: الحدود خبر فتح وتحليل

إقرأ أيضاً:

سفارة السودان بلندن تحتفل بالطلاب السودانيين المقبولين في منحة شيفيننج البريطانية للدراسات العليا للعام ٢٠٢٤م – صورة

أحتفلت سفارة السودان بلندن مساء الاحد بمقر البعثة بطلاب الدراسات العليا السودانيين المتميزين المقبولين لدرجة الماجستير في تخصصات مختلفة في عدد من اعرق الجامعات البريطانية ضمن برنامج منح شفيننج، والذي يتنافس عليه الطلاب من جميع دول العالم. ويبلغ عددهم 16 طالبا وطالبة في تخصصات تشمل الطب والهندسة والمعلوماتية والذكاء الاصطناعي والعلوم الإدارية والأنسانية.وأشاد السفير بابكر الصديق محمد الأمين، رئيس البعثة، بالنجاح الباهر الذي حققه ه‍ؤلاء النفر من أبناء وبنات السودان النابهين، وتحقيقهم لمراكز متقدمة في المنافسة المفتوحة والحصول على عدد كبير من المنح المتاحة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. وقال إن هذه الكوكبة من شباب السودان الناهض سيكون لها إسهامها المقدر في جهود إعادة البناء بالسودان، بعد ان ينهلوا من المعرفة والخبرة في الجامعات العريقة التي التحقوا بها.وقدم السفير تنويرا للطلاب حول آخر التطورات في البلاد، شارك فيه العميد ركن سانتو أبو زيد الملحق العسكري بالبعثة. ودار حوار مع الطلاب حول الدور الذي يمكن أن يلعبوه للتعريف بحقيقة ما يجري في السودان.ستواصل السفارة جهودها للإهتمام بالطلاب السودانيين في الجامعات البريطانية سواء المقبولين على منح أو على النفقة الخاصة بغية تذليل أي عقبات تواجههم ولربطهم بالهم الوطني العام.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • تحذير أممي من عنف جنسي وبائي ضد النساء في السودان
  • “المنفي” يجتمع برئيس الأركان ولجنة ترسيم الحدود لمتابعة أوضاعها الأمنية والفنية
  • «المنفي» يجتمع مع لجنة ترسيم الحدود لمتابعة أوضاعها الأمنية والفنية
  • سفارة السودان بلندن تحتفل بالطلاب السودانيين المقبولين في منحة شيفيننج البريطانية للدراسات العليا للعام ٢٠٢٤م – صورة
  • حرب الكيزان – مليشيات الكيزان: المشهد الختامي لنهاية الحركة الإسلامية في السودان 
  • مصر والسعودية تختتمان مناورات “السهم الخارق 2024” المشتركة
  • المليشيا المتمردة تعاني من انهيار كلي ومتسارع
  • آلاف النازحين في شندي يعانون ظروفا صحية صعبة – فيديو
  • رئيس الوزراء العراقي: وجهنا وزارة الخارجية بمتابعة ملف التهديد الإسرائيلي في المحافل الدولية
  • دوريات الأفواج الأمنية بمنطقة جازان تقبض على مخالف لنظام أمن الحدود لتهريبه نبات القات المخدر