خبر وتحليل – فتح الحدود.. وتنامي المهددات الأمنية المشتركة – عمار العركي
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
في خضم تناولنا التحليلي لسلبيات وإيجابيات قرار حكومة السُودان الأخير بفتح الحدود والمعابر مع الجارتين الإستراتيجيتين “اريتريا وأثيوبيا”، مُحذرين من المهددات و المخاطر الأمنية “المتوارثة و المُستمرة” والتي كانت ولا زالت إحدى مغذيات الصراعات الحدودية وتدهور العلاقات والتوتر الأمني مع أثيوبيا وإريتريا على السواء.
في هذا الصدد مدني مشكوراً، الدكتور والخبير الاقليمي سعادة اللواء شرطة “محمود سليمان” بتقرير استقصائي إستراتيجي في غاية الأهمية والخطورة ، صادر عن وكالة فرانس برس الإخبارية في 30 أغسطس الماضي تحت عنوان (تجارة الأسلحة المظلمة تزدهر مع احتدام الحرب في شرق السودان).
تكمن أهمية التقرير في عملية الربط المنطقية والمقنعة بتوسع دائرة التهديد والخطر جراء الحرب الدائرة في الخرطوم ، وخطوط إمداد الميلشيات القادمة عبر جهة الشرق عبر سهول البطانة الشاسعة والواصلة بين حدودنا الشرقية ومداخل ولاية الخرطوم الشرقية من النيل.
التقرير يؤكد على ما ذهبنا إليه بخصوص توصياتنا السابقة، والخاصة بضرورة إعادة النظر في الخطط والتصورات القديمة الموضوعة من أجل الضبط الحدودي “الآحادي” ،ومواكبة تطور التهديد الذي يُحتم “الشراكة الذكية ” مع دول الجوار المتضررة.
أيضاً التقرير وإن كان ظاهره التركيز بشكل أساسي على السودان ، ولكن بعد قراءته وتحليله نجد أن دولتي الجوار وبالأخص “إريتريا” مواجهة بذات التهديد بشكل متساوي ، خصوصاً وأن مناخها السياسي والاقتصادي الداخلي وواقعها الحدودي مهيأ تماماً للإنهيار إثر تداعيات وتبعات هذا التهديد .
ولأهمية التقرير سنعيد نشر أهم محاوره ذات الصلة:
بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على الحرب المدمرة في السودان، يكافح تجار الأسلحة لمواكبة الطلب على التجارة سريعة النمو بتكلفة مميتة، “كلاشينكوف؟ بندقية؟ مسدس؟” وقال تاجر يبلغ من العمر 63 عاماً، يُدعى ود الضو، وهو يعرض بضاعته في سوق قرب حدود السودان مع اثيوبيا واريتريا “الطلب على الأسلحة ارتفع كثيراً لدرجة أننا لا نستطيع تلبيته.”
ويقول تجار الأسلحة إن الأسعار ارتفعت بشكل كبير، في حين أبلغت السلطات الموالية للجيش مراراً وتكراراً عن ضبط أسلحة “متطورة”.
وفي 10 أغسطس ، قالت وسائل الإعلام الرسمية إن تبادلاً لإطلاق النار اندلع في مدينة كسلا بشرق البلاد بين جنود ومهربين على شاحنات محملة بالأسلحة المتجهة إلى قوات الدعم السريع.
وقال مسؤول أمني إن هذه واحدة من “ثلاث عمليات ضبط كبيرة للأسلحة متقدمة ” في كسلا وبالقرب من ميناء سواكن على البحر الأحمر، وقال لوكالة فرانس برس شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام: “هذا بالإضافة إلى عمليات أصغر”.
لكن المهربين يقولون إن السلطات غير قادرة على وقف تدفق الأسلحة وقال الضو: “كنا نتلقى شحنات كل ثلاثة أشهر، لكننا الآن نحصل على شحنات كل أسبوعين”. وحتى قبل الحرب، حاولت السلطات الحد من التدفق الجماعي للأسلحة.
وبحلول نهاية عام 2022م قدرت لجنة حكومية مكلفة بجمع الأسلحة غير القانونية أن مواطني السودان البالغ عددهم 48 مليون نسمة لديهم خمسة ملايين قطعة سلاح في أيديهم.
ولا يشمل ذلك تلك “التي تسيطر عليها الجماعات المتمردة” في ولايات دارفور الغربية والجنوبية وجنوب كردفان والنيل الأزرق، والتي تخدمها طرق تهريب متجذرة.
لكن صالح، وهو تاجر أسلحة آخر رفض الكشف عن اسمه الحقيقي، قال إن العديد من “الوجوه الجديدة” ظهرت منذ بدء الحرب في محاولة لكسب المال بسرعة وقال الرجل البالغ من العمر 35 عاما إنها “سوق ناشئة” بعد أن خرج من سيارته الجديدة ذات الدفع الرباعي ومعه هاتفيه الذكيين.
وقال صالح الطلب مرتفع مع تصاعد الحرب، وإن مثل هذه العروض للقوة مكلفة، حيث ارتفع سعر الكلاشينكوف “من 850 دولاراً قبل الحرب إلى 1500 دولار للبندقية الواحدة”،الأسلحة الأكثر تقدماً هي أكثر تكلفة.
وتباع بندقية أميركية من طراز M16 بمبلغ 8500 دولار، ويباع سلاح ناري إسرائيلي ثمين بمبلغ يصل إلى 10000 دولار، وعندما سئل من أين جاءت أسلحته، قطع صالح المحادثة وقال ببساطة “البنادق الرشاشة والبنادق الهجومية… تأتي من البحر الأحمر” ورفض تقديم تفاصيل عن طريق الإمداد.
بينما قال المسؤول الأمني أن تدفق الأسلحة بسبب ان “المهربين يستغلون الحرب في اليمن والوضع في الصومال” للقيام بأعمالهم عبر جنوب البحر الأحمر، وأضاف أن “هذه الجماعات مرتبطة بشبكات دولية لتجارة الأسلحة وتتمتع بقدرات هائلة”. * وقال المسؤول إنه على طول الساحل جنوب طوكر قرب إريتريا، يستغل المهربون “الوجود الأمني الضعيف”، ويستخدمون “موانيء معزولة وتضاريس وعرة لا يستطيع الآخرون الوصول إليها”، وأضاف أن “المنطقة الحدودية كانت دائما مفترق طرق لصفقات الأسلحة بفضل الجماعات المسلحة الإثيوبية والإريترية التي تقاتل حكومتيهما”، ثم تلتقي الروافد في نقطة واحدة وهي منطقة الباطنة ذات الكثافة السكانية المنخفضة الواقعة بين رافد عطبرة و ولاية النيل الأزرق.
يبيع “الضو” وزملاءوه المهربين شحناتهم لعملاء يصفهم بأنهم “مزارعون ورعاة يريدون أسلحة لحماية أنفسهم”، وتصر السلطات على أن الأسلحة التي عثرت عليها في شرق البلاد تم إرسالها إلى قوات الدعم السريع، التي ترفض بشكل قاطع أي شكل من أشكال التجارة غيرالمشروعة.
(خلاصة القول ومنتهاه) :
– من الأسلم (للسودان وإرتريا) ، عدم التشبث ببراثن سياسات أضرت بالطرفين دون نفع لطرف ، نتيجتها كانت إضعاف الدولتين، وتسهيل وقوعهما معاً فى شباك القوى الخارجية .
– واحدة من إيجابية التحولات الإقليمية وحرب الخرطوم الحالية، انها وحدت بين مصاب الدولتين ومهدداتهما ، ولا فكاك او مخرج إلا بتداركهما الخطر ، بنسيان الماضي بكل سلبياته وبناء جدار من الإرادة وثقة لإعادة العلاقات بين البلدين لطبيعتها والتأسيس لشراكات إستراتيجية وذكية .
المصدر:
https://www.barrons.com/news/in-sudan-s-east-murky-arms-trade-thrives-as-war-rages-d843fb30
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: الحدود خبر فتح وتحليل
إقرأ أيضاً:
السودان؛ الحرب المشهودة
السودان؛ الحرب المشهودة
الإدانة لفقط تسجيلها كنقطة وموقف هي كالتوقيع بجملة “العاقبة عندكم في المسرات”!
طوال حرب استباحة السودان احتلت مليشيات الجنجويد منازل السودانيين و استهدفتها بالقذف و النهب بل و استباحت أهلها و انتهتكت حرماتهم دمهم و أعراضهم و ماذا بعد الدم و العرض لنحسب من انتهاكات لها و نعدد أخطر و أعظم!
هل نتحدث عن استهدافها المستشفيات و المرضى و الطواقم الطبية؟ أم نتحدث عن تعمدها استهداف كامل البنية التحتية و الخدمات و حرمان الناس و سجنهم و تجويعهم و تعذيبهم و إزلالهم؟ لا شيء يعدل انتهاك الأعراض فالموت شهادة أهون؟!
و يأتيك المتلونون المنافقون يتناسون كل ذلك و يتحاشون الحديث عنه ينكرونه أو لا يريدون تصديقه حتى يصيبهم هم أنفسهم و في أهلهم فيؤمنوا!
و العالم و العربي خاصة “قف تأمَّل” و إمارة الشر الجميع يرى و يعلم تدخلها في الحرب المباشر داعمة الجنجويد و الجنجويد زعامتهم ضيوف شرف و حصانة عندها!
و حتى إذا ما أصابت بعض سفاراتهم نيران الحرب و هي خاوية من ساكنيها منهم و لا يعني ذاك حتماً أن لا ساكن لها من المليشيات يستخدمها بإذنهم في الحرب حتى تسارعت الإدانات كما حدث لسفارة الإمارة في العاصمة الخرطوم المستباحة في حرب الإستباحة! و كأن منازل السودانيين و أرواحهم و أعراضهم لا تعني لهؤلاء شيء ما لم يكن في أمرهم و خلفهم دولة!
هل يعلم هؤلاء عن الفاشر المحاصرة و ما يحدث فيها يومياً من استهداف للأبرياء في مساكنهم و أسواقهم و مستشفياتهم كحال مناطق السودان كلها! لماذا لم نسمعهم يدينون أي جرائم هناك إلا لحظة عن سمعوا بكلمة السعودي تلحق بمستشفى؟ فسارعوا زرافات و وحداناً بالشجب و الإدانة و الحديث عن المعاهدات و الشرائع الإنسانية و المواثيق الدولية؟ فإن لم يكن المستشفى ينسب إلى كرم دولة و تبرعها أو منزل مؤجر أو مملوك لسفارة فهل كان ليهتم لمن قتل فيه أو تهدم منه في الحرب كما حدث في باقي السودان كله أحد؟
هل شعب السودان دمه و عرضه رخيص إلى هذه الدرجة في أعيننهم! من تم استهدافهم و الغدر بهم هناك هم سودانيون أبرياء أولاً و أخيراً نفس من تم استباحتهم في السودان كله فلماذا لا يدان الإجرام كله و تدان جرائم الحرب كلها!
*
الحال كحالة جموع قوى الحرية و التغيير قحت أو تقدم! هؤلاء المتلونون بلا طعم و لا لون فقط رائحة تصدر منهم تزكم الأنوف كلما سمعوا انتصار للجيش و تجمع للشعب المقهور حوله مفتخراً به و متأملاً و داعياً ناشداً تمام النصر و التحرير معه تدفقت منهم رسائل و بيانات النواح و الرديح على الثورة! و كلما ظهرت تفلتات و تجاوزات لأفراد منه او تنسب إليه بسبب النقمة أو الغضبة أو من جهالة أو هي من مكيدة و الفتنة تمسكوا بها و نفخوا فيها حتى جعلوها هي شعار لسوء النية في الجيش و سبيلاً لتحطيم نصره و تشويه الفخر له في عين شعبه!
هل أدانوا قيادات وقحت و تقدم من قبل انتهاكات الجنجويد حليفهم السابق و الحالي بالصريح و العبارة؟ أبداً فكلما وجد أحدهم نفسهم في مأزق واجب الإدانة الصريحة لها مر في ذكرها كشى عابر ليلتف و يقارن و يساوي و يزبد و ينطح و يطعن في الجيش !!
*
في حروب الإستباحة لا مناطق للحياد. فإما أنك مع الحق و أهله أم أنك ضدهم جميعاً.
نفاقك لا يحميك و يرفع من قدرك و يضمن لك المستقبل.
كتبنا من قبل و أكثرنا أن الجيش هو قوات الشعب السودانية المسلحة. هو من رحم هذا الشعب و هو الأمين على حفظه و حمايته. و أكدنا الفصل بين قيادة الجيش و الجيش بأن المحاسبة للقيادة واجبة على أخطائها و تجاوزاتها و تفريطها و خيانتها و منذ البشير عمر كقائد للجيش لا النظام. و كانت دعوتنا واضحة أن الجيوش يجب الحفاظ عليها لأنها ركن الدولة. و وقفنا قديماً و إلى ساعتنا هذه ضد أي استهداف لبنية الجيش و دعوات لحله أو حتى المساس به حتى في أمر دمج تلك المليشيات كنا ضده لعلمنا أنهم مجرد عصابات قطاع طرق و مرتزقة لا أمان لهم و لا عهد. تقولون عن الكيزان و مليشياتهم و المنتسبين لهم في الجيش خذوا راحتكم لكن الجيش كالشعب لا علاقة له بصراعاتكم بين بعضكم و ثاراتكم و غباينكم و عقدكم.
قحت و تقدم صعدوا إلى السلطة فوق أكتاف الشهداء و شعب السودان في ثورته العظيمة المباركة. تلك القوى لم تستطع ان تحفظ قسمها بأن تدير الدولة دعكم من الحفاظ على مكتسبات الثورة و تضحية الشهداء. هم سقطوا فيما سقط فيه معهم المجلس العسكري شريكهم في وثيقتهم للحكم و الذي أقسم قادة الجيش فيه بالحفاظ على أمن السودان و شعب السودان فانتهى الأمر إلى حرب استباحة للشعب و السودان في حرب بين جميع الشركاء في تلك الوثيقة و بتدخل دولي و إقليمي كان من بعض الدول الشهود عليها.
*
و في المنابر و صفحات المواقع السودانية المختلفة تدهشك أقلام سودانية الإسم و الهوية و هي تشمت و تتلذذ بفظاعات الحرب و أشكال الإنتهاكات فيها و الجرائم ضد هذا و ذاك واضعة أعينها على فتن القبلية و الجنس و العرق و عقد من النقص و الغبن و الحقد حد الغثيان معها من سواد النفوس و الشر و الغل الكامن فيها!
حرب السودان و كما تعنونها قناة الجزيرة بالمنسية هي فيها حقيقتها “حرب مشهودة” شاهدة على كم من الخيانة و الأحقاد و الغبن و الحقد أشعلت بقصد و تعمد ضد شعب السودان أولاً و أخيراً.
الهدف تدمير كرامة الشعب و كسر ظهره في جيشه و تهجيره و احتلال أرضه.
محمد حسن مصطفى
mhmh18@windowslive.com